هدنة غزة: تقدم كبير بالمفاوضات... لكن الخواتيم تتطلب أسابيع

57 % من جمهور اليمين و84 % من المعارضة مع الصفقة

أقارب أسرى لدى «حماس» يتظاهرون خارج مكتب السفارة الأميركية في القدس (أرشيفية - أ.ب)
أقارب أسرى لدى «حماس» يتظاهرون خارج مكتب السفارة الأميركية في القدس (أرشيفية - أ.ب)
TT

هدنة غزة: تقدم كبير بالمفاوضات... لكن الخواتيم تتطلب أسابيع

أقارب أسرى لدى «حماس» يتظاهرون خارج مكتب السفارة الأميركية في القدس (أرشيفية - أ.ب)
أقارب أسرى لدى «حماس» يتظاهرون خارج مكتب السفارة الأميركية في القدس (أرشيفية - أ.ب)

على الرغم من تصاعد أنباء متفائلة، تتحدث عن «تقدم كبير» في المفاوضات الجارية في الدوحة بين إسرائيل و«حماس» لإبرام اتفاق لوقف النار في غزة، تؤكد عناصر مقربة من المفاوضين أن الخواتيم ما زالت تحتاج إلى مزيد من الوقت، ربما عدة أسابيع. وتشير إلى أن الخلافات ما زالت قائمة في عدة بنود، منها عدد المحتجزين الإسرائيليين الذين سيُفرج عنهم في النبضة الأولى ونوعية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم بالمقابل.

ونقلت وسائل الإعلام العبرية، الجمعة، عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن التقدم الحالي في المفاوضات قد يُفضي إلى إتمام صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار «خلال أسبوعين، إذا استمرت المباحثات بالوتيرة نفسها». ولكن هناك فجوات معينة لا يمكن تجاوزها عبر المباحثات الجارية في الدوحة، وتتطلب قرارات من القيادات السياسية في كلا الجانبين، خصوصاً في موضوع الأسرى الفلسطينيين الكبار المطلوب تحريرهم، أمثال مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعباس السيد وعبد الله البرغوثي، وموضوع الحزام الأمني الذي تطالب به إسرائيل على طول الحدود وموضوع اليوم التالي بعد الحرب.

آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح (أرشيفية - رويترز)

وذكرت مصادر فلسطينية أن من بين العراقيل الأساسية، الإصرار الإسرائيلي على ألا يعلن عن وقف الحرب. فهذا الموقف يثير مخاوف الفلسطينيين من أن تقوم إسرائيل باستئناف الحرب بعد النبضة الأولى تماماً. وتحاول الولايات المتحدة ودول الوساطة، مصر وقطر، إقناعهم بأن هناك دينامية تسير في الاتجاه المعاكس وأنه من اللحظة التي سيبدأ فيها تطبيق المرحلة الأولى، سيصعب على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الانسحاب من الاتفاق؛ لأن تفجير الصفقة في الفترة الانتقالية بين المرحلتين سيؤدي إلى استئناف الحرب وإبقاء المخطوفين المتبقين بالأسر في قطاع غزة. والحكومة لن تتمكن من الصمود أمام الضغط الذي سيستخدم عليها، سواء من الخارج أو من داخل المجتمع الإسرائيلي.

وقد بدأت عائلات المحتجزين والأسرى الإسرائيليين معركة من نوع مختلف حول الصفقة، تحذر فيها من سياسة نتنياهو، الذي لا يريد صفقة كاملة. ويتضح أن منتدى هذه العائلات قام بتغيير طاقمه القيادي بالكامل في الأسابيع الأخيرة، من وراء الكواليس ومن دون ضجيج إعلامي. وبدلاً من المستشارين الاستراتيجيين الذين لعبوا دوراً رئيسياً في النضال وساروا في خط متشدد تجاه نتنياهو وحكومته، تسلم مهمة القيادة أشخاص يتبنون موقف اليمين الإسرائيلي الذي يطلب صفقة كاملة بلا مراحل.

رجال أمن يواجهون متظاهرين يطالبون بالعمل على إطلاق الأسرى لدى «حماس» في تل أبيب (أرشيفية - أ.ب)

وحسب المعلق العسكري في «هآرتس»، عاموس هرئيل، فإن «العائلات تتصرف الآن في عدد من قنوات العمل الموازية، وإلى جانب تنظيم المظاهرات وخطوات احتجاج أخرى، تحاول استخدام تأثيرها أيضاً على نشطاء يمين، وحتى يمين متطرف، في محاولة لتخفيف المعارضة للصفقة. والتفكير هو أن اليسار والوسط، وحتى الأحزاب الحريدية، ستؤيد أصلاً تمرير كل صفقة يصادق عليها نتنياهو. والصعوبة تكمن في تخفيف المعارضة من اليمين بهدف ضمان أكبر قدر من التأييد».

ويقول هرئيل إنه «ليس سراً أن رئيس الحكومة يعتمد في بقائه السياسي على شركائه في اليمين، وأن معارضتهم لتقديم التنازلات في السنة الأخيرة كانت اللغم الأساسي في الطريق إلى الصفقة. بعض هذه الجهود وجدت التعبير في تطبيق خطوات علنية. هكذا، نشرت رسائل لحاخامات الصهيونية الدينية عبرت عن التأييد المبدئي لتحرير المخطوفين بواسطة صفقة، وتم تنظيم زيارات لحاخامات ومراسلين من اليمين في كيبوتسات غلاف غزة. مع ذلك، معظم عائلات المخطوفين تأتي من كيبوتسات الغلاف ومن معسكر آيديولوجي بعيد جداً عن اليمين، وهي تجد صعوبة في إجراء حوار مفتوح مع أعضاء الكنيست وحاخامات الصهيونية الدينية. لذلك فإن هذه الخطوات تتركز في عدد قليل نسبياً من النشطاء».

نازحة فلسطينية في خان يونس الخميس (رويترز)

ويدعي هؤلاء النشطاء أن اليمين العميق، أحزاب الصهيونية الدينية وقوة يهودية وبعض أعضاء الكنيست في الليكود، مصمم على العودة إلى القتال بعد النبضة الأولى، ليس بسبب الرغبة في إعادة الاستيطان إلى القطاع، بل بالأساس لأنه حسب رؤيته لم تتحقق حتى الآن كل الإنجازات الجوهرية المطلوبة في الحرب. لذلك، يجب السعي إلى عقد الصفقة التي تأخذ في الحسبان الخطوط الحمراء لهذا اليمين العميق. وهذه تشمل إعادة جميع المخطوفين كشرط للانسحاب شبه الكامل من القطاع، وإنشاء حزام أمني على حدود القطاع داخل الأراضي الفلسطينية، وأي دخول إليه سيتم الرد عليه بإطلاق النار، وإيجاد فصل كامل بين القطاع ومصر (بواسطة إغلاق تكنولوجي كامل لمحور فيلادلفيا، دون وجود إسرائيلي مادي، وإقامة معبر حدودي تحت سيطرة إسرائيل في «كرم أبو سالم»، ومنع إشراك «حماس» والسلطة الفلسطينية أو مبعوثيهم في الإدارة المستقبلية في القطاع، والتصميم على أن الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة لن يعودوا إلى الضفة الغربية أو شرقي القدس، بل سيتم طردهم إلى القطاع أو إلى الخارج. ويرون أن تطبيق هذه الأهداف مرهون بخطوات أخرى من ناحية إسرائيل، التي ستتأثر أيضاً بتسلم الرئيس دونالد ترمب منصبه في الولايات المتحدة، وهو ما يحتاج إلى تنسيق كبير مع الأميركيين.

جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

تجدر الإشارة إلى أن 74 في المائة من الجمهور في إسرائيل عبروا عن تأييدهم للسعي الآن إلى صفقة تبادل أسرى كاملة وإعادة جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، مقابل وقف الحرب على غزة، وفقاً لاستطلاع صحيفة «معاريف»، الجمعة. ولقي هذا الموقف تأييداً من 84 في المائة من ناخبي أحزاب المعارضة، و57 في المائة من ناخبي أحزاب الائتلاف اليميني. وأيد 16 في المائة صفقة جزئية ولم يعبر 10 في المائة عن موقفهم.


مقالات ذات صلة

مقتل 7 أطفال من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

مقتل 7 أطفال من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل 10 أفراد من عائلة واحدة بينهم سبعة أطفال في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رجال الطوارئ الإسرائيليون يتفقدون حفرة في الموقع الذي سقط فيه مقذوف أطلق من اليمن في تل أبيب في وقت مبكر من اليوم السبت (أ.ف.ب)

إصابة 14 شخصاً في سقوط صاروخ وسط تل أبيب... و«الحوثي» يتبنى الهجوم

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أن صاروخاً أطلِق من اليمن أصاب الأراضي الإسرائيلية قرب تل أبيب بعد فشل محاولات اعتراضه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنديان من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي ينفي تقريراً حول قتل عشوائي للمدنيين في غزة

رفض الجيش الإسرائيلي ما أوردته صحيفة إسرائيلية بارزة نقلاً عن جنود يخدمون في غزة، عن وقوع عمليات قتل عشوائية للمدنيين الفلسطينيين في ممر نتساريم بغزة.

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزّعته وكالة «الأونروا» في دير البلح بقطاع غزة (رويترز)

السويد توقف تمويل «الأونروا» وتزيد إجمالي المساعدات إلى غزة عبر قنوات أخرى

قالت السويد إنها ستتوقف عن تمويل وكالة «الأونروا»، وستزيد بدلاً من ذلك إجمالي المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر قنوات أخرى.


أنظار نتنياهو على إيران بعد «حماس» و«حزب الله» وسوريا

المفاعل النووي الإيراني في بوشهر بجنوب العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
المفاعل النووي الإيراني في بوشهر بجنوب العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
TT

أنظار نتنياهو على إيران بعد «حماس» و«حزب الله» وسوريا

المفاعل النووي الإيراني في بوشهر بجنوب العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)
المفاعل النووي الإيراني في بوشهر بجنوب العاصمة الإيرانية طهران (أ.ب)

يتأهب نتنياهو لتوجيه كل الاهتمام لطموحات إيران النووية وبرنامجها الصاروخي، والتركيز على تفكيك وتحييد هذه التهديدات الاستراتيجية التي تحيط بإسرائيل.

ونقلت وكالة «رويترز» عن مراقبين معنيّين بالشرق الأوسط قولهم إن إيران أمام خيار صعب؛ إما أن تستمر في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، أو أن تُقلّص أنشطتها الذرية وتوافق على المفاوضات.

قال يوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن «إيران معرَّضة بشدةٍ لهجوم إسرائيلي، خاصة ضد برنامجها النووي... ولن أُفاجأ إذا فعلتها إسرائيل، لكن هذا لا يعني التخلص من إيران».

وقال المحلل غسان الخطيب إن إيران أمام خيارين؛ إما المُضي في برنامجها النووي، أو «أن تتجاوب مع المفاوضات باتجاه تراجع عن برنامجها النووي؛ لأنها إذا لم تتراجع عن برنامجها، فإن (الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) ترمب ونتنياهو سيضربان لأنه لا يوجد شيء يمنعهما».

ويرى الخطيب أن القيادة الإيرانية، التي أظهرت براغماتية في الماضي، «يمكن أن تتجاوب مع المفاوضات، وتتراجع بشكل متفاهَم عليه عن المشروع النووي لتجنُّب ضربة». ومن المرجح أن يشدد ترمب - الذي انسحب من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران وست قوى عالمية عام 2015 بهدف الحد من أهداف طهران النووية - العقوبات على صناعة النفط الإيرانية، على الرغم من الدعوات للعودة إلى المفاوضات من منتقدين يرون الدبلوماسية سياسة أكثر فاعلية في الأجل البعيد.

إرث نتنياهو

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في القدس 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وستلعب محاكمة نتنياهو المستمرة منذ فترة بتُهم فساد، والتي استُؤنفت، هذا الشهر، دوراً حاسماً في تشكيل إرثه. وللمرة الأولى منذ اندلاع حرب غزة في عام 2023، مَثل نتنياهو أمام القضاء في المحاكمة التي أحدثت انقساماً شديداً بين الإسرائيليين.

ومع اقتراب عام 2024 من نهايته، من المرجح أن يوافق رئيس الوزراء الإسرائيلي على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع «حماس»، لوقف حرب غزة المستمرة منذ 14 شهراً، وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجَزين في القطاع، وذلك وفقاً لمصادر قريبة من المفاوضات.

لكن غزة ستظل تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية في غياب خطة أميركية لما بعد الحرب، تتنازل إسرائيل بموجبها عن هذه السيطرة، للسلطة الفلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو. ولا تميل الدول العربية كثيراً للضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات، أو دفع السلطة الفلسطينية إلى إجراء إصلاحات في قيادتها.

وقال الخطيب، لـ«رويترز»: «بالنسبة لغزة، أعتقد أن إسرائيل ستظل في غزة من ناحية عسكرية لأن أي خروج لها من القطاع يحمل بالنسبة لهم مخاطر إعادة تنظيم (حماس)، لذا هم يعتقدون أن الطريقة الوحيدة للمحافظة على المكتسبات العسكرية التي حققوها ودفعوا لها أثماناً، هي البقاء في غزة».

بالنسبة لنتنياهو، فإن هذه النتيجة ستمثل انتصاراً استراتيجياً، وتُرسخ الوضع الراهن الذي يتماشى مع رؤيته؛ وهي منع قيام الدولة الفلسطينية، مع ضمان السيطرة الإسرائيلية طويلة الأمد على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وهي أراضٍ معترَف بها دولياً بوصفها مكونات أساسية للدولة الفلسطينية في المستقبل.

«ليس حلاً»

منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

ويقول مسؤولون عرب وغربيون إن اتفاق وقف إطلاق النار سيضع حداً للأعمال القتالية في غزة على الفور، لكنه ليس حلاً للصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ عقود. وعلى أرض الواقع، أصبحت احتمالات إقامة دولة فلسطينية؛ وهي الخيار الذي استبعدته حكومة نتنياهو مراراً، بعيدة المنال أكثر فأكثر، مع تفاؤل زعماء المستوطنين الإسرائيليين بأن ترمب سوف يكون متفقاً معهم في الرأي تماماً.

والارتفاع الحادّ في عنف المستوطنين، والثقة المتزايدة لدى حركتهم، يعكسان ضغطاً متزايداً على الفلسطينيين. وهناك لوحات إعلانية على الطرق السريعة في بعض مناطق الضفة الغربية مكتوب عليها باللغة العربية «لا مستقبل بفلسطين». وقال هيلترمان من مجموعة الأزمات الدولية، إنه حتى لو دفعت إدارة ترمب نحو إنهاء الصراع، فإن «أي حل سيكون بشروط إسرائيل».

وأضاف: «قُضي الأمر فيما يتعلق بدولة فلسطينية، لكن الفلسطينيين ما زالوا موجودين».

وخلال ولاية ترمب السابقة، حقق نتنياهو عدة انتصارات دبلوماسية مثل «صفقة القرن»، وهي خطة سلام مدعومة من الولايات المتحدة طرحها ترمب في عام 2020 لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. والخطة، إذا جرى تنفيذها، فستمثل تحولاً جذرياً في السياسة الأميركية والاتفاقيات الدولية، من خلال الانحياز الصريح إلى إسرائيل، والانحراف الحاد عن إطار «الأرض مقابل السلام»، الذي كان يوجه المفاوضات تاريخياً.

سوريا عند مفترق طرق

مقاتلون أكراد في شمال سوريا (أرشيف-رويترز)

على الجانب الآخر من الحدود مع إسرائيل، تقف سوريا عند منعطف خطير، بعدما أطاحت «هيئة تحرير الشام»، التي يقودها أحمد الشرع، المعروف باسم (أبو محمد الجولاني)، بنظام بشار الأسد. ويواجه الشرع، الآن، مهمة ثقيلة هي تعزيز السيطرة على سوريا المنقسمة، حيث انهارت قوات الجيش والشرطة. ويتعين على «هيئة تحرير الشام» إعادة بناء البلاد من الصفر، وتأمين الحدود، والحفاظ على الاستقرار الداخلي في مواجهة تهديدات من متشددين، ومن فلول نظام الأسد، وخصوم آخرين.

ومبعث الخوف الأكبر بين السوريين والمراقبين على حد سواء هو ما إذا كانت «هيئة تحرير الشام» ستعود إلى الأيديولوجية الإسلامية المتشددة، إذ كانت تربطها صلات بتنظيم «القاعدة»، لكنها، الآن، تقدم نفسها على أنها قوة سورية وطنية من أجل كسب الشرعية.

كما أن قدرة «الهيئة» أو فشلها في التعامل مع هذا التوازن ستشكل مستقبل سوريا التي تعيش فيها طوائف مختلفة من السنة والشيعة والعلويين والأكراد والدروز والمسيحيين. وفي هذا الصدد، قال هيلترمان: «إذا نجحوا في ذلك (الوطنية السورية)، فسيكون هناك أمل لسوريا، لكنهم إذا ما اختاروا الركون إلى الإسلام السياسي، فسيكون هذا سبباً للانقسام في سوريا».

وأضاف: «قد نشهد فوضى وحالة ضعف في سوريا لفترة طويلة، تماماً مثلما شهدنا في ليبيا والعراق».