إسرائيل تنهي «فض الاشتباك» مع سوريا... وتحتل المنطقة العازلة

نتنياهو زار الجولان وتعهد بعدم السماح لـ«قوة معادية» بالاستقرار قرب الحدود

TT

إسرائيل تنهي «فض الاشتباك» مع سوريا... وتحتل المنطقة العازلة

إسرائيل تنهي «فض الاشتباك» مع سوريا... وتحتل المنطقة العازلة

بعد سلسلة مداولات حول التطورات الدرامية في سوريا، باشر الجيش الإسرائيلي عمليات حربية بعيدة المدى، وأصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعليمات لقوات الجيش باحتلال المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل والمحددة باتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين عام 1974.

وقصفت الطائرات بكثافة عدداً من القواعد التابعة رسمياً للجيش السوري ودمرت مخازن للأسلحة، بدعوى «منع وقوع الأسلحة المتطورة بأيدي ميليشيات مسلحة وإرهابيين»، غير أن مراقبين وجدوا فيها «رغبة في فرض قواعد للنظام الجديد في دمشق تظهر الخطوط الحمراء».

وقال نتنياهو، خلال زيارة له إلى مرتفعات الجولان السوري المحتل، الأحد، إن «سقوط نظام الأسد في سوريا يوم تاريخي في تاريخ الشرق الأوسط. ونحن لن نسمح لأي قوة معادية بالاستقرار عند حدودنا». وأطلق نتنياهو تصريحاته لدى توقفه عند موقع مطل على الحدود السورية، وبرفقته وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، ورئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات اليهودية في الجولان، أوري كلنر.

وظلت المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل، لقرابة 50 عاماً خاضعة لاتفاق أبرم عام 1974 لفصل القوات التي تحاربت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973.

جنود سوريون يهاجمون موقعاً إسرائيلياً على جبل الشيخ في سوريا يوم 29 أكتوبر 1973 (غيتي)

واستمع نتنياهو إلى تقرير قدمه قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي حول تطور الأحداث في سوريا وحشد قواته هناك وما اعتبره «جهوزية وإجراءات قتالية لعمليات عسكرية مستقبلية».

وقال نتنياهو، وفق بيان رسمي عن مكتبه: «نظام الأسد هو حلقة مركزية في محور الشر الإيراني، وهذا النظام سقط. وهذه نتيجة مباشرة للضربات التي أنزلناها على إيران و(حزب الله)، الداعمين الأساسيين لنظام الأسد، وتسببت في تبعات بأنحاء الشرق الأوسط من جانب الذين يريدون التحرر من نظام القمع والاستبداد هذا».

ورأى نتنياهو أن التطورات في سوريا «تُنشئ فرصاً جديدة لدولة إسرائيل. لكن هذا لا يخلو من المخاطر أيضاً، ونعمل أولاً من أجل الدفاع عن حدودنا».

وقال نتنياهو إنه وجه الجيش بـ«السيطرة على المنطقة العازلة وعلى مواقع السيطرة القريبة منه. وفي موازاة ذلك، نعمل من أجل جيرة حسنة، كتلك الجيرة الحسنة التي نفذناها وننفذها هنا عندما أقمنا مستشفى ميدانياً للعناية بآلاف السوريين الذين أصيبوا في الحرب الأهلية. وقد وُلد مئات الأطفال السوريين هنا في إسرائيل».

وتابع نتنياهو: «نمد يد السلام نفسها إلى جيراننا الدروز. إليهم أولاً، وهم أشقاء إخوتنا الدروز في دولة إسرائيل. ونمد يد سلام للأكراد والمسيحيين والمسلمين، الذين يريدون العيش بسلام مع إسرائيل. وسنتابع التطورات بسبع أعين. وسننفذ ما ينبغي من أجل الدفاع عن حدودنا وعن أمننا».

وحسب اتفاق فصل القوات عام 1974، يوجد حزام أمني على طول الحدود (75 كيلومتراً)، من جبل الشيخ وحتى الحدود الأردنية، ويسمى منطقة حرام، يحظر على العسكريين دخوله من الجهتين، ويعني القرار الإسرائيلي إلغاءه.

احتلال قمم جبل الشيخ

وتوجه وزير الشتات ومكافحة معاداة السامية، عَميحاي شيكلي، وهو من حزب الليكود ومقرب من نتنياهو، بطلب إلى الحكومة أن يتم فوراً احتلال إسرائيل لجميع القمم الشرقية من جبل الشيخ في الأراضي السورية وعدم الاكتفاء بالمنطقة العازلة.

واعتبر شيكلي، في منشوره عبر منصة «إكس»، أن «الأحداث في سوريا بعيدة عن كونها سبباً للفرح. ورغم أن (هيئة تحرير الشام) وزعيمها، أحمد الشرع، يصورون أنفسهم منتجاً جديداً، فإن معظم سوريا، في نهاية الأمر، موجودة الآن تحت سيطرة منظمات انبثقت من القاعدة و(داعش)، وعلى إسرائيل أن ترسخ لها خط دفاع جديداً، يمنع الجهاديين من الاستقرار قريباً من بلداتنا». في إشارة إلى المستوطنات في هضبة الجولان المحتلة.

جندي إسرائيلي يقف بالقرب من الحدود مع سوريا (أ.ب)

وكان الكابينت الإسرائيلي (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة) قد اجتمع للمرة الثالثة الليلة للتداول في التدهور السريع للأوضاع في سوريا، بعدما كان نتنياهو أجرى اتصالات واسعة مع عدة عواصم وتبادل الرسائل مع جميع الأطراف على الساحة السورية، وبعدما كان الجيش قد نفّذ عمليتي اقتحام للأراضي السورية عبر الحدود وقام بعملية استعراض عضلات بالتدريبات والتهديدات.

صدمة إسرائيلية

وقد بدا أن الحرب الداخلية في سوريا باتت حدثاً محلياً في إسرائيل. فقد فتحت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة موجات مفتوحة للبث المباشر وملئت الاستوديوهات بالخبراء والمعلقين والجنرالات السابقين والمتخصصين في الشؤون العربية والإيرانية والتركية وفي شؤون الإسلام السياسي.

وكانت الصدمة بادية على الجميع، ليس من هجوم «هيئة تحرير الشام»، بل من سرعة تهاوي الجيش السوري. وأشار معلقون وخبراء إلى أن «الصدمة الإسرائيلية تستحق تحقيقاً لأنها تعبر عن قصور معيب في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يستحق المحاسبة».

وتناول المتحدثون التاريخ الطويل للعلاقات الإسرائيلية مع طرفي الصراع في سوريا، النظام من جهة والمعارضة من جهة ثانية، وكيف طلبت عناصر في المعارضة الدعم وحتى السلاح من إسرائيل في سنة 2011 - 2013، مقابل الوعد باتفاق سلام يتم بموجبه تأجير الجولان المحتل لإسرائيل 15 سنة، وكيف رفضت إسرائيل تقديم الطلب واكتفت بتقديم مساعدات في المعالجة الطبية للجرحى. وتبين لاحقاً أن بين من عالجتهم إسرائيل جرحى جبهة النصرة، الأمر الذي أثار الدروز في إسرائيل (الذين كانوا يناصرون الدروز في السويداء، بعدما هاجمتهم جبهة النصرة).

وذكروا أن إسرائيل تلقت رسائل من جميع أطراف الصراع في الأيام الأخيرة، وزعموا أن النظام وعد بالتخلص من «النفوذ الإيراني» والاستعداد للانتقال من «محور المقاومة» إلى «محور أميركا»، وفق قولهم.

كما أفادوا بأن «هيئة تحرير الشام» وعدت بإقامة «علاقات سلام عميقة مع إسرائيل»، بينما تعهدت تركيا بألا توجه أسلحة المعارضة لإسرائيل، بينما سعت أميركا لإقناع إسرائيل بأن قائد «تحرير الشام» أبو محمد الجولاني رجل منفتح وتغيرت مواقفه وبات يؤيد الإسلام المعتدل.

لكن المعلقين الذين نقل عنهم الإعلام الإسرائيلي، وأكدوا أن تل أبيب لا تثق بأي من هذه الوعود، لا من النظام ولا من المعارضة، وقررت بدء تدريبات عسكرية علنية في شمالي غور الأردن والجولان «استعداداً لأي طارئ».

خطط هجومية ودفاعية

وكان كل من وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي قد تجولا في هضبة الجولان السورية المحتلة، وأطلا معاً من قيادة الجيش في المنطقة على ساحة القتال التي كانت ترى بالعين المجردة في منطقة القنيطرة، وأطلقا تصريحات وبيانات تتضمن رسائل محددة.

كما أعلن الناطق العسكري أن هاليفي، أجرى تقييماً للأوضاع وصادق على خطط هجومية ودفاعية في الفرقة 210، وذلك على ضوء التطورات والمعارك الدائرة في سوريا.

وأشار إلى الجاهزية العالية للجيش في الهجوم والدفاع، وتعزيز القوات على الحدود ومواصلة متابعة التطورات. وقال هاليفي إن «الجيش لا يتدخل في الأحداث داخل سوريا، لكنه يعمل على إحباط ومنع التهديدات في المنطقة، ويعد خططاً لمواجهة السيناريوهات المختلفة».

وتابع: «نحن بحاجة لإجراء تقييم للوضع كل بضع ساعات مع تسارع الأحداث. كل حدث هنا يحدد معياراً وتغييرات مستقبلية. لذلك نحن نتابع عن كثب بكل قدرات الرصد ما يحدث».

وذكر هاليفي «النقاط الرئيسية هي مراقبة التحركات الإيرانية ومصالحها، وهو بالنسبة إلينا أولوية قصوى، والنقطة الثانية هي متابعة العناصر المحلية التي تسيطر على المنطقة، ما الذي يقومون به وكيف يتصرفون ومدى ردعهم، والتأكد من عدم ارتباكهم أو توجههم نحونا». وختم بالقول: «إذا حدث ارتباك فسيكون هناك رد هجومي يتبعه دفاع قوي جداً. علينا أن نكون جاهزين هجومياً ودفاعياً».

رسائل تحذير

وقامت قوة من الجيش الإسرائيلي باجتياز الحدود في جنوبي الجولان إلى الجهة الشرقية، في صبيحة السبت، بسبب اقتراب مسلحين من المعارضة السورية من الحدود، وطُلب منهم العودة إلى الوراء وعادوا.

وتبين لاحقاً أن هؤلاء طردوا الجنود السوريين من المكان ولم يتعرفوا على «قوانين العمل» المتفق حولها مع إسرائيل فدخلوا منطقة محظورة من دون قصد. وفي مساء السبت تكرر المشهد، ودخلت قوة من الجيش الإسرائيلي الأراضي السورية عندما رصدت هجوماً من قبل مسلحين على موقع تابع للأمم المتحدة في منطقة حضر الدرزية المتاخمة للحدود.

وقال الجيش إنه قام بمساعدة قوة الأمم المتحدة من أجل التصدي للهجوم. وفي صبيحة الأحد، شوهدت قوة مسلحين تقترب من قرية الخضر الدرزية، فأطلقت قوات إسرائيلية نيران تحذير لها فعادت إلى الوراء.

جنود إسرائيليون بجوار دبابتين في مرتفعات الجولان المحتلة بالقرب من الحدود مع سوريا يوم السبت أمام لافتة كتب عليها «ممنوع الدخول... منطقة عسكرية مغلقة» (رويترز)

وقالت مصادر إسرائيلية إن كل هذا النشاط هو بمثابة رسائل موجهة إلى القيادات التي أسقطت نظام الأسد، مفادها أن إسرائيل لا تريد التدخل العملي في الصراع في سوريا ومستعدة لتقبل النظام الجديد، ولكن بشرط الالتزام بالقواعد الإسرائيلية.

وفي هذا الإطار، طالب نتنياهو وزراءه بالامتناع عن إطلاق تصريحات حول التطورات في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، كما طالب حزب الليكود أعضاءه في الكنيست بعدم إجراء مقابلات حول سوريا بدون مصادقة مكتب نتنياهو، حسبما أفادت الإذاعة العامة الإسرائيلية، الأحد.

وتوجه عضو الكنيست المعارض، أفيغدور ليبرمان، الذي شغل منصب وزير الدفاع في الماضي، إلى الحكومة طالباً «القيام بخطوات دراماتيكية ضد إيران والعمل فوراً. وأي تأجيل يشكل خطراً على أمن دولة إسرائيل».

وأضاف أن «بيان اللجنة الدولية للطاقة الذرية يوم الجمعة الأخير حول أن إيران ترفع وتيرة تخصيب اليورانيوم وتقترب من سلاح نووي بخطوات عملاقة يجب أن يستخدم كإشارة تحذير للمجتمع الدولي، ولكن قبل ذلك لصناع القرار في إسرائيل».


مقالات ذات صلة

الشرع زار إدلب في أول رحلة داخلية له

المشرق العربي الشرع خلال زيارته مخيماً للاجئين في محافظة إدلب (سانا)

الشرع زار إدلب في أول رحلة داخلية له

قام الرئيس السوري، أحمد الشرع، بزيارة سريعة إلى محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، أمس، في أول زيارة داخلية له منذ توليه سدة الحكم.

كمال شيخو
المشرق العربي قوة مشتركة من «الحشد الشعبي» والجيش العراقي عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية (أ.ف.ب)

العراق ينفي «بشكل قاطع» أنشطة معادية لسوريا

نفت الحكومة العراقية أي أنشطة معادية لسوريا داخل أراضيها، تحت إشراف أي جهة خارجية، وشددت على أن العراق لن يكون ملاذاً لأي عناصر أجنبية تعمل خارج القانون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير يتحدث في 28 نوفمبر 2024 في إدلب (أ.ف.ب)

من «إدارة إدلب» إلى «حكم سوريا»... الفارق بين «النموذج» و«الواقع»

تساؤلات في الشارع السوري عن مدى قدرة حكومة دمشق الجديدة على إيصال البلاد كاملة إلى بر الأمان، متجاوزة تحديات جمة تفوق بكثير تلك التي كانت تحيط بعملها في إدلب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لافتة للعلم الإيراني مكتوب عليها باللغة الفارسية «أرض الأمل» في ميدان وسط طهران (إ.ب.أ)

طهران ودمشق تتبادلان رسائل غير مباشرة

قالت طهران إنها تبادلت رسائل مع الإدارة الجديدة في دمشق، خلال تواصل غير مباشر معها، في حين أجرت مباحثات مع روسيا حول التطورات التي تشهدها سوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
المشرق العربي فني يجري إصلاحات في أحد أعمدة الكهرباء ضمن جهود إعادة توصيل الكهرباء إلى مناطق مختلفة في سوريا (سانا)

محافظ حلب: مشكلة الكهرباء بالمحافظة أحد أبرز التحديات

قال عزام غريب محافظ حلب إن مشكلة الكهرباء بالمحافظة أحد أبرز التحديات التي تواجه السكان.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران بعد أكتوبر 2025

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران بعد أكتوبر 2025

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عبّر دبلوماسي أوروبي رفيع عن اعتقاده بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تسعى للتفاوض مع إيران حول برنامجها النووي بشكل مباشر وسري، مرجحاً التوصل إلى اتفاق جديد بعد أكتوبر (تشرين الثاني) 2025.

وقال الدبلوماسي الواسع الاطلاع على المفاوضات النووية السابقة مع إيران، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الأشهر المقبلة ستكون محورية للتوصل لاتفاق جديد مع طهران يحل محل الاتفاق الحالي الذي انسحبت منه إدارة ترمب الأولى، والذي ينتهي مفعوله في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وعبّر الدبلوماسي عن اعتقاده بأن واشنطن ستجري مفاوضات مع طهران «بشكل سري، ليس في الأماكن المعتادة التي استضافت محادثات شبيهة».

كانت واشنطن وطهران أجرتا جولات من التفاوض المباشر قبل الاتفاق النووي عام 2005 في مسقط بسلطنة عمان، ثم عُقدت لقاءات في الدوحة بعد انفراط محادثات فيينا التي كان يلعب فيها الاتحاد الأوروبي دور الوسيط.

واستأنفت إدارة الرئيس السابق جو بايدن المفاوضات النووية مع إيران ضمن مجموعة خمسة زائد واحد في محاولة للعودة لتطبيق الاتفاق بشكل كامل.

وفي صيف عام 2023، قدم المفاوضون الأوروبيون مسودة اتفاق للإيرانيين بعد أكثر من 7 جولات تفاوض غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، استضافتها فيينا، وشاركت فيها الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، إضافة إلى روسيا والصين. لكن طهران تراجعت عن التوقيع على الاتفاق في اللحظات الأخيرة وطلبت تنازلات إضافية من إدارة بايدن رفضتها الأخيرة.

الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان يزور معدات بحرية للحرس الثوري الإيراني في بوشهر قبل أيام (رويترز)

إيران «أضعف من السابق»

رأى الدبلوماسي الأوروبي، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، أن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه الآن بين واشنطن وطهران «لن يكون أفضل من الاتفاق الذي عُرض على إيران قبل عامين ورفضته». ومع ذلك، عبّر عن تفاؤله من إمكانية التوصل لاتفاق قبل أكتوبر، مشيراً إلى أن «إيران حالياً في وضع أضعف مما كانت عليه في السابق»، بعد أن تم إضعاف وكلائها في المنطقة بشكل غير مسبوق.

وأشار الدبلوماسي إلى أن هذا يعني أن أي اتفاق نووي جديد سيكون أوسع، ويتضمن نشاطاتها في المنطقة، وهو «أمر لم يكن بالإمكان حتى التفكير فيه سابقاً». ولطالما دعت دول إقليمية لاتفاق أوسع مع إيران يتضمن كبح تدخلاتها في المنطقة، وهو ما كانت ترفضه طهران.

وكان ترمب قد وقع قراراً رئاسياً لتشديد العقوبات على إيران، لكنه أعلن في الوقت نفسه أن إدارته تسعى للتفاوض معها والتوصل لاتفاق جديد.

وأشار الدبلوماسي الأوروبي إلى أن مساعي ترمب في هذا الإطار «جدية لأنه يريد أن يذكر في التاريخ على أنه صانع اتفاقيات»، وتحدث عن عقبة رئيسية ما زالت موجودة حتى الآن، وهي غياب مفاوض من الطرف الأميركي، فالإدارة الأميركية الجديدة ما زالت لم تعين بعد مفاوضاً يحل مكان روبرت مالي الذي جرى تعليق عمله وسحب ترخيصاته الأمنية بسبب تمريره معلومات سرية للطرف الإيراني خلال المفاوضات غير المباشرة في فيينا.

وأشار الدبلوماسي إلى أن إيران تنتظر تعيين واشنطن لمفاوض، وهي «يائسة» للتفاوض مع الولايات المتحدة، بل إنها «ستقبل بأي اتفاق كي ترفع عنها العقوبات». وأوضح أن التطمينات والحوافز الاقتصادية هذه المرة لن تأتي من الأوروبيين الذين «لم يعودوا يحظون بثقة إيران» بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، وتقليص أوروبا تجارتها مع طهران خوفاً من العقوبات الأميركية.

أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي (رويترز)

مخاطر عدم الاتفاق

رغم أن الدبلوماسي لم يجزم بالتوصل لاتفاق قبل أكتوبر 2025، فإنه قال: «إذا كانت هناك إدارة أميركية قادرة على التوصل لاتفاق نووي مع إيران، فهي بالضرورة إدارة ترمب»، لأن الطرف الإيراني سيكون واثقاً من أن لا إدارة أميركية جديدة ستأتي وتلغي الاتفاق، كما فعل ترمب بالاتفاق الذي توصلت إليه إدارة أوباما.

ورأى الدبلوماسي أن التوصل لاتفاق قبل ذلك التاريخ سيجنب إيران إعادة تفعيل الأوروبيين لبند «سناب باك» الذي سيعيد تفعيل كل العقوبات الدولية عليها. وقد حذرت الدول الأوروبية الثلاث من ذلك بعد الاجتماع الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقرير أمينها رافاييل غروسي الذي ذكر أن «تعاون إيران في الحضيض، وبأن نشاطاتها النووية تتزايد بشكل مطرد، ولم يعد بالإمكان الوثوق بأنها لا تزال سلمية».

وحذر الدبلوماسي الأوروبي من أنه حال عدم التوصل لاتفاق مع إيران قبل أكتوبر، فإن «الشرق الأوسط سيتجه نحو أزمة حقيقية»، وأنه سيدفع بإسرائيل «لتوجيه ضربة عسكرية لإيران».