«من السوفيات إلى الإيرانيين»... إسرائيليون يُذكّرون أميركا بمكاسبها من دعمهم بالسلاح

تجربتها في الحرب توفر على واشنطن مليارات الدولارات في الأبحاث والتدريبات وتصحيح الخلل

طائرة «إف 15» إسرائيلية وقاذفة استراتيجية أميركية خلال أحد التدريبات المشتركة (موقع الجيش الإسرائيلي)
طائرة «إف 15» إسرائيلية وقاذفة استراتيجية أميركية خلال أحد التدريبات المشتركة (موقع الجيش الإسرائيلي)
TT

«من السوفيات إلى الإيرانيين»... إسرائيليون يُذكّرون أميركا بمكاسبها من دعمهم بالسلاح

طائرة «إف 15» إسرائيلية وقاذفة استراتيجية أميركية خلال أحد التدريبات المشتركة (موقع الجيش الإسرائيلي)
طائرة «إف 15» إسرائيلية وقاذفة استراتيجية أميركية خلال أحد التدريبات المشتركة (موقع الجيش الإسرائيلي)

في إطار التحركات السياسية النشطة بين تل أبيب وواشنطن، في هذه الفترة الانتقالية للحكم من إدارة الرئيس جو بايدن، إلى فريق الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، وفي محاولة لـ«تذكير من ينسى»، أكدت مصادر سياسية في الحكومة الإسرائيلية أن ما تقدمه إسرائيل للولايات المتحدة لا يقل أهمية عمّا تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، مستشهدةً بأهمية الحروب التي تخوضها بالأسلحة الأميركية.

وتقول هذه الأوساط إن إسرائيل تحارب بأسلحة غالبيتها أميركية، والتجارب التي تكتسبها تجعلها تكشف عن مواطن الخلل في هذه الأسلحة وتصحيحها من جهة، وتُظهر كذلك قوتها وتعززها، فتوفر بذلك على شركات إنتاج الأسلحة الأميركية ووزارة الدفاع أموالاً طائلة وأبحاثاً ودراسات باهظة الثمن.

وذكّرت هذه الأوساط بما كان قد صرح به وزير الخارجية الأميركي الأسبق، الجنرال ألكسندر هيغ، والذي كان يعد الاستراتيجي الأعلى لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، قبل نحو 20 سنة حول الدعم الأميركي.

وانتقد هيغ، أولئك الذين يطالبون بتخفيض الدعم الأميركي لإسرائيل بقيمة 3.3 مليار دولار في السنة أو حتى بإلغائه. فقال: «إسرائيل كنز استراتيجي لأميركا ولحلف (ناتو) برمته، ليس فقط من الناحية الاستراتيجية والعسكرية بل حتى من الناحية الاقتصادية».

طائرة مقاتلة من طراز «إف 15» تقلع خلال حفل تخرج طيارين من سلاح الجو الإسرائيلي جنوب البلاد (رويترز)

وأضاف آنذاك: «إسرائيل هي حاملة الطائرات الأميركية الكبرى في العالم، التي لا تحتاج إلى أي أميركي على دكتها وهي غير قابلة للغرق. بقيامها بعمليات حربية تُجرِّب فيها الأسلحة الأميركية، توفر على الولايات المتحدة 15 إلى 20 مليار دولار في السنة».

وقد عاد إلى هذه المقولة الأدميرال إيلمو زوموالت، الذي كان قائداً لعمليات الأسطول الأميركي، وأقام مع هيغ لاحقاً شركة استشارات.

الطرفان مستفيدان

ويقول يورام أتينغر، وهو دبلوماسي سابق ويعد أحد المتخصصين في العلاقات الإسرائيلية - الأميركية، ويقود مع عدد من الجنرالات «منتدى القادة الوطني» اليميني، في صحيفة «معاريف»، الخميس، إن «الاستثمار الأميركي العسكري في إسرائيل مجدٍ للطرفين وليس لطرف واحد».

وضرب مثلاً على ذلك فقال: «غارة سلاح الجو في إيران شددت على تفوق الطائرات القتالية الأميركية في الساحة الدولية ومكانة إسرائيل بوصفها مركزاً للحداثة في ظروف قتالية و(دكاناً فاخراً) للصناعة الأمنية الأميركية. فقد استخدم سلاح الجو الإسرائيلي طائرات (إف 16، وإف 35، وإف 15) بقوى غير مسبوقة في جبهات مختلفة».

ويرى أتينغر كذلك أن الاستخدام الإسرائيلي للطائرات الأميركية «جعلها تكتسب تجارب عملية ضخمة وأظهر إبداعيتها وجسارتها، وجعلها تتغلب على مواضع خلل حرجة ليست معروفة لسلاح الجو الأميركي، الذي يعد ذا تجارب عملية منخفضة مقارنةً بنا (أي الإسرائيليين)، ومن هنا أيضاً رغبة الولايات المتحدة في أن تُجري عدداً أكبر من المناورات المشتركة مع سلاح الجو الإسرائيلي».

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (موقع الجيش الإسرائيلي)

من السوفيات إلى الإيرانيين

وقدم أتينغر مثلاً آخر من حرب لبنان الأولى سنة 1982، التي أدت إلى تدمير نحو 20 بطارية صواريخ أرض – جو سوفياتية وإسقاط عشرات كثيرة من طائرات «ميغ».

وقال: «غارة سلاح الجو الأخيرة في إيران الشهر الماضي، تشكل تذكيراً بحقيقة أن إسرائيل هي (مختبر في ظروف قتالية)، ينقل كل يوم إلى سلاح الجو الأميركي وإلى شركات إنتاج الطائرات دروساً عملية، في الصيانة والإصلاحات التي توفر سنوات كثيرة من البحث والتطوير بمليارات الدولارات، ويرفع مستوى المنافسة لدى الطائرات الأميركية في السوق الدولية، ويوسّع تصدير الطائرات وسوق العمالة لكبرى شركات الإنتاج في الولايات المتحدة».

صورة لطائرة إسرائيلية من طراز «إف 15» (موقع الجيش الإسرائيلي)

وأضاف: «الجيش الإسرائيلي يستخدم مئات المنظومات القتالية الأميركية ويسهم في تطويرها من تجربته الخاصة، وهكذا يمنح ربح إسناد للصناعة الأمنية في الولايات المتحدة التي تُشغّل ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، إضافةً إلى المقاولين الفرعيين الذين يستفيدون هم أيضاً من (مركز البحث والتطوير) الإسرائيلي، والمساهمة الإسرائيلية في الصناعة الأمنية الأميركية تشبه المساهمة الإسرائيلية في صناعة التكنولوجيا العليا المدنية في الولايات المتحدة، عبر 250 شركة عظمى تُشغِّل في إسرائيل مراكز بحث وتطوير، مثل: إنتل، ومايكروسوفت، وغوغل، وفيسبوك، وغيرها».


مقالات ذات صلة

هجوم إسرائيلي يستهدف منطقة المزة بدمشق

المشرق العربي عناصر من قوى الأمن السورية ومدنيون يتفقدون مكاناً تعرّض لقصف جوي بحي المزة في دمشق أمس (إ.ب.أ)

هجوم إسرائيلي يستهدف منطقة المزة بدمشق

أفادت «الوكالة العربية السورية» للأنباء (سانا) بأن هجوماً إسرائيلياً استهدف منطقة المزة بدمشق اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المستشار الإيراني علي لاريجاني (يسار) يلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (يمين) في بيروت (أ.ف.ب)

ميقاتي لمستشار خامنئي: ندعو لعدم اتخاذ مواقف تولد حساسيات لدى أي فريق لبناني

دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الجمعة، إيران لعدم اتخاذ مواقف تولد حساسيات لدى أي فريق من اللبنانيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لقطة شاشة من فيديو تُظهر الرهينة الإسرائيلي ساشا تروبانوف (تايمز أوف إسرائيل)

غزة: «الجهاد» تنشر فيديو جديداً للرهينة الإسرائيلي تروبانوف

بثّت حركة «الجهاد»، صباح اليوم (الجمعة)، تسجيلاً مصوّراً جديداً للرهينة الإسرائيلي ساشا تروبانوف، المحتجز في غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت صباح اليوم (أ.ب)

غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بعد «إنذارات إخلاء»

قالت وسائل إعلام لبنانية، صباح اليوم (الجمعة)، إن 4 غارات إسرائيلية استهدفت منطقة الغبيري بضاحية بيروت الجنوبية بعد إنذارات إخلاء للمنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سكان ورجال أمن يعاينون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على حي المزة في دمشق أمس (أ.ف.ب)

إسرائيل تصعّد حربها ضد لبنان... وتضرب دمشق

شنت إسرائيل «أوسع محاولة توغل» في لبنان، في تصعيد لحربها في هذا البلد، وضربت موقعين في العاصمة السورية دمشق، متسببة في مقتل 20 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)

بينها «عزل مؤقت»... ما مسارات قضية «فساد» نتنياهو؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)
TT

بينها «عزل مؤقت»... ما مسارات قضية «فساد» نتنياهو؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)

بعد يوم من رد المحكمة المركزية في القدس لطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأجيل شهادته في المحكمة التي بدأت قبل أكثر من أربع سنوات وتتعلق باتهامه بـ«الفساد»، قالت مصادر في النيابة العامة إنها تقترب جداً من التقدم بطلب إخراجه إلى «عزل قسري مؤقت» من مهامه كرئيس حكومة.

وقالت هذه المصادر لوسائل إعلام عبرية، إن نتنياهو كان قد أعلن أمام المحكمة العليا، السنة الماضية، أنه يستطيع إدارة شؤون الدولة جنباً إلى جنب مع إدارة قضية دفاعه عن نفسه في «محاكمة الفساد».

وفي حينه رُفعت قضية من جمعية «طهارة الحكم» تطالب بعزله، وفق قانون «رئيس وزراء تحت لائحة اتهام»؛ لأنه «من غير الممكن أن يدير قضية كهذه وهو يتولى مسؤولية قيادة دولة في ظل التحديات»، وفق تقديرهم. لكن نتنياهو صرح أمام المحكمة، آنذاك، بأنه يستطيع إدارة الدولة تحت المحاكمة من دون مشكلة؛ لذلك قرر القضاة قبول حجته وإتاحة الفرصة له للاستمرار في عمله كرئيس حكومة. ولكن نتنياهو غيّر رأيه راهناً رغم أن إسرائيل تخوض حرباً قاسية، هي الأطول والأكثر تعقيداً بين حروب إسرائيل، وقال طاقم الدفاع عنه إنه بخلاف الوضع العادي، فلا يمكن إدارة الدولة في الحرب، جنباً إلى جنب مع إدارة المحاكمة؛ ولذلك تقدموا بطلب تأجيل الإدلاء بإفادته من 2 ديسمبر (كانون الأول) القادم إلى شهر فبراير (شباط) من السنة القادمة.

احتجاجات إسرائيلية أمام سكن نتنياهو ضد خطته بشأن القضاء في سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)

وتساءلت المصادر القريبة من أوساط النيابة العامة باستنكار: «إذا كان نتنياهو يعترف بذلك (أي صعوبة الجمع بين المحاكمة وإدارة الدولة)، فمن سيدير الدولة في الوقت الذي يدلي فيه بشهادته؟».

الاحتمالات الأربعة

وقرر القضاة، الأربعاء، رفض طلب نتنياهو تأجيل الإدلاء بإفادته، مؤكدين: «لم نقتنع بأنه طرأ تغيير جوهري كفيل بأن يبرر تغيير موعد الشهادة»، وقد أدخل هذا القرار نتنياهو في مأزق، وأصبحت أمامه أربعة احتمالات، كلها صعبة، هي:

  • أولاً: أن يتنازل عن الإدلاء بشهادة؛ فهذا من حق المتهم، غير أنه من ناحية قضائية يكون التنازل عن الشهادة في غير صالح المتهم، وهو أيضاً تفويت فرصة تقديم دفاع، وهذا سيقصّر المحاكمة ويُسيء لوضع نتنياهو القضائي، ويعرضه لخطر الإدانة.
  • ثانياً: مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن الاستئناف على «قرار مرحلي» من ناحية قضائية، لكن في حالات شاذة يمكن رفع التماس إلى محكمة العدل العليا ضد «المركزية»، وحتى لو قررت محكمة العدل البحث في مثل هذا الالتماس، فمن شبه اليقين أنها ستضطر إلى رده؛ لأن طلب تأجيل شهادة نتنياهو كان طلباً هزيلاً للغاية من صفحة واحدة؛ إذ إن حججاً كثيرة كان يمكنه أن يطرحها في «المركزية» ولم يطرحها - لا يمكن طرحها لأول مرة في محكمة العدل العليا - وقد تنازل نتنياهو عن هذه الإمكانية، وأعلن أنه سيمتثل إلى الجلسة القادمة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال مراسم تذكارية في أكتوبر الماضي (رويترز)

  • الاحتمال الثالث: يبدو عملياً للغاية من ناحية نتنياهو؛ إذ يمكن أن يتقدم إلى المحكمة بطلب إضافي، فيدعي بأنه في القانون توجد مادة بموجبها يمكن بدء «قضية الدفاع» في المرحلة الحالية بشهادات الدفاع، وليس شهادة المتهم. غير أنه كان لمثل هذه الخطوة أن تُقبل لو أنها طُرحت قبل رفض المحكمة التماس نتنياهو؛ فمسألة شهادته بُحثت منذ الآن، وتقرر أن يشهد في ديسمبر.
  • الإمكانية الرابعة: إمكانية عملية أخرى، وتتمثل في رفع طلب إلى المحكمة المركزية يقول إنه بعد أن «تقرر لنتنياهو أن يشهد لاعتبارات مصلحة الدولة يجب تغيير مواعيد الشهادة؛ بدلاً من أن تُجرى ثلاثة أيام في الأسبوع على مدى سبع ساعات كل يوم، تُجرى مثلاً مرة في الأسبوع ولثلاث ساعات فقط»، وهذا هو الطلب الوحيد الذي سيوافق القضاة على البحث فيه على الإطلاق، غير أن فرصه أيضاً ليست عالية؛ كون القضاة شددوا على أهمية الدفع قدماً بالمحاكمة، فتقليص مواعيد وأزمنة الشهادة سيطيل شهادة نتنياهو من شهرين إلى أكثر من نصف سنة. وما هو ممكن في هذه الحالة، هو أن يتفقوا على حل وسط.

ماذا في جعبة نتنياهو؟

لكنْ هناك خوف لدى مناوئي نتنياهو من أن يلتف على المحكمة، فيحضر الجلسة ويخبر القضاة بأن لديه اجتماعاً مع شخصية مهمة، أو يتذرع بحدث حربي استثنائي يضطره إلى دخول غرفة العمليات في قيادة الحرب، أو القول إن معلومات جديدة وصلت مفادها أن «حزب الله» أو غيره يريد اغتياله... فلا يكون أمامها سوى السماح له بذلك، وفي هذه الحالة يمطّ في حبل المحاكمة بقرار من المحكمة.

صورة بثها الإعلام الإسرائيلي لمنزل نتنياهو بعد تعرضه لمسيّرة أطلقها «حزب الله»

وتقول مصادر النيابة الإسرائيلية إن الاحتمال السابق «وارد جداً، وينطوي على خداع للمحكمة؛ ولذلك فلا بد من أن تتوجه من جديد بطلب لعزل نتنياهو عن الحكم حتى ولو بشكل مؤقت، يتم فيه تكليف وزير آخر يحل محله في رئاسة الحكومة، كما يحصل عندما يدخل إلى علاج في المستشفى، أو أن يسافر إلى الخارج».

وبحسب مصدر في النيابة، فإن قرار القضاة الجديد رفض إرجاء شهادة نتنياهو ذو مغزى كبير؛ إذ إنه لأول مرة يصبح موضوع «عجز رئيس الوزراء عن أداء مهامه»، متعلقاً باحتمالات حقيقية، ولشدة المفارقة بسبب حجج نتنياهو أساساً.