في إطار التحركات السياسية النشطة بين تل أبيب وواشنطن، في هذه الفترة الانتقالية للحكم من إدارة الرئيس جو بايدن، إلى فريق الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، وفي محاولة لـ«تذكير من ينسى»، أكدت مصادر سياسية في الحكومة الإسرائيلية أن ما تقدمه إسرائيل للولايات المتحدة لا يقل أهمية عمّا تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، مستشهدةً بأهمية الحروب التي تخوضها بالأسلحة الأميركية.
وتقول هذه الأوساط إن إسرائيل تحارب بأسلحة غالبيتها أميركية، والتجارب التي تكتسبها تجعلها تكشف عن مواطن الخلل في هذه الأسلحة وتصحيحها من جهة، وتُظهر كذلك قوتها وتعززها، فتوفر بذلك على شركات إنتاج الأسلحة الأميركية ووزارة الدفاع أموالاً طائلة وأبحاثاً ودراسات باهظة الثمن.
وذكّرت هذه الأوساط بما كان قد صرح به وزير الخارجية الأميركي الأسبق، الجنرال ألكسندر هيغ، والذي كان يعد الاستراتيجي الأعلى لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، قبل نحو 20 سنة حول الدعم الأميركي.
وانتقد هيغ، أولئك الذين يطالبون بتخفيض الدعم الأميركي لإسرائيل بقيمة 3.3 مليار دولار في السنة أو حتى بإلغائه. فقال: «إسرائيل كنز استراتيجي لأميركا ولحلف (ناتو) برمته، ليس فقط من الناحية الاستراتيجية والعسكرية بل حتى من الناحية الاقتصادية».
وأضاف آنذاك: «إسرائيل هي حاملة الطائرات الأميركية الكبرى في العالم، التي لا تحتاج إلى أي أميركي على دكتها وهي غير قابلة للغرق. بقيامها بعمليات حربية تُجرِّب فيها الأسلحة الأميركية، توفر على الولايات المتحدة 15 إلى 20 مليار دولار في السنة».
وقد عاد إلى هذه المقولة الأدميرال إيلمو زوموالت، الذي كان قائداً لعمليات الأسطول الأميركي، وأقام مع هيغ لاحقاً شركة استشارات.
الطرفان مستفيدان
ويقول يورام أتينغر، وهو دبلوماسي سابق ويعد أحد المتخصصين في العلاقات الإسرائيلية - الأميركية، ويقود مع عدد من الجنرالات «منتدى القادة الوطني» اليميني، في صحيفة «معاريف»، الخميس، إن «الاستثمار الأميركي العسكري في إسرائيل مجدٍ للطرفين وليس لطرف واحد».
وضرب مثلاً على ذلك فقال: «غارة سلاح الجو في إيران شددت على تفوق الطائرات القتالية الأميركية في الساحة الدولية ومكانة إسرائيل بوصفها مركزاً للحداثة في ظروف قتالية و(دكاناً فاخراً) للصناعة الأمنية الأميركية. فقد استخدم سلاح الجو الإسرائيلي طائرات (إف 16، وإف 35، وإف 15) بقوى غير مسبوقة في جبهات مختلفة».
ويرى أتينغر كذلك أن الاستخدام الإسرائيلي للطائرات الأميركية «جعلها تكتسب تجارب عملية ضخمة وأظهر إبداعيتها وجسارتها، وجعلها تتغلب على مواضع خلل حرجة ليست معروفة لسلاح الجو الأميركي، الذي يعد ذا تجارب عملية منخفضة مقارنةً بنا (أي الإسرائيليين)، ومن هنا أيضاً رغبة الولايات المتحدة في أن تُجري عدداً أكبر من المناورات المشتركة مع سلاح الجو الإسرائيلي».
من السوفيات إلى الإيرانيين
وقدم أتينغر مثلاً آخر من حرب لبنان الأولى سنة 1982، التي أدت إلى تدمير نحو 20 بطارية صواريخ أرض – جو سوفياتية وإسقاط عشرات كثيرة من طائرات «ميغ».
وقال: «غارة سلاح الجو الأخيرة في إيران الشهر الماضي، تشكل تذكيراً بحقيقة أن إسرائيل هي (مختبر في ظروف قتالية)، ينقل كل يوم إلى سلاح الجو الأميركي وإلى شركات إنتاج الطائرات دروساً عملية، في الصيانة والإصلاحات التي توفر سنوات كثيرة من البحث والتطوير بمليارات الدولارات، ويرفع مستوى المنافسة لدى الطائرات الأميركية في السوق الدولية، ويوسّع تصدير الطائرات وسوق العمالة لكبرى شركات الإنتاج في الولايات المتحدة».
وأضاف: «الجيش الإسرائيلي يستخدم مئات المنظومات القتالية الأميركية ويسهم في تطويرها من تجربته الخاصة، وهكذا يمنح ربح إسناد للصناعة الأمنية في الولايات المتحدة التي تُشغّل ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، إضافةً إلى المقاولين الفرعيين الذين يستفيدون هم أيضاً من (مركز البحث والتطوير) الإسرائيلي، والمساهمة الإسرائيلية في الصناعة الأمنية الأميركية تشبه المساهمة الإسرائيلية في صناعة التكنولوجيا العليا المدنية في الولايات المتحدة، عبر 250 شركة عظمى تُشغِّل في إسرائيل مراكز بحث وتطوير، مثل: إنتل، ومايكروسوفت، وغوغل، وفيسبوك، وغيرها».