إردوغان طلب من بوتين دفع التطبيع بين أنقرة ودمشق

لمَّحَ إلى عملية عسكرية واسعة ضد مواقع «قسد» شمال سوريا

جانب من مباحثات إردوغان وبوتين على هامش قمة مجموعة «بريكس» في قازان جنوب روسيا (الرئاسة التركية)
جانب من مباحثات إردوغان وبوتين على هامش قمة مجموعة «بريكس» في قازان جنوب روسيا (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان طلب من بوتين دفع التطبيع بين أنقرة ودمشق

جانب من مباحثات إردوغان وبوتين على هامش قمة مجموعة «بريكس» في قازان جنوب روسيا (الرئاسة التركية)
جانب من مباحثات إردوغان وبوتين على هامش قمة مجموعة «بريكس» في قازان جنوب روسيا (الرئاسة التركية)

أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أنه طلب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، المساعدة في دفع مسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، ولمَّحَ في الوقت ذاته إلى إمكانية القيام بعملية عسكرية موسعة في شمال سوريا؛ لمكافحة الإرهاب، وضمان أمن تركيا.

وقال إردوغان إنه طلب من بوتين، خلال لقائهما على هامش قمة مجموعة «بريكس» في قازان جنوب روسيا، أن يدعم التواصل بين دمشق وأنقرة لتطبيع العلاقات واستجابة الرئيس السوري، بشار الأسد، لدعوته للقائه.

وأضاف إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في طريق عودته من روسيا، نشرت الجمعة: «تأثير روسيا على الحكومة السورية معروف، طلبنا من السيد بوتين ضمان رد بشار الأسد على دعوتنا، هل سيطلب السيد بوتين من الأسد اتخاذ هذه الخطوة؟ لندع الوقت يجيب على ذلك».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مستقبلاً إردوغان خلال قمة مجموعة «بريكس» في قازان جنوب روسيا (الرئاسة التركية)

وسبق أن وجه إردوغان الدعوة للأسد للقاء من أجل دفع مسار إعادة العلاقات بين تركيا وسوريا إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وكرر دعوته الشهر الماضي خلال توجهه لمشاركة في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

إردوغان ولقاء الأسد

وشدد إردوغان على أهمية تطبيع العلاقات مع سوريا من أجل تعزيز الاستقرار الإقليمي، معرباً عن أمله بأن تتخذ حكومة دمشق خطوات تجاه التطبيع العملي مع تركيا؛ لأن هذا التوجه يمكن أن يكون في صالح الطرفين.

وأضاف: «نتطلع إلى أن تفهم الحكومة السورية الفوائد التي سيوفرها لها التطبيع الصادق والواقعي لعلاقاتها مع تركيا، وأن تتخذ خطواتها وفقاً لذلك».

إردوغان والأسد في لقاء قبل عام 2011 (أرشيفية)

في الوقت ذاته، لمَّح إردوغان إلى أن القوات التركية قد تنفذ عملية عسكرية موسعة في شمال وشرق سوريا في إطار التزامها بمكافحة الإرهاب من منبعه في سوريا.

وبالإشارة إلى أن مُنفذَيّ الهجوم الإرهابي على مقر شركة صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) في أنقرة، الأربعاء الماضي، جاءا من سوريا، قال إردوغان: «إن كان مصدر الإرهاب سوريا، فسنتعامل معه من منبعه، وهذا ما قمنا به عقب الهجوم الإرهابي على (توساش)».

وشنت القوات التركية ضربات بالطيران المسيّر على 40 موقعاً تابعاً لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل «وحدات حماية الشعب الكردية»، المدعومة من جانب أميركا، والتي تعدها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني، المصنف منظمة إرهابية، في سوريا، في إطار الرد على هجوم «توساش»، فضلاً عن القصف المدفعي لمواقع «قسد» في شمال وشمال شرقي سوريا، ما ألحق خسائر واسعة في البنية التحتية، ومنشآت الطاقة والمستشفيات والخدمات، فضلاً عن الخسائر في الأرواح.

حزب العمال الكردستاني أعلن مسؤوليته عن الهجوم على شركة «توساش» التركية لصناعات الفضاء والطيران في أنقرة (إعلام تركي)

وقال إردوغان: «أبطالنا يدافعون عن مستقبل تركيا بأرواحهم، وسنواصل الرد بقوة على كل من يهدد استقرار بلادنا».

ويشكل بقاء القوات التركية في شمال سوريا نقطة خلاف أساسية بين أنقرة ودمشق، تعرقل جهود تطبيع العلاقات بينهما بسبب مطالبة الحكومة السورية بانسحاب القوات التركية، كونه مطلباً رئيسياً من أجل السير في التطبيع.

وانتقد إردوغان الدعم الأميركي للقوات الكردية، قائلاً إن الولايات المتحدة تحتضن التنظيم الإرهابي بين ذراعيها لمدة من الوقت، لكن عندما تنتهي هذه المدة، ستضطر لأن تتركه لوحده.

ورأى أن التنظيم الإرهابي (الوحدات الكردية - قسد) يستفيد من الاضطرابات في سوريا، لكنه يسعى عبثاً للاحتماء ببعض الدول الغربية، لكن هذه الحماية لن تستمر للأبد.

الدعم الأميركي لـ«قسد»

وعن النقاشات المتعلقة بالانسحاب الأميركي من سوريا، قال إردوغان إن هذه النقاشات مستمرة منذ وقت طويل، وتبين أصلاً من طول النقاشات أن الانسحاب سيكون «تكتيكياً وليس استراتيجياً».

وأضاف: «أصبح من المعلوم أن أميركا تستخدم التنظيمات الإرهابية في المنطقة من أجل مصالحها، وضمان أمن إسرائيل... واشنطن تقدم كل أنواع المركبات والمعدات والذخيرة وكل الدعم والأموال لإسرائيل».

تركيا تواصل هجومها الجوي على مواقع «قسد» شمال وشرق سوريا بعد هجوم أنقرة الإرهابي (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وأكد إردوغان أن «تركيا تراقب عن كثب جميع التطورات التي تجري بجوارها، ولا يمكن أن تقدم أي تنازلات بهذا الصدد، وستحمي أراضيها بالتأكيد، وستواصل كفاحها ضد جميع التنظيمات الإرهابية في المنطقة من أجل ضمان مصالحها القومية وأمن حدودها».

وجدد الطيران المسيّر التركي قصفه لمناطق في شمال وشرق سوريا، وامتد على شريط طوله 500 كيلومتر، مستهدفاً 25 منشأة حيوية من محطات غاز وكهرباء ونفط ومراكز صحية وأفران وصوامع حبوب، في القامشلي وأرياف محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن 27 مدنياً قُتلوا في 45 غارة شنّتها مسيّرات تركية في شمال سوريا وشرقها، لافتاً إلى أن «القوات التركية كثّفت في شكل كبير هجماتها الجوية والبرية منذ مساء الخميس».

وكانت «قسد» أعلنت، الخميس، مقتل 12 مدنياً على الأقل بينهم طفلان؛ جراء غارات تركية طالت مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا.

وقالت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، إن قواتها الجوية قصفت 120 هدفاً لحزب العمال الكردستاني و«قسد» في شمال سوريا والعراق، منذ انطلاق العملية الجوية، مساء الأربعاء، عقب هجوم «توساش» الإرهابي في أنقرة، الذي أعلن حزب العمال الكردستاني، الجمعة، مسؤوليته عنه.


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الصواريخ الأميركية التي سمح بايدن لأوكرانيا باستخدامها في منطقة روسية (موقع الصناعات الدفاعية التركية)

تركيا تعارض السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية في روسيا

أعلنت تركيا معارضتها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى لتنفيذ ضربات داخل روسيا.

سعيد عبد الرازق
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

 منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
TT

«عسكرة» النووي الإيراني في صلب المخاوف الغربية

 منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)
منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

كانت الأنظار متجهة صوب فيينا يوم الخميس مترقبة التصويت على مشروع القرار الذي تقدمت به «الترويكا» الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، والذي يندد بعدم تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بمناسبة الاجتماع الربع السنوي لمحافظي الوكالة الـ35.

وكان مدير الوكالة، رافاييل غروسي، قد زار طهران الأسبوع الماضي حيث أجرى جولة واسعة من المحادثات مع مسؤولي الملف النووي، بما في ذلك مع رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان. واللافت، هذه المرة، وجود تضارب في وجهات النظر بين غروسي والدول الغربية الأربع الساعية لتصعيد الضغوط على الجانب الإيراني، بالتوافق مع دول الاتحاد الأوروبي التي فرضت، مؤخراً، عقوبات جديدة على طهران بسبب الدعم الذي تقدمه لروسيا في حربها مع أوكرانيا.

كذلك، فإن عودة الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل تزيد من حدة الضغوط على إيران، ولكن أيضاً على الطرف الأوروبي الذي لم ينجح عام 2018 في ثني ترمب عن الخروج من الاتفاق النووي المبرم صيف 2016، ولا في تفعيل الآلية الأوروبية «أنستكس» التي تمكن طهران من الالتفاف على العقوبات الأميركية العابرة الحدود.

مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية متحدثاً للصحافة مع انطلاق اجتماع محافظي الوكالة في فيينا (إ.ب.آ)

غروسي والأوروبيون

لقد سعى غروسي إلى «تنفيس» تعبئة «الترويكا» التي أعدت، منذ أسابيع، مشروع قرار يدين إيران بسبب إخفاقها في التعاون الكامل مع الوكالة الدولية، ولكن من غير أن يذهب، علناً، إلى تهديدها بنقل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي من أجل تفعيل ما يسمى «آلية سناب باك» التي ينتهي مفعولها في خريف عام 2025.

والحال أنه، في حال تفعيلها، ستفضي الآلية المعقدة إلى إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران التي «علقت» بفضل الاتفاق النووي بداية عام 2017؛ ولذا، سعى غروسي لإبراز «التنازل» الذي قدمته طهران، حيث إنها قررت «تجميد» إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة.

وقال غروسي الذي تلقى صباح الأربعاء مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، تضمنت وعوداً بالتعاون ولكن أيضاً تهديداً بالرد، إن ما تقوم به إيران يتم «للمرة الأولى»، ويعد «خطوة في الاتجاه الصحيح». وأضاف مدير الوكالة أن مفتشيها «تحققوا» من هذا الأمر وتبين لهم أن إيران «تقوم بالتحضيرات» الضرورية لتحقيق هذا الغرض.

والمعروف أن الدولة التي تمكنت بالتقنية من تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة قادرة على الارتقاء بالتخصيب إلى نسبة 90 في المائة الضرورية لإنتاج السلاح النووي. وتمتلك إيران حالياً أقل بقليل من 185 كلغ من اليورانيوم المخصب بهذه النسبة، ما يمكّنها من التحول إلى قوة نووية إذا سعت لذلك، وهو الأهم والذي تنفيه بقوة، لكونه يخالف «عقيدتها النووية».

وخلاصة غروسي الموجهة للغربيين تحذيرهم من «تصعيد لا طائل منه خصوصاً في منطقة عانت بسببه الكثير»، ونصحهم بـ«التزام الحذر» لجهة أن إيران «يمكن أن تتراجع عن قرارها» تجميد التخصيب في حال صوت مجلس المحافظين لصالح مشروع قرار «الترويكا»، مستعيداً بذلك تحذيرات عراقجي التي سمعها منه مجدداً صباح اليوم نفسه. لكن يبدو أن «تطمينات» وتحذيرات غروسي لم تكن كافية لإقناع الغربيين بالتراجع عن عرض نصهم المتشدد للتصويت.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عسكرة البرنامج النووي الإيراني

تمثل عسكرة البرنامج النووي الإيراني لب الخلاف بين الغربيين وإسرائيل ودول أخرى عديدة في الإقليم وخارجه من جهة، وإيران من جهة ثانية، لأنها تمس موضوع اتفاقية الضمانات الإيرانية ومنطوق معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

وفي هذا الإطار، يندرج بيان الاتحاد الأوروبي يوم الخميس الذي يتهم إيران بانتهاك التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، فضلاً عن الاستمرار في مراكمة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة وتركيب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة الجديدة.

وإذ حذر البيان من احتمال نشوب أزمة انتشار نووي في المنطقة بسبب ما تقوم به إيران، فإنه شدد على أن «ضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي هو أولوية أمنية أساسية بالنسبة لنا».

ويشكل البيان «مضبطة اتهام» لإيران، عادًّا أن «التطور الذي أحرزته إيران في المجال النووي على مدى السنوات الخمس الماضية هو مصدر قلق كبير»، وأن الوكالة الدولية «لم تتمكن على مدى أكثر من ثلاث سنوات من تنفيذ العديد من أنشطة التحقق والرصد الرئيسية المتعلقة بالاتفاق النووي مع إيران».

وخلاصته، كما في كل مرة، دعوة طهران إلى العودة إلى التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي دون مزيد من التأخير.

والواضح أن الغرض من البيان توفير الدعم الجماعي لـ«الترويكا» ولخطها المتشدد، وتحديداً في ملف «العسكرة».

«مضبطة الاتهام» تكررت في بيان «الترويكا» الذي تلته المندوبة الفرنسية، والذي ندد بـ«غياب الشفافية»، وبفشل إيران في توفير المعلومات التي طلبتها الوكالة، مذكرة بأن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة.

ورداً على غروسي، ذكر البيان أنه «حتى لو أقدمت إيران على هذا الإجراء، فستظل تحتفظ بمخزون كبير للغاية من اليورانيوم عالي التخصيب بالإضافة إلى القدرة على استئناف التخصيب بنسبة 60 في المائة في أي وقت»؛ لذا، فقد طالب البيان إيران «ليس فقط بوقف عملية التخصيب (المرتفعة) بل بالتخلص الفوري من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب». وبنظر الأوروبيين، فإن «سلوك إيران في المجال النووي يشكل تهديداً للأمن الدولي ويقوض نظام عدم الانتشار النووي العالمي».

غروسي وإسلامي في مؤتمر صحافي بطهران الأسبوع الماضي (د.ب.أ)

خيارات إيران

طالب البيان الأوروبي بستة إجراءات: وقف التصعيد النووي من جانب إيران وعكس اتجاهه والامتناع عن التهديد بإنتاج أسلحة نووية، والعودة إلى القيود التي فرضتها خطة العمل الشاملة المشتركة، ولا سيما تلك المتعلقة بالتخصيب، وتنفيذ البيان المشترك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في مارس (آذار) 2023، والالتزامات التي تعهدت بها فيما يتعلق بالشفافية والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك إعادة تطبيق جميع تدابير الشفافية التي أوقفتها في فبراير (شباط) 2021، والسماح للوكالة بتركيب معدات المراقبة والرصد عند الطلب، وإعادة تنفيذ بروتوكولها الإضافي والتصديق عليه بسرعة، وأخيراً التراجع الكامل عن قرارها الصادر في سبتمبر (أيلول) 2023 بسحب تعيينات المفتشين ذوي الخبرة. وما جاء على لسان المندوبة الفرنسية ورد أيضاً في الكلمة التي ألقتها المندوبة الأميركية.

الواضح اليوم أن هناك عملية «لي ذراع» بين طهران والغربيين، وأن الطرف الضعيف هو إيران. ومشكلتها أن ردها على تصويت مجلس المحافظين على مشروع القرار المطروح يزيد من إحراجها، إذ إنها لا تستطيع أن تطمر رأسها في الرمل وألا ترد على القرار الذي سيكون بمثابة تحذير بنقل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي، ولا هي قادرة على اتخاذ إجراءات جذرية لرغبتها في الإبقاء على «شعرة معاوية» بينها وبين الإدارة الأميركية المقبلة. ولذا، فإنها ناورت ولكن من غير نتيجة وسعت إلى استمالة غروسي ومحاولة إحداث انقسام بين الأوروبيين والأميركيين. غير أنها فشلت أيضاً، لأن هؤلاء لا يريدون القطيعة مع ترمب وإدارته الجديدة. ولا يمكن فصل هذا الملف عما يجري في الإقليم وعن الضربة الإسرائيلية وترددها في الرد عليها. وكلها تبين أن إيران تجتاز مرحلة بالغة الدقة، وكل خطوة تقوم بها يفترض أن تحسب ألف مرة حساب النتائج والتبعات المترتبة عليها.