تركيا ترى الحرب بين إسرائيل وإيران «احتمالاً كبيراً»

أكدت ضرورة التعاون على المستوى الإقليمي

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يتوسط نظراءه الروسي والأذربيجاني والإيراني والأرميني في افتتاح اجتماع دول جنوب القوقاز في إسطنبول (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يتوسط نظراءه الروسي والأذربيجاني والإيراني والأرميني في افتتاح اجتماع دول جنوب القوقاز في إسطنبول (الخارجية التركية)
TT

تركيا ترى الحرب بين إسرائيل وإيران «احتمالاً كبيراً»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يتوسط نظراءه الروسي والأذربيجاني والإيراني والأرميني في افتتاح اجتماع دول جنوب القوقاز في إسطنبول (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يتوسط نظراءه الروسي والأذربيجاني والإيراني والأرميني في افتتاح اجتماع دول جنوب القوقاز في إسطنبول (الخارجية التركية)

أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن الحرب المحتملة بين إسرائيل وإيران يجب أن تُعدَّ «احتمالاً كبيراً» في ظل الأزمات الإقليمية المستمرة، مشدداً على ضرورة استعداد تركيا والمنطقة لمواجهة هذا السيناريو.

وقال فيدان إن تركيا قد نبهت منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، في جميع المحافل والمنصات، إلى احتمال تصاعد الحرب.

وخلال الاجتماع الثالث لمنصة التعاون الإقليمي لجنوب القوقاز (3+3) الذي عُقد في إسطنبول، الجمعة، قال فيدان إن العمليات والحروب المستمرة في الجوار، فضلاً عن «دوامة الكارثة الإنسانية والقمع الذي تمارسه إسرائيل في الشرق الأوسط» تسلط الضوء مجدداً على أهمية الحوار والتعاون على المستوى الإقليمي.

شارك في الاجتماع وزراء الخارجية من روسيا، سيرغي لافروف، وإيران، عباس عراقجي، وأذربيجان، جيهون بيراموف، وأرمينيا، أرارات ميرزويان.

جانب من الاجتماع الثالث لمنصة التعاون لدول جنوب القوقاز في إسطنبول الجمعة (الخارجية التركية)

واستقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الوزراء المشاركين في الاجتماع بقصر «دولمه بهشة» في إسطنبول، إذ تم تناول التطورات في الشرق الأوسط في ظل التصعيد الإسرائيلي والأوضاع في جنوب القوقاز.

وفي حديثه قبيل الاجتماع، أشار وزير الخارجية هاكان فيدان، خلال مقابلة تلفزيونية ليل الخميس - الجمعة، إلى أن «غزة للأسف تحولت إلى مقبرة مفتوحة قُتل فيها عشرات الآلاف من الأبرياء، وارتكبت إسرائيل فيها جرائم إبادة جماعية. وبعد ذلك، انتقلت إسرائيل للهجوم على لبنان، مما يستدعي اعتبار الحرب بين إسرائيل وإيران احتمالاً كبيراً في ظل الأزمات الإقليمية المستمرة».

وأضاف: «نحن لا ندعم بأي شكل من الأشكال أي نزاع قد ينشأ مع إيران أو يؤدي إلى حرب، ونحن نعارض ذلك تماماً. ولكن في الوقت ذاته، إذا دافعت إيران عن نفسها بشكل مشروع، فإن ذلك حقها».

وتطرق فيدان إلى لقائه مع الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، قبل اغتياله على يد إسرائيل، إذ أشار إلى أنه توصل إلى نتيجة مفادها أن «(حزب الله) لن يشن هجوماً شاملاً، وسيسعى للحفاظ على موقفه الحالي. وإذا هاجمت إسرائيل بيروت، فسوف يقاومها».

وأضاف أنه في ذلك الوقت، كانت إسرائيل تخطط لعمليات عسكرية تستهدف القضاء على «حماس» و«حزب الله» والحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى عناصر أخرى تشكل تهديداً لها. وأكد أن «الأحداث الحالية متشابكة، حيث تعاني غزة من إبادة جماعية، وهناك توتر في لبنان، واحتمالية نشوب حرب مع إيران، وكل هذه الأحداث تحمل ديناميكيات مختلفة».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

وأكد فيدان: «علينا أن نكون مستعدين لهذا كدولة ومنطقة. تركيا لا ترغب في أن تتوسع الحرب في المنطقة، وتعمل بلا كلل لوضع حد للصراعات التي دمرت الشرق الأوسط على مدار العقدين الماضيين».

وأشار فيدان إلى أن بعض الدول كانت تواجه مشكلات مع إيران ووكلائها قبل اندلاع حرب غزة، وعبّر عن أسفه لأن هذه «القضية أصبحت متشابكة مع القضية الفلسطينية»، وأن «معظم دول المنطقة ليست في وضع يسمح لها بالوقوف ضد إسرائيل».

وعند سؤاله عن استعداد تركيا لاحتمال نشوب حرب عالمية، أوضح فيدان أن العديد من المؤسسات الحكومية مشغولة بالإجابة عن هذا السؤال والاستعداد له. كما أشار إلى أن جميع التطورات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية الحالية على مستوى العالم تشير إلى مزيد من الانقسام والاستقطاب.

وقال إن أكبر مشكلة تواجه العلاقات الدولية تكمن في «عدم القدرة على التنبؤ»، مؤكداً على ضرورة تعزيز الدول لسيطرتها على الاقتصاد والتكنولوجيا لمواجهة هذه التحديات.


مقالات ذات صلة

ميقاتي يجاهر برفض الوصاية الإيرانية

المشرق العربي رئيس حكومة لبنان ونظيرته الإيطالية خلال المؤتمر الصحافي المشترك في بيروت (أ.ف.ب)

ميقاتي يجاهر برفض الوصاية الإيرانية

في خطوة هي الأولى من نوعها، جاهر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أمس (الجمعة)، برفضه موقف رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، لجهة قوله إن طهران.

ثائر عباس (بيروت)
خاص العماد جوزف عون خلال قيادته معركة «فجر الجرود» في 2017 (أ.ف.ب)

خاص جوزف عون... قائد «المؤسسة الصامدة» مرشحاً للمهمة الأصعب

ارتبط اسم قائد الجيش اللبناني جوزف عون، في الأذهان بمعركتين صعبتين... لكن ربما يكون الجنرال الأول في لبنان مقبلاً على المعركة الأصعب في تاريخه.

كميل الطويل (لندن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف .ب)

دبلوماسية ماكرون في الشرق الأوسط... لهجة حازمة لا تسفر عن نتائج

يظهر حزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتزايد تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغبة باريس في الدفع لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)

قضايا ثنائية إقليمية «حرجة» في مباحثات إردوغان وشولتس بإسطنبول

يقوم المستشار الألماني أولاف شولتس بزيارة عمل إلى تركيا، يجري خلالها مباحثات مع الرئيس رجب طيب إردوغان، تتناول عدداً من الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي السنوار وسط متظاهرين عند حدود قطاع غزة مع إسرائيل في 20 أبريل 2018 (أ.ب)

مطالبة واسعة في إسرائيل لاستغلال غياب السنوار بإبرام صفقة تبادل

أجمعت أجهزة الأمن الإسرائيلية وأحزاب المعارضة والصحف وعائلات الرهائن على أن اغتيال السنوار خلق فرصة ثمينة لا يجوز إضاعتها لإنجاح الصفقة.

نظير مجلي (تل أبيب)

قضايا ثنائية إقليمية «حرجة» في مباحثات إردوغان وشولتس بإسطنبول

إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)
إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)
TT

قضايا ثنائية إقليمية «حرجة» في مباحثات إردوغان وشولتس بإسطنبول

إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)
إردوغان وشولتس التقيا الشهر الماضي في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (الرئاسة التركية)

يقوم المستشار الألماني أولاف شولتس بزيارة عمل إلى تركيا، السبت، يجري خلالها مباحثات مع الرئيس رجب طيب إردوغان في إسطنبول، تتناول عدداً من الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية. ويتصدر المباحثات بين إردوغان وشولتس الموقف الألماني من حصول تركيا على مقاتلات «يوروفايتر- تايفون»، التي تشارك ألمانيا في إنتاجها ضمن كونسورتيوم يضم أيضاً بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، في أعقاب السماح بتصدير أسلحة بملايين الدولارات إلى تركيا بعد حظر استمر منذ عام 2019.

ولفت وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى تقدم المحادثات مع ألمانيا حول مقاتلات «يوروفايتر- تايفون». وقال، في مقابلة تلفزيونية ليل الخميس - الجمعة، إن هناك إشارات إيجابية من الجانب الألماني لبدء المفاوضات الفنية بهذا الخصوص.

وعلى الرغم من التقلبات في العلاقات بين أنقرة وبرلين، فإن ألمانيا هي الدولة الأكثر اتصالاً مع تركيا من بين دول مجموعة السبع، والتقى إردوغان وسولتش منذ أسابيع قليلة في نيويورك، على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

وتركز أنقرة على قضيتين أساسيتين حالياً مع ألمانيا؛ الأولى قضية مقاتلات «يوروفايتر- تايفون»، والثانية مشكلة تحرير تأشيرة «شنغن» للمواطنين الأتراك، أما في برلين فتبرز قضيتان؛ الأولى هي المهاجرون، ولها شقان الأول يتعلق باللاجئين السوريين ومنع طالبي اللجوء غير الأتراك، وهي قضية مستمرة منذ عام 2011، والشق الثاني يتعلق بعودة آلاف المواطنين الأتراك الذين رُفضت طلباتهم للجوء السياسي إلى ألمانيا.

ومن المقرر أن تبدأ في الأسابيع المقبلة إعادة 13500 مواطن تركي رُفضت طلباتهم للجوء السياسي (بلغ معدل الرفض نحو 95 في المائة)، لكن تم الاحتفاظ بهم في ألمانيا.

وبحسب عضو لجنة الامتثال لمعايير الاتحاد الأوروبي في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، مراد جاهد جينجي، ستغطي ألمانيا تكاليف إعادة مَن تم رفض طلبات لجوئهم.

تركيا تتطلع إلى موقف ألماني إيجابي بشأن حصولها على مقاتلات «يوروفايتر» (إعلام تركي)

وأعلنت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، أنه سيتم إعادة 500 مواطن تركي إلى بلادهم كل أسبوع، لكن تقارير أشارت إلى أن أنقرة رفضت هذا الادعاء، ما يشير إلى وجود سوء تفاهم بين الأطراف المعنية.

وتطرق البرلماني التركي إلى الصعوبات التي يواجهها المواطنون الأتراك في الحصول على تأشيرات «شنغن»، مشيراً إلى أن هذا يشكل تحدياً منذ فترة طويلة، وقد تفاقم في السنوات الأخيرة.

وقال جينجي إن المواطنين الأتراك في ألمانيا يواجهون مشكلات فيما يتعلق بالجنسية المزدوجة، ففي السابق، كان يتعين على الأفراد التخلي عن جنسيتهم التركية للحصول على الجنسية الألمانية، ومع ذلك، سيسمح القرار الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ في يونيو (حزيران) 2025، بالجنسية المزدوجة.

وتشير بيانات صادرة عن الوكالة الأوروبية للجوء إلى أن عدد طلبات اللجوء التي تقدم بها مواطنون أتراك بلغ أكثر من 28 ألفاً خلال النصف الأول من عام 2024 الحالي، وهو رقم يوازي طلبات اللجوء التي تقدم بها الأتراك لدى دول الاتحاد الأوروبي جميعها في عام 2023.

على صعيد القضايا الإقليمية والدولية ستركز المباحثات على علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، والحرب الروسية - الأوكرانية، بينما تشكل الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان ملفاً خلافياً بين أنقرة وبرلين.

طالبو اللجوء الأتراك لألمانيا فاق عددهم في دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة (إعلام تركي)

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في غزة قبل عام، كان دعم شولتس لإسرائيل، رغم الإبادة الجماعية للفلسطينيين ثم الهجوم على لبنان، نقطة خلاف كبيرة دفعت إردوغان إلى تذكير ألمانيا، مراراً، بمحرقة الهولوكوست في الحقبة النازية.

لكن ذلك الخلاف العميق لم يمنع البلدين من العمل على إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى «حماس» وإسرائيل، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين، ويعد الاجتماع الثاني بين إردوغان وشولتس خلال شهر واحد مهماً في حد ذاته، كما أكد رئيس مجلس الأعمال التركي الألماني، محمد علي يالتشين داغ.

إردوغان وشولتس خلال لقاء سابق بينهما (أرشيفية)

وبحسب يالتشين داغ، يبحث كلا البلدين (تركيا وألمانيا) عن «قصة نجاح جديدة»، ليس فقط بسبب ملايين المواطنين الأتراك الذين يعيشون في ألمانيا، وحجم التجارة السنوي الذي يبلغ 55 مليار دولار، لكن لأنه يتعين عليهما تحسين علاقاتهما التاريخية من خلال استراتيجية مشتركة لمدة 10 سنوات قادمة على الأقل.

وأضاف أنه فيما يتعلق بالاستثمارات الجديدة، تتمتع العلاقات بين تركيا وألمانيا بالمزيد من الفرص للتطور نحو دول ثالثة، وأحد الأسباب وراء ذلك هو أن الاستثمارات الألمانية واسعة النطاق وصلت إلى نقطة التشبع، والسبب الآخر هو أنه مع التحفظات على استقلال القضاء وسيادة القانون في تركيا، يعتقد الألمان أن الشركات الكبيرة لا تتصرف انطلاقاً من مخاوف تجارية، بل انطلاقاً من مخاوف سياسية، فالمسألة تعود إلى سيادة القانون، شئنا أم أبينا.