شدَّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت على أن الدولة العبرية «ستطارد» أعداءها «وتقضي عليهم»، بعد تأكيدات إسرائيلية من مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار في عملية بقطاع غزة اليوم الخميس.
وكتب غالانت عبر منصة «إكس»: «لا يمكن لأعدائنا أن يختبئوا. سنطاردهم ونقضي عليهم».
“You will pursue your enemies and they will fall before you by the sword.” - Leviticus 26Our enemies cannot hide. We will pursue and eliminate them. pic.twitter.com/FDJ7obPIM7
وقالت وسائل إعلام عبرية إن قوة الجيش الإسرائيلي التي كانت تقوم بتطهير منطقة من الإرهاب تعرفت على ثلاثة (إرهابيين) في المبنى الذي دمر الجيش الإسرائيلي جزءاً منه، وقامت بالقضاء عليهم. وكان أحدهم يشبه السنوار»، مشيرة إلى «تداول صور لاحقة للجثة المزعومة».
لم يكن أحد في إسرائيل أو فلسطين يتخيل أن يقتل الجيش الإسرائيلي، رئيس حركة «حماس» يحيى السنوار، وهو الذي شغل العالم منذ السابع من أكتوبر الماضي بطريق الصدفة.
يطرح استمرار توغل إسرائيل في القرى المحاذية لحدودها مع لبنان مجموعة من الأسئلة، يتصدرها التصدي الأميركي للمحاولات الرامية لإصدار قرار بوقف النار عن مجلس الأمن.
قال مسؤول أميركي إن الرئيس جو بايدن تلقى اليوم إحاطة على متن الطائرة الرئاسية التي تنقله إلى ألمانيا، بشأن إعلان إسرائيل أنها تتحقق من احتمال مقتل السنوار.
جنديان إسرائيليان يوزعان الحلوى في سديروت احتفالاً بمقتل السنوار (رويترز)
بدأ المسؤولون الإسرائيليون ومعهم كثير من المواطنين التعبير عن فرحتهم باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» يحيى السنوار، حتى قبل الإعلان الرسمي الذي أكد، مساء الخميس، مقتله بضربة على منطقة تل السلطان برفح جنوب غزة، ليل الأربعاء، وهو الأمر الذي أثار مخاوف من الغرق في «نشوة النصر»، خصوصاً لدى عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة.
وكشفت تقارير إسرائيلية أن العملية تمت بالصدفة، ومن دون معلومات عن وجود السنوار في المكان. ووقعت في الساعات الأولى من صباح الخميس، عندما وصلت قوات عادية ليست من الكوماندوس ولا من الوحدات المختارة، إلى بيت في رفح قيل إنه يضم عدداً من قادة «حماس» الميدانيين، فراحت دبابة ترافقهم تقصف البيت حتى هدمته.
وخلال عملية فحص البيت صباح الخميس، لاحظ أحد الجنود الشباب في الجيش الإسرائيلي وجود جثة. فالتقط صورة تم إرسالها إلى القيادة. وهناك، بالصدفة أيضا، تواجد مسؤول من المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، فصاح: «هذا هو السنوار».
وفي الحال أمر الجيش الرقابة العسكرية بفرض حظر تام على النبأ، وبدأت عملية فحص شاملة في اتجاهات عدة، وقامت مصلحة السجون بتحرير المعطيات للفحص، ومنها الحمض النووي وصورة أشعة للأسنان. وتمت مصادرة الجثة، حتى يتم فحص تفاصيل هويتها. وبعد ساعتين قررت الشرطة أن فحصاً للأسنان في الجثة يدل على أنه السنوار فعلاً. ومع ذلك تباطأ الجيش في الإعلان رسمياً عن وفاته، وتقرر الانتظار حتى النتائج النهائية لفحص الحمض النووي.
تحقيق في تحركات السنوار
وبدأ الجيش والمخابرات وغيرهما من الأجهزة تحقيقاً في ظروف وصول السنوار إلى ذلك البيت في تل السلطان. فهذا الحي كان طوال الوقت، منذ اجتياح رفح، تحت السيطرة الإسرائيلية. وهناك مراقبة إسرائيلية دائمة للحي ولكل المنطقة الجنوبية من قطاع غزة، وكانت كل الوقت مسنودة بمعلومات من الأقمار الصناعية الغربية، والجميع يبحث عن السنوار.
وكانت المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية المتوافرة تقول كلها إن السنوار يتنقل من نفق إلى آخر، تحت الأرض، وإنه يحيط نفسه بحوالي 20 محتجزاً إسرائيلياً، كي يموتوا معه في حال الوصول إليه. وأنه يزنر خصره بحزام ناسف، حتى لا يقع في الأسر حياً. والأن يتضح أن كل هذا يتبخر أمام الحقيقة. وبحسب جنرال إسرائيلي سابق: «من كثرة الإخفاقات في التقديرات، يبدو أن من مصلحتنا أن يظهر أن هذا ليس السنوار».
وقالت مصادر سياسية في تل ابيب إن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبلغ وزراء الكابنيت بأن هناك «بشرى شبه مؤكدة» بأن السنوار قتل. وإن الجهات المهنية تجري الفحوصات اللازمة. وقد أعطى رئيس الوزراء تعليماته بألا يتفوه أي وزير بكلمة في الموضوع».
قلق المعارضة وعائلات الأسرى
في المقابل، أعرب كثيرون من أهالي الأسرى عبر منصات التواصل ووسائل الإعلام، عن المخاوف من أن يؤدي الزهو إلى فتح الشهية لمزيد من العمليات الحربية التي قد تؤدي إلى موت ذويهم.
ودعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، إلى اتخاذ خطوات سريعة لإبرام صفقة تبادل أسري توقف الحرب. وإذا لم تتجاوب «حماس»، اقترح «اللجوء إلى وسائل حكيمة لتحرير الأسرى، بإعلان جائزة مالية لمن يعطي معلومات عن المخطوفين. والتوقف عن عمليات قد تؤدي إلى قتلهم».
ويرى مراقبون أن اغتيال السنوار، في حال تأكده، يفترض بأن يكون صورة نصر لإسرائيل، فهو ليس مجرد قائد في «حماس»، بل «القائد» الذي خطط ونفذ الهجوم على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وتسبب في أكبر خسائر وأطول حرب، وقتله هو الانتقام. والآن ينبغي استثمار هذا المكسب لإبرام صفقة تبادل، من مركز قوة.
غير أن المشكلة هي أن من يقف على رأس الهرم في الحكم هو بنيامين نتنياهو الذي ليس فقط لا يتسم بالتواضع، بل يخشى من أن يؤدي وقف الحرب مع «حماس» لشن حرب داخلية ضد حكومته بغرض إسقاطها، ولذلك توجد لديه مصلحة في استمرارها.
والمشكلة أن نتنياهو معروف باستخدام خطاب شعبوي لتبرير تغليبه المصالح الوطنية. وقد بدأ عدد من المقربين إليه يسربون مواقف تقول إن «هذا هو الوقت للقضاء على حماس»، و«يجب أن نقول لحماس الآن إما ان تستسلموا وإما يكون مصيركم مثل زعيمكم السنوار»، و«سلمونا المخطوفين ونتعهد بالإفراج عنكم»، و«إسرائيل تكتب اليوم صفحة جديدة في تاريخها، وعليها أن تظهر للجميع كم هي مصممة».