تشكيك دولي في رواية إسرائيل عن استهداف «اليونيفيل» وفي جدية تحقيقها الموعود

ماكرون يدعو مجدداً لوقف تزويد إسرائيل بالسلاح... وباريس متخوفة على أمن وحداتها في «اليونيفيل»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً للصحافة الجمعة في مدينة بافوس القبرصية بمناسبة قمة التسع للدول الأوروبية- المتوسطية (المصدر: الحكومة القبرصية)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً للصحافة الجمعة في مدينة بافوس القبرصية بمناسبة قمة التسع للدول الأوروبية- المتوسطية (المصدر: الحكومة القبرصية)
TT

تشكيك دولي في رواية إسرائيل عن استهداف «اليونيفيل» وفي جدية تحقيقها الموعود

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً للصحافة الجمعة في مدينة بافوس القبرصية بمناسبة قمة التسع للدول الأوروبية- المتوسطية (المصدر: الحكومة القبرصية)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً للصحافة الجمعة في مدينة بافوس القبرصية بمناسبة قمة التسع للدول الأوروبية- المتوسطية (المصدر: الحكومة القبرصية)

لم يكتفِ القادة الأوروبيون الذين لبلادهم وحدات تساهم في قوة حفظ السلام الدولية في لبنان (اليونيفيل) بالتنديد الفردي لتعرض هذه القوات لهجمات متكررة إسرائيلية مقصودة، فعمد ثلاثة منهم (الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ورئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني) إلى إصدار بيان مشترك عالي اللهجة يندد بالممارسات الإسرائيلية، ويعرب عن سخطهم على ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من انتهاك التزامات إسرائيل الدولية.

وجاء في حرفية البيان الذي وزعته الرئاسة الفرنسية ما يلي: «إننا نحن -قادة فرنسا وإيطاليا وإسبانيا- بصفتنا مساهمين منذ فترة طويلة في قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) وشركاء لبنان وإسرائيل، ندين استهداف قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) مؤخراً من قبل الجيش الإسرائيلي. كما نعرب عن سخطنا بعد إصابة كثير من جنود حفظ السلام في الناقورة. إن هذه الهجمات تشكل انتهاكاً خطيراً لالتزامات إسرائيل، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701، وبموجب القانون الإنساني الدولي. إن هذه الهجمات لا يمكن تبريرها ويجب أن تتوقف فوراً. إننا نؤكد مجدداً على ضرورة حماية جميع قوات حفظ السلام، ونكرر دعمنا للالتزام الضروري والمستمر لقوات (اليونيفيل) وأفرادها في هذا السياق الصعب للغاية. إننا نعول على التزام إسرائيل بضمان أمن بعثات الأمم المتحدة وبعثات حفظ السلام الثنائية في لبنان، وكذلك ضمان أمن المنظمات الدولية العاملة في المنطقة. كما ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 من قبل جميع الأطراف، وهو السبيل الوحيد لعودة النازحين الإسرائيليين واللبنانيين إلى ديارهم بأمان. ونكرر التزامنا بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وكذلك في إطار (اليونيفيل) التي ستكون مساهمتها في وقف الأعمال العدائية حاسمة».

لماذا تغيب آيرلندا؟

تعد الدول الثلاث من بين البلدان العشرة الأكثر مساهمة في قوات «اليونيفيل» التي يبلغ عديدها حالياً 10541 فرداً، بينهم 207 ضباط، و249 موظفاً مدنياً أجنبياً، و553 موظفاً محلياً. واللافت غياب آيرلندا عن البيان الأوروبي، علماً بأن دبلن تساهم بـ322 جندياً. والتفسير المرجح لهذا الغياب أن البيان الصادر عن القادة الأوروبيين الثلاثة، من غير ضم آيرلندا إليهم، سببه كونهم كانوا مجتمعين سوياً في مدينة بافوس (قبرص) بمناسبة القمة التي جمعت تسعة بلدان أوروبية متوسطية، ما سهل التوافق على إصدار بيان مشترك سريعاً، للرد على الممارسات الإسرائيلية، علماً بأن العواصم الثلاث استبقت ردة الفعل المشتركة ببيانات فردية. كذلك، فإن دبلن لم تتأخر في التنديد بما تقوم به القوات الإسرائيلية؛ إذ دعا مايكل مارتن، نائب رئيس الوزراء الآيرلندي المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل، للتوقف عن الأعمال العسكرية التي تقوم بها في لبنان. بالمقابل، جاءت لهجة قائد القوات المسلحة الآيرلندية أكثر تشدداً؛ حيث دعا إلى محاسبة إسرائيل عن «إطلاق النار المتعمد والمباشر» على مواقع الأمم المتحدة جنوب لبنان.

اللافت في ردود الفعل الدولية، بدءاً بالأمين العام للأمم المتحدة، أن القادة الغربيين لا يأخذون بالرواية الإسرائيلية التي تزعم أن إصابة أربعة جنود من القوة الدولية في يومين جاء عرضاً، وأن السبب في ذلك تخفِّي مقاتلي «حزب الله» خلف مواقعهم. وتبين المعلومات الصادرة عن مقر قيادة القوة الدولية أن «دبابات إسرائيلية تقدمت نحو مواقع القوة الدولية» في الناقورة، وأن «جرافة إسرائيلية أسقطت حائط حماية» لأحد مواقع «اليونيفيل» في بلدة اللبونة، متسببة في «تهديد كبير» لأمن القوة الدولية.

وقد سعت إسرائيل إلى امتصاص النقمة الدولية التي شملت أيضاً الولايات المتحدة التي تنتقد أداء القوات الإسرائيلية بصورة علنية نادرًا، من خلال الإعلان عن إطلاق تحقيق «على مستوى رفيع» لجلاء ما حصل. والحال أن التحقيقات الإسرائيلية أكان بالنسبة لما جرى مراراً وتكراراً في غزة أو الضفة الغربية ولبنان، جاءت كلها تبرر تصرف القوات الإسرائيلية. وقال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، الجمعة، إن القوة الدولية «لم تفعل شيئاً، ولم تبلغ عن وجود (حزب الله) المسلح في جوارها، وها هي دول تشكو بينما (حزب الله) يحفر أنفاقاً ويختبئ مقاتلوه قريباً من مواقع (اليونيفيل)».

ماكرون لم يعد وحيداً في الدعوة لوقف تسليح إسرائيل

وثمة إجماع من الجانب الأوروبي على اعتبار أن إسرائيل تذهب بعيداً جداً في استهداف القوة الدولية. وهذا الشعور عبَّر عنه الرئيس إيمانويل ماكرون الذي عدَّ ما تقوم به إسرائيل «أمراً لا يمكن قبوله»، وأكد أنها «تقصَّدت استهداف القوات الدولية». والأبرز من ذلك أن ماكرون أكد أن بلاده «لن تسمح أبداً» بأن يتكرر ما حدث في الأيام الأخيرة. وسارعت باريس -كغيرها من العواصم الأوروبية- إلى استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس، للاحتجاج على أحداث الجنوب اللبناني. وتتخوف القيادة الفرنسية على أمن قوتها المشاركة في «اليونيفيل».

ويبدو أن نقمة إسرائيل الكبرى تستهدف بشكل خاص الرئيس الفرنسي، الذي دعا مجدداً -وهذه المرة من قبرص بمناسبة قمة التسع الأوروبية- إلى «وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل» باعتبار أن ذلك يعد «العامل الوحيد» لوضع حد لحرب إسرائيل في غزة ولبنان، مع حرصه على توضيح أنه لا يدعو أبداً إلى «نزع سلاح إسرائيل». وسبق لـماكرون أن أطلق هذه الدعوة نهاية الأسبوع الماضي، الأمر الذي وتَّر علاقات بلاده بإسرائيل، ودفع نتنياهو إلى إطلاق تصريحات جارحة بحقه.

لكن ماكرون لم يعد وحيداً في الساحة الأوروبية؛ إذ إن بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، يطلب الشيء نفسه. وينشط ماكرون حالياً على خط الدفع إلى إنجاح المؤتمر الذي أعلن عن التئامه في العاصمة الفرنسية يوم 24 الحالي لدعم لبنان، من خلال مروحة اتصالات واسعة، حتى تأتي النتائج بمستوى الحاجات المتكاثرة للبنان، ومن أجل تعبئة الأوروبيين للدفع نحو وقف لإطلاق النار في لبنان، والعودة إلى تنفيذ القرار الدولي رقم 1701. لكن ما يؤسف الفرنسيين أن «الشريك» الأميركي لم يعد متمسكاً بالمبادرة التي أطلقها ماكرون والرئيس بايدن من نيويورك، في 25 الشهر الماضي، والقاضية باحترام هدنة من 21 يوماً، تتيح الفرصة للدبلوماسية لمعاودة القيام بدورها.



تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)
المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)
TT

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)
المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

قرَّرت تركيا تقليص صفقة شراء مقاتلات «إف - 16» الأميركية في الوقت الذي أعلنت فيه أن أميركا أعادت تقييم موقفها من حصولها على مقاتلات «إف - 35» الشبحية بعد إجرائها التجارب على طائرتها من الجيل الخامس (كآن).

من ناحية أخرى، أيَّد الرئيس رجب طيب إردوغان دعوة حليفه رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، بشأن عقد لقاءات لنواب أكراد بالبرلمان التركي مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان.

وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن تركيا قلَّصت الصفقة التي تبلغ قيمتها 23 مليار دولار لشراء مقاتلات «إف - 16 بلوك 70»، وألغت شراء 79 مجموعة من معدات التحديث لأسطولها الحالي القديم من طراز «فايبر».

ووافقت أميركا، بعد طول انتظار، على طلب تركيا الحصول على الطائرات ومعدات التحديث، بعدما عاقبتها بإخراجها من برنامج تطوير متعدد الأطراف، تحت إشراف حلف شمال الأطلسي (ناتو) لإنتاج وتحديث مقاتلات «إف - 35» بسبب حصولها على منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400»، صيف عام 2019، بعد سداد 1.4 مليار دولار للحصول على 100 طائرة من هذا الطراز.

وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع بالبرلمان التركي (وزارة الدفاع التركية)

وقال غولر، خلال مناقشة موازنة وزارة الدفاع لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان التركي: «تخلينا عن مجموعات التحديث الـ79؛ لأن مرافق شركة صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) قادرة على تنفيذ هذا التحديث بنفسها؛ لذلك تركنا الأمر لهم».

تحول أميركي

وأضاف أن أفكار الأميركيين تغيرت قليلاً بشأن حصول تركيا على مقاتلات «إف - 35» بعدما رأوا أن بإمكاننا تصنيع طائرة من الجيل الخامس، هي طائرة «كآن» وأنها تطير الآن، وقالوا إنهم يمكن أن يزودونا بـ«إف - 35»، لكن لم يحدث أي تطور حتى الآن.

المقاتلة التركية من الجيل الخامس «كآن» (موقع شركة توساش)

ولفت غولر إلى أن تركيا تقدمت، منذ عام 1991، بطلبات إلى كل دولة في العالم لديها نظام دفاع جوي، ولم تتمكن من الحصول على رد إيجابي، وفي النهاية تم شراء منظومة» إس - 400» الروسية، بما يتماشى مع الاحتياجات.

وعن عدم تفعيل المنظومة الروسية حتى الآن، قال غولر إن الأماكن التي ستوضع فيها، بما في ذلك الأقبية الموجودة تحتها، كلها جاهزة، وبمجرد إعطاء الأوامر ستنقل إلى المنطقة، ويتم تقبيب النظام بالكامل وتفعيله خلال 12 ساعة فقط.

منظومة «إس - 400» الروسية للدفاع الجوي (إعلام تركي)

وفيما يتعلق بشراء طائرات مقاتلة من طراز «يوروفايتر تايفون:، ذكر غولر أن ألمانيا أصدرت التصاريح اللازمة للشراء، وأن الدراسات حول هذه المسألة مستمرة.

إردوغان يدعم بهشلي

على صعيد آخر، أيَّد الرئيس رجب طيب إردوغان الدعوة التي أطلقها حليفه دولت بهشلي، رئيس حزب الحركة القومية، شريك حزب العدالة والتنمية في «تحالف الشعب»، لعقد لقاءات مباشرة بين نواب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» للقاء زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني السجين مدى الحياة في تركيا، في خطوة تهدف إلى إنهاء الإرهاب في البلاد.

وقال إردوغان، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الأربعاء: «لقد قدَّم السيد بهشلي عرضاً جريئاً، نيابة عن (تحالف الشعب) غيَّر قواعد اللعبة».

وأضاف إردوغان أنه «على الرغم من كل الصعوبات، فإننا ندرس ما يمكن القيام به من منظور طويل المدى لا يركز على اليوم فحسب، بل على المستقبل أيضاً، في إطار أولويات الأمن القومي والدبلوماسية لبلادنا».

إردوغان متحدثاً خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لـ«العدالة والتنمية» الأربعاء (الرئاسة التركية)

ولفت إلى أن قياديي حزب العمال الكردستاني قالوا في الماضي إنهم سيدفنون الأسلحة، بمجرد أن يدفونها سيمهد ذلك الطريق لهم، أما إذا استمروا في تفجير القنابل في كل مكان، فإن يد الدولة ستضربهم بقوة.

وتابع أن الدولة ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد جميع أنواع المخاطر بسبب ما يحدث في المنطقة التي تقع فيها تركيا، وأن المناقشات الأخيرة لن تسبب أي ضعف في «الحرب ضد الإرهاب» وستقيم تركيا حزاماً أمنياً على حدودها يمتد من البحر المتوسط وحتى إيران.

ودعا بهشلي، الثلاثاء، إلى قعد لقاءات مباشرة بين المجموعة البرلمانية لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيد للأكراد، وإيمرالي (السجن المحتجز به عبد الله أوجلان في بحر مرمرة غرب تركيا) واتخاذ خطوة للأمام تمهد لحضوره إلى البرلمان وإعلان حل منظمة حزب العمال الكردستاني وانتهاء الإرهاب في تركيا.

مظاهرة للمطالبة بكسر عزلة أوجلان (رويترز)

وعلى الفور تقدم حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب بطلب إلى وزارة العدل للموافقة على زيارة أوجلان في إيمرالي.

ورداً على أسئلة الصحافيين عقب اجتماع المجموعة البرلمانية، عن تقييمه دعوة بهشلي لهذه اللقاءات، قال إردوغان، بعد فترة صمت: «يلتقون».

بدوره، قال وزير العدل يلماظ تونتش: «نحن نقوم بتقييم الطلب المقدم من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، وسيتم تقديم الإجابة خلال فترة زمنية معقولة».