تركيا: لا نزوح كبيراً إلى حدودنا مع سوريا هرباً من حرب لبنان

سباق تعزيزات عسكرية مع القوات السورية في حلب وإدلب

جنديان تركيان في دورية بمنطقة الجدار الحدودي بين تركيا وسوريا (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
جنديان تركيان في دورية بمنطقة الجدار الحدودي بين تركيا وسوريا (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا: لا نزوح كبيراً إلى حدودنا مع سوريا هرباً من حرب لبنان

جنديان تركيان في دورية بمنطقة الجدار الحدودي بين تركيا وسوريا (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)
جنديان تركيان في دورية بمنطقة الجدار الحدودي بين تركيا وسوريا (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

أكد مصدر عسكري تركي مسؤول أنه لا توجد موجة جديدة من النزوح إلى حدود تركيا مع سوريا بعد الهجمات الإسرائيلية على لبنان.

وقال المصدر إن «من نزحوا مع تدهور الوضع الإنساني في لبنان لم يصلوا بمجموعة كبيرة إلى حدودنا مع سوريا».

وأضاف المصدر، الذي شارك بإفادة صحافية أسبوعية بوزارة الدفاع التركية، الخميس، أن «العمليات التي تقوم بها القوات التركية في سوريا، لها هدفان: الأول هو القضاء على الإرهاب، والآخر منع موجات الهجرة عبر الحدود. وفي هذا السياق اتخذنا إجراءات في المناطق الخاضعة لسيطرتنا لمنع المهاجرين قبل أن يصلوا إلى حدودنا».

قصف تركي على مواقع لـ«قسد» والقوات السورية في ريف حلب الشمالي (المرصد السوري)

في السياق ذاته، قال مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع، زكي أكتورك، إنه تم القبض على 340 شخصاً، بينهم 5 أعضاء في تنظيم إرهابي، خلال محاولتهم عبور الحدود، وبلغ عدد الذين تم القبض عليهم في أثناء محاولتهم العبور بشكل غير قانوني منذ مطلع العام الحالي، 11 ألفاً و679 شخصاً، وتم ضبط 103 كيلوغرامات من المخدرات خلال أنشطة البحث والمسح على خط هطاي ووان الحدودي مع سوريا وإيران، خلال الأسبوع الماضي.

نازحون سوريون من لبنان وصلوا الأربعاء إلى مناطق محاذية للحدود التركية شمال غربي سوريا عبر معبر «عون الدادات» بعد رحلة نزوح طويلة (د.ب.أ)

على صعيد آخر، تشهد محاور التماس بين مناطق سيطرة القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري، الموالي لأنقرة، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش السوري في حلب، توتراً شديداً، دفع الجيش التركي إلى إرسال تعزيزات إلى مناطقه في حلب، كما استقدم الجيش السوري تعزيزات إلى المنطقة.

وقصفت القوات التركية والفصائل الموالية بالمدفعية الثقيلة، الخميس، قرى أم الحوش، وأم القرى، في مناطق انتشار «قسد» والقوات السورية في ريف حلب الشمالي.

جاء ذلك، بعد استهداف مسيّرة تركية سيارة بين قرية أحرص وكفر ناصح في مناطق «قسد» والجيش السوري في المنطقة ذاتها، الأربعاء، مما أدى إلى مقتل السائق وامرأة كانت برفقته، وإصابة شخص تصادف وجوده في موقع الاستهداف.

الجيش السوري يكثف تعزيزاته العسكرية في أرياف حلب وإدلب (المرصد السوري)

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الجيش السوري دفع، الخميس، بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى خطوط التماس مع «هيئة تحرير الشام» في ريف حلب الغربي وريف إدلب، لليوم الثاني على التوالي، ضمت عناصر من قوات المهام الخاصة من الفرقة 25، بالإضافة إلى مئات الجنود ومركبات مزودة برشاشات ثقيلة ودبابات.

في المقابل، تستعد «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى، لشن هجوم واسع على مواقع الجيش السوري في منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا المعروفة باسم «منطقة بوتين - إردوغان».

تركيا دفعت بتعزيزات مكثفة في الأسابيع الأخيرة إلى أرياف حلب وإدلب وسط احتمالات تصعيد بين الجيش السوري وهيئة تحرير الشام (إعلام تركية)

في الوقت ذاته، دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية برتل مؤلَّف من 13 آلية عبر معبر باب السلامة الحدودي إلى القاعدة التركية المتمركزة في منطقة مريمين بريف حلب الشمالي ضمن منطقة «غصن الزيتون» في عفرين.

كما استقدمت القوات التركية تعزيزات عسكرية من معبر عين البيضا بريف إدلب الغربي، التي توجهت إلى النقاط المنتشرة على تلة الحدادة في ريف اللاذقية وسلة الزهور على طريق حلب- اللاذقية الدولي (إم 4).

جاء ذلك وسط الاستهدافات المتبادلة بين القوات السورية و«هيئة تحرير الشام» في محاور «منطقة بوتين - إردوغان»، حيث قُتل جندي سوري إثر قصف مدفعي لـ«تحرير الشام» على مواقع عسكرية في ريف اللاذقية الشمالي، وأُصيب طفل بجروح في هجوم بطائرة مسيّرة تابعة للجيش السوري قرب بلدة البارة، وهاجمت 5 مسيّرات أخرى مواقع عسكرية ومدنية في محيط بلدة معارة النعسان وجبل الزاوية في أرياف إدلب.

وقصفت مدفعية القوات السورية قرى كفرتعال وكفرعمة والقصر والعصعوص وكفرنوران بريف حلب الغربي، وبلدة معربليت بريف إدلب.

وردت فصائل «غرفة عمليات الفتح المبين» بقصف مواقع للقوات السورية في قرية العيدو بريف اللاذقية الشمالي.


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
TT

الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

لم تعلق فرنسا رسمياً على المعلومات الواردة من إسرائيل والتي تفيد بأن الطرف الإسرائيلي نقل إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين رفضه مشاركة فرنسا في اللجنة الدولية المطروح تشكيلها، بمشاركة الولايات المتحدة وفرنسا، للإشراف على تنفيذ القرار الدولي رقم 1701 الذي يعد حجر الأساس لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حزب الله»، كما رفضها الربط بين وقف النار وإيجاد حلول للمشاكل الحدودية بينها وبين لبنان، إن بالنسبة للنقاط الخلافية المتبقية على «الخط الأزرق» أو بالنسبة لمزارع شبعا وكفرشوبا وقرية الغجر.

 

ماذا يريد نتنياهو؟

 

وجاء رفض تل أبيب بحجة أن باريس تنهج «سياسة عدائية» تجاهها، في الإشارة إلى التوتر الذي قام بين الطرفين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي وكانت قمته دعوة الرئيس ماكرون إلى وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، لكونه «الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب»، ما عدّه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو «عاراً» على فرنسا، كما حال اعتبار ماكرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «مجازر». وجاء قرار الحكومة الفرنسية، مرتين، بمنع شركات دفاعية إسرائيلية من المشاركة بمعداتها في معرضين دفاعيين ثانيهما الشهر الماضي، ليزيد من التوتر الذي تفاقم مع التصرف «الاستفزازي» لعناصر أمن إسرائيليين بمناسبة زيارة وزير الخارجية جان نويل بارو لإسرائيل الأخيرة، وما تبعه من استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس للاحتجاج رسمياً على ما حصل.

بيد أن ماكرون سعى لترطيب الأجواء مع نتنياهو من خلال إرسال إشارات إيجابية؛ منها الإعراب عن «تضامنه» مع إسرائيل بسبب ما تعرض له فريقها الرياضي في أمستردام، وحرصه لاحقاً على حضور مباراة كرة القدم بين فريقهما. كذلك لم توقف باريس تصدير مكونات عسكرية لإسرائيل بوصفها «دفاعية»، وتستخدم في إنشاء وتشغيل «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ. كذلك، سمحت مديرية الشرطة، الأسبوع الماضي، بقيام مظاهرة أو تجمع في باريس بدعوة من مجموعات يهودية متطرفة منها. وبالتوازي مع المظاهرة، حصل احتفال ضم شخصيات يهودية من كثير من البلدان تحت عنوان «إسرائيل إلى الأبد»، وذلك رغم المطالبات بمنعها.

بيد أن ذلك كله لم يكن كافياً بنظر نتنياهو. وقال سفير فرنسي سابق لـ«الشرق الأوسط»، إن نتنياهو «وجد فرصة فريدة لإحراج فرنسا، لا بل الحط من قيمتها ومن دورها، وذلك برفض حضورها في اللجنة». ويضيف المصدر المذكور أن باريس «تتمتع بالشرعية الأهم والأقوى» لتكون طرفاً فاعلاً في اللجنة، باعتبار أن جنودها موجودون في لبنان منذ عام 1978، وأنها صاحبة فكرة إنشاء «اللجنة الرباعية» في عام 1996، التي أنهت آنذاك الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، حيث لعب وزير الخارجية الأسبق هيرفيه دو شاريت الدور الأكبر في وقفها. ويذكر المصدر أخيراً أن باريس قدمت مشروعاً لوقف الحرب، منذ بداية العام الحالي بالتوازي مع الجهود التي بذلها هوكستين، وما زال، وأن التنسيق بين الطرفين «متواصل». وأعاد المصدر إلى الأذهان أن ماكرون والرئيس بايدن أطلقا، منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وعلى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مبادرة مشتركة لوقف إطلاق النار والخوض في مباحثات لاحقة لتسوية الخلافات القائمة بين لبنان وإسرائيل والعودة إلى العمل جدياً بالقرار الدولي رقم 1701. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى أن «حزب الله» رفض مشاركة ألمانيا وبريطانيا، علماً بأن الأولى موجودة داخل «اليونيفيل»، لا بل إنها تشرف على قوتها البحرية، ما قد يدفع إلى اعتبار أن نتنياهو رفع «البطاقة الحمراء» بوجه فرنسا، ليبين من جهة حنقه، ومن جهة ثانية قدرته التعطيلية.

 

أوراق الرد الفرنسية

واضح أن رفض باريس من شأنه أن يشكل عقبة إضافية على طريق الحل، خصوصاً أن لبنان سيكون، بلا شك، متمسكاً بحضور باريس في اللجنة وهي الجهة التي يرتاح لها، ولكونها المتفهمة لمواقف الطرف اللبناني. لكن السؤال الحقيقي المطروح يتناول الهدف أو الأهداف الحقيقية لإسرائيل. وفي هذا السياق، ترى مصادر سياسية في باريس أن لنتنياهو عدة أغراض أساسية؛ أولها الإمساك بذريعة من شأنها تأخير الاتفاق وإعطائه الوقت الإضافي لمواصلة حربه على لبنان، والاقتراب أكثر فأكثر من تحقيق أهدافه وأولها مزيد من إضعاف «حزب الله»، واستمرار الضغط على السلطات اللبنانية للخضوع لمطالبه. أما الغرض الآخر فعنوانه «تدفيع ماكرون ثمناً سياسياً» لقبول بلاده في اللجنة، إذ سيكون على فرنسا أن «تستأذن» إسرائيل، وربما دفع باريس إلى تعديل بعض جوانب سياستها إزاء إسرائيل.

وبانتظار أن يرد رد فرنسي رسمي على البادرة العدائية الإسرائيلية، فإن من الواضح أن لفرنسا القدرة على اتخاذ تدابير «مزعجة» لإسرائيل في حال «توافرت الإرادة السياسية»، وفق ما يقوله مسؤول سابق. وتشمل مروحة الردود الجانبين الثنائي والجماعي الأوروبي. في الجانب الأول، يمكن لباريس أن توقف مبيعاتها العسكرية، رغم قلتها، إلى إسرائيل، أو أن تعمد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار ما فعلته دول أوروبية أخرى، مثل إسبانيا وسلوفينيا وآيرلندا. وبمستطاع فرنسا أن تعبر عن موقف مماثل لموقف هولندا إزاء القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو، وعلى وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.

وحتى اليوم، بدت ردة فعل باريس «باهتة» و«غامضة» فهي «أخذت علماً» بقرار المحكمة، وهي تؤكد تمسكها بعملها المستقل وفق أحكام نظام روما الأساسي، فضلاً عن ذلك، بإمكان باريس أن تلجأ إلى لغة دبلوماسية أكثر حزماً في إدانة الممارسات الإسرائيلية بغزة والضفة الغربية ولبنان، بما في ذلك استهداف المواقع الأثرية. وبالتوازي، يقول المسؤول السابق إنه «لا يمكن إغفال ما تستطيعه باريس على المستوى الأوروبي» مثل الدفع لوقف الحوار السياسي مع تل أبيب، أو لاتخاذ تدابير إضافية ضد الصادرات الإسرائيلية من المستوطنات في الضفة الغربية وتركيز الأضواء، مع آخرين على حل الدولتين.