الأردن: حكومة اقتصادية لمواجهة برلمان حزبي

جعفر حسان... اسم من خارج صندوق الخيارات التقليدية

رئيس الوزراء الأردني الجديد جعفر حسان (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الأردني الجديد جعفر حسان (أ.ف.ب)
TT

الأردن: حكومة اقتصادية لمواجهة برلمان حزبي

رئيس الوزراء الأردني الجديد جعفر حسان (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الأردني الجديد جعفر حسان (أ.ف.ب)

لم يكن مفاجئاً خبر استقالة حكومة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، الأحد، بمقدار مفاجأة الاسم الذي أُعلن خليفة له، وهو اختيار جعفر حسان مدير مكتب العاهل الأردني، خليفة له؛ فالخيار وضع علامات التعجب على ملامح نخب سياسية شغلها البحث عن اسم شخصية سياسية وازنة لقيادة مرحلة عنوانها «مواجهة مجلس النواب الجديد».

د. بشر الخصاونة (د.ب.أ)

والخصاونة غادر بعد أن سجل سابقتين لم يسجلهما أحد من نظرائه في عهد الملك عبد الله الثاني؛ الأولى أنه حظي بلقب أطول رؤساء الوزراء بقاء في موقعه من مطلع أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020، وحتى منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي. ليسجل سابقته الثانية؛ كونه الوحيد من بين نادي رؤساء الحكومات الذي أُجريت في عهده انتخابات نيابية مرتين (انتخابات مجلس النواب التاسع عشر التي جرت في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2020، وانتخابات مجلس النواب العشرين التي جرت في العاشر من سبتمبر عام 2024).

اختيار خليفة رئيس الحكومة السابق في الأردن، يبقى مسألة تثير حفيظة النخب التقليدية التي تبحث عن شخصيات تتناسب مع واقع برلمان حزبي جديد، مستدعية أسماء من جيل المواجهة، دون طرح خيارات واضحة.

الحملات الانتخابية للمرشحين في الانتخابات البرلمانية على طريق في العاصمة الأردنية عمّان (رويترز)

وفيما تتوقع المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن تتضح صورة الحكومة الجديدة برئاسة جعفر حسان، قبل نهاية الأسبوع الجاري، تساءل مراقبون عن قدرة حكومة جديدة على مواجهة مجلس النواب الجديد، الذي حازت فيه الحركة الإسلامية «حزب جبهة العمل الإسلامي» 31 مقعداً، من أصل 138 مقعداً هي كامل عدد مجلس النواب العشرين.

وفي الوقت الذي قرأ فيه كثيرون المشهد السياسي بتوقعات أن يشهد تجاذبات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، جاء اختيار حسان كفرض أمر واقع على المجلس الجديد، وعلى رأس أولوية اقتصادية داخلية. لكن بالمقابل لا يتوقع مراقبون أن تتعطل المرحلة الزاخرة باستحقاقات اقتصادية، بفعل الشغب البرلماني المرتقب المدفوع برغبات الشعبوية.

بعد فوز «حزب جبهة العمل الإسلامي» بـ31 مقعداً، دخلت حسابات السمات السياسية لشخص رئيس الحكومة الجديد على محركات البحث، واختيار حسّان لهذا الموقع جاء بعكس التوقعات و«الأمنيات» بأن تحضر أسماء تقليدية للمنافسة على الموقع.

العمل مع الملك

ويبدو لمراقبين أن موقع مدير المكتب الخاص للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، قد يصبح هو المحطة قبل الأخيرة لاختيار رؤساء الحكومات؛ فالرئيس السابق بشر الخصاونة، مر بنفس المرحلة، وهو صاحب الخبرة الدبلوماسية التي مر بها جعفر حسان أيضاً، وكلاهما مرّا بسلك العمل الدبلوماسي في وزارة الخارجية.

المهندس علاء البطاينة المدير الجديد لمكتب العاهل الأردني (تلفزيون رؤيا)

وفي حين سُمّي، الأحد، الوزير الأسبق علاء البطاينة، مديراً لمكتب الملك الخاص، فإنه كان من أقوى المرشحين لتشكيل الحكومة خلفاً للخصاونة. وقد يتكرس عرف جديد يفضي بمرور أي رئيس وزراء جديد بمحطة العمل إلى جانب الملك.

والبطاينة صهر ولي العهد الأسبق الأمير الحسن بن طلال، وقد سبق له العمل العام متدرجاً في الإدارات الخدمية في وزارة النقل والجمارك، ومواقع تنفيذية أخرى، ويحظى بحضور سياسي واجتماعي لافت.

البداية مع مطلع الألفية

من وزارة الخارجية إلى سلسلة وظائف خدم فيها حسان في الديوان الملكي، وتزامن بدء حضوره في العمل العام مع مطلع الألفية، عندما تردد اسمه في مواقع الإدارات الرئيسية في الديوان، لكنه ظل متحفظاً في حضوره وظهوره الاجتماعي والإعلامي.

ومن الديوان الملكي، انتقل حسان إلى وزارة التخطيط، وعمل مع حكومات سمير الرفاعي ومعروف البخيت وعون الخصاونة وفايز الطراونة وعبد الله النسور، قبل تعيينه مديراً لمكتب الملك للمرة الأولى بين أعوام 2013-2018، ومن هناك انتقل إلى حكومة هاني الملقي نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، قبل أن ترحل الحكومة على وقع هتافات الشارع المطالبة بإسقاط الحكومة في أعقاب إقرار قانون ضريبة الدخل آنذاك.

كتاب عن الاقتصاد الأردني لرئيس الوزراء المُعين جديداً جعفر حسان

في الربع الأول من عام 2018 أقرت الحكومة قانوناً معدلاً لقانون ضريبة الدخل، وأرسلته إلى مجلس النواب، ومن هناك بدأت تتعالى أصوات المعارضة رفضاً للقانون، وتفاعلت تلك الاحتجاجات مُشكلة نواة ما سُمي في حينها بـ«حراك الرابع»؛ والمقصود به منطقة الدوار الرابع المحاذية لمبنى رئاسة الوزراء في عمّان.

وفي حين اعتُبرت تلك الاعتصامات الليلية انتفاضة لحماية الطبقة الوسطى في البلاد، فإن جوهر تلك الاحتجاجات كان مدعوماً من «قوى البنوك»؛ إذ رفع مشروع القانون الضريبة على أرباحها بواقع 5 في المائة، وهو السبب وراء تلك الاحتجاجات التي تأثر بها الشارع، لتستقيل حكومة الملقي وتخلفها حكومة عمر الرزاز الذي قام بدوره بتعديل قانون الضريبة لصالح تخفيضها على البنوك بدل رفعها.



مدير الوكالة الدولية: وصلنا مع إيران إلى طريق مسدود بشأن الضمانات

غروسي وإسلامي خلال معرض للصناعة النووية الإيرانية في أصفهان الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
غروسي وإسلامي خلال معرض للصناعة النووية الإيرانية في أصفهان الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
TT

مدير الوكالة الدولية: وصلنا مع إيران إلى طريق مسدود بشأن الضمانات

غروسي وإسلامي خلال معرض للصناعة النووية الإيرانية في أصفهان الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
غروسي وإسلامي خلال معرض للصناعة النووية الإيرانية في أصفهان الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)

أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، عن قلقه من الوصول إلى طريق مسدود في تخطي القضايا العالقة مع إيران بشأن الضمانات المرتبطة بمعاهدة حظر الانتشار، لكنه وصف اتصالاته مع الحكومة الجديدة، برئاسة مسعود بزشكيان، بأنها «بناءة ومفتوحة».

وهناك العديد من القضايا العالقة تلقي بظلالها على العلاقة بين إيران والوكالة، منها منع طهران دخول خبراء تخصيب ضمن فريق التفتيش وتقاعسها لسنوات عن تقديم تفسير لآثار يورانيوم عُثر عليها في مواقع غير معلنة.

وأوضح غروسي في افتتاح الجمعية العامة للوكالة الدولية، بفيينا، الاثنين، أن الوكالة التابعة للأمم المتحدة تواصل مهامها في إعداد تقارير بشأن كل من اتفاق الضمانات الخاص بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والتحقق والمراقبة، التي تمت في ضوء قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231.

ولفت غروسي إلى أن الوكالة الدولية لا تزال تواصل عملية المراقبة المنصوص عليها في الاتفاق النووي. وقال: «وتظل الوكالة مستعدة للقيام بدورها الذي لا غنى عنه مع تطور القضية. من الضروري أن تكون الوكالة قادرة على تقديم ضمانات موثوقة بأن البرنامج النووي الإيراني هو لأغراض سلمية بحتة».

وفيما يتعلق باتفاق الضمانات الخاص بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، خلص غروسي إلى أن الوضع «مثير للقلق»، مشيراً إلى أن قضايا الضمانات المهمة «لا تزال عالقة بعد عدة سنوات، ويبدو أننا وصلنا إلى طريق مسدود».

وأشار غروسي إلى «توقف تنفيذ إيران للأنشطة التي تم تحديدها في البيان المشترك بين الوكالة الدولية وبين إيران في مارس (آذار) من العام الماضي».

ومع ذلك، أعرب غروسي عن أمله بأن يزور إيران في المستقبل القريب. وقال: «كانت اتصالاتي حتى الآن مع الحكومة الجديدة بناءة ومفتوحة».

إسلامي يتحدث أمام الجمعية العامة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا اليوم (إ.ب.أ)

وبدوره، أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، في خطابه أمام الجمعية العامة، استعداد طهران للتعاون النووي مع الدول الأخرى. وأشار إلى «الرقابة الواسعة» التي يمارسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على البرنامج النووي الإيراني ودافع عن «حق طهران» فيما يتعلق بإلغاء تعيين المفتشين.

وأجرى غروسي، مساء الأحد، مباحثات مع إسلامي، الذي وصل فيينا، السبت الماضي، بهدف المشاركة في أعمال الجمعية العامة للوكالة الدولية.

ويأتي ذلك بعد أسبوع من تصريحات مماثلة أدلى بها غروسي في الاجتماع الفصلي لمجلس محافظي الوكالة التي تضم 35 دولة، في فيينا.

ولم تسفر قرارات مجلس محافظي الوكالة، التي تأمر إيران بالتعاون الفوري مع التحقيق في آثار اليورانيوم وتدعوها إلى التراجع عن منع المفتشين، عن أي تغيير يذكر كما لم تُظهر التقارير الفصلية للوكالة، التي اطلعت عليها «رويترز» في 29 أغسطس (آب)، أي تقدم. وردّت إيران على أحدث قرار في يونيو (حزيران) بإعلان توسيع نطاق قدرتها على التخصيب وتركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي في منشأتي نطنز وفوردو النوويتين.

حقائق

ما هو اتفاق الضمانات؟

  • يحدد التزامات كل دولة من الدول الأعضاء الموقعة على «معاهدة حظر الانتشار النووي».
  • تراقب «وكالة الطاقة الذرية» المنشآت الإيرانية المعلنة التي تضم أنشطة نووية أساسية ولها سلطة الدخول المنتظم إليها بمقتضى اتفاق.
  • ينص على إلمام «الطاقة الذرية» بكل المواد النووية في إيران، بما في ذلك كمية المواد النووية التي لديها وأماكن تخزينها واستخدامات تلك المواد.

في سياق موازٍ، كشفت وكالة «بلومبرغ» عن قلق أميركي - بريطاني متزايد من أن تزويد روسيا لإيران بمعلومات سرية وتكنولوجيا قد تقربها من القدرة على بناء أسلحة نووية، مقابل أن تزود طهران موسكو بصواريخ باليستية لحربها في أوكرانيا.

وحسب مسؤولين غربيين مطلعين على الأمر، فإن الكرملين قد زاد من تعاونه مع إيران في الأشهر الأخيرة، فيما يتعلق بطموحاتها للحصول على أسلحة نووية. وقد تحدث هؤلاء المسؤولون بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة التقييمات التي لم يتم الإعلان عنها علناً.

وكان التطور محور نقاش بين المسؤولين الأميركيين والبريطانيين، حيث أجرى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الأميركي جو بايدن، الشراكة الاستراتيجية في السياسة الخارجية. ووصفوا الأمر بأنه مقلق وتصعيد للعلاقات العسكرية بين روسيا وإيران، حسب المصادر.

وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن بايدن أوضح أن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام كل عناصر القوة الوطنية لمنع أي تصعيد نووي من قبل إيران.

وكثفت إيران أنشطتها النووية منذ 2019 بعد انسحاب الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، من اتفاق تم التوصل إليه في عهد سلفه باراك أوباما ووافقت طهران بموجبه على وضع قيود على أنشطتها النووية مقابل رفع عقوبات دولية مفروضة عليها.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن هناك نية لإجراء محادثات حول قيود جديدة في حالة فوز مرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس.