الإعلام الإسرائيلي بين الدعوة إلى التجويع والمطالبة بترك غزة فوراً

مطالبة قادة أجهزة الأمن بإعلان أن نتنياهو غير مؤهل لقيادة الدولة

عائلات الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس» ومؤيدوهم يحملون صور الرهائن مع لافتة كتب عليها «نتنياهو يضحي بحياة الرهائن» خلال مظاهرة أمام مقر الجيش في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
عائلات الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس» ومؤيدوهم يحملون صور الرهائن مع لافتة كتب عليها «نتنياهو يضحي بحياة الرهائن» خلال مظاهرة أمام مقر الجيش في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

الإعلام الإسرائيلي بين الدعوة إلى التجويع والمطالبة بترك غزة فوراً

عائلات الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس» ومؤيدوهم يحملون صور الرهائن مع لافتة كتب عليها «نتنياهو يضحي بحياة الرهائن» خلال مظاهرة أمام مقر الجيش في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
عائلات الإسرائيليين الذين تحتجزهم «حماس» ومؤيدوهم يحملون صور الرهائن مع لافتة كتب عليها «نتنياهو يضحي بحياة الرهائن» خلال مظاهرة أمام مقر الجيش في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)

في الوقت الذي يتعرض فيه الإعلام الإسرائيلي لهجمة شديدة من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، متهماً إياه «بإدارة حملة للإطاحة بالحكومة الشرعية»، تخرج الصحف والقنوات التلفزيونية بغالبيتها ضد سياسته، وتحذر من «خطورته على الدولة، وتهديده لمصالحها الاستراتيجية».

وتشهد الساحة الإعلامية استقطاباً حاداً ما بين صحف اليمين التي تعمل لخدمة نتنياهو وائتلافه، والصحف المستقلة التي تقف بغالبيتها ضدهما. ويتركز مضمون النقاشات والهجمات المتبادلة حول الحرب على غزة، وخطر اتساعها إلى حرب إقليمية وصفقة التبادل مع «حماس».

ففي اليمين يحاربون من يؤيد الصفقة ويحث الحكومة على الكف عن عرقلتها؛ لأنهم يطعنون في ظهر الحكومة خلال الحرب. أيضاً يتهمون قادة الجيش بالتخطيط لانقلاب عسكري على الحكومة، ويهاجمونهم وبقية أجهزة الأمن التي تروج علناً للصفقة، بتهمة أن الإعلام المستقل الذي يعلنون مواقفهم من خلاله، يساري، (مع أن كل الصحف الحزبية اليسارية أغلقت وتقريباً لم يعد هناك يسار في إسرائيل).

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي الأربعاء تظهر نائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء أمير برعام (في الوسط) خلال اليوم السابق يشارك في عمليات مع الفرقة 98 في قطاع غزة (أ.ف.ب)

في الجهة الأخرى، يتهمون نتنياهو بالتفريط بالأسرى الإسرائيليين لدى «حماس»، وجعلهم قرباناً لخدمة مصالحه الحزبية والشخصية، ويطالبون بتجاوز كل ما يعيق التوصل إلى صفقة. ويتهمونه بالسعي لإبقاء فتيل الحرب مشتعلاً، باتجاه حرب إقليمية وجر الولايات المتحدة لتحارب إيران.

ظهر هذا الاستقطاب منذ مطلع السنة، عندما راحت القيادات الأمنية تسرب للصحافة أن «الحرب استنفدت نفسها، ولم تعد هناك حاجة لاستمرارها». فبدأ نتنياهو ومؤيدوه يهاجمون هذه القيادات ويتهمونهم بالتراجع عن العقيدة القتالية الصدامية.

تجمع فلسطينيين في أثناء توزيع الطعام من مطبخ في مخيم البريج وسط قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

واليوم، الأربعاء، دعا الجنرال غيورا آيلاند، في مقال لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى العودة لسياسة التجويع لسكان شمالي قطاع غزة. وقال: «المستويان السياسي والعسكري، أعلنا منذ بداية المعركة أنه فقط بالضغط العسكري سيتاح تحقيق أهداف الحرب. وقد مرت أكثر من عشرة أشهر ولا يبدو أننا قريبون من تحقيق أي من الأهداف؛ لأن العملية العسكرية وحدها لا تسمح بتحقيقها. ورأى أن إسرائيل تخلت عن جهدين مهمين؛ الأول سياسي عندما سُئل رئيس الوزراء منذ أكتوبر (تشرين الأول) من معظم زعماء العالم الحر، حول «اليوم التالي»، فأجاب بغرور: «عندما نصل إلى اليوم التالي نتحدث عنه». الجواب كان يجب أن يكون: «في اليوم التالي لن يكون في غزة حكم (حماس)، لكن أيضاً لن يكون حكم عسكري إسرائيلي».

أما الجهد الثاني فهو الضغط الاقتصادي. صفقة المخطوفين الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) تحققت لسبب بسيطـ، أنه حتى ذلك الحين دخلت إلى غزة شاحنتا تموين فقط. المطلب الأساس لـ«حماس» في إطار تلك الصفقة، كان زيادة عدد الشاحنات إلى 200 في اليوم، لافتاً إلى أن «أمثال السنوار لا يفزعون من الضغط العسكري، فكلما قتل فلسطينيون أكثر فإن الأمر يخدمهم». واقترح آيلاند على القيادتين السياسية والعسكرية العودة إلى التجويع: «الخطوة التي كان من الصواب عملها منذ نوفمبر، هي فرض حصار كامل على شمالي القطاع، حيث يعيش الآن 300 ألف نسمة».

شهد أبو عمر طالبة هندسة الكومبيوتر تجلس على أنقاض منزل أمس الثلاثاء وتدرس عبر هاتفها المحمول، وسط إغلاق المدارس والجامعات (رويترز)

وكتب الباحث وشيه بن ديفيد، في موقع «ميدا» اليميني، عن أهمية استمرار الحرب: «الدعوات إلى وقفها قبل القضاء على (حماس) وإبعاد (حزب الله) عن الحدود، واستعادة جميع المختطفين، وعودة سكّان الشمال إلى بيوتهم، مرتبطة بغياب عزيمة الانتصار».

ورأى أن نتنياهو أوّل من أدرك ثقل المهمّة، عندما حدّد أهداف الحرب والأولويّات.

بلينكن يتحدث مع عدد من أهالي الرهائن الإسرائيليين في غزة (أ.ب)

في المقابل حذر يوسي فيرتر، محرر الشؤون الحزبية في «هآرتس»، من اغتيال يحيى السنوار. فكتب: «السنوار على بعد خطوة من تحقيق حلم حياته: حرب إقليمية يمكن أن تشتعل إذا هاجم (حزب الله) و/أو إيران. لا توجد له أي مصلحة في تهدئة النفوس وخلق الفرصة أمام إسرائيل لاتفاق تطبيع مع السعودية، مثلاً».

ويقال إن نتنياهو، الذي يعشق الحرب، لا يحلم بإنهائها، فهي الدرع الواقية له بمواجهة لجنة التحقيق الرسمية التي ستكشف إخفاقاته وجرائمه السياسية. استمرارها يحمي حكومته من إسقاط اليمين المتطرف لها. وعبر عن استغرابه من إفشال الصفات، رغم أن كل القيادة العليا الأمنية تقول إنه يمكن العودة إلى القطاع حيث تكون هناك حاجة».

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

وتابع أن «نتنياهو يجري المفاوضات لإنقاذ المخطوفين بشكل منفصل عن مسؤوليته، كأنهم ضاعوا في الأنفاق عندما كانوا يتنزهون في الحي!. بالنسبة له هم عبء وعائق يزعجه في تدمير (حماس) وتصفية السنوار. وماذا سيحدث لو أن الجيش والشباك نجحا في الوصول إلى رئيس (حماس) وقاما بتصفيته؟... مع من سيتم إجراء المفاوضات لإعادة المخطوفين؟ هل دول الوساطة ستتناقش بشكل منفصل مع كل قائد سرية في (حماس) أو في (الجهاد الإسلامي)؟ ليس استمرار الضغط العسكري هو الذي سيعيدهم، فقط صفقة شجاعة وقيادة شجاعة ونزيهة لديها قيم».

وكتب المؤرخ، ديمتري خومسكي، في الصحيفة نفسها: «الكثير من الإسرائيليين، اليمين واليسار والوسط، يرون أن الشخص الذي يرهن سلامتهم وأمنهم بيده، يهتم بخلق حالة الطوارئ والحفاظ عليها لفترة طويلة غير محدودة، ففي ظلها، يستمر في الهرب من تحمل المسؤولية عن كارثة 7 أكتوبر، ويواصل تأجيل محاكمته في قضية الفساد».

وشدد خومسكي على أن الطريقة العملية الوحيدة لإنقاذ إسرائيل من نتنياهو هي التصدي له علناً بموقف موحد، من وزير الدفاع ورئيس الأركان ونائبه ورئيس الشباك ورئيس الموساد وقائد سلاح الجو ورئيس «أمان»، ويعلنون عن عدم أهليته للحكم ودفعه للاستقالة.

ورد على أنها دعوة إلى انقلاب عسكري ضد رئيس حكومة منتخب، قال إنها «ديماغوجيا رخيصة لا أساس لها. فلا أحد يخطر بباله أن يقوم الجيش باعتقال رئيس الحكومة وتولي الحكم في الدولة بالقوة».


مقالات ذات صلة

رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلي يغادر منصبه ويقر بالمسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر

شؤون إقليمية اللواء أهارون هاليفا (الجيش الإسرائيلي)

رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلي يغادر منصبه ويقر بالمسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر

أقر رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية المستقيل الميجر جنرال أهارون هاليفا مجدداً، خلال مراسم تركه لمنصبه بالمسؤولية عن الإخفاقات التي سمحت بوقوع هجوم 7 أكتوبر

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنود فوق دبابة إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة (أ.ب)

حرب غزة: الدول الداعمة لإسرائيل بالوقود والنفط قد تكون شريكة في جرائم حرب

قد تواجه الدول التي تسهم في دعم إسرائيل عبر تزويدها بالوقود والنفط اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

الولايات المتحدة​ بايدن يستقبل نتنياهو في البيت الأبيض في يناير الماضي (رويترز)

بايدن يؤكد لنتانياهو «الضرورة الملحّة» للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة

أفاد البيت الأبيض، الأربعاء، بأن الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس تحدثا هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن مفاوضات وقف النار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينية تبكي بعد قصف مدرسة تديرها الأمم المتحدة في حي الرمال وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

قتيلان بغارة إسرائيلية على مدرسة في غزة

أعلن «الدفاع المدني» في غزة اليوم (الأربعاء) مقتل شخصين على الأقل، وإصابة 10 أطفال، في غارة إسرائيلية جديدة على مدرسة تؤوي نازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يصافح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع في القدس 19 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

نتنياهو راوغ بلينكن تحسباً لليمين في إسرائيل وأميركا

كشفت مصادر سياسية بتل أبيب عن أن أسباباً متنوعة إسرائيلية وأميركية دفعت نتنياهو إلى المراوغة والتعبير عن التراجع عما أعلنه بلينكن من قبوله اتفاق تهدئة في غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)

مصادر رسمية: مروحية رئيسي سقطت بسبب الظروف الجوية

مروحية «بيل 212» التي كان يستقلها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته عبداللهيان قبل سقوطها غرب إيران (إرنا - رويترز)
مروحية «بيل 212» التي كان يستقلها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته عبداللهيان قبل سقوطها غرب إيران (إرنا - رويترز)
TT

مصادر رسمية: مروحية رئيسي سقطت بسبب الظروف الجوية

مروحية «بيل 212» التي كان يستقلها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته عبداللهيان قبل سقوطها غرب إيران (إرنا - رويترز)
مروحية «بيل 212» التي كان يستقلها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته عبداللهيان قبل سقوطها غرب إيران (إرنا - رويترز)

أفادت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، نقلاً عن مصدر مطلع، اليوم (الأربعاء)، إن تحطم الطائرة الهليكوبتر الذي أسفر عن مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في مايو (أيار) سببه الظروف الجوية وعدم قدرة الطائرة على تحمل الوزن الذي كان على متنها، وذلك وفقاً للنتائج النهائية للتحقيق، غير أن القوات المسلحة الإيرانية نفت ذلك.

وتحطمت مروحية رئيسي في 19 مايو على سفح جبل في شمال غربي إيران، وسط ضباب كثيف، وكانت متّجهة إلى مدينة تبريز، بعد تدشين مشروع سدّ عند الحدود مع أذربيجان. وبعد إطلاق عملية بحث، أكدت إيران وفاة رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان ومسؤولين آخرين وطاقم الطائرة.

عمال الإنقاذ في موقع حادث تحطم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (رويترز)

وأكد المصدر أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية قد أكملت تحقيقاتها بدقة، وأنه لا شك في أن ما حدث كان حادثاً عرضياً، متحدثاً في الوقت نفسه عن «تقديرات نهائية» تشير إلى أن «طاقم الطيران والمسؤولين عن الرحلة قد اتبعوا جميع البروتوكولات اللازمة لتأمين الرئيس باستثناء حالتين».

وذكرت وسائل إعلام رسمية بعد ذلك أن مركز الاتصالات التابع للأركان العامة للقوات المسلحة المعني بنشر معلومات عن التحقيق في واقعة تحطم الطائرة قال إن ذلك التقرير الذي نقلته الوكالة «خاطئ تماماً»، وفق «رويترز».

ونقلت وكالة «فارس» عن المصدر قوله: «تم استخدام نوعين من المروحيات، بناءً على التدابير والبروتوكولات الأمنية المقررة مسبقاً، ولم تكن المروحيات مجهزة بنظام تحديد المواقع (جي بي إس)»،

ولفت إلى الظروف المناخية في المنطقة التي سقطت فيها مروحية رئيسي. وقال إن «الأرصاد الجوية أبلغت فرق الطيران بظروف الطيران المناسبة قبل ليلة من الحادث، وكان من المقرر أن تتم الرحلة قبل الساعة الواحدة ظهراً».

صورة من فيديو نشره «الهلال الأحمر الإيراني» يُظهر رجال الإنقاذ في موقع تحطم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (أ.ف.ب)

وأشار المصدر إلى أن التأخير في بدء الرحلة نتيجة لقاءات الرئيس، حتى تدهور الأحوال الجوية، بالإضافة إلى الوزن الزائد للمروحية في الظروف الجوية لتلك المنطقة، تسبّبا في صعوبة تحكم الطيار بالمروحية.

وبحسب المصدر، أظهرت التحقيقات أن المروحية كانت تحمل شخصين إضافيين (...) وعندما حاول الطيار تعديل الارتفاع المناسب بعد دخوله منطقة ضبابية، لم تكن قوة المروحية كافية لتنفيذ ذلك، ما أدى إلى اصطدامها بالجبل في ظل ضعف الرؤية بسبب الضباب.

كما استبعد فرضية اختراق أنظمة المروحية، قائلاً إن «هذه المروحيات تعتمد بشكل كبير على الأنظمة الميكانيكية، ما يستبعد إمكانية التخريب عبر التشويش أو اختراق الأنظمة الإلكترونية»، وأشار أيضاً إلى تغيير قادة الطيران بين رحلتي الذهاب والإياب، بما يتماشى مع البروتوكولات الأمنية.

وقال إن إجراء فحوصات باحتمال وجود عوامل كيميائية، نافياً العثور على أي مواد كيميائية أو ضارة.

ورفض أيضاً وجود أي عامل بشري في تحطم المروحية، لافتاً إلى أن التحقيق شمل 30 ألف شخص. وقال: «لم تسفر التحقيقات عن وجود أي عامل بشري ضالع في الحادثة، ولم يتم تحديد أي عوامل مشبوهة».