إيران تعزل «الانتقام» عن «الهدنة»... ولا خلاف بين الرئيس و«الحرس»

صحيفة مقربة من خامنئي: العالم مرعوب لأنه يجهل متى وكيف سنرد

إيرانيون يمرون أمام ملصق للمرشد خامنئي وإسماعيل هنية في طهران (أ.ف.ب)
إيرانيون يمرون أمام ملصق للمرشد خامنئي وإسماعيل هنية في طهران (أ.ف.ب)
TT

إيران تعزل «الانتقام» عن «الهدنة»... ولا خلاف بين الرئيس و«الحرس»

إيرانيون يمرون أمام ملصق للمرشد خامنئي وإسماعيل هنية في طهران (أ.ف.ب)
إيرانيون يمرون أمام ملصق للمرشد خامنئي وإسماعيل هنية في طهران (أ.ف.ب)

أطلقت إيران، السبت، رسائل تصعيد جديدة، بعدما عزلت ردها على إسرائيل عن اتفاق محتمل لوقف النار في قطاع غزة.

وكانت تقارير غربية أفادت بأن دولاً عربية وأوروبية تسابق الزمن لإنجاز اتفاق هدنة في غزة لتفادي الرد الإيراني على إسرائيل.

وخلال ليل الجمعة - السبت، أعلنت ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة أن «حق إيران في الدفاع المشروع لا علاقة له بوقف إطلاق النار في غزة».

وتأتي هذه التطورات في وقت تؤكد المملكة العربية السعودية رفضها التصعيد وعدم انخراطها أو مشاركتها في أي أعمال عسكرية متبادلة بين الجانبين، وتدعو جميع الأطراف للتهدئة.

إيران تقول إن كبار قادتها بمن فيهم الرئيس بزشكيان متفقون على الانتقام من إسرائيل (رويترز)

«رد لا يضر بالهدنة»

ونقلت وكالة «مهر» الحكومية، عن ممثلية إيران أن «التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة هو أولويتنا». وتابعت: «أي اتفاق تقبله (حماس) سيكون مقبولاً لدينا».

وأوضحت الممثلية أن «إسرائيل انتهكت الأمن القومي لإيران، التي تمتلك الحق في الدفاع المشروع، وهذا لا علاقة له بوقف إطلاق النار في غزة، لكننا نأمل أن يتم ردنا في الوقت المناسب، وبطريقة لا تضر بوقف إطلاق النار المحتمل».

وليل الخميس - الجمعة، أصدرت الولايات المتحدة ومصر وقطر، التي تتوسّط بين إسرائيل وحركة «حماس»، بياناً حضّت فيه على استئناف محادثات للتوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة في 15 أغسطس (آب) في الدوحة أو القاهرة؛ «لسدّ كل الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق دون أي تأجيل».

ورداً على تقارير زعمت تبادل رسائل وتحذيرات بين واشنطن وطهران، قالت الممثلية: «كانت هناك دائماً قنوات رسمية مباشرة ووسيطة لنقل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة، ويفضل الطرفان أن تظل التفاصيل غير معلنة».

«لا خلافات داخل إيران»

ومع مرور 9 أيام على اغتيال هنية في طهران، حاول «الحرس الثوري» الإيراني إظهار موقف موحد بشأن «الانتقام من إسرائيل».

وقالت وكالة «تسنيم» إن مصدراً وصفته بـ«المطلع» نفى وجود أي خلافات بين كبار المسؤولين في إيران بشأن مسألة الانتقام من إسرائيل.

وأفادت الوكالة التابعة لـ«الحرس الثوري»، بأن «وسائل الإعلام الإسرائيلية تطلق حملة نفسية كاذبة حول وجود خلاف بين كبار المسؤولين في إيران، بمن في ذلك الرئيس (بزشكيان)، و(الحرس الثوري) في الانتقام من إسرائيل بعد اغتيال هنية».

ونقلت الوكالة عن المصدر: «ليس هناك اختلاف في هذا الأمر (الانتقام) على المستوى الاستراتيجي للنظام فحسب، بل هناك إرادة وإجماع وتوافق غير مسبوق في وجهات النظر بين مسؤولي البلاد خلال السنوات الماضية على تنفيذ هذا الإجراء».

وقال المصدر: «طريقة تنفيذ هذا العمل يتم اتخاذها على أعلى المستويات وفي المجلس الأعلى للأمن القومي الذي يرأسه الرئيس أيضاً».

وكانت «تليغراف» أشارت إلى أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يخوض صراعاً مع «الحرس الثوري»، لمحاولة منع حرب شاملة مع إسرائيل.

وقالت الصحيفة إن «بزشكيان اقترح استهداف قواعد إسرائيلية تابعة للموساد ووكالة الاستخبارات الإسرائيلية في دول مجاورة لإيران (مثل أذربيجان أو كردستان العراق)، وإبلاغ تلك الدولة بالضربة، بما يخفض من فرص اشتعال الصراع ويتجنب عواقب وخيمة».

إيرانيون يسيرون بالقرب من لوحة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وهنية في ميدان ولي عصر في طهران (إ.ب.أ)

«الحرس سينفذ الانتقام»

بدوره، شدد نائب قائد «الحرس الثوري»، العميد علي فدوي، على أن «الحرس هو مَن سينفذ أوامر المرشد في الثأر لهنية».

ونقلت وكالة «مهر» الحكومية، تأكيد علي فدوي أن أوامر خامنئي سيتم تنفيذها بأحسن وجه، وأن هذه هي وظيفة إيران حالياً».

وأعلن علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، أن إيران انتهت من «العمليات القانونية والدبلوماسية والإعلامية اللازمة لإنزال عقاب شديد على إسرائيل».

وكتب شمخاني عبر حسابه على «إكس» أن «إسرائيل تسعى إلى الحرب وإفشال مفاوضات وقف إطلاق النار».

وكان خطيب جمعة طهران، أحمد خاتمي، قال إن الانتقام من إسرائيل أمر حتمي. ونقلت «تسنيم» عنه أن «إسرائيل تعلم أننا سننتقم».

لكن أحمد خاتمي أشار إلى أن «النظام في إيران يتحلى بالحكمة، ويدرك متى وأين وكيف يجب تنفيذ الضربات، وعلى إسرائيل أن تعيش الخوف حتى ذلك الحين».

الجيش الإيراني يطلق صاروخاً خلال مناورة بحرية بخليج عمان (أرشيفية - رويترز)

«العالم يجهل إيران»

وفي هذا السياق، تغنت صحيفة «كيهان»، المقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، بما وصفته «جهل العالم بكيفية رد إيران».

وقالت في مقال كتبه «المحرر السياسي» إن «الرعب والخوف اللذين تشعر بهما إسرائيل بسبب جهلها بكيفية الانتقام الإيراني».

واقتبست الصحيفة الإيرانية من مواقع إسرائيلية أن الإيرانيين يديرون حرباً نفسية، وأن «الجيش الإسرائيلي عالق في حرب استنزاف».

وتابعت: «يستمتع الإيرانيون بإثارة التوتر والقلق إلى حد الرعب في إسرائيل؛ لأنهم يحدثون تأثيراً استراتيجياً دون إطلاق رصاصة واحدة».

وادعت الصحيفة أن «قادة إيران و(حزب الله) وحركة (حماس) نجحوا في الانتصار في الحرب»؛ لأن «الإعلام الإيراني يخدع الجميع».

مع ذلك، رأى المتحدث باسم «الحرس الثوري»، العميد محمد علي نائيني، أن إسرائيل «تحاول شن عملية نفسية بأعمال إرهابية».

وقال علي نائيني، وفقاً لوكالة «مهر»: «العدو يشن حرباً هجينة ضد إيران في المجالات الاقتصادية والسياسية والأبعاد النفسية والثقافية، والساحة الأهم في هذه الحرب، هي المعرفة».

وتابع: «في العمليات الإرهابية الأخيرة في بلدنا ولبنان، وقبلها اغتيال زاهدي، واجهنا عملية نفسية متواصلة».


مقالات ذات صلة

خامنئي يتوعد: على أميركا أن ترحل من المنطقة… وسترحل

شؤون إقليمية المرشد الإيراني يلقي خطاباً أمام مجموعة من أنصاره اليوم في طهران (موقع خامنئي)

خامنئي يتوعد: على أميركا أن ترحل من المنطقة… وسترحل

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إنه على الولايات المتحدة «الرحيل وسترحل» من الشرق الأوسط، واصفاً حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن السلام في المنطقة بـ«الكذب

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الشرطة البريطانية تطوّق منزلاً خلال اعتقال رجل إيراني في بلدة روتشديل قرب مانشستر الأحد (غيتي)

بريطانيا تحاكم 3 إيرانيين بتهمة «التجسس» واستهداف صحافيين

أُحيل 3 إيرانيين إلى محكمة وستمنستر في لندن بتهم تتعلق بمساعدة الاستخبارات الإيرانية واستهداف صحافيين في بريطانيا، عقب تحقيق لمكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مفاعل «بوشهر» النووي الإيراني الرئيسي على مسافة 1200 كيلومتر جنوب طهران (رويترز - أرشيفية)

إيران تجري محادثات «نووية» مع «الترويكا الأوروبية» في تركيا

تجري إيران محادثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا في تركيا، الجمعة، غداة تلميح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى قرب التوصُّل لاتفاق مع طهران.

«الشرق الأوسط» (طهران)
امرأة تمرّ أمام ملصقات لسيسيل كولر وجاك باري المحتجزَين بإيران... خلال وقفة دعم أمام «الجمعية الوطنية» في باريس يوم 7 مايو 2025 (رويترز)

باريس تتجه إلى «محكمة العدل» ضد إيران لاحتجازها فرنسيين

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن باريس سترفع دعوى قضائية ضد إيران أمام «محكمة العدل الدولية» الجمعة، على خلفية احتجاز فرنسيين بتهم أمنية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
شؤون إقليمية ترمب يحضر مناقشة مائدة مستديرة مع رؤساء شركات أميركية في الدوحة (رويترز) play-circle

ترمب: اتفاق وشيك مع إيران قد يجنبنا الخيار العسكري

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الخميس)، أن الولايات المتحدة تقترب جداً من التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران-الدوحة)

إسرائيل: بنيت يسيطر على حزبه الجديد لتجنب الانشقاقات

رئيس وزراء إسرائيل السابق نفتالي بنيت (أ.ب)
رئيس وزراء إسرائيل السابق نفتالي بنيت (أ.ب)
TT

إسرائيل: بنيت يسيطر على حزبه الجديد لتجنب الانشقاقات

رئيس وزراء إسرائيل السابق نفتالي بنيت (أ.ب)
رئيس وزراء إسرائيل السابق نفتالي بنيت (أ.ب)

أدخل رئيس الوزراء السابق في إسرائيل، نفتالي بنيت، المرشح الأبرز في مواجهة رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو في أي انتخابات مقبلة، تعديلات على حزبه الجديد «بنيت 2026» بطريقة منحته سيطرة كاملة عليه، تجنباً لانشقاقات محتملة.

وقالت القناة «12» الإسرائيلية إن بنيت قام بهيكلة حزبه السياسي وسيطر عليه في محاولة على ما يبدو لتجنّب تكرار الانشقاقات التي أسقطت حكومته السابقة.

ونصت لوائح الحزب على أن بنيت سيبقى رئيساً للحزب حتى عام 2034، وسيتولى أيضاً إدارة كتلة الحزب في الكنيست، وله الحق الحصري في اختيار مرشحي الحزب للانتخابات، وتعيين الوزراء المحتملين، وتسمية ممثلي الحزب في لجان الكنيست.

وتشير استعدادات بنيت إلى نيته المنافسة بقوة في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة بعدما انسحب من الحياة السياسة بعد انهيار ائتلافه الحكومي في 2022، وهو الائتلاف الذي كان أطاح برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عام 2021 بعد 12 عاماً متتالياً في الحكم.

وتفككت حكومة بنيت بعد أن انشقَّ عدة أعضاء في الكنيست عن حزبه، بدءاً برئيسة الائتلاف عيديت سيلمان في أبريل (نيسان) 2022، ثم عضوي الكنيست عاميخاي شيكلي ونير أورباخ، اللذان انضما لاحقاً إلى حزب الليكود، ويشغلان الآن مناصب وزارية في حكومة نتنياهو.

وبعد ذلك بوقت قصير، انفصل بنيت عن حزبه الرئيسي «يمينا» وغادر السياسة، مما أدى إلى انهيار الحزب كقوة سياسية.

ولكن منذ اندلاع الحرب في غزة، تغيّرت مكانة بنيت السياسية مرة أخرى، وارتفعت شعبيته في استطلاعات الرأي، ويُنظر إليه الآن بوصفه مرشحاً بارزاً في أي انتخابات جديدة.

والشهر الماضي أعلن بنيت عن حزبه الجديد تحت الاسم المؤقت «بنيت 2026». وجاء ذلك بعدما تواصل على مدار العامين الماضي والحالي بعدد من الشخصيات المعارضة.

وبحسب مستندات التسجيل التي قدّمها رئيس الوزراء السابق ونشرتها سلطة الشركات الإسرائيلية الأسبوع الماضي، فسيركز الحزب الجديد على تعزيز الأمن الإسرائيلي ودمج الحريديم في الجيش وسوق العمل.

وأشارت مستندات التسجيل إلى أن «بنيت 2026» يهدف إلى «إعادة الأمن إلى إسرائيل، واستعادة ثقة الشعب في قدرة إسرائيل على الدفاع عن حدودها وداخلها، مع تطبيق مفهوم أمني نشط».

كما يسعى الحزب إلى «قيادة إسرائيل بروح مؤسسي الدولة وبناتها، بطريقة تضمن وحدتها واستمراريتها وازدهارها دولة يهودية وديمقراطية نموذجية» و«تطويرها بوصفها دولة قوية وذات سيادة، وتنميتها في جميع مجالات الحياة، مع دمج جميع المواطنين في تحمل الأعباء الدفاعية والمدنية والاقتصادية».

نفتالي بنيت خلال زيارة له لعائلات طالتها هجمات «حماس» في غلاف غزة عام 2023 (حساب بنيت على منصة «إكس»)

وضم الحزب حتى الآن زوجة بنيت، غيلات؛ والمديرة العامة السابقة لوزارة الاتصالات ليران أفيسار بن حورين؛ الرئيس التنفيذي السابق لشركة «شتراوس غادي ليسين»؛ وبروريا نعيم إيرمان، مؤسسة شركة علاقات عامة.

كما شملت قائمة المؤسسين غيئورا ليفي، قائد سابق في وحدة «سايرت ماتكال» العسكرية؛ وعوفر أوغاش، الذي ترشح للكنيست ضمن حزب بنيت السابق؛ ونير نوفاك، المدير التنفيذي السابق لشركة «Target Market».

ولم يتم إدراج اسم شريكة بنيت السياسية السابقة، أييليت شاكيد، رغم أن هناك توقعات واسعة بانضمامها إلى الحزب الجديد.

وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن بنيت يتفوق على نتنياهو في حال قرر الترشح، حيث أشار استطلاع في منتصف شهر أبريل إلى أن حزباً بقيادة بنيت قد يحصل على 29 مقعداً، مقابل 19 فقط لحزب الليكود بقيادة نتنياهو.

وقد خضع بنيت (53 عاماً) لعملية قسطرة في القلب الشهر الماضي، ومكث في المستشفى لعدة أيام. وقد وجّه انتقادات حادة لنتنياهو، خصوصاً بسبب فشله في تجنيد أعداد كبيرة من الحريديم خلال الحرب ضد «حماس» في غزة.

وهاجم بنيت نتنياهو أكثر من مرة خلال الحرب، والخميس، قال إن إسرائيل تحت حكم نتنياهو أصبحت مذعنة وفقدت تفوقها العسكري النوعي. وأضاف: «الشرق الأوسط يشهد تغييرات تكتونية أمام أعيننا. أعداؤنا يزدادون قوة، ونتنياهو وسموتريتش وعصابتهما مشلولون، مذعنون، وكأنهم غير موجودين».