هنية اعتاد النزول في الشقة التي اغتيل فيها ما سهل وضع العبوة الناسفة

المخابرات الإسرائيلية اعتقدت أن تصفيته ستكون صورة النصر المطلوبة لنتنياهو حتى ينهي الحرب

إسماعيل هنية يرفع شارة النصر خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني بطهران في 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
إسماعيل هنية يرفع شارة النصر خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني بطهران في 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

هنية اعتاد النزول في الشقة التي اغتيل فيها ما سهل وضع العبوة الناسفة

إسماعيل هنية يرفع شارة النصر خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني بطهران في 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
إسماعيل هنية يرفع شارة النصر خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني بطهران في 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بالاعتماد على مصادر أمنية من إيران وعدة دول في المنطقة، كُشف النقاب عن أن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، كان يحب الشقة التي تم اغتياله فيها.

واعتاد على النزول فيها كل مرة يزور فيها طهران. ولذلك كان من السهل تحديد طريقة اغتياله بزرع العبوة.

وحسب الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية، رونين بيرغمان، الذي يعمل في صحيفتي «نيويورك تايمز» الأميركية و«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فإن من قرر اغتياله استغل نقطة الضعف الاستخبارية هذه جيداً.

وقال إن إسرائيل كانت قد قررت اغتيال هنية فور الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومع أن إسرائيل لم تأخذ مسؤولية رسمية عن تصفية زعيم «حماس»، ويتم نشر المعلومات فيها بالاعتماد على «مصادر أجنبية»، فإن بالإمكان النشر أن قرار الاغتيال كان موضع نقاشات عديدة في القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية، وكذلك مع المخابرات الغربية. فقد اعتقد الأميركيون والأوروبيون أن هنية يمثل تيار الاعتدال في قيادة «حماس» وكان على خلاف مع يحيى السنوار بشأن التقدم في صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل. إلا أن المخابرات الإسرائيلية حملت رأياً مخالفاً قالت فيه إنه في عدة مرات تبين أن هنية تبنى مواقف أكثر تطرفاً حتى من السنوار. ولذلك تقرر الاستمرار في خطة اغتياله.

إسماعيل هنية يلقي كلمة بمناسبة الذكرى الـ21 لتأسيس «حماس» في غزة 14 أكتوبر 2008 (رويترز)

وأكد بيرغمان أن هنية أكثر من تنقلاته من بلد لآخر، واستقر بالأساس في الدوحة وإسطنبول. ولم يكن ممكناً اغتياله هناك. وقد فضلت إسرائيل، أغلب الظن، ألا تجري الاغتيال على أرض قطر، التي تتوسط بين إسرائيل و«حماس»، ولا يجوز المساس بها لأن ذلك سيورطها في صدام مع الأميركيين، ولم تقرر اغتياله في تركيا خوفاً من فتح جبهة حربية معها، وهي دولة عضو في حلف «الناتو». لذلك قررت التركيز على زياراته إلى إيران. فاكتشفت أنه اعتاد النزول في الشقة نفسها كل مرة.

وينقل بيرغمان عن أحد المصادر الاستخبارية أن تخطيط الاغتيال لهنية استغرق شهوراً وتطلب متابعة واسعة لمنشأة الاستضافة المحروسة جيداً والتابعة للحرس الثوري الإيراني. ولذلك تقرر زرع عبوة ناسفة ليتم تفجيرها عن بعد، في الوقت المناسب. ومن هنا فإن توقيت الاغتيال لم تكن له علاقة مع توقيت اغتيال فؤاد شكر، الذي تم في بيروت قبل سبع ساعات، بل تزامن الاغتيالان بالصدفة.

ويؤكد الكاتب أن إسرائيل لم تذرف دمعاً على مقتل مساعد هنية، ومرافقه الدائم، وسيم أبو شعبان، الملقب «أبو أنس». فهو كان على مدى سنين مقاتلاً وقائد سرية في وحدة النخبة لـ«حماس» في غزة. وهو الذي نفذ عملية «الفيلبوكس» في حملة السور الواقي سنة 2014، حين كان عضواً في خلية تسللت في نفق إلى منطقة كيبوتس ناحل عوز وقتلت خمسة من مقاتلي الجيش الإسرائيلي من كتيبة 17 لمدرسة قادة الحظائر.

يحيى السنوار وإسماعيل هنية خلال فعالية بقطاع غزة في 2017 (أ.ف.ب)

ويضيف بيرغمان أن من قرر اغتيال هنية وجدها فرصة ذهبية في يوم الاثنين الماضي، حيث وصل للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، سوية مع 86 وفداً. وقد برز هنية في الكثير من الصور بشكل تميز به عن كثير من المشاركين الآخرين. فأعطيت الإشارة للمنفذين. وراح القادة السياسيون والعسكريون يتابعون من تل أبيب تقدم العملية، وفي ليلة الثلاثاء - الأربعاء، الساعة 1:44 فجراً (1:14 حسب توقيت مكة والقدس)، نفذت العملية. ومن طريقة زرع العبوة، وتركيبتها المهنية الدقيقة، لم يكن ممكناً أن ينجو من الاغتيال، لا هو ولا مرافقه. وقد حاول الأطباء إنقاذهما لكنهم اضطروا للإعلان عن وفاتهما. وقد ظل خبر الاغتيال مكتوماً لعدة ساعات، لدرجة أنه عندما تسلل إلى بعض وسائل الإعلام، وسألوا قادة «حماس»، جاءت الإجابة بالسخرية والتهكم. وفقط في الخامسة والربع من فجر الأربعاء نشر أحد أبناء هنية على حسابه في الشبكات الاجتماعية الخبر.

المرشد الإيراني علي خامنئي مع إسماعيل هنية في طهران (أرشيفية - د.ب.أ)

لكن إسماعيل قآني، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، المسؤول عن العلاقة بين إيران و«حماس» وباقي الأذرع والميليشيات، وضع على الفور في صورة خبر الانفجار. فكانت صدمته شديدة. ففي اغتيال كهذا، تكون إسرائيل قد نجحت في استغلال ثغرة خطيرة في الدفاع الإيراني. ويقول بيرغمان: «هذه الثغرة، حسب المصادر الإيرانية، كانت فشلاً استخبارياً وحراسياً كارثياً بالنسبة لإيران، بل وحرجاً للحرس الثوري، الذي يستخدم هذا المجمع السكني الراقي للقاءات سرية ولاستضافة زعماء، مثل هنية».

وينقل بيرغمان عن مسؤول إسرائيلي ممن تابعوا العملية في تل أبيب، أن هذا الاغتيال يمكن أن يكون خاتمة الحرب في غزة، من وجهة النظر الإسرائيلية. فهو يصلح لأن يكون «صورة النصر» التي ينتظرها الجميع، والتي لا يستطيع نتنياهو أن يوقف الحرب من دونها. لكن إحدى زميلاته ردت تقول: «إسرائيل لن تعترف في أي يوم بمسؤوليتها عن عملية اغتيال كهذه». فأضاف ثالث: «إذن فليقولوا إن هذه صورة النصر الإسرائيلي بحسب مصادر أجنبية».

مؤسس حركة «حماس» الشيخ أحمد ياسين يتحدث مع مدير مكتبه إسماعيل هنية في صورة تعود لعام 2002 (رويترز)

لكن الأجواء في الشرق الأوسط لم توحِ بوقف الحرب، بل باتت تخيم أجواء حرب إقليمية. والوسطاء في صفقة التبادل غاضبون. فمن جهتهم كان هنية قناة الاتصال الأكثر جدية وحيوية مع قيادة «حماس» في غزة. ومع ذلك، هناك من يرى أن الاغتيال قد يعطي دفعةً لإنجاح المفاوضات. فمن ناحية «حماس» لا تريد إفشال المفاوضات، ومن جهة نتنياهو توجد لديه صورة نصر.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 بينهم قيادي في «حماس» بضربة إسرائيلية في الضفة الغربية

المشرق العربي أعمدة الدخان تتصاعد من الإطارات المحترقة خلف مركبة تابعة للجيش الإسرائيلي في مدينة الخليل بالضفة الغربية خلال مظاهرة منددة بمقتل زعيم «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)

مقتل 5 بينهم قيادي في «حماس» بضربة إسرائيلية في الضفة الغربية

أعلنت وسائل إعلام تابعة لـ «حماس»، اليوم (السبت) مقتل قيادي في الحركة جراء ضربة إسرائيلية على سيارة بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بالقرب من الحدود اللبنانية مع إسرايل عقب قصف إسرائيلي (د.ب.أ)

المرصد السوري»: إسرائيل تضرب مناطق سورية قريبة من الحدود اللبنانية

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الجيش الإسرائيلي ضرب أهدافاً تابعة لـ«حزب الله» يوم الجمعة في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية مبنى وزارة الدفاع الأميركية (أ.ب)

واشنطن ترسل حاملة طائرات وسفناً حربية وسرب مقاتلات إلى الشرق الأوسط

قالت وزارة الدفاع الأميركية، اليوم، إن الجيش سينشر مقاتلات وسفناً حربية إضافية في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري 
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ديناميكيّات حرب غزّة

لكل حرب امتدادها الأقصى. بعد هذه المرحلة يتحوّل مردود الحرب إلى سلبيّ. وعليه، يجب التوقّف لإعادة التقييم وتغيير الاستراتيجيات إذا لزم الأمر.

المحلل العسكري
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

وفد إسرائيلي سيتوجه إلى القاهرة للتفاوض على صفقة الرهائن

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الجمعة، إن وفداً إسرائيلياً سيتوجه إلى القاهرة في اليومين المقبلين لإجراء مفاوضات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

رد طهران على اغتيال هنية «في الوقت المناسب»... وأميركا «في المرمى»

عمال إيرانيون يعلقون لافتة ضخمة تظهر صورة هنية على حائط في طهران (أ.ب)
عمال إيرانيون يعلقون لافتة ضخمة تظهر صورة هنية على حائط في طهران (أ.ب)
TT

رد طهران على اغتيال هنية «في الوقت المناسب»... وأميركا «في المرمى»

عمال إيرانيون يعلقون لافتة ضخمة تظهر صورة هنية على حائط في طهران (أ.ب)
عمال إيرانيون يعلقون لافتة ضخمة تظهر صورة هنية على حائط في طهران (أ.ب)

ما إن وصل جثمان زعيم حركة «حماس»، إسماعيل هنية، إلى العاصمة القطرية الدوحة قبل أن يوارى الثرى، الجمعة، تحفزت إيران دفاعاً عن روايتها لوقائع الاغتيال. وكان الإصرار واضحاً على أن الأمر تم بمقذوف سقط من الجو، وليس عبوة مزروعة قبل أشهر في محل إقامة الضيف الفلسطيني بطهران.

وإلى جانب الدفاع عن الرواية الإيرانية للاغتيال بصاروخ ساقط، كانت التخمينات رائجة ومتضاربة بشأن كيفية رد طهران على إسرائيل؛ كيف سيكون حجمه ومن سيشارك فيه؟

لكن الحديث عن «الانتقام» كان جزءاً من سياق الحرب النفسية الذي اعتادته إيران في حوادث مماثلة، حتى إن خطيب جمعة طهران سمى الرد بـ«كابوس الانتقام»، بينما هدد ممثل لخامنئي بأن طهران «تستطيع في نصف يوم توجيه ضربة قاسية لقاعدة الأسطول الخامس للبحرية الأميركية في البحرين».

إلا أن التصريحات الرسمية التي أدلى بها مسؤولون إيرانيون كانت تشير بوضوح إلى أن طهران «سترد حتماً»، وأنها «تستخدم في ذلك حقاً قانونياً».

وأثار مقتل إسماعيل هنية، فجر الأربعاء، والقيادي في حزب الله اللبناني، فؤاد شكر، ليل الثلاثاء، مخاوف من اتساع نطاق المواجهة المستمرة بين «حماس» وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

رئيس الأركان الإيراني محمد باقري يتوسط قائدَي «الحرس الثوري» حسين سلامي والجيش عبد الرحيم موسوي (يسار) ونعيم قاسم نائب الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني وزياد نخالة رئيس «الجهاد الإسلامي» الفلسطينية (رويترز)

رواية إيران «الأولية»

وفي إثر تقارير غربية عن أن هنية اغتيل بتفجير قنبلة داخل محل إقامته، كانت زرعت منذ أشهر، قالت وكالة «فارس» الإيرانية إن «هذه المزاعم مجرد كذبة».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت أن اغتيال هنية في طهران تم بعبوة ناسفة هُربت سراً إلى دار الضيافة في طهران، حيث كان يقيم، وفقاً لثمانية مسؤولين تحدثت إليهم، بينهم إيرانيان وأميركي.

ونقلت الصحيفة عن خمسة مسؤولين من المنطقة، أنه تم إخفاء القنبلة قبل شهرين تقريباً في دار الضيافة التي يديرها ويحميها «الحرس الثوري» الإيراني، وهي جزء من مجمع كبير، يُعرف باسم «نشاط» في حي راقٍ شمال طهران.

وإلى جانب وكالة «فارس»، حاولت منصات إيرانية، لا سيما التابعة منها لـ«الحرس الثوري»، منذ صباح الجمعة، التشديد على رواية أن الاغتيال تم بمقذوف سقط من الجو.

ولاحقاً خلال النهار، ظهرت مزاعم في وسائل إعلام إيرانية، أن فريق الحماية الخاص بحركة «حماس» أهمل توصيات أمنية وتعليمات السلامة الخاصة بالأمن الإيراني، وعلق خبراء إيرانيون بأن أحد مرافقي هنية استعمل ساعة «أبل» ما ساعد على تحديد موقعه واستهدافه.

ورد الدكتور خالد قدومي، ممثل حركة «حماس» في طهران، على مزاعم بشأن «التقصير الأمني» لوفد الحركة، ووصفها بأنها «غير علمية وغير أخلاقية ومثيرة للدهشة».

وقال قدومي لـ«مركز الإعلام الفلسطيني» في طهران: «كما أبلغنا المسؤولون المعنيون، لا تزال الفرق الفنية الإيرانية تقوم بالتحقيقات، وأن آراءهم التحليلية تتعارض مع ما طرحه بعض الخبراء في التلفزيون».

وطلب قدومي «عدم التسرع في إصدار الأحكام»، وقال: «قد تفسر مثل هذه التصريحات بالخطأ على أنها تنصل من المسؤولية وتوفر مادة دعائية للعدو، في حين أن المرشد الإيراني عبر عن تأثره الشديد جراء الهجوم على الضيف، والرئيس الإيراني يشعر بمسؤولية كبيرة؛ لأن هذا الحادث وقع في إيران واستهدف الأمن الوطني والسلامة الإقليمية وكرامة وسمعة إيران».

وقال القيادي في «حماس» إن «هناك حملة إعلامية في وسائل الإعلام المعادية الإسرائيلية والأميركية تهدف إلى نشر الشائعات والتحدث عن التفجيرات بهدف تبرئة النظام الصهيوني الإجرامي من المسؤولية عن هذا الهجوم الإرهابي وإثارة الفتنة والانقسام؛ لذا يجب عدم تعزيز هذه الحملة الإعلامية للعدو من خلال تصريحات غير مدروسة».

وأكد قدومي: «المصيبة واحدة ونحن جميعاً، سواء في إيران أو الأمة الإسلامية، في حالة حزن. الهجوم ضد محور المقاومة في إيران البلد المقاوم، استهدف قيادياً مناضلاً لا يعرف الكلل».

وتابع القيادي الفلسطيني: «الآن، بينما لا تزال التحقيقات جارية ولم يمض سوى يومين على هذا الحادث، ينبغي ألا نقدم تصريحات غير مدروسة ومنفعلة وغير أخلاقية وغير متخصصة ذريعة للعدو الصهيوني».

وكانت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«لحرس الثوري» نشرت ما وصفته بـ«التفاصيل الأولى لاغتيال إسماعيل هنية في طهران»، بعد ساعات قليلة من الإعلان في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن النبأ.

وجاء في تقرير الوكالة أن «هنية الذي زار إيران لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني كان في أحد المباني الخاصة شمالي طهران عندما قتل بمقذوف من الجو».

وأفادت الوكالة بأن عملية الاغتيال نُفذت نحو الساعة الثانية فجراً، وأن التحقيقات جارية وسيتم الإعلان عن التفاصيل الدقيقة قريباً.

وسيطرت عبارات الانتقام والحرب وتصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي على غالبية الصحف الصادرة، الخميس، بينما تواصل السلطات التكتم على تقديم أي معلومات توضح ما جرى، فجر الأربعاء، في منطقة سعد آباد شمال طهران.

وتباينت الصحف المحافظة والمقربة من «الحرس الثوري» التي لم ترغب في خوض تفاصيل الهجوم، مع صحف إصلاحية نأت بنفسها عن دعوات الحرب، ودعت إلى اتخاذ إجراءات داخلية ومراجعة للأجهزة الأمنية في ظل طروحات عن وجود متسللين محتملين، وكانت صورة هنية النقطةَ المشتركة بين صحف التيارين السياسيين في إيران.

إسرائيل تقول إنها مستعدة لأي احتمال بعد تهديدات من إيران وحلفائها (رويترز)

باقري كني: لن نتسامح

بالتزامن، حذر وزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري كني، بأن بلاده لن تبدي أي تسامح تجاه إسرائيل، بعد اغتيال إسماعيل هنية.

وقال في اتصال هاتفي مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي: «مما لا شك فيه أن إيران ستطبق العدالة المطلقة، من دون أي تساهل»، وشدد على أن عملية الاغتيال ارتكبت في العاصمة الإيرانية، حسب ما ذكرته الخارجية الإيرانية، نقلاً عن باقري كني في بيان، وفق ما نقلت وكالة «تاس».

وأفادت وزارة الخارجية الإيرانية بوجود مشاورات بين باقري كني، ووزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف.

ودان الوزير الإيراني، ووزيرا خارجيتي الأردن والجزائر، جريمة اغتيال هنية في طهران، ودعموا اقتراح طهران بعقد اجتماع استثنائي لمجلس وزراء خارجية دول «منظمة التعاون الإسلامي»، بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس».

وخلال مكالمة مع أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، قال باقري: «لن نتخلى عن حقنا في الرد» على إسرائيل.

وفي وقت سابق، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، أصدر صباح الأربعاء، الأمر بشن ضربة مباشرة على إسرائيل رداً على اغتيال هنية.

الانتقام آت

وقال خطيب صلاة الجمعة بطهران الحاج علي أكبري: «من الآن فصاعداً سيكون إسماعيل هنية أخطر بكثير على جبهة الأعداء، وأكثر إلهاماً للمقاومة الفلسطينية وأصدقائها».

وأفادت وكالة «مهر» للأنباء بأنه خطيب صلاة الجمعة بطهران قال إن اغتيال «إسماعيل هنية في إيران وفي طهران، يعدّ الحلقة الأخيرة من جرائم العصابة الصهيونية القذرة والإجرامية التي فقدت عدم فاعليتها، وخاصة بعد عملية (طوفان الأقصى)».

وتابع: «جبهة المقاومة كابوس، ومن الآن فصاعداً فإن الأمة تنتظر الانتقام الذي ذكره المرشد خامنئي، في الوقت المناسب».

وقال ممثل المرشد الإيراني وإمام جمعة مشهد أحمد علم الهدي، إن «الثأر الذي نطالب به، كما قال المرشد، ليس فقط من إسرائيل، بل من أميركا أيضاً». وتابع: «اغتيال هنية تم بموافقة أميركية، وإلا فإن إسرائيل أصغر من أن تتدخل في سيادتنا».

وهدد علم الهدي واشنطن بأنه «في أقل من نصف يوم نستطيع أن نوجه ضربات قاسية لأميركا (...) قاعدة الأسطول الخامس للبحرية الأميركية في البحرين في مرمى نيراننا».

وقبل ذلك، يوم الخميس، أعلنت الخدمة الصحافية لأسطول قزوين الروسي، أن سفن البحرية الروسية والبحرية الإيرانية قامت بتنفيذ دوريات مشتركة في بحر قزوين.

سيدة إيرانية تحمل صورة لإسماعيل هنية خلال مراسم تشييعه في طهران (أ.ب)

«مغادرة إيران في أقرب وقت»

وفي تطور لاحق، دعت فرنسا، الجمعة، رعاياها «الذين لا يزالون في إيران» إلى مغادرة البلد «في أقرب وقت؛ بسبب «تزايد» خطر حدوث تصعيد عسكري بين إسرائيل وطهران. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية التي لم تحدد عدد مواطنيها المعنيين بهذه التوصية الجديدة: «رسمياً، لا يُنصح المواطنون الفرنسيون بالسفر إلى إيران أياً كان الداعي لذلك». وأضافت الخارجية الفرنسية: «بسبب تزايد خطر التصعيد العسكري في المنطقة، ندعو الفرنسيين المارين بإيران والذين لا يزالون فيها إلى المغادرة في أقرب وقت». وتابعت: «حتى ذلك الحين، إنهم مدعوون إلى إبداء أقصى درجات اليقظة والابتعاد عن كل المظاهرات ومتابعة الوضع ومراجعة الموقع الإلكتروني للسفارة بانتظام».

وأظهرت تقارير ملاحة دولية أن شركات طيران تجنبت التحليق فوق سماء إيران، ودول مجاورة، تحسباً لاحتمالات اندلاع نزاع مسلح في إطار الرد الإيراني على إسرائيل.

سيناريوهات الرد

وكالعادة، تنشط في مثل هذه التوترات بين إيران وإسرائيل سيناريوهات متعددة للرد على اغتيال هنية، من بينها ما تداولته وكالات أنباء غربية نقلاً عن مصادر إيرانية، بأن طهران قد ترد كما فعلت في أبريل (نيسان) الماضي، حين أطلقت إيران أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ باتجاه إسرائيل.

وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين لموقع «أكسيوس»، إن أجهزة الاستخبارات الأميركية لديها إشارات واضحة بأن طهران ستهاجم إسرائيل رداً على اغتيال هنية. قالوا إنهم يتوقعون أن يكون الانتقام من نفس قواعد الهجوم الذي شنته طهران في 13 أبريل على إسرائيل، لكنهم أشاروا إلى أنه من المحتمل أن يكون أكبر في نطاقه، وبمشاركة من «حزب الله» اللبناني.

لكن مصادر أخرى تحدثت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت إن إيران قد تهاجم إسرائيل مع أذرعها في اليمن والعراق مرة واحدة، على أن يتبعها «حزب الله» اللبناني بهجوم منفصل لاحق.

وكانت منصات ناطقة بالعربية مقربة من «الحرس الثوري»، ادعت أن شحنات سلاح وعتاد تم نقلها خلال الساعات الماضية من منطقة «البو كمال»، قرب الحدود العراقية، إلى سوريا ومنها إلى لبنان، في إشارة قد تعني التحضير لإحدى مراحل الرد الإيراني على إسرائيل.