هنية اعتاد النزول في الشقة التي اغتيل فيها ما سهل وضع العبوة الناسفة

المخابرات الإسرائيلية اعتقدت أن تصفيته ستكون صورة النصر المطلوبة لنتنياهو حتى ينهي الحرب

إسماعيل هنية يرفع شارة النصر خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني بطهران في 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
إسماعيل هنية يرفع شارة النصر خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني بطهران في 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

هنية اعتاد النزول في الشقة التي اغتيل فيها ما سهل وضع العبوة الناسفة

إسماعيل هنية يرفع شارة النصر خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني بطهران في 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
إسماعيل هنية يرفع شارة النصر خلال حفل تنصيب الرئيس الإيراني بطهران في 30 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بالاعتماد على مصادر أمنية من إيران وعدة دول في المنطقة، كُشف النقاب عن أن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، كان يحب الشقة التي تم اغتياله فيها.

واعتاد على النزول فيها كل مرة يزور فيها طهران. ولذلك كان من السهل تحديد طريقة اغتياله بزرع العبوة.

وحسب الخبير الإسرائيلي في الشؤون الأمنية، رونين بيرغمان، الذي يعمل في صحيفتي «نيويورك تايمز» الأميركية و«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فإن من قرر اغتياله استغل نقطة الضعف الاستخبارية هذه جيداً.

وقال إن إسرائيل كانت قد قررت اغتيال هنية فور الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومع أن إسرائيل لم تأخذ مسؤولية رسمية عن تصفية زعيم «حماس»، ويتم نشر المعلومات فيها بالاعتماد على «مصادر أجنبية»، فإن بالإمكان النشر أن قرار الاغتيال كان موضع نقاشات عديدة في القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية، وكذلك مع المخابرات الغربية. فقد اعتقد الأميركيون والأوروبيون أن هنية يمثل تيار الاعتدال في قيادة «حماس» وكان على خلاف مع يحيى السنوار بشأن التقدم في صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل. إلا أن المخابرات الإسرائيلية حملت رأياً مخالفاً قالت فيه إنه في عدة مرات تبين أن هنية تبنى مواقف أكثر تطرفاً حتى من السنوار. ولذلك تقرر الاستمرار في خطة اغتياله.

إسماعيل هنية يلقي كلمة بمناسبة الذكرى الـ21 لتأسيس «حماس» في غزة 14 أكتوبر 2008 (رويترز)

وأكد بيرغمان أن هنية أكثر من تنقلاته من بلد لآخر، واستقر بالأساس في الدوحة وإسطنبول. ولم يكن ممكناً اغتياله هناك. وقد فضلت إسرائيل، أغلب الظن، ألا تجري الاغتيال على أرض قطر، التي تتوسط بين إسرائيل و«حماس»، ولا يجوز المساس بها لأن ذلك سيورطها في صدام مع الأميركيين، ولم تقرر اغتياله في تركيا خوفاً من فتح جبهة حربية معها، وهي دولة عضو في حلف «الناتو». لذلك قررت التركيز على زياراته إلى إيران. فاكتشفت أنه اعتاد النزول في الشقة نفسها كل مرة.

وينقل بيرغمان عن أحد المصادر الاستخبارية أن تخطيط الاغتيال لهنية استغرق شهوراً وتطلب متابعة واسعة لمنشأة الاستضافة المحروسة جيداً والتابعة للحرس الثوري الإيراني. ولذلك تقرر زرع عبوة ناسفة ليتم تفجيرها عن بعد، في الوقت المناسب. ومن هنا فإن توقيت الاغتيال لم تكن له علاقة مع توقيت اغتيال فؤاد شكر، الذي تم في بيروت قبل سبع ساعات، بل تزامن الاغتيالان بالصدفة.

ويؤكد الكاتب أن إسرائيل لم تذرف دمعاً على مقتل مساعد هنية، ومرافقه الدائم، وسيم أبو شعبان، الملقب «أبو أنس». فهو كان على مدى سنين مقاتلاً وقائد سرية في وحدة النخبة لـ«حماس» في غزة. وهو الذي نفذ عملية «الفيلبوكس» في حملة السور الواقي سنة 2014، حين كان عضواً في خلية تسللت في نفق إلى منطقة كيبوتس ناحل عوز وقتلت خمسة من مقاتلي الجيش الإسرائيلي من كتيبة 17 لمدرسة قادة الحظائر.

يحيى السنوار وإسماعيل هنية خلال فعالية بقطاع غزة في 2017 (أ.ف.ب)

ويضيف بيرغمان أن من قرر اغتيال هنية وجدها فرصة ذهبية في يوم الاثنين الماضي، حيث وصل للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، سوية مع 86 وفداً. وقد برز هنية في الكثير من الصور بشكل تميز به عن كثير من المشاركين الآخرين. فأعطيت الإشارة للمنفذين. وراح القادة السياسيون والعسكريون يتابعون من تل أبيب تقدم العملية، وفي ليلة الثلاثاء - الأربعاء، الساعة 1:44 فجراً (1:14 حسب توقيت مكة والقدس)، نفذت العملية. ومن طريقة زرع العبوة، وتركيبتها المهنية الدقيقة، لم يكن ممكناً أن ينجو من الاغتيال، لا هو ولا مرافقه. وقد حاول الأطباء إنقاذهما لكنهم اضطروا للإعلان عن وفاتهما. وقد ظل خبر الاغتيال مكتوماً لعدة ساعات، لدرجة أنه عندما تسلل إلى بعض وسائل الإعلام، وسألوا قادة «حماس»، جاءت الإجابة بالسخرية والتهكم. وفقط في الخامسة والربع من فجر الأربعاء نشر أحد أبناء هنية على حسابه في الشبكات الاجتماعية الخبر.

المرشد الإيراني علي خامنئي مع إسماعيل هنية في طهران (أرشيفية - د.ب.أ)

لكن إسماعيل قآني، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، المسؤول عن العلاقة بين إيران و«حماس» وباقي الأذرع والميليشيات، وضع على الفور في صورة خبر الانفجار. فكانت صدمته شديدة. ففي اغتيال كهذا، تكون إسرائيل قد نجحت في استغلال ثغرة خطيرة في الدفاع الإيراني. ويقول بيرغمان: «هذه الثغرة، حسب المصادر الإيرانية، كانت فشلاً استخبارياً وحراسياً كارثياً بالنسبة لإيران، بل وحرجاً للحرس الثوري، الذي يستخدم هذا المجمع السكني الراقي للقاءات سرية ولاستضافة زعماء، مثل هنية».

وينقل بيرغمان عن مسؤول إسرائيلي ممن تابعوا العملية في تل أبيب، أن هذا الاغتيال يمكن أن يكون خاتمة الحرب في غزة، من وجهة النظر الإسرائيلية. فهو يصلح لأن يكون «صورة النصر» التي ينتظرها الجميع، والتي لا يستطيع نتنياهو أن يوقف الحرب من دونها. لكن إحدى زميلاته ردت تقول: «إسرائيل لن تعترف في أي يوم بمسؤوليتها عن عملية اغتيال كهذه». فأضاف ثالث: «إذن فليقولوا إن هذه صورة النصر الإسرائيلي بحسب مصادر أجنبية».

مؤسس حركة «حماس» الشيخ أحمد ياسين يتحدث مع مدير مكتبه إسماعيل هنية في صورة تعود لعام 2002 (رويترز)

لكن الأجواء في الشرق الأوسط لم توحِ بوقف الحرب، بل باتت تخيم أجواء حرب إقليمية. والوسطاء في صفقة التبادل غاضبون. فمن جهتهم كان هنية قناة الاتصال الأكثر جدية وحيوية مع قيادة «حماس» في غزة. ومع ذلك، هناك من يرى أن الاغتيال قد يعطي دفعةً لإنجاح المفاوضات. فمن ناحية «حماس» لا تريد إفشال المفاوضات، ومن جهة نتنياهو توجد لديه صورة نصر.


مقالات ذات صلة

المرصد السوري»: إسرائيل تضرب مناطق سورية قريبة من الحدود اللبنانية

المشرق العربي الدخان يتصاعد بالقرب من الحدود اللبنانية مع إسرايل عقب قصف إسرائيلي (د.ب.أ)

المرصد السوري»: إسرائيل تضرب مناطق سورية قريبة من الحدود اللبنانية

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الجيش الإسرائيلي ضرب أهدافاً تابعة لـ«حزب الله» يوم الجمعة في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية مبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) (أ.ب)

واشنطن لإرسال المزيد من المقاتلات والسفن الحربية إلى الشرق الأوسط

قالت وزارة الدفاع الأميركية، اليوم، إن الجيش سينشر مقاتلات وسفن حربية إضافية في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري 
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ديناميكيّات حرب غزّة

لكل حرب امتدادها الأقصى. بعد هذه المرحلة يتحوّل مردود الحرب إلى سلبيّ. وعليه، يجب التوقّف لإعادة التقييم وتغيير الاستراتيجيات إذا لزم الأمر.

المحلل العسكري
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

وفد إسرائيلي سيتوجه إلى القاهرة للتفاوض على صفقة الرهائن

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الجمعة، إن وفداً إسرائيلياً سيتوجه إلى القاهرة في اليومين المقبلين لإجراء مفاوضات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا فلسطينيون يسيرون بين المباني المدمرة بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من منطقتي بني سهيلا وعبسان (د.ب.أ)

رئيس أساقفة كانتربري يطالب باحترام رأي «العدل الدولية» بشأن الاحتلال الإسرائيلي

حث رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي الحكومات على احترام ما خلصت إليه محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجيش الإسرائيلي: استكمال اختبارات ناجحة لنظام دفاع جوي «بعيد المدى»

لحظة إطلاق الصاروخ «إل آر إيه دي» الدفاعي الإسرائيلي بعيد المدى (لقطة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
لحظة إطلاق الصاروخ «إل آر إيه دي» الدفاعي الإسرائيلي بعيد المدى (لقطة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
TT

الجيش الإسرائيلي: استكمال اختبارات ناجحة لنظام دفاع جوي «بعيد المدى»

لحظة إطلاق الصاروخ «إل آر إيه دي» الدفاعي الإسرائيلي بعيد المدى (لقطة من فيديو للجيش الإسرائيلي)
لحظة إطلاق الصاروخ «إل آر إيه دي» الدفاعي الإسرائيلي بعيد المدى (لقطة من فيديو للجيش الإسرائيلي)

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الجمعة)، إن البحرية الإسرائيلية استكملت في الأيام القليلة الماضية وبنجاح اختباراً لنظام اعتراض «إل آر إيه دي» بعيد المدى، المصمم لصد عدد من التهديدات بما يشمل صواريخ كروز.

وأجري الاختبار في وقت ترتفع فيه حالة التأهب في إسرائيل استعداداً لهجمات محتملة من إيران ووكلائها في المنطقة.

صاروخ «إل آر إيه دي» الدفاعي الإسرائيلي بعيد المدى (لقطة من فيديو للجيش الإسرائيلي)

وأضاف الجيش، في البيان، أن سفينة من طراز «ساعر 6» أطلقت الصاروخ الاعتراضي بعد رصد وتتبع الهدف، ما أدى لتدميره.

وتابع: «الجيش يتعامل هذه الأيام مع مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية من جبهات مختلفة، قريبة وبعيدة. وتشغيل صاروخ (إل آر إيه دي) بعيد المدى سيقوي من قدرات البحرية الإسرائيلية».