«هدنة غزة»: هل تُستأنف المفاوضات مع اقتراب إسرائيل من «آخر مراحل» الحرب؟

أميركا ترفض «المساومة»... وتتواصل مع مصر وقطر لـ«تقليل الفجوات»

فلسطينيون يفرون من الجزء الشرقي من خان يونس (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشرقي من خان يونس (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: هل تُستأنف المفاوضات مع اقتراب إسرائيل من «آخر مراحل» الحرب؟

فلسطينيون يفرون من الجزء الشرقي من خان يونس (رويترز)
فلسطينيون يفرون من الجزء الشرقي من خان يونس (رويترز)

حراك مكثف للوسيط الأميركي لإنجاح مقترح الرئيس جو بايدن بشأن مفاوضات الهدنة في غزة، يتزامن مع توجه الجيش الإسرائيلي بضوء أخضر سياسي من تنفيذ «آخر مراحل» الحرب بالقطاع، واتصالات مصرية - قطرية مع «حماس».

خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، يرون أن خطوات الوسطاء، بعد الجمود الذي لف مقترح بايدن منذ نهاية مايو (أيار) الماضي، تحمل «احتمال التوجه لاستئناف مفاوضات الهدنة، خصوصاً بعد تلاقي مصالح الجانبين».

وتريد إسرائيل «التهدئة في القطاع»، وفق الخبراء، مع «استعدادها لخوض تصعيد أكبر تجاه الجنوب اللبناني»، لافتين إلى دافع آخر مهم يتمثل في «خسارة بايدن في أول المناظرات مع منافسه دونالد ترمب ومن ثم يريد تعويض ذلك بمكسب انتخابي هو التوصل لهدنة».

ضرورة عاجلة

هذا الاحتمال يؤكده الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أن «الهدنة ضرورة عاجلة لبايدن بعد خسارته أمام ترمب في المناظرة قبل أقل من أسبوع»، لافتاً إلى أنه «يريد إنجاز مكسب انتخابي يعود به إلى الشارع الأميركي مجدداً؛ لذا الحديث عن الهدنة عاد، ورأينا تحركات أميركية لدعم جهود الوسطين مصر وقطر».

أيضاً مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حديثاً جاداً من واشنطن يظهره الاتصالات مع مصر وقطر وإجراء تعديلات على مقترح بايدن بما يمكن أن تقبله (حماس)».

فلسطينيون يقفون بالقرب من المباني التي دمرتها غارة إسرائيلية في خان يونس (رويترز)

والأسبوع الماضي، قدمت الولايات المتحدة صياغة جديدة، على أجزاء من الاتفاق المقترح على 3 مراحل، تشمل طريقة انتقال المفاوضات إلى المرحلة الثانية، وتحديد بنودها بشكل أوضح، وفق ما نقل موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، عن مصادر مطلعة، لفت أحدهم إلى «إمكانية اتفاق حال وافقت (حماس)».

والاثنين، نقلت قناة «الحرة» الأميركية، عن نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، قوله إن «الولايات المتحدة مستمرة في بذل كل الجهود والمحادثات الموسعة، وتواصل العمل مع شركائها في مصر وقطر، لردم الهوة بشأن التوصل إلى وقف لإطلاق النار»، مؤكداً أن مقترح بايدن أفضل طريق لإتمام وقف إطلاق النار.

باتيل أوضح أن «وقت المساومة انتهى، وحان الوقت لوقف إطلاق النار»، كاشفاً عن جهود للتوصل لحل دبلوماسي بشأن التصعيد مع «حزب الله».

الوضع المتوتر في لبنان، قد يعزز خطط التوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة، وفق الخبير الاستراتيجي اللواء محمد الغباري، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «جبهة لبنان تحمل مخاطرة كبيرة، وتحتاج لاستعداد إسرائيلي أكبر لوجود إيران داعماً لـ(حزب الله)».

وكان كمال خرازي، مستشار السياسة الخارجية للمرشد الإيراني علي خامنئي، قد قال مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، الاثنين، إن إيران ستدعم «حزب الله» «بكل السبل»، في حال شنت إسرائيل حرباً شاملة ضده.

«هيئة البث الإسرائيلية»، قالت الاثنين، أيضاً إن «المستوى السياسي منح الجيش الضوء الأخضر للانتقال تدريجياً خلال الشهر الحالي إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «توقيت قرار الجيش بالانتقال إلى المرحلة الأخيرة من الحرب في غزة يتوقف على صفقة الرهائن والوضع على حدود لبنان».

وستشمل المرحلة الثالثة وفق «هيئة البث الإسرائيلية»، بقاء القوات في محوري نتساريم وفيلادلفيا وأماكن أخرى بالقطاع من أجل مواصلة الضغط على حركة «حماس» إذا لم يجرِ التوصل إلى صفقة تبادل.

عراقيل وضغوط

البقاء الإسرائيلي في تلك المناطق داخل غزة لا يبشر بأن تنجح المفاوضات حل استئنافها بعد الضغوط الأميركية الكبيرة المبذولة، يضيف اللواء سمير فرج.

ويرى أن «حماس تريد وقف إطلاق نار دائم وانسحاباً كاملاً من قطاع غزة وعودة سكان القطاع لمنازلهم مع الإعمار، وما تريده إسرائيل بهذه الأفعال عكس هذا»، مستدركاً: «لكن سنرى تأثير حجم الضغوط الأميركية على نتنياهو، وكيف ستصل بنا؛ ولذلك محاولات إحداث الانفراجة بالمفاوضات تتوقف على مدى الاستجابة للضغوط».

ويعتقد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد حجازي أن «بايدن أمامه فرصة تاريخية حالياً قبل الانتخابات لو فكر جيداً في الذهاب لوقف إطلاق نار بالقطاع، وبدأ مسار تسوية عبر السير في اتجاه ضغوط حقيقية».

وبخلاف ضغوط بايدن، يرى حجازي إمكانية أن تكون ضغوط الاحتجاجات داخل تل أبيب والخلافات مع الجيش الإسرائيلي عاملين إضافيين لإتمام تلك الهدنة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون استهداف 193 سفينة على مدى عام من الحرب في غزة

العالم العربي صورة نشرتها جماعة الحوثي تُظهر اشتعال النيران في ناقلة نفط بعد إصابتها بصاروخ في البحر الأحمر (رويترز)

الحوثيون يعلنون استهداف 193 سفينة على مدى عام من الحرب في غزة

أعلن زعيم المتمردين الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي، اليوم (الأحد)، استهداف 193 سفينة مرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا «إسناداً لغزة» منذ عام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة خليل الحية (أرشيفية - رويترز)

«حماس»: إسرائيل تعرقل مساعي التوصل لوقف إطلاق النار

قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في غزة، خليل الحية، اليوم (الأحد)، إن إسرائيل لا تزال تعرقل مساعي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

بعد عام من 7 أكتوبر... تضارب روايتي أسر القتلى الإسرائيليين والحكومة «حول ما حدث»

تقيم عائلات إسرائيلية، الاثنين، مراسم تأبين مباشرة لذويها الذين سقطوا في هجوم «حماس» على إسرائيل في أكتوبر الماضي، بينما ستبث الحكومة مراسم مسجلة إحياء للذكرى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ب)

شولتس يدعو لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط

دعا المستشار الألماني أولاف شولتس، مجدّداً، الأحد، إلى وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، عشية الذكرى الأولى لهجوم حركة «حماس» على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تحليل إخباري نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

أزمة حادة بين ماكرون ونتنياهو، والإليزيه يسعى لتطويقها... ورسالة فرنسية ضمنية إلى بايدن تدعوه «للانسجام» في المواقف.

ميشال أبونجم (باريس)

بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
TT

بعد عام من الحرب... طريق طويل للتعافي أمام جرحى الاحتياط الإسرائيليين

تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)
تؤكد إصابات الجنود الإسرائيليين خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة (وسائل إعلام إسرائيلية)

يمشي جندي الاحتياط الإسرائيلي، آرون بورس، بمساعدة عكازين بعد 10 أشهر من إصابته في ساقه برصاصة قناص في غزة، آملاً في التعافي الكامل من الإصابة التي لحقت به في أثناء محاولته إنقاذ قائده بأحد الكمائن.

وقال بورس: «تطاير الرصاص من كل مكان حولي».

بعد ثلاث ساعات من إطلاق النار عليه، خضع لعملية جراحية في مركز شيبا الطبي بالقرب من تل أبيب، حيث تمكن الأطباء من إنقاذ ساقه. وتبع ذلك إعادة تأهيل مكثف على مدى شهور، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

استدعى الجيش الإسرائيلي نحو 300 ألف جندي احتياط في بداية الحرب، وخدم كثير منهم لعدة أشهر في جولات متعددة. وسيكون لتجاربهم وتجارب أسرهم التي تركوها وراءهم تأثير على المواقف في إسرائيل لسنوات مقبلة.

وعالج قسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية حتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي أكثر من 10 آلاف جندي مصاب، منذ الهجوم الذي قادته حركة «حماس» الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الذي تبعه غزو إسرائيل لقطاع غزة.

دلالات على قتال عنيف

كان أكثر من ثلثي الذين تلقوا العلاج من جنود الاحتياط وعادوا إلى وحداتهم العسكرية تاركين الحياة المدنية.

يعاني ما يزيد قليلاً على ثلث هؤلاء الجرحى من إصابات في الأطراف، في حين يعاني الباقون من مجموعة متنوعة من الإصابات الداخلية وإصابات بالعمود الفقري، فضلاً عن جروح في العين والأذن والرأس، وهو ما يؤكد خوضهم قتالاً عنيفاً وسط أنقاض غزة.

يقول يسرائيل دودكيفيتش، الطبيب الذي يدير مركز إعادة التأهيل في مركز شيبا الطبي، إن المستشفى أدرك في السابع من أكتوبر أنه سيحتاج إلى التوسع لاستقبال تدفق الجرحى. وزاد المستشفى عدد الأسرة وفتح ثلاثة أجنحة جديدة لعلاج الجرحى. ونحو ربع موظفي المستشفى من جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم.

وقال دودكيفيتش: «لا أستطيع أن أقول إن الأمر لم يكن صعباً... لكن في النهاية نجحنا في تقديم الخدمة».

تأثير سيستمر لسنوات

ومستوى الرعاية الذي يتلقاه الجنود الإسرائيليون مختلف تماماً عن نظيره في غزة، حيث قُتل أكثر من 41 ألفاً و500 فلسطيني خلال الحرب الممتدة منذ عام والتي شهدت تدمير المنظومة الصحية إلى حد كبير.

لكن تأثير الإصابات الخطيرة على جنود الاحتياط، الذين سيعودون إلى الحياة المدنية عندما تنتهي المعارك، سيستمر لسنوات عديدة.

أصيب يوسي سوشر (34 عاماً) بجروح بالغة جراء انفجار عبوة ناسفة عن بعد. ولا يزال الأطباء غير واثقين مما إذا كان سيتمكن من استعادة قدرته الكاملة على استخدام ذراعه اليسرى وكتفه بعد أن أصيبا بشظية.

ويستطيع الآن تحريك يده فقط ولكن ليس باقي ذراعه.

وقال جندي الاحتياط بينما يرقد على سرير بالمستشفى وزوجته بالقرب منه: «الأمر كان صعباً».