معركة مكشوفة بين نتنياهو والجيش يدفع ثمنها الفلسطينيون وكذلك لبنان وسوريا

لقاء نتنياهو بالقوات الإسرائيلية في قطاع غزة أثناء الهدنة بين إسرائيل و«حماس» نوفمبر الماضي (د.ب.أ)
لقاء نتنياهو بالقوات الإسرائيلية في قطاع غزة أثناء الهدنة بين إسرائيل و«حماس» نوفمبر الماضي (د.ب.أ)
TT

معركة مكشوفة بين نتنياهو والجيش يدفع ثمنها الفلسطينيون وكذلك لبنان وسوريا

لقاء نتنياهو بالقوات الإسرائيلية في قطاع غزة أثناء الهدنة بين إسرائيل و«حماس» نوفمبر الماضي (د.ب.أ)
لقاء نتنياهو بالقوات الإسرائيلية في قطاع غزة أثناء الهدنة بين إسرائيل و«حماس» نوفمبر الماضي (د.ب.أ)

يثبت التراشق الكلامي عبر التسريبات للإعلام حجم الخلافات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وخصومه في قيادة الجيش والأجهزة الأمنية؛ ما يهدد بإجهاض مفاوضات التهدئة قبل أن تبدأ، وهو أمر يدفع ثمنه الفلسطينيون في رفح وغيرها من مناطق قطاع غزة، وكذلك المدنيون ضحايا القصف الإسرائيلي على سوريا والجنوب اللبناني.

الحرب الخفية منذ 15 عاماً بين نتنياهو وقادة الجيش والأجهزة الأمنية، أصبحت علنية ومكشوفة من دون مواربة. وبعد الفيديو الذي عمَّمه نجل نتنياهو، وفيه يدعو جندي إسرائيلي في غزة للتمرد على رئيس الأركان ووزير الدفاع، واتباع رئيس الحكومة فقط، تبين أن الجندي الذي طالب بقتل أطفال غزة ونسائها، ناشط في حزب «الليكود»، خرج الجيش بتسريبات يقول فيها إنه لا مشكلة لديه في التفاوض مع «حماس» على إنهاء الحرب.

كما نشرت تسريبات أخرى تقول إن المسؤول عن ملفّ الأسرى والرهائن الإسرائيليين في الجيش، الجنرال في الاحتياط نيتسان ألون، عبر في أحاديث جانبية عن استيائه من حكومة نتنياهو؛ لأنه لن يتمّ الوصول لاتفاق لتبادُل أسرى في ظلّ وجودها.

الجنرال في الاحتياط نيتسان ألون المسؤول عن ملفّ الرهائن الإسرائيليين (الجيش الإسرائيلي)

ووفق «القناة 12» الإسرائيلية، ليلة الأحد - الاثنين، فإن، ألون، قال في محادثة مغلقة أجراها، الأسبوع الماضي، مع الضباط المسؤولين عن متابعة أوضاع الرهائن مع أهالي المحتجزين: «نحن يائسون، ولن تكون هناك أية صفقة مع هذه الحكومة». أضاف ألون أن «الصفقة التي أدفع باتجاهها ستتضمن العودة التدريجية لجميع المختطفين. (حماس) أصرّت على أن يتضمن ذلك وقف القتال، وأبلغت رئيس الحكومة بالشرط، وأنه يمكننا العودة إلى القتال، في أي لحظة نريد لاحقاً».

ومع أن مصادر مقربة من ألون نفت أنه قال هذا الكلام، فإن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أكد التصريحات بطريقة مواربة، فقال إن ألون «يعمل بتوجيه من المستوى السياسيّ على إعادة المختطفين»، وإن «الأمور التي قيلت جرى إخراجها من سياقها».

وتؤكد جهات عسكرية أن تصريحات نتنياهو التي يصر فيها على مواصلة القتال، ويرفض إنهاء الحرب، هي بمثابة إجهاض لجولة المفاوضات التي من المفترض أن تبدأ الثلاثاء.

متظاهرة ترفع لافتة تطالب فيها بوقف الحرب وسط الدخان خلال احتجاجات ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإطلاق سراح الرهائن المختطفين (رويترز)

وتلقفت عائلات الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» هذه الأقوال، وقالت في تصريحات صحافية في خيمتها بالقرب من مقرّ وزارة الأمن في تل أبيب: «واضح للجميع أننا لن نرى المختطفين في المنزل إن لم ننه الحرب، لكن الحكومة غير مهتمة بإعادة المختطفين، وتستمرّ في الحرب دون أهداف واقعية. ويبدو أنه لا خيار إلا بتغيير الحكومة من أجل استقبال أحبائنا في المنزل مجدّداً».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو، من جانبه، سارع إلى إصدار بيان عن مكتبه، قال فيه: «بينما أعطى رئيس الحكومة نتنياهو مراراً وتكراراً فريق التفاوض تفويضاً واسع النطاق لإطلاق سراح الرهائن، يواصل رئيس (حماس) في قطاع غزة، يحيى السنوار المطالبة بإنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وخروج (حماس) سليمة، حتى يتمكن من تنفيذ فظائع 7 أكتوبر (تشرين الأول) مراراً وتكراراً».

وأضاف مكتب نتنياهو أنه «يعارض ذلك بشدة»، مؤكداً أن «التصريحات الصحافية التي يقدمها فريق التفاوض لن تؤدي إلا إلى تصلّب موقف (حماس)، والإضرار بالعائلات، وجعل إطلاق سراح الرهائن أكثر بعداً».

لكن نتنياهو عبَّر عن موقف صريح أكثر من خلال «جيشه في الشبكات الاجتماعية»، الذي يضم ألوف الحسابات التي راحت تهاجم قادة الجيش، وتشكك في القدرات الحربية، إضافة لاتهامات بالتقصير والجبن، والعجز عن حسم المعركة، وبالتنسيق مع الإدارة الأميركية لوقف الحرب قبل تحقيق أهدافها.

رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي مع قادة الجيش في مخيم جباليا وسط قطاع غزة (حساب إكس)

الجيش من جهته يواجه مشكلة عصيبة في موضوع الهيبة والكرامة منذ السابع من أكتوبر. أولاً، هجوم «حماس» ضرب كبرياءه في الصميم عندما باغته مسلحوها، واحتلوا معسكراته والبلدات المحيطة، وأسرت وقتلت وتصرفت على هواها، عدة ساعات، حتى استطاع لملمة نفسه. وقد اهتزت هيبته ليس لدى الجمهور الإسرائيلي فحسب بل أيضاً لدى جيوش العالم. وثانياً، جاءت هذه الضربة لتوقف مسيرة الانقلاب على الانقلاب؛ فالمعروف أن حكومة نتنياهو حاولت تنفيذ انقلاب على منظومة الحكم وجهاز القضاء. والدولة العميقة وفي صلبها الجيش، مع أحزاب المعارضة، كانت تقود حملة احتجاج واسعة كادت تقترب من إسقاط حكومة نتنياهو.

وهجوم «حماس» أوقف الانقلاب، فراح الجيش ينتقم بشراسة غير مسبوقة، ليس فقط من «حماس» بل من كل أهل غزة والضفة الغربية وحتى من فلسطينيي 48، وقد خلقت هذه الحالة ظروفاً مثالية عند نتنياهو للبقاء في الحكم.

وكالعادة، تتحد إسرائيل في الحروب، والتقت مصالح الجيش مع مصالح نتنياهو. لكن في الوقت الذي كان فيه الجيش يحاول تعويض الخسارة واستعادة الثقة، كان نتنياهو يرسم للخطوة التالية التي يثبت فيها أن الإخفاق يقتصر على الجيش. وراح الجيش يحارب من بعيد (غارات وقصف مدفعي، براً وبحراً). ثم قام بالاجتياح، لكن حساباته تشوشت؛ حيث إنه لم يتوقع المقاومة على هذا النحو.

لقاء نتنياهو بالقوات الإسرائيلية في قطاع غزة أثناء الهدنة بين إسرائيل و«حماس» نوفمبر الماضي (د.ب.أ)

الأهداف التي وضعها نتنياهو وتبناها الجيش فشلت تماماً. ومع كل ضربة يتلقاها ينتقم بضربات أشنع. وعن كل قتيل إسرائيلي يقتل 20 فلسطينياً. ومع كل صاروخ فلسطيني يطلق أطنان المتفجرات على غزة. واستخدم الطائرات المقاتلة وطائرات «أباتشي» والمسيّرات لقصف مخيمات جنين ونابلس وأريحا وطولكرم.

الجيش يحاول بكل قوته تحقيق إنجازات، لكنها ظلت إنجازات تكتيكية؛ فالحكومة لا تحدد له أهدافاً معقولة، وهو يتخبط، ويعلن بشكل احتفالي أنه حرر 5 جثث في جباليا، لكنه يخسر 7 قتلى من جنوده و9 جرحى. يحتل رفح «كي يلقي القبض على قادة (حماس) المختبئين فيها»، لكن الأميركيين يقولون له إن قادة «حماس» ليسوا في رفح. ثم يعلن أنه نجح في تفكيك كتائب «حماس» في الشمال، ثم يتلقى ضربات قاسية في الشمال بالذات. وبعدها يعلن أنه احتل 70 في المائة من رفح، ثم تنطلق 10 صواريخ من رفح في وضح النهار وعلى مسافة كيلومتر واحد من تجمع قواتهن لتقصف تل أبيب. يعلن أنه قضى على ثلثي قوة «حماس» العسكرية وأنه دمر 85 في المائة من أنفاق «حماس»، والأميركيون يقولون إنه قضى على 40 في المائة من الأنفاق، وثلث قوة «حماس».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع ممثلي عائلات الرهائن لدى «حماس» في 30 أبريل (د.ب.أ)

هذه النتائج تزيد من حنقه، فيشدد الضربات أكثر، لكنه في الوقت نفسه، بدأ يفهم أنه يغوص في حرب استنزاف في وحل غزة، والمزيد من القوة والضغط على «حماس» لا يجديه نفعاً، بل يورطه في ارتكاب مذابح، كما حدث، فجر الاثنين.

وفي «حماس» لا يكترثون للنتائج المدمرة لهذه الحرب، ويعدونها تضحيات وصموداً؛ ولذلك، بدأ يقتنع بضرورة وقف الحرب، أولاً لأنها لم تعد مجدية، وثانياً لأنه لا يريد صداماً مع الأميركيين، وثالثاً لأنه لا يريد البقاء رهينة في يد نتنياهو.

نتنياهو يريد إبقاء الجيش في ساحة القتال؛ فما دامت الحرب مستمرة فستستمر حكومته، وهذا هو المطلوب لمعركته الشخصية. وعندما يرى أن الجيش يتراجع، يفتح النار عليه، ويتهمه بأنه لا يريد تحقيق الانتصار، وعندما يشتد الضغط عليه في مجلس إدارة الحرب ويصبح في أقلية، يلجأ إلى جيشه في الشبكات الاجتماعية. وعندما يزداد الضغط عليه في الشارع، خصوصاً من عائلات الأسرى، يتخذ خطوة تظهره يتقدم في المفاوضات، ويلاحظ أنه يفعل ذلك عادة، يومي الخميس والجمعة، حتى يخدر الناس فلا يخرجون إلى المظاهرات ضده، مساء السبت.

الجيش لم يعد يحتمل هذه الألاعيب، مع ما يرافقها من استنزاف لقواته، وبات يشعر بأنه عالق في مصيدة نتنياهو، ويحاول كشفها أمام الناس، ونتنياهو يرد.


مقالات ذات صلة

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

شؤون إقليمية (من اليمين) رونين بار مدير «الشاباك» ويسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وهرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش (حساب كاتس عبر منصة «إكس»)

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يريدان تقديم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استقالته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في كازاخستان (رويترز)

فرنسا ترفض توضيح موقفها من توقيف بوتين بموجب مذكرة «الجنائية الدولية»

أحجمت فرنسا عن الإفصاح عن استعدادها لاعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بموجب مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية من عدمه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

بن غفير يحث نتنياهو على مواصلة القتال في لبنان واحتلال غزة

دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى مواصلة القتال في لبنان، رغم اتفاق وقف النار، الذي دخل حيز التنفيذ الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

نتنياهو: أمرت الجيش بالاستعداد لـ«قتال ضار» في لبنان إذا انتُهك وقف النار

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، إنه أمر الجيش بالاستعداد لقتال ضار مجدداً في لبنان في حال انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

نتنياهو ينفي طلب «رأي» قيادة الجبهة الداخلية بشأن تأجيل الإدلاء بشهادته

نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه تواصل مع قيادة الجبهة الداخلية للجيش لـ«إصدار رأي» حول ما إذا كان من الآمن بالنسبة له الإدلاء بشهادته في محاكمته بالفساد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

TT

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023
صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023

في خطوة لجأت إليها إيران في مناسبات مختلفة منذ سنوات، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، إنها اطلعت على تقرير «طي السرية» للوكالة الدولية يؤكد أن إيران تنوي نصب 6 آلاف جهاز طرد مركزي، لتخصيب اليورانيوم بمستويات مختلفة.

وجاء في التقرير أن «إيران أبلغت الوكالة» بنيتها وضع هذه الآلات في الخدمة في موقعَي «فوردو» و«نطنز» بمعدل تخصيب يصل إلى 5 في المائة؛ أي ما يزيد قليلاً على النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق الدولي لعام 2015 والتي تبلغ 3.67 في المائة.

واتُّخذ هذا الإجراء رداً على اعتماد الوكالة في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) قراراً منتقداً لطهران بمبادرة من الغرب.

ويوم الخميس، هددت إيران بالمضي نحو امتلاك أسلحة نووية في حال استمرار الضغوط الغربية عليها.

وأفاد وزير الخارجية عباس عراقجي، في تصريح صحافي، بأن «استمرار التهديد الغربي بإعادة فرض العقوبات قد يدفع النقاش داخل إيران نحو امتلاك أسلحة نووية».

ما «الطرد المركزي»؟

هي أجهزة دقيقة تضم أسطوانات تدور بسرعة تفوق كثيراً سرعة الصوت، لجمع ذرات اليورانيوم المخصب بعد عمليات مكررة لمرات عدة.

ولشرح أسلوب عمل «الطرد المركزي»، فإن أسطوانات الدوران تشبه إلى حد كبير أجهزة المختبرات الطبية التي تُستخدم لفحص الدم؛ إذ ينتج عن دوران الأسطوانة فصل مكونات الدم عن بعضها.

وبالنسبة لليورانيوم، ينتج عن دوران أسطوانات جهاز الطرد المركزي فصل الذرات الخفيفة لليورانيوم عن الثقيلة، ليسهل استخدامها في إنتاج الطاقة المهمة لصناعة القنبلة النووية.

ويحتاج إنتاج 20 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 90 في المائة لصنع رأس نووي واحد بقوة تفجيرية محدودة، إلى نحو 1500 جهاز طرد مركزي من الأجيال المتقدمة؛ الخامس والسادس، على أن تستمر العمليات الفنية فيها عدة أشهر دون توقف.

وتمتلك إيران 1044 جهاز طرد مركزي في مفاعل «فوردو» وحده، طبقاً لتصريحات الرئيس مسعود بزشكيان الذي طلب في وقت سابق هذا الشهر من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن تبدأ ضخ الغاز في هذه الأجهزة.

وتؤكد الخارجية الأميركية أن أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران «خطوة كبيرة في الاتجاه الخطأ»، وأنها «يمكن في نهاية المطاف أن تساعدها على امتلاك سلاح نووي في حال قررت ذلك».

وبحسب تقارير لـ«رويترز» و«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن عمليات التخصيب تسبق مرحلة دوران اليورانيوم في جهاز الطرد المركزي.

ويحول التخصيب الخام الطبيعي إلى عناصر قابلة للاستخدام في إنتاج الطاقة، سواء للأغراض السلمية أو لصناعة رأس نووي لسلاح فتاك.

مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

الخلاف

تلزم معاهدة حظر الانتشار النووي، الموقعة عام 2015 بين طهران ودول غربية، بتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة لتجميع اليورانيوم حتى يناير (كانون الثاني) 2027.

والفرق بين الجيل الأول لأجهزة الطرد المركزي والأجيال الأخرى، وصولاً إلى السادس، هو سرعة الأخيرة الفائقة، والتي تساعد حتماً على إنتاج الطاقة اللازمة، فرضياً، لصناعة قنبلة نووية.

وقبل إبرام الاتفاق، وفي ذروة برنامجها النووي، كانت إيران تشغل 10204 أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول (بسرعة محدودة) في «نطنز» و«فوردو»، وقد سمحت لها المعاهدة بتشغيل نحو نصف هذا العدد.

محطات بارزة في طريق «النووي»

لكن تشغيل الأجهزة مر بمحطات متباينة ما بين التصعيد والتهدئة، وفقاً لطبيعة المفاوضات أو الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ورغم أن ما نصبته إيران من «الطاردات المركزية» قبل اتفاق حظر الانتشار النووي عام 2015 كان من الجيل الأول، فإن ما تلاها بلغ مراحل مقلقة للغرب بسبب استخدام طاردات من أجيال حديثة. وهذه أبرز محطات هذه الأجهزة في إيران:

* مايو (أيار) 2008: ركبت إيران عدة أجهزة طرد مركزي متضمنة نماذج أكثر حداثة.

* مارس (آذار) 2012: وسائل إعلام إيرانية تعلن عن 3 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة «نطنز» النووية لتخصيب اليورانيوم.

* أغسطس (آب) 2012: الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أن إيران ثبتت أجزاء كبيرة من أجهزة الطرد المركزي في منشأة «فوردو»، تحت الأرض.

* نوفمبر 2012: تقرير للوكالة الدولية أكد أن جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة قد تم تركيبها في موقع «فوردو»، على الرغم من وجود 4 أجهزة طرد مركزي عاملة فقط، و4 أخرى مجهزة تجهيزاً كاملاً، وقد أُجري عليها اختبار الفراغ، وهي جاهزة لبدء التشغيل.

* فبراير (شباط) 2013: الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقول إن إيران شغّلت 12.699 جهاز طرد مركزي من نوع «آي آر-1» في موقع «نطنز».

* يونيو (حزيران) 2018: أمر المرشد الإيراني علي خامنئي منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالوصول إلى 190 ألف «وحدة فصل» التي تطلق على حركة أجهزة الطرد المركزي. وكان الرقم الذي دعا إليه خامنئي يعادل 30 ضعفاً من القدرات التي ينص عليها الاتفاق النووي.

* سبتمبر (أيلول) 2019: ركبت إيران 22 جهازاً من نوع «آي آر-4»، وجهازاً واحداً من نوع «آي آر-5»، و30 جهازاً «آي آر-6»، وثلاثة أجهزة «آي آر-6» للاختبار، خارج نطاق حدود المعاهدة.

* سبتمبر 2019: أعلنت إيران أنها بدأت في تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة وسريعة لتخصيب اليورانيوم.

* نوفمبر 2024: وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يعلن أن بلاده ستقوم بتشغيل عدة آلاف من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

* نوفمبر 2024: نقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إعلانه بدء ضخ الغاز لـ«الآلاف» من أجهزة الطرد المركزي.