سوء التقدير يفاقم التصعيد بين إسرائيل وإيران

تل أبيب لم تتوقع أبداً رد طهران... وواشنطن تكتم غيظها من عملية دمشق

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية- رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية- رويترز)
TT

سوء التقدير يفاقم التصعيد بين إسرائيل وإيران

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية- رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية- رويترز)

كانت إسرائيل على بعد لحظات فقط من الغارة الجوية التي وقعت في الأول من أبريل (نيسان)، وأسفرت عن مقتل الكثير من كبار القادة الإيرانيين داخل مجمع السفارة الإيرانية في سوريا، عندما أبلغت الولايات المتحدة بما كان على وشك الحدوث.

وجاءت الضربة بمثابة مفاجأة لأقرب حليف لإسرائيل.

وسارع عدد من المساعدين إلى إخطار جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي المعاون للرئيس جو بايدن، وجون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي، وبريت ماكغورك، منسق بايدن لشؤون الشرق الأوسط؛ وآخرين ممن رأوا أن الضربة قد تخلف عواقب وخيمة، حسبما ذكر مسؤول أميركي.

علانية، عبّر مسؤولون أميركيون عن دعمهم لإسرائيل، لكن داخلياً، عبّروا عن غضبهم من إقدام إسرائيل على مثل هذا العمل العدواني ضد إيران، دون استشارة واشنطن.

وبحسب مسؤولين أميركيين شاركوا في مناقشات رفيعة بعد الهجوم، أخطأ الإسرائيليون في حساباتهم بشدة لاعتقادهم بأن إيران لن ترد بقوة، وهو رأي يتفق معه مسؤول إسرائيلي رفيع.

تغيير في قواعد الاشتباك

كشفت الأحداث عن تغيير جذري في قواعد الاشتباك غير المكتوبة في الصراع المستعر منذ فترة طويلة؛ ما جعل من الصعب أكثر عن أي وقت مضى على كل جانب قياس نوايا الطرف الآخر وردود أفعاله.

ومنذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي شنّته «حماس»، وما تبعه من قصف إسرائيلي لقطاع غزة، كان هناك تصعيد تلو تصعيد وسوء تقدير تلو سوء تقدير؛ ما أجج المخاوف من اشتعال دورة انتقامية يمكن أن تتوسع إلى حرب شاملة.

وحتى بعدما أصبح واضحاً أن إيران سترد، اعتقد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون في البداية أن الرد سيأتي محدوداً إلى حد ما، قبل أن يسارعوا إلى مراجعة تقديراتهم. والآن، ينصبّ التركيز على ما ستفعله إسرائيل وكيف يمكن أن ترد إيران.

في هذا السياق، يقول علي فايز، مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية: «نحن في وضع يمكن للجميع فيه أن يزعموا النصر. يمكن لإيران أن تقول إنها انتقمت، ويمكن لإسرائيل أن تقول إنها هزمت الهجوم الإيراني، ويمكن للولايات المتحدة أن تقول إنها نجحت في ردع إيران ودافعت عن إسرائيل».

وأضاف: «إذا دخلنا في جولة أخرى من الفعل ورد الفعل، فمن الممكن بسهولة أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة، ليس فقط لإيران وإسرائيل، وإنما كذلك لبقية المنطقة والعالم».

وجرى استخلاص هذه الرواية من مقابلات جرت مع مسؤولين أميركيين، وإسرائيليين وإيرانيين ومن دول شرق أوسطية أخرى. وتحدث جميعهم شرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشتهم أموراً حساسة غير مسموح لهم تناولها علانية.

ردّ إيراني غير متوقّع

مسيّرات إيرانية معروضة في طهران في يناير الماضي (إعلام إيراني)

قال مسؤولان إسرائيليان إن التخطيط للضربة الإسرائيلية في سوريا بدأ قبل شهرين، وكان الهدف محمد رضا زاهدي، قائد «فيلق القدس» الإيراني في سوريا ولبنان، أحد أفرع «الحرس الثوري».

وقبل ذلك بنحو أسبوع، تحديداً في 22 مارس (آذار)، وافق مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي على العملية، تبعاً لسجلات الدفاع الإسرائيلية الداخلية التي لخّصت الاستعدادات للضربة، واطلعت عليها الـ«نيويورك تايمز».

كما أوضحت هذه السجلات نطاق ردود الفعل التي توقّعتها الحكومة الإسرائيلية من إيران، ومن بينها هجمات صغيرة النطاق من قِبل وكلاء، وهجوم صغير من إيران. ولم يتنبأ أي من التقييمات بشراسة الرد الإيراني الذي وقع بالفعل.

منذ يوم الهجوم الإسرائيلي، تعهدت إيران بالانتقام، على الصعيدين العلني وعبر القنوات الدبلوماسية. إلا أنها أرسلت في الوقت ذاته رسائل خاصة مفادها أنها لا تريد التورط في حرب صريحة مع إسرائيل - وبالتأكيد لا ترغب في ذلك مع الولايات المتحدة - وانتظرت طهران 12 يوماً قبل أن تهاجم.

وبذلك، وجد المسؤولون الأميركيون أنفسهم في موقف غريب ومقلق، فقد ظلوا جاهلين بقرار مهم اتخذه حليف وثيق، هو إسرائيل بينما أبلغتهم إيران، الخصم القديم، عن نواياها مقدماً. وقضت واشنطن وحلفاؤها أسابيع منخرطين في جهود دبلوماسية مكثفة، في محاولة لتجنب الهجوم الإيراني المضاد المتوقع. والآن، يحاولون تثبيط إسرائيل عن الرد بالمثل.

ليلة السبت الماضي، جاء استعراض القوة الإيراني كبيراً، لكن إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاء آخرين اعترضوا جميع الصواريخ والمسيّرات تقريباً. أما القلة التي وصلت إلى أهدافها، فكان لها تأثير ضئيل. وأعلن مسؤولون إيرانيون أن الهجوم كان يهدف إلى إلحاق أضرار محدودة من الأساس.

وطلب مسؤولون أميركيون من القادة الإسرائيليين أن ينظروا إلى دفاعهم الناجح على أنه نصر؛ ما يشير إلى أن الحاجة إلى رد إسرائيلي ضئيلة أو منعدمة كلياً. ومع ذلك، وعلى رغم الدعوات الدولية لخفض التصعيد، يرى مسؤولون إسرائيليون أن الهجوم الإيراني يتطلب رداً؛ وهو ما تؤكد إيران أنها سترد عليه بقوة أكبر، ما يزيد الوضع اضطراباً.

من ناحيتها، قالت دانا سترول، المسؤولة السابقة المعنية بشؤون الشرق الأوسط في البنتاغون، التي تعمل حالياً بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «السؤال الآن: كيف سترد إسرائيل بطريقة تمنع إيران من إعادة كتابة قواعد اللعبة، دون إثارة دورة جديدة من العنف على مستوى الدول».

في الواقع، كان القادة الإسرائيليون على وشك إصدار أوامر بشنّ ضربات واسعة النطاق في إيران في الليلة التي وقع فيها الهجوم الإيراني، طبقاً لمسؤولين إسرائيليين.

ويرى مسؤولون إسرائيليون أن هجوم السابع من أكتوبر الذي شنّته «حماس»، والذي فاجأهم، غيّر القواعد الأساسية للصراع الإقليمي. أما أعداؤها، فيرون أن القصف الإسرائيلي لغزة وغزوها هو الذي أدى إلى ذلك، كما أدى إلى زيادة إطلاق الصواريخ من قِبَل جماعة «حزب الله»، وكيل إيران في لبنان. وهذا بدوره أثار هجمات نارية كثيفة من قبل إسرائيل.

علاقة متوترة بين الحليفين

بحلول شهر مارس (آذار)، كانت العلاقة بين إدارة بايدن وإسرائيل أصبحت مشحونة على نحو متزايد، مع انتقاد واشنطن الهجوم الإسرائيلي على غزة، ووصفها إياه بالمميت والمدمر دون داعٍ «ومبالغ فيه»، على حد تعبير بايدن.

وبعد ذلك، جاءت الضربة الإسرائيلية في دمشق. واشتكى مسؤولون أميركيون من أن الإسرائيليين انتظروا حتى اللحظة الأخيرة لإبلاغ الولايات المتحدة، وحتى عندما فعلوا ذلك، كان إخطاراً عاماً لم يحمل أي مؤشر على حساسية الهدف.

وذكر مسؤولون أميركيون ومسؤول إسرائيلي أن الإسرائيليين اعترفوا لاحقاً بأنهم أخطأوا بشدة في تقدير عواقب الضربة.

وكان وزير الدفاع، لويد أوستن، اشتكى مباشرة لنظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، في مكالمة هاتفية في 3 أبريل (نيسان) من أن الهجوم عرّض القوات الأميركية في المنطقة للخطر، وأن عدم تنبيه واشنطن لم يترك لها الوقت الكافي لتعزيز دفاعاتها. ولم يكن لدى غالانت تعليق فوري على الأمر.

وبدت هشاشة الآلاف من القوات الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط، واضحة للغاية، عندما أطلقت الميليشيات المدعومة من إيران النار عليهم بشكل متكرر؛ ما أسفر عن مقتل ثلاثة وإصابة أكثر من 100 آخرين. ولم تتوقف هذه الهجمات سوى في مطلع فبراير (شباط) بعد انتقام الولايات المتحدة وتوجيهها تحذيرات شديدة لإيران.

وفي ليلة الغارة على دمشق، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفيرة السويسرية في طهران لنقل غضب طهران إلى واشنطن، إلى جانب رسالة مفادها أنها تعدّ الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لإسرائيل، مسؤولة عن الهجوم.

وباستخدام عمان وتركيا وسويسرا وسطاء - لأنه ليس لدى إيران والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية رسمية - أوضحت الولايات المتحدة لإيران أنها لم تشارك في الأمر، وأنها لا تريد الحرب.

الدبلوماسية مقابل الحرب

وزير الخارجية والشؤون الأوروبية الفرنسي ستيفان سيجورنيه والممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية جوزب بوريل في جلسة حول الشرق الأوسط على هامش قمة الدول السبع في كابري الإيطالية في 18 أبريل (إي بي أي)

أطلقت الحكومة الإيرانية حملة دبلوماسية مفتوحة وواسعة النطاق بشكل استثنائي، موضحة أنها ترى الهجوم انتهاكاً لسيادتها يتطلب الثأر. وأعلنت الحكومة أنها تتبادل الرسائل مع الولايات المتحدة، وأن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان كان يتحدث إلى ممثلي دول المنطقة ومسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى وقيادات في الأمم المتحدة.

وفي السابع من أبريل، التقى عبداللهيان في مسقط، عاصمة عمان، نظيره العماني بدر البوسعيدي. وتٌعد عُمان أحد الوسطاء الرئيسيين بين إيران والغرب. وكانت الرسالة الإيرانية في ذلك الاجتماع، طبقاً لمصدر دبلوماسي مطلع، أن إيران يجب أن ترد، لكنها ستبقي هجومها تحت السيطرة، وأنها لا تسعى إلى إشعال حرب إقليمية.

قبل الاجتماع وبعده، ثارت زوبعة من المكالمات الهاتفية بين الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبايدن وأوستين وسوليفان، ونظرائهم في إسرائيل والصين والهند والعراق وحلفاء «الناتو» وغيرهم، على حد قول المسؤولين.

وقال مسؤول أميركي إن إدارة بايدن لم يساورها اعتقاد بأن بإمكانها ثني إيران عن مهاجمة إسرائيل، لكنها كانت تأمل في تقليص نطاق الهجوم. وتحدث بلينكن إلى كبار أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي، وأكد لهم أن بلاده ستساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم إيراني، وحثّهم على عدم شن هجوم مضاد متهور دون دراسة جميع الاعتبارات.

من جهتها، عملت وكالات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية بشكل وثيق معاً، بمساعدة الأردن ودول شرق أوسطية أخرى، لمعرفة ما في وسعها فعله بشأن نوايا إيران. وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن وسطاء وحلفاء أبلغوا الولايات المتحدة وإسرائيل أن إيران تخطط لضرب مواقع عسكرية، وليس أهدافاً مدنية.

وقال مسؤولون إسرائيليون وإيرانيون إن رسالة طهران كانت أنها ستخفف حدة من هجومها؛ حتى لا تثير هجوماً إسرائيلياً مضاداً. إلا أن الجانب الإسرائيلي قال إنه على أرض الواقع، تعمد طهران إلى توسيع خططها الهجومية، وترغب على الأقل في أن تخترق بعض أسلحتها دفاعات إسرائيل.

إخطار مسبق وتوقعات غير صائبة

في البداية، توقّعت أجهزة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية أن تطلق إيران ما لا يزيد على 10 صواريخ أرض - أرض باتجاه إسرائيل. وبحلول منتصف الأسبوع الماضي، أدركوا أن إيران لديها شيء أكبر بكثير في ذهنها، وزاد الإسرائيليون تقديراتهم إلى ما بين 60 و70 صاروخ أرض- أرض. وحتى هذا التقدير تبين أنه منخفض للغاية.

والأربعاء، أكد بايدن علانية ما قاله هو ومساعدوه مراراً: «رغم الخلاف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن الالتزام بالدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات «راسخ».

ومع ذلك، ضاعفت إدارة بايدن، في الوقت ذاته، جهودها الدبلوماسية لتجنب المواجهة، وقال مسؤولون إيرانيون إن حكومتهم تلقت مكالمات الأسبوع الماضي تحثّ حكومتهم على ضبط النفس من دول عبر آسيا وأوروبا وأفريقيا – وهو جهد وصفوه بأنه محموم.

وأبلغت تركيا، في إطار نقلها رسالة إيرانية، للولايات المتحدة مفادها أن الهجوم الإيراني سيكون متناسباً مع ضربة دمشق، وفقاً لمصدر دبلوماسي تركي. وقال عبداللهيان، وزير الخارجية الإيراني، في تصريحات للتلفزيون الرسمي في اليوم التالي للقصف الإيراني، إن إيران أخطرت جيرانها بالهجوم قبل 72 ساعة من وقوعه، وإن كانت تفاصيل هذا التحذير غير واضحة.

وذكر مسؤولون إسرائيليون أنه، بفضل عوامل عدة، منها التعاون الدولي، كانت لديهم فكرة جيدة مسبقاً عن أهداف إيران وأسلحتها. وحرص الجيش الإسرائيلي على إجلاء عائلات من بعض القواعد الجوية، ونقل الطائرات بعيداً عن طريق الأذى.

وتولى الجيش الأميركي تنسيق جهود الدفاع الجوي مع القوات الإسرائيلية والبريطانية والفرنسية، وكذلك مع القوات الأردنية، التي تقع بين إيران وإسرائيل. وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان بهدوء لسنوات مع الدول العربية الصديقة لتطوير نظام دفاع جوي إقليمي يتضمن رصداً وإنذارات مشتركة. واكتسبت الجهود زخماً بعد هجمات عدة بمسيّرات ضد منشآت نفطية سعودية عام 2019.

وانتشرت أخبار الموجة الأولى من الهجوم الإيراني، السبت، والتي تضمنت 185 طائرة مسيّرة بطيئة نسبياً، في جميع أنحاء العالم قبل ساعات من وصول أي منها إلى إسرائيل. وكانت صواريخ كروز الثلاثون التي أطلقتها إيران في وقت لاحق أسرع بكثير، لكن التحدي الأكبر تمثل في الصواريخ الباليستية الإيرانية، التي تحركت بسرعة تفوق سرعة الصوت مرات عدة. وأطلقت إيران 110 منها؛ ما شكّل أول اختبار كبير لنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المضاد للصواريخ الباليستية.

وأسقطت الطائرات الحربية وأنظمة الدفاع الجوي الأميركية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية والأردنية معظم المسيّرات والصواريخ قبل وصولها إسرائيل. وقال مسؤولون إسرائيليون إن 75 طائرة فقط دخلت المجال الجوي الإسرائيلي، حيث جرى إسقاط معظمها كذلك. ولم يلحق الهجوم سوى أضرار طفيفة بقاعدة جوية واحدة، وجرى الإبلاغ عن إصابة واحدة خطيرة فقط.

قنوات مفتوحة خلال الهجوم

وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان في مؤتمر صحافي في طهران في 14 أبريل (أ ف ب)

قال مسؤولون إيرانيون إنه طوال فترة الضربة، أبقت وزارة الخارجية الإيرانية و«الحرس الثوري» خطاً ساخناً مفتوحاً مع الحكومة العُمانية؛ لتمرير الرسائل ذهاباً وإياباً مع الولايات المتحدة.

وفي الثالثة صباحاً، جرى استدعاء السفيرة السويسرية في طهران مرة أخرى - ليس إلى وزارة الخارجية، كما جرت العادة، ولكن إلى قاعدة لـ«الحرس الثوري»، تبعاً لما أفاده مسؤول إيراني وآخر أميركي. وطلب منها مسؤولون إيرانيون أن تنقل رسالة مفادها أن الولايات المتحدة يجب أن تبقى خارج القتال، وأنه إذا ردت إسرائيل، فإن إيران ستضرب مرة أخرى، بقوة أكبر ودون سابق إنذار.

وعدّت إيران وابل ضرباتها ضد إسرائيل عملاً محسوباً ومبرراً، ولا ينبغي أن يؤدي إلى التصعيد.

وقال اللواء حسين سلامي، القائد العام لـ«احرس الثوري»، عبر التلفزيون الرسمي: «نفذنا عملية محدودة، بالمستوى نفسه والمتناسب مع الأعمال الشريرة للنظام الصهيوني. كان من الممكن أن تكون هذه العمليات أكبر بكثير».

وقال بايدن لنتنياهو في اتصال هاتفي إن دفاع إسرائيل الناجح أثبت تفوقها الفني، بحسب جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني.

وقال كيربي، الاثنين: «حث الرئيس رئيس الوزراء الإسرائيلي على التفكير فيما يقوله هذا النجاح في حد ذاته لبقية المنطقة».

إلا أنه خلال مقابلات أجريت معهم، وصف مسؤولون إسرائيليون الهجوم بعبارات أكثر خطورة بكثير، ويرجع ذلك لعوامل، منها حجمه الهائل. وشددوا على أن الهجوم هذه المرة صدر عن دولة ذات سيادة، من داخل أراضيها، ضد إسرائيل مباشرة، وليس عبر وكلاء في الخارج.

استعداد بلا قرار

أمرت حكومة الحرب الإسرائيلية الجيش بوضع خطط لمجموعة واسعة النطاق من الضربات ضد أهداف في إيران حال وقوع هجوم إيراني واسع النطاق. وبعد ورود أنباء عن عمليات إطلاق إيرانية، السبت، قال بعض القادة خلف الأبواب المغلقة إنه يجب على إسرائيل الرد على الفور.

وقالوا إن الانتظار سيسمح للضغوط الدولية بتعزيز ضبط النفس الإسرائيلي، وقد يجعل إيران تعتقد أنها وضعت قواعد أساسية جديدة للصراع، ما تراه إسرائيل غير مقبول. ومن بين القادة الذين قدّموا هذه الحجة، وفقاً لما ذكره ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، بيني غانتس وجادي آيزنكوت، رئيسا الأركان المشتركة سابقاً اللذان يقفان بصفوف المعارضة البرلمانية لحكومة نتنياهو اليمينية، وعادة ما يعدّان أقل تشدداً، لكنهما انضما إلى حكومة الحرب، الخريف الماضي.

وكان سلاح الجو الإسرائيلي على استعداد لتنفيذ الأمر، لكن الأمر لم يصدر قط. ليلة السبت، وبعد أن تحدث نتنياهو إلى بايدن؛ ولأن الضرر كان محدوداً، أجّلت حكومة الحرب الإسرائيلية القرار، وتبع ذلك المزيد من التأجيلات.

ولا يزال العالم في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.

*خدمة «نيويورك تايمز»



طهران تكشف «حالة» طاقم السفينة المحتجزة لدى «الحرس الثوري»

ناقلة الحاويات «إم سي إس أيرس» (إكس)
ناقلة الحاويات «إم سي إس أيرس» (إكس)
TT

طهران تكشف «حالة» طاقم السفينة المحتجزة لدى «الحرس الثوري»

ناقلة الحاويات «إم سي إس أيرس» (إكس)
ناقلة الحاويات «إم سي إس أيرس» (إكس)

زعم مسؤول إيراني أن حالة طاقم السفينة المحتجزة لدى «الحرس الثوري» بصحة جيدة، ويعيشون بحرية ورفاهية على متنها، رداً على تقارير صحافية غربية كانت أشارت إلى أنهم محتجزون كـ«رهائن».

وقال علي أكبر مرزبان، وكيل الشؤون البحرية بمؤسسة الموانئ الإيرانية، إن «جميع أفراد طاقم السفينة البالغ عددهم 24 فرداً بصحة جيدة»، وإنه لا داعي للقلق بشأن سلامة هؤلاء الأشخاص، ونظافتهم، ورفاهيتهم، وسلامتهم»، طبقاً لما نقلته وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري الإيراني».

وفي 13 أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت بحرية «الحرس الثوري» الإيراني احتجاز سفينة شحن حاويات تحمل العلم البرتغالي، بزعم ارتباطها بإسرائيل قرب مضيق هرمز.

وأوضح أكبر مرزبان أن «الحرس الثوري» ضبط السفينة «لمخالفتها القوانين».

وانخرطت إيران منذ عام 2019 في سلسلة من عمليات الاستيلاء على السفن، وسط التوترات المستمرة مع الغرب بشأن برنامجها النووي الذي يتقدم بسرعة.

وقال أكبر مرزبان: «في البداية كان على متن السفينة MCS Aries 25 فرداً من الهند وباكستان والفلبين وروسيا وإستونيا، وعلى الفور انفصلت واحدة من أفراد الطاقم التي كانت هندية تعمل كمتدربة عن البقية، وعادت إلى وطنها».

صورة مثبتة من فيديو نشره «الحرس الثوري» الإيراني لدى استيلائه على إحدى السفن (أرشيفية - تويتر)

اتصالات دبلوماسية

وفور احتجاز السفينة، والقلق الذي أعربت عنه سفارات أفراد الطاقم على متنها السفينة، أجرت الحكومات المعنية اتصالات مع وزارة الخارجية الإيرانية، وبالتنسيق مع هيئة الموانئ والملاحة البحرية «تم إجراء المراسلات اللازمة لتتم متابعة الملف»، طبقاً للمسؤول الإيراني.

وأشار علي مرزبان إلى أن «طاقم السفينة المحتجزة لم يتعرض إلى التهديد»، وأن «الحكومة الإيرانية باعتبارها إحدى الدول الأعضاء في اتفاقية العمل البحري، عملت على ضمان صحة ونظافة ورفاهية وسلامة طاقم السفينة المعنية».

وقال علي مرزبان: «لا مجال لأي قلق. جميع أفراد الطاقم حاضرون على متن السفينة، ويتمتعون بجميع الحقوق التي يجب أن يتمتعوا بها».

وزعم المسؤول البحري الإيراني أن «الطاقم متواجد بحرية على السفينة، ولديهم مرافق إنترنت، وهاتف للتواصل مع عائلاتهم، وتم إبلاغ السفارات المعنية بكل الأمور».

والتقى المسؤول البحري الإيراني سفراء وممثلي سفارات رعاياها من طاقم السفينة، وفقاً لما ذكرته وكالة «تسنيم»، فيما أكد علي مرزبان أن الإجراءات التي اتخذتها منظمة الموانئ والملاحة البحرية ووزارة الخارجية طمأنت أسر وحكومات دول طاقم السفينة بشأن سلامة الطاقم.

واستدعت الخارجية البرتغالية في 16 من الشهر الحالي السفير الإيراني في لشبونة، منددة بالهجوم الإيراني على إسرائيل، ومطالبة بالإفراج عن السفينة.

وكانت إيران أكدت على لسان المتحدث باسم الخارجية أن السفينة احتجزت «بسبب انتهاكها قواعد الشحن الدولية، وعدم الردّ بشكل مناسب على الجهات الإيرانية المعنية»، وأنه «بناء على المعلومات... السفينة المحتجزة تابعة للكيان الصهيوني».

وقالت طهران، السبت الماضي، إنها تعتزم إطلاق سراح أفراد طاقم السفينة، وفق ما أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان لنظيره باولو رانغل.

وأفادت الخارجية الإيرانية، بأن أمير عبداللهيان أبلغ الوزير البرتغالي في اتصال هاتفي: «نهتم بالموضوع الإنساني المتمثل في إطلاق سراح طاقم السفينة».


الرئيس الإسرائيلي: استخدام المحكمة الجنائية الدولية ضد تل أبيب «يهدد الديمقراطيات»

طفل فلسطيني جريح بموقع تعرَّض لغارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني جريح بموقع تعرَّض لغارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

الرئيس الإسرائيلي: استخدام المحكمة الجنائية الدولية ضد تل أبيب «يهدد الديمقراطيات»

طفل فلسطيني جريح بموقع تعرَّض لغارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني جريح بموقع تعرَّض لغارة إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

عدَّ الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، اليوم الأربعاء، احتمال قيام المحكمة الجنائية الدولية بتوجيه التهم إلى قادة إسرائيليين، على خلفية الحرب في غزة، يمثل «خطراً على الديمقراطيات»، داعياً حلفاءه إلى «معارضة» ذلك. وقال مسؤولون إسرائيليون، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إنهم يتوقعون أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف ضد أعضاء في الحكومة الإسرائيلية، وربما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة. ووفق الصحيفة الأميركية، فإن المحكمة الجنائية الدولية تدرس أيضاً توجيه التهم إلى قادة من حركة «حماس». وقال هرتسوغ، عند استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تل أبيب، إن «محاولة استخدام المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل التي تحارب الإرهاب تشكل خطراً واضحاً ومباشراً على الديمقراطيات والدول الحرة المؤيدة للسلام التي تحترم قواعد القانون الدولي». وأضاف: «أدعو حلفاءنا وأصدقاءنا إلى معارضة ورفض مثل هذا الأمر»، مؤكداً أن «إسرائيل لديها نظام قضائي فعال جداً... لاحق أعلى سلطات هذا البلد مثلهم مثل أي مواطن. ونحن فخورون بذلك»، وفق ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت الولايات المتحدة، الاثنين، إنها «لا تؤيد» تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في ممارسات إسرائيل بقطاع غزة. وعدّ نتنياهو، الاثنين، أن هدف مذكرات التوقيف بحق قادة إسرائيليين، في حال صدورها، سيكون «تهديد قادة وجنود إسرائيل، وبشكل خاص لشل قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها». ودعا «قادة العالم الحر» إلى «إدانة هذه الخطوة الفاضحة، بشدة».

وتشن إسرائيل حربها على قطاع غزة، بعد هجوم أعضاء من حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على بلدات في غلاف غزة، وأدّى هجومها على غزة إلى سقوط 34568 قتيلاً معظمهم من المدنيين، وفق حصيلة نشرتها وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، اليوم الأربعاء.

وقالت الوزارة، في منشور على حسابها بموقع «فيسبوك»، اليوم، إن «الاحتلال الإسرائيلي ارتكب أربع مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل على أثرها للمستشفيات 33 شهيداً، و57 إصابة، خلال الـ24 ساعة الماضية». وأضافت أنه في «اليوم الـ208 للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم».


مذابح الآشوريين الكلدان... أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
TT

مذابح الآشوريين الكلدان... أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)

رفضت تركيا قراراً للجمعية الوطنية الفرنسية يطالب الحكومة بِعَدِّ ما وصفه بـ«المذابح التي ارتكبتها السلطات العثمانية بين عامي 1915و1918 ضد طائفة الآشوريين الكلدان»، إبادة جماعية.

ويلبي القرار طلباً متكرراً لطائفة الآشوريين الكلدان، لكنه تسبب بأزمة جديدة تضاف إلى الأزمات المتراكمة في العلاقات بين تركيا وفرنسا.

وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان: «الاتهامات بشأن الآشوريين الكلدان في الحقبة العثمانية، الواردة في القرار الصادر عن الجمعية الوطنية الفرنسية، الاثنين، تفتقر إلى أي سند قانوني وتاريخي، ونعد القرار باطلاً وملغى ومثالاً لمساعي تشويه الأحداث التاريخية من أجل مصالح سياسية». وأكدت أن القرار يتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقب عليها لعام 1948.

وتقدم رئيس كتلة «النهضة» الفرنسية (حزب الأغلبية الرئاسية)، سيلفان مايار، باقتراح القرار، وصوّت لصالحه جميع النواب باستثناء أعضاء حزب «فرنسا الأبية» اليساري الذين امتنعوا عن التصويت.


هجوم نادر... لماذا يُعدّ طعن تركي لإسرائيليين في القدس لافتاً؟

عناصر من قوات الطوارئ الإسرائيلية يطوِّقون منطقة حادث الطعن في القدس (رويترز)
عناصر من قوات الطوارئ الإسرائيلية يطوِّقون منطقة حادث الطعن في القدس (رويترز)
TT

هجوم نادر... لماذا يُعدّ طعن تركي لإسرائيليين في القدس لافتاً؟

عناصر من قوات الطوارئ الإسرائيلية يطوِّقون منطقة حادث الطعن في القدس (رويترز)
عناصر من قوات الطوارئ الإسرائيلية يطوِّقون منطقة حادث الطعن في القدس (رويترز)

بإعلان الشرطة الإسرائيلية، الثلاثاء، مقتل منفذ حادث طعن في القدس استهدف عناصرها، لفتت هوية المنفذ الأنظار، بعدما تبين أنه يحمل الجنسية التركية. وأفادت الشرطة بأن منفذ حادث الطعن، واسمه حسن ساكلانان (34 عاماً)، طعن شرطياً وأصابه بجروح عند «باب الساهرة» في البلدة القديمة بالقدس الشرقية، وأظهرت صورة لجواز سفره أنه دخل للبلاد، يوم الاثنين، بتأشيرة بوصفه سائحاً قادماً من الأردن.

ووفق البيان الإسرائيلي، فإن الرجل التركي هُرع نحو شرطي من حرس الحدود بالقرب من مدخل باب الساهرة، وطعنه في الجزء العلوي من جسده، قبل أن يتمكن الضابط الذي تعرض للطعن وشرطي آخر في المنطقة من إطلاق النار على المهاجم وقتله.

وأظهرت لقطات فيديو شاباً يسير خلف شرطيين في شارع ضيق في القدس العتيقة قبل أن ينقض على أحدهما ويبدأ بطعنه، ثم نشب اشتباك بالأيدي شوهد خلاله منفذ الهجوم والشرطي الجريح يتصارعان، بينما يحاول الضابط الثاني إبعاد المهاجم، وبعدها أطلق الشرطي المصاب وزميله النار عدة مرات من مسافة صفر على المهاجم حتى وهو ملقى على الأرض.

جواز سفر السائح التركي المنفذ للهجوم في القدس (إكس)

وتحولت أحياء القدس سريعاً إلى ثكنة عسكرية، قبل أن يصل إلى المكان قائد منطقة القدس في الشرطة دورون ترجمان الذي قاد مشاورات لإجراء تقييم وجمع الأدلة، وخلال ذلك، اقتحمت قوة كبيرة من المخابرات الإسرائيلية فندقاً وسط شارع صلاح الدين، كان يقيم فيه منفذ الهجوم، وأجروا تحقيقات، ثم فتشوا غرفته، وصادروا أغراضه.

ورغم أن دوافع الحادث لم تُعلن رسمياً بعد وكذلك فإن ارتباطات منفذه غير واضحة، لكن مراقبين يدققون بشأن ما إذا كان معبراً عن نمط محتمل لهجمات مستقبلية.

حادث نادر

وبين الحين والآخر ينفذ فلسطينيون عمليات طعن أو دهس ضد القوات الإسرائيلية في نطاقات عدة، لكن الهجوم الذي نفذه التركي ساكلانان يعد غير مسبوق، إذ إنه الأول الذي ينفذه شخص غير عربي.

وانتبهت وسائل الإعلام العبرية للمفارقة التي كرسها الحادث، إذ قال موقع «تايمز أوف إسرائيل» إنه «لم تقع مثل هذه الحوادث في الذاكرة الحديثة».

وتأكيداً على تلك الندرة، فإن أقرب حادث طعن نفذه شخص من غير الفلسطينيين كان قبل نحو 8 سنوات.

وهاجم محمد الكساجي (أردني في الخمسينات من عمره) عناصر شرطة إسرائيليين في القدس أثناء ما عُرف بـ«هبَّة القدس» عام 2017 مستخدماً سكيناً قبل أن يُقتل، وكان الكساجي قد وصل إلى القدس كذلك من خلال تأشيرة دخول (فيزا) خاصة بمجموعة سياحية. وفي عام 2016 قتلت شرطية إسرائيلية، الشاب الأردني سعيد العمرو (28 عاماً) في القدس بعد أن قالت إنه حاول طعنها عند باب العامود، وهي رواية لم يقبلها الأردن آنذاك.

وعلى الرغم من كونه هجوماً مسلحاً تضاربت الروايات بشأن دوافعه بين القاهرة وتل أبيب، فإن الحدود المصرية - الإسرائيلية، شهدت العام الماضي هجوماً من الجندي المصري محمد صلاح، الذي قتل بسلاحه جنوداً بعد دخوله إلى المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل.

توتر في العلاقات

ويأتي الهجوم التركي في القدس، في وقت تمر فيه العلاقات بين إسرائيل وتركيا بفترة متوترة على خلفية دعم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حركة «حماس».

وقبل ساعات من الهجوم فقط، كان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد نشر صورتين على منصة «إكس» إردوغان ومؤسس الجمهورية التركية كمال أتاتورك، وكتب معلقاً: «يا له من فرق شاسع بين كمال أتاتورك الذي تحرر من أغلال (الإسلام المتطرف) وأسس الدولة التركية الحديثة والمتطورة، وبين الذي احتضن (القتلة والمغتصبين) من (حماس) وجر تركيا إلى أماكن مظلمة»، وفق تعبيره.

ولم يعقب أي مسؤول سياسي إسرائيلي فوراً على الهجوم في القدس، والذي جاء في وقت يحاول فيه فلسطينيون تنفيذ هجمات في شمال الضفة، وبعد أسبوع من هجمات دهس في القدس.

وفي سياق قريب شهد موقع آخر في الضفة الغربية محاولة هجوم بالدهس في قرية برطعة شمالاً بعد أن حاولت سيارة فلسطينية دهس عناصر من شرطة من «حرس الحدود»، ولم تقع إصابات، وردت الشرطة بإطلاق النار على السيارة، قبل أن يفر منفذ العملية سيراً على الأقدام، وبدأت في أعقابه عملية مطاردة.

وصعدت إسرائيل في هجماتها الضفة الغربية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقتلت نحو 500 فلسطيني، وجرحت واعتقلت الآلاف في هجمات دمرت خلالها منازل وبنى تحتية.


نتنياهو: إصدار «الجنائية الدولية» مذكرات توقيف بحق قادة إسرائيليين سيكون فضيحة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو: إصدار «الجنائية الدولية» مذكرات توقيف بحق قادة إسرائيليين سيكون فضيحة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين بتهم تتعلق بسير حربها ضد حركة «حماس»، فإن ذلك سيكون فضيحة على نطاق تاريخي.

وقال نتنياهو: «إن احتمال إصدار مذكرات اعتقال ضد قادة الجيش الإسرائيلي وقادة الدولة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، هذا الاحتمال سيكون فضيحة على نطاق تاريخي».

وأضاف: «أريد أن أوضح شيئاً واحداً: لن يؤثر أي قرار، لا في لاهاي ولا في أي مكان آخر، على عزمنا على تحقيق جميع أهداف الحرب - إطلاق سراح جميع الرهائن، والنصر الكامل على حماس، والتعهد بألا تشكل غزة بعد الآن أي تهديد لإسرائيل».


إمام مسجد وعمره 34 عاماً... ماذا نعرف عن التركي منفذ الطعن في القدس؟

جواز سفر السائح التركي المنفذ للهجوم في القدس (إكس)
جواز سفر السائح التركي المنفذ للهجوم في القدس (إكس)
TT

إمام مسجد وعمره 34 عاماً... ماذا نعرف عن التركي منفذ الطعن في القدس؟

جواز سفر السائح التركي المنفذ للهجوم في القدس (إكس)
جواز سفر السائح التركي المنفذ للهجوم في القدس (إكس)

قتلت الشرطة الإسرائيلية الشاب التركي حسن ساكلانان، الثلاثاء، بعدما طعن شرطياً إسرائيلياً وأصابه بجروح عند «باب الساهرة» في البلدة القديمة بالقدس الشرقية.

وتوجه حسن ساكلانان، البالغ من العمر 34 عاماً، الذي «كان يعمل إمام مسجد في ولاية شانلي أورفا، جنوب شرقي تركيا، إلى القدس، ضمن فوج سياحي تركي قبل 72 ساعة»، حسب ما ذكرت وسائل إعلام تركية.

ونقلت تقارير تركية أن ساكلانان «مولود في الأول من يناير (كانون الثاني) 1990 في بلدة إيوبيه بولاية شانلي أورفا وأب لطفلين»، وأضافت أن الحادث «وقع بعدما استفز جنود إسرائيليون بعض السياح الأتراك في المنطقة».

وبثت وكالة «الأناضول» الرسمية التركية خبراً حول الحادث نقلت فيه بيان الشرطة الإسرائيلية الذي ذكر أن «الشرطة الإسرائيلية قتلت رجلاً بعد أن هاجم شرطياً بسكين في البلدة القديمة بالقدس الشرقية، بعدما حاول مهاجمة الشرطة بسكين في منطقة باب الساهرة (هيرود) في البلدة القديمة، وقامت الشرطة بتحييد المشتبه به بإطلاق النار، وتم العثور على المهاجم وبحوزته سكين».

وأضافت الوكالة التركية، نقلاً عن البيان الإسرائيلي، أن «الشرطي الذي أصيب في الجزء العلوي من جسده بحالة جيدة، وزعم أن الشخص الذي حاول الاعتداء عليه هو مواطن تركي يبلغ من العمر 34 عاماً».

وتابعت الوكالة التركية أنه «في حين لم تشارك الشرطة الإسرائيلية معلومات حول الحالة الصحية للشخص الذي أصيب بالرصاص، إلا أن فريقها سجل اللحظات التي قامت فيها الطواقم الطبية بنقل جثة من مكان الحادث، كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الشخص المعني قُتل بنيران الشرطة، وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها تواصل تحقيقاتها في الحادث، وقامت بمداهمة الفندق الذي كان يقيم فيه المهاجم المزعوم».

مسعفون إسرائيليون يحملون جثمان منفذ هجوم الطعن في القدس (رويترز)

وتداول مستخدمون لمنصات التواصل الاجتماعي في تركيا معلومات تفيد بأن «ساكلانان انفصل عن الفوج الذي سافر معه إلى القدس بداعي المرض».

وتصدر اسم حسن ساكلانان وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا تحت وسم «البطل التركي الشهيد»، وتقدم حزب «هدى بار»، المتحالف مع حزب «العدالة والتنمية الحاكم»، بالعزاء لأسرة ساكلانان والشعب التركي في «استشهاده برصاص الاحتلال الإسرائيلي».

ولم يصدر أي تعليق رسمي عن الحكومة التركية حول الحادث. كما لم يتطرق المتحدث باسم «العدالة والتنمية»، عمر تشيليك، إلى الحادث رغم تخصيص جانب كبير من المؤتمر الصحافي، عقب اجتماع اللجنة المركزية للحزب برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، للحديث عن الأوضاع في غزة، والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة فيها.

وينظم العديد من الشركات السياحية التركية رحلات منتظمة لزيارة القدس، إضافة إلى رحلات تنظمها للأتراك المقيمين في الخارج، بخاصة من الدول التي توجد بها أعداد كبيرة من الأتراك مثل ألمانيا التي يوجد بها أكثر من 3.5 مليون تركي.


«ديمقراطية مُمزقة»... ماذا فعلت حرب غزة في الجامعات الفرنسية؟

رجال مكافحة الشغب في فرنسا يتهيأون لاقتحام حرم جامعة السوربون لفض اعتصام طالبي الاثنين الماضي (إ.ب.أ)
رجال مكافحة الشغب في فرنسا يتهيأون لاقتحام حرم جامعة السوربون لفض اعتصام طالبي الاثنين الماضي (إ.ب.أ)
TT

«ديمقراطية مُمزقة»... ماذا فعلت حرب غزة في الجامعات الفرنسية؟

رجال مكافحة الشغب في فرنسا يتهيأون لاقتحام حرم جامعة السوربون لفض اعتصام طالبي الاثنين الماضي (إ.ب.أ)
رجال مكافحة الشغب في فرنسا يتهيأون لاقتحام حرم جامعة السوربون لفض اعتصام طالبي الاثنين الماضي (إ.ب.أ)

يريد رئيس الحكومة الفرنسية، غبريال أتال، أن يجسد الخط المتشدد في تعامل السلطات مع الحراك الطلابي الذي وصل إلى الجامعات والمعاهد الفرنسية من الولايات المتحدة الأميركية احتجاجاً على المقتلة المتواصلة في غزة، التي أوقعت خلال ما يزيد على 6 أشهر ما لا يقل عن 34 ألف قتيل.

ويُضاف إلى العدد المخيف من القتلى عشرات آلاف الجرحى، وأزمة إنسانية حادة، أحد عناوينها الموت جوعاً، ما دفع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى مقارنة غزة بالمدن الألمانية التي دمرت تماماً في الحرب العالمية الثانية.

علّق أتال، يوم السبت الماضي، على الحراك الطلابي المتواصل في «معهد العلوم السياسية» في باريس، بأنه «مشهد مؤسف وصادم»، وزاد: «لن يكون هناك تساهل مع أقلية فاعلة وخطيرة وتسعى لفرض قواعدها على طلابنا وأساتذتنا».

رئيس الحكومة الفرنسية غبريال أتال يتوسط عدداً من المسؤولين في جولة السبت الماضي (أ.ف.ب)

وانتقد رئيس الحكومة، رافع شعار «إعادة السلطة والهيبة إلى القطاع التعليمي»، إغلاق المعاهد والجامعات ومنع التعليم، موجهاً سهامه إلى «قوى سياسية»، وبالدرجة الأولى إلى حزب «فرنسا الأبية» الذي يعدّه مثيراً لـ«الأقلية الساعية إلى منع تواصل الدراسة».

السوربون

وما شهده «معهد العلوم السياسية» انتقل إلى جامعة «السوربون» التاريخية حيث اعتصم العشرات من الطلاب في باحتها، ونصبوا خياماً باتوا فيها قبل أن تستدعي إدارة الجامعة قوات الأمن التي تدخلت لفكّ الاعتصام ونزع الخيام وإخراج المحتجين منها.

وبيّنت مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع عنف رجال الشرطة في التعامل مع المعتصمين. ونقلت وكالة «رويترز» عن طالب في «السوربون»، اسمه لويس مازير، كان حاضراً لدى وصول قوة الشرطة، قوله: «نصبنا الخيام... مثلما حدث في كثير من الجامعات الأميركية... ونبذل ما في وسعنا كي نرفع مستوى الوعي بشأن ما يحدث في فلسطين، والإبادة الجماعية المستمرة في غزة».

ويضيف الطالب: «جاءت الشرطة مسرعة، وأسقطت الخيام، وأمسكت بالطلاب من ياقاتهم وجرتهم على الأرض. هذا ليس مقبولاً... لقد صُدمنا تماماً».

طلاب مؤيدون لغزة لدى اعتصامهم خارج مبنى جامعة السوربون في باريس الاثنين (إ.ب.أ)

واحتجاجاً على ما حصل في حرم الجامعة، حصلت مظاهرة عفوية خارج «السوربون» بمشاركة مئات من الطلاب وغيرهم احتجاجاً على تصرف الشرطة، وتواصل المقتلة في غزة. بيد أن مصدراً في الشرطة نفى اللجوء إلى العنف، وأكد أن «عملية (الإخلاء) استغرقت بضع دقائق فقط، وجرت بسلام دون وقوع أي مشكلة».

وقبلها، نجحت إدارة «معهد العلوم السياسية»، بعد أيام من الاحتجاجات الطلابية، في تجنب تدخل الشرطة في حرم المعهد بعد أن توصلت إلى اتفاق مع ممثلي الطلاب يقضي بسحب الملاحقة القانونية بحقّ المحتجين وتخصيص يوم الخميس من أجل حوار حول الوضع في غزة.

وكان الطلاب في «السوربون» وفي «معهد العلوم السياسية» قد طالبوا بإدانة إسرائيل، وبوضع حد للتعاون بينها وبين هذين الصرحين التعليميين. وأصدر «الاتحاد الطلابي» بياناً يوم الاثنين دعا فيه إلى «تكثيف التعبئة» في المواقع الجامعية، فيما حثّ حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد أنصاره على دعم المضربين والانضمام إليهم. كذلك، فإن «الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا» أصدر من جانبه بياناً يدعو فيه إلى «التعبئة» واللجوء إلى كل الأساليب التي يرونها «شرعية» للتنديد بما وصفه «محاولات إسكاتهم».

لجوء إلى القضاء

بالتوازي مع اللجوء إلى القوى الأمنية لقمع الطلاب، ومنع توسع الاحتجاجات في الجامعات، ثمة وسيلة أخرى يتم اللجوء إليها لردع التعبير عن دعم غزة والتنديد بـ«المجازر» التي ترتكبها إسرائيل، عنوانها «اللجوء إلى القضاء» وتقديم الشكاوى.

وتدور هذه الشكاوى التي تعدّ بالعشرات، حول تهمتين رئيسيتين. هما «تمجيد الإرهاب، ومعاداة السامية». والاتهامات والشكاوى من فعل 3 منظمات: «المنظمة اليهودية الأوروبية»، و«المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية» في فرنسا، و«الشبيبة الفرنسية اليهودية».

ولتبيان مدى الدعاوى، تكفي الإشارة إلى أن 386 دعوى قدّمت بحجة «تمجيد الإرهاب» أو «معاداة السامية» منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويوم الثلاثاء، حضرت ماتيلد بانو، رئيسة المجموعة البرلمانية لحزب «فرنسا الأبية»، إلى مقرّ مديرية الشرطة الجنائية في باريس تلبية لاستدعاء وجّه إليها يتضمن تهمة «تمجيد الإرهاب»، ومصدرها «المنظمة اليهودية الأوروبية» استناداً إلى بيان أصدرته بانو، قبل 7 أشهر تقريباً، وتحديداً يوم 7 أكتوبر الماضي، وعدّت فيه ما قامت به «حماس» «هجوماً مسلحاً من جانب قوى فلسطينية».

ماتيلد بانو رئيسة المجموعة النيابية لحزب «فرنسا الأبية» تدلي بتصريحات الثلاثاء قبل التحقيق معها (أ.ف.ب)

وفي اليوم نفسه، استدعيت المحامية الفلسطينية - الفرنسية، ريما حسن، للاستجواب أيضاً بتهمة مماثلة استناداً إلى مقابلة أجرتها معها مجلة «لو كرايون» (القلم)، عدّت فيها ما فعلته «حماس» «عملاً مشروعاً».

وترد ريما حسن، المرشحة على لائحة «فرنسا الأبية» للانتخابات الأوروبية، على هذا الادعاء بتأكيد أن عبارتها «أخرجت من سياقها»، وأنها بطبيعة الحال تدين «الإرهاب»، من أي طرف جاء. وقبل بدء جلسة الاستماع لماتيلد بانو، تجمع عدة مئات من المتظاهرين للتنديد باستدعائها، وبالرقابة السياسية المفروضة. ووصفت بانو، في كلمة مقتضبة، استدعاءها بأنه «هروب إلى الأمام»، وتساءلت: «في أي ديمقراطية يتم اللجوء إلى طرق محاربة الإرهاب ضد مناضلين سياسيين وفاعلين في الأنشطة النقابية؟!».

لوبي إسرائيلي

ووجّهت ريما حسن حديثها للمنظمات التي تطاردها وغيرها بتهم «تمجيد الإرهاب»، و«معاداة السامية»، وقالت: «أريد أن أقول لمنظمات اللوبي الداعمة لإسرائيل إن دعواهم لن تسكتنا».

وفي إشارة لما وصفته بـ«مجازر غزة»، استشهدت ريما حسن بالمحامية الفرنسية اليهودية الشهيرة جيزيل حليمي التي قالت يوماً: «ألم يأمل العالم أن تكون المحرقة (اليهودية) النهاية المطلقة للبربرية» بمعنى أن ما يحصل في غزة محرقة مماثلة.

المحامية الفلسطينية - الفرنسية ريما حسن تتحدث الثلاثاء في تجمع بدعوة من حزب «فرنسا الأبية» (أ.ف.ب)

بدوره، عدّ المرشح الرئاسي السابق وزعيم «فرنسا الأبية»، جان لوك ميلونشون، في كلمة على منصة «إكس»، يوم 23 أبريل (نيسان) الماضي، أن الاستدعاءات «حادث غير مسبوق في تاريخ الديمقراطية الفرنسية، وغرضه حماية المجزرة الحاصلة في غزة».

وميلونشون نفسه مدعو للتحقيق بدعوى من وزيرة التعليم بسبب تصريحات أدلى بها عندما منع مرتين في مؤتمر صحافي في مدينة «ليل» (شمالاً) كان يفترض أن يحصل بمشاركة ريما حسن.

وكتب زعيم «فرنسا الأبية»، الثلاثاء، على «إكس»، مشيراً إلى المرشحة الفلسطينية - الفرنسية: «هناك مرشحة مدعوة للتحقيق لدى الشرطة بسبب أفكارها. الديمقراطية الفرنسية ممزقة، والعالم ينظر إلينا بذهول».

أكبر جاليتين

من الضروري معرفة أن حزب «فرنسا الأبية» متهم من مناوئيه بأنه يسعى لاستغلال حرب غزة والوقوف إلى جانب الفلسطينيين «لأغراض انتخابية». ويُعد اليمين المتطرف واليمين التقليدي من أشد المنتقدين للحزب المذكور، إلى جانب حزب «النهضة» وحليفيه «حزب هورايزون» الذي يرأسه رئيس الحكومة الأسبق إدوار فيليب، وحزب «الحركة الديمقراطية» برئاسة الوزير الأسبق فرنسوا بايرو.

وخلال كل مناسبة انتخابية، تشتد الهجمات على ميلونشون وحزبه، ويحلو لليمين إطلاق اسم «التحالف اليساري - الإسلاموي» على «فرنسا الأبية» لسعيه، كما يزعم منتقدوه، إلى اجتذاب أصوات المهاجرين وأبنائهم والمسلمين على وجه الخصوص في ضواحي المدن الكبرى.

وعمد «فرنسا الأبية» إلى جعل الدفاع عن الفلسطينيين في غزة المحور الرئيسي والتعبوي لحملته للانتخابات الأوروبية التي ستجرى في يونيو (حزيران) المقبل. وتثير حرب غزة انقساماً حاداً في فرنسا، حيث تعيش أكبر جاليتين مسلمة ويهودية في أوروبا الغربية.

وفي بداية الحرب، عمدت السلطات الفرنسية إلى منع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين بحجة الخوف من الإخلال بالنظام العام. إلا أن الأحكام القضائية أبطلت القرارات الحكومية. ومنذ ذلك التاريخ، تسير كل يوم سبت مظاهرة في شوارع العاصمة، وكانت تعم سابقاً كثيراً من المدن الفرنسية.


«إبادة الآشوريين الكلدان»... أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
TT

«إبادة الآشوريين الكلدان»... أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)

أضيفت أزمة جديدة إلى سجل الأزمات المتراكمة في العلاقات بين تركيا وفرنسا، على خلفية قرار للجمعية الوطنية الفرنسية يطالب الحكومة بجعْل ما وصفه بـ«المذابح التي ارتكبتها السلطات العثمانية بين عامي 1915و1918 ضد طائفة الآشوريين الكلدان» إبادة جماعية.

وأثار القرار الذي أقرته الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) بشأن مزاعم إبادة الآشوريين والكلدان في زمن الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، غضب تركيا.

وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان: «الاتهامات بشأن الآشوريين الكلدان في الحقبة العثمانية، الواردة في القرار، تفتقر إلى أي سند قانوني وتاريخي ونعدّه باطلاً وملغىً».

ولفت البيان إلى أن الحكومة الفرنسية لم تؤيد قراراً مماثلاً اعتمده مجلس الشيوخ الفرنسي عام 2023، مضيفاً أن «حقيقة إدراج الاتهامات ذاتها، التي لا أساس لها من الصحة، على جدول أعمال الجمعية الوطنية من قبل نواب الحزب الحاكم هذه المرة هو مثال على مساعي تشويه الأحداث التاريخية من أجل مصالح سياسية».

وأكد البيان أن البرلمانات لا تملك سلطة تفسير التاريخ والحكم عليه، وأن «هذا القرار يتعارض أيضاً مع اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، والتي تنص على أنه لا يمكن توجيه الاتهام بجريمة الإبادة الجماعية إلا من قبل محكمة مختصة».

وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية، الاثنين، على اقتراح قرار قدمه رئيس كتلة النهضة (حزب الأغلبية الرئاسية)، سيلفان مايار، يطالب الحكومة بجعل «المذابح التي ارتكبتها السلطات العثمانية بين عامي 1915و1918 ضد الآشوريين الكلدان» إبادة جماعية. وصوّت جميع النواب لصالح القرار باستثناء أعضاء حزب «فرنسا الأبية» اليساري الذين امتنعوا عن التصويت.

ويلبي القرار طلباً متكرراً لطائفة الآشوريين الكلدان بهذا الاعتراف. وورد في نصه أن «الإبادة الجماعية للأرمن معترف بها من جانب كثير من الدول والمنظمات الدولية، وتعدّ واحدة من عمليات الإبادة الجماعية الأربع المقبولة رسمياً في الأمم المتحدة، ويتم إحياء ذكراها في 24 أبريل (نيسان) من كل عام من قبل فرنسا، ومذبحة الآشوريين تعاني عدم الاعتراف بها على أنها إبادة جماعية».

وجاء في نص القرار أنه «بين عامي 1915 و1918 تعرض الآشوريون في شمال بلاد ما بين النهرين (المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا الحالية والمنطقة الشمالية الغربية من إيران) للذبح والتهجير القسري على أيدي القوات العثمانية والأكراد والأسلمة القسرية التي مارسها النظام العثماني».

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)

ودعا الحكومة «إلى الاعتراف بأن الترحيل وقمع التراث الثقافي لأكثر من 250 ألف آشوري كلداني كان إبادة جماعية»، وطالبها بإدانة هذه الأعمال.

وتنطوي العلاقات التركية - الفرنسية على العديد من الملفات الخلافية التي تفجر التوتر بين الحين والآخر، من بينها اعتراف فرنسا بأحداث وقعت للأرمن في شرق الأناضول عام 1918 بأنها «إبادة جماعية للأرمن» على يعد العثمانيين، ورفض انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، ودعم اليونان في موقفها ضدها في شرق البحر المتوسط، ودعم أرمينيا في نزاعها مع أذربيجان في ناغورني قره باغ، وكذلك دعم «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعدّها أنقرة تنظيماً إرهابياً وتقاتلها في شمال سوريا.

مفاوضات الدستور الجديد

على صعيد آخر، انطلقت رسمياً، الثلاثاء، المفاوضات حول الدستور الجديد داخل البرلمان التركي، وبدأ رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، جولة على قادة الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان، التقى في بدايتها زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، بمقر مجموعة الحزب بالبرلمان.

وقال كورتولموش، في تصريحات مشتركة مع أوزيل، إن اللقاء إنه كان بناء. وأضاف: «تحدثت عن وجود بيئة تفاوض مفتوحة فيما يتعلق بالدستور الجديد، وهذا أمر ضروري. الأحزاب لديها مقترحات، ونريد دستوراً بتوافق اجتماعي، نود أن نتلقى آراء بشأن الإجراء حتى نهاية شهر مايو (أيار)، ربما في الصيف تنضج الأطراف مقترحاتها وتبدأ بيئة التفاوض عندما يعود البرلمان من عطلته الصيفية».

بدوره قال أوزيل: «إذا كنا سنلتزم بالدستور فلنغيره، في المرات السابقة التي جرى فيها تعديل الدستور لم يتم اتباعه، وقد أعربنا عن حساسيتنا بشأن هذه المسألة، سنناقش الأمر في حزبنا».

وقال رئيس حزب «الجيد» مساوات درويش أوغلو: «إذا تضمن التعديل الدستوري الجديد مواد تعزز نظام الرجل الواحد فسنقف ضده، جنباً إلى جنب مع أصدقائنا البرلمانيين، أما إذا ظهرت علامات التحول إلى نظام ديمقراطي برلماني، فسوف نجلس ونتحدث».


الجيش الإسرائيلي يطلق النار على مشتبه بهم بالقرب من الحدود المصرية

جنود إسرائيليون في مركبة بالقرب من حدود إسرائيل مع قطاع غزة... إسرائيل في 30 أبريل 2024 (رويترز)
جنود إسرائيليون في مركبة بالقرب من حدود إسرائيل مع قطاع غزة... إسرائيل في 30 أبريل 2024 (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يطلق النار على مشتبه بهم بالقرب من الحدود المصرية

جنود إسرائيليون في مركبة بالقرب من حدود إسرائيل مع قطاع غزة... إسرائيل في 30 أبريل 2024 (رويترز)
جنود إسرائيليون في مركبة بالقرب من حدود إسرائيل مع قطاع غزة... إسرائيل في 30 أبريل 2024 (رويترز)

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الثلاثاء)، إن جنوده أطلقوا النار على مجموعة من المشتبه بهم في منطقة جبل حريف الواقعة قرب الحدود مع مصر ما أدى إلى إصابة عدد منهم. ولم يذكر المزيد من التفاصيل.


إسرائيل تنتظر رد «حماس» لوقف القتال قبل المشاركة في محادثات القاهرة

فلسطينيون يبكون أقاربهم بعد أن قُتلوا في غارة إسرائيلية على رفح (د.ب.أ)
فلسطينيون يبكون أقاربهم بعد أن قُتلوا في غارة إسرائيلية على رفح (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تنتظر رد «حماس» لوقف القتال قبل المشاركة في محادثات القاهرة

فلسطينيون يبكون أقاربهم بعد أن قُتلوا في غارة إسرائيلية على رفح (د.ب.أ)
فلسطينيون يبكون أقاربهم بعد أن قُتلوا في غارة إسرائيلية على رفح (د.ب.أ)

قال مصدر مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الثلاثاء)، إن إسرائيل تنتظر رد حركة «حماس» على مقترحات لوقف القتال في غزة وإعادة الرهائن الإسرائيليين، قبل إرسال فريق إلى القاهرة؛ لمواصلة المحادثات.

وازدادت التوقعات، في الأيام القليلة الماضية، باحتمال اقتراب التوصّل لاتفاق في أعقاب تجدد الجهود بقيادة مصر لاستئناف المفاوضات المتوقفة بين إسرائيل و«حماس».

ولكن حتى الآن لم تظهر مؤشرات تذكر على الاتفاق بشأن نقطة الخلاف الأساسية الأكبر بين الجانبين، وهي مطلب «حماس» بأن أي اتفاق يجب أن يضمن انسحاب القوات، ووقفاً دائماً للعملية الإسرائيلية في غزة.

وقال مسؤول فلسطيني من جماعة متحالفة مع «حماس»: «لا يعقل أن نقول لشعبنا إن الاحتلال سوف يبقى أو إن القتال سيستمر بعد أن تحصل إسرائيل على أسراها... شعبنا يريد أن يتوقف هذا العدوان».

وبالنسبة لنتنياهو، من المرجح أن يتأثر قراره بانقسامات داخل حكومته بين وزراء يسعون إلى استعادة بعض المحتجزين في غزة، البالغ عددهم 133، ووزراء ينتمون إلى اليمين المتطرف يصرون على المضي قدماً في هجوم طال انتظاره على ما تبقى من كتائب لحركة «حماس» في مدينة رفح بالجنوب.

لكن مسؤولين إسرائيليين يقولون إن العملية في رفح ستمضي قدماً إذا لم تقبل حركة «حماس» المقترح الحالي الذي لا يتضمن وقفاً نهائياً لإطلاق النار لكن ينطوي على إعادة 33 من الرهائن الأكثر ضعفاً، في مقابل الإفراج عن عدد أكبر من السجناء الفلسطينيين ووقف محدود للقتال.

وقال مسؤول إسرائيلي آخر طلب، عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية المحادثات: «من ناحية إسرائيل، هذه هي الفرصة الأخيرة لتأجيل عملية اجتياح رفح. بدأ الجيش الإسرائيلي بالفعل تعبئة القوات لهذه العملية».