تقرير: شراكة طهران المتنامية مع موسكو تعزز قدرات البلدين

مسؤولو الاستخبارات: إيران تعزز دفاعاتها ضد الغارات الإسرائيلية بالأسلحة الروسية

TT

تقرير: شراكة طهران المتنامية مع موسكو تعزز قدرات البلدين

امرأة إيرانية تمر أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل تحمل صور صواريخ إيرانية  في طهران15 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
امرأة إيرانية تمر أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل تحمل صور صواريخ إيرانية في طهران15 أبريل 2024 (إ.ب.أ)

دعت إحدى شركات تصنيع الأسلحة الروسية في مارس (آذار) الماضي، وفداً من الإيرانيين إلى جولة تسوق لكبار الشخصيات في مصانع الأسلحة الروسية.

وحظي الزائرون السبعة عشر بوجبات غداء وعروض ثقافية، وفي اليوم الأخير، زار الوفد الإيراني مصنعاً متخصصاً في إنتاج أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، وهو أمر يُعتقد أنه جزء من استراتيجية تعاون أعمق بين البلدين.

يخضع المصنع الحربي ««NPP Start، في مدينة يكاترينبرغ، لعقوبات أميركية لدعمه حرب روسيا ضد أوكرانيا. ومن بين صناعاته - منصات إطلاق متنقلة ومكونات أخرى للبطاريات المضادة للطائرات - بما في ذلك نظام «S - 400» الروسي، والذي يقدر المحللون العسكريون أنه قادر على اكتشاف وتدمير طائرات الشبح التي تقودها إسرائيل والولايات المتحدة. حسبما أفادت صحيفة «واشنطن بوست».

وصفت وثيقة روسية مسربة جزءاً من رسائل البريد الإلكتروني الإيراني المسروق التي نشرها مجموعة من القراصنة على الإنترنت في فبراير (شباط)، الجولة بأنها عرض للإمكانات العلمية والتقنية والقدرات الإنتاجية التي يمكن أن تقدمها روسيا لإيران.

ووصف مسؤولو الاستخبارات الأميركية الزيارة بالشراكة الاستراتيجية العميقة بين موسكو وطهران خلال العامين الماضيين منذ الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا. حيث وافقت إيران في عام 2022 على توريد آلاف الطائرات دون طيار والصواريخ لروسيا خلال الصراع مع أوكرانيا. ومنذ ذلك الحين، امتزجت العلاقات بين البلدين بالاتفاقيات العسكرية وتبادل التكنولوجيا، مما عزز قدرة إيران على مواجهة أي هجمات محتملة من إسرائيل أو الولايات المتحدة.

وحسب الصحيفة، تبقى تفاصيل الصفقات غير واضحة، ولكن يُعتقد أنها تشمل توريد طائرات «Su - 35» وهي واحدة من القاذفات المقاتلة الأكثر قدرة في روسيا، وتحديثاً كبيراً محتملاً للقوات الجوية الإيرانية التي تتكون بشكل أساسي من طائرات أميركية وسوفياتية أعيد بناؤها، يعود تاريخها إلى عام 1979. وتقديم المساعدة الفنية لأقمار التجسس الإيرانية، وكذلك المساعدة في بناء الصواريخ لوضع المزيد من الأقمار الاصطناعية في الفضاء. وتطوير القدرات الدفاعية لإيران، مما يرفع مكانتها بوصفها شريكاً استراتيجياً لروسيا.

ومن ناحية أخرى، تسعى إيران إلى تعزيز قدراتها الدفاعية من خلال شراء بطاريات «S - 400» الروسية، لحماية منشآتها العسكرية والنووية من أي هجمات محتملة. وعلى الرغم من عدم وجود دليل علني على تسليم هذه البطاريات، فإن الخبراء يشيرون إلى أن هذه الخطوة تعكس تصميم إيران على تعزيز قدراتها الدفاعية.

صرح كان كاسابوغلو، زميل بارز في معهد هدسون في واشنطن، بأن «تسليح روسيا لقواعدها في سوريا بالأنظمة الدفاعية المتطورة قد يجعل المجال الجوي الإيراني مكاناً أكثر خطورة».

وقال مسؤولون استخباراتيون إن التطورات الأخيرة مع تصاعد التوترات في سوريا، تشير إلى التطور في مجال صناعة الطائرات دون طيار، حيث بدأت روسيا في تصنيع طائرات «شاهد - 136» دون طيار. ووفقاً لوثائق مسربة، تظهر أدلة على قيام مهندسين روس بإدخال تحسينات على تصميم الطائرات الإيرانية دون طيار. ويعمل البلدان على تطوير أنواع جديدة من الطائرات دون طيار بشكل مشترك، مما يثير المخاوف بشأن تصعيد الصراع وزيادة التوتر في المنطقة.

تقول الرسائل الإلكترونية المسربة إن الاختبارات العسكرية ساهمت في تعزيز الاتفاق للحصول على أكثر من 600 طائرة دون طيار بتصميم إيراني، معظمها يتم بناؤه على الأراضي الروسية وبمساعدة إيرانية. وتكشف الوثائق المسربة عن مفاوضات طويلة حول كيفية دفع روسيا ثمن هذه الطائرات.

وفي يناير (كانون الثاني)، نشر المدونون الأوكرانيون صوراً لبقايا طائرة دون طيار تبدو مطابقة لطراز معين بعد أن تم إسقاطها في منطقة مجهولة من وسط أوكرانيا، مما أثار تساؤلات حول استخدام هذه التكنولوجيا في النزاعات الإقليمية.

وفي هذا السياق، يقول فابيان هينز، محلل الدفاع والخبير في الطائرات دون طيار وأنظمة الصواريخ: «إن هذه الطائرات تتميز بالسرعة الهائلة، مما يجعل من الصعب اعتراضها، وأشار إلى أن تكلفتها قد تكون أعلى بكثير بسبب صعوبة بناء محركاتها النفاثة».

من جانبه، يرى ديفيد أولبرايت، الخبير في أنظمة الأسلحة الإيرانية، أن هذا التعاون يمكن أن يوفر لإيران فرصة لتقييم أداء تلك الطائرات في سياق النزاعات المحتملة. ويظهر التسريب الذي أورده أن مهندسين روساً قد قدموا تحسينات على تصميمات الطائرات الإيرانية دون طيار، مما قد يعزز قدراتها بشكل كبير.

وعلى الرغم من عدم تصدير أنظمة مثل «S - 400» إلى إيران، يرى أولبرايت أن تبادل المعرفة التكنولوجية يمكن أن يعزز قدراتها بشكل هادئ دون إثارة قلق في الغرب.

وبهذه التطورات، يتجه العالم نحو فترة من القلق بشأن تصاعد التعاون العسكري بين إيران وروسيا، مما قد يثير تساؤلات حول توازن القوى الإقليمي والدولي.


مقالات ذات صلة

بداية ذوبان الجليد مع بيلاروسيا تشير إلى تغييرات عميقة في سياسات واشنطن

أوروبا الحدود البيلاروسية البولندية القريبة من مدينة بريست (رويترز)

بداية ذوبان الجليد مع بيلاروسيا تشير إلى تغييرات عميقة في سياسات واشنطن

كشفت تقارير إعلامية أميركية أن كريستوفر سميث، نائب مساعد وزير الخارجية، ومسؤولين أميركيين آخرين، زاروا مينسك للقاء الرئيس «المكروه» من الغرب، ألكسندر لوكاشينكو.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي يرفض اتفاقاً مع واشنطن حول المعادن الأوكرانية

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إنه رفض توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة حول المعادن الأوكرانية معتبراً أنه «لا يحمي» بلاده في صيغته الحالية.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يجتمع مع نظرائه من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في ميونيخ (أ.ب) play-circle

أميركا تشدد على التنسيق لمواجهة عدم امتثال إيران للاتفاق النووي

أكد مارك روبيو وزير الخارجية الأميركي، السبت، «أهمية التنسيق الوثيق لمعالجة سلوك إيران المزعزع للاستقرار، خصوصاً عدم امتثالها المتزايد للاتفاق النووي».

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
أوروبا وزيرا الخارجية الأميركي ماركو روبيو والألمانية أنالينا بيربوك (أ.ب)

شولتس يرد على فانس بالمرارة نفسها: تاريخنا علّمنا أن لا تعاون مع اليمين المتطرف ولا نقبل التدخلات في شؤوننا

قال دبلوماسي أوروبي لـ«الشرق الأوسط» إن ما يسمعه الأوروبيون من الأميركيين خلف الأبواب ليس بسوء الخطاب العلني، رداً على الغضب الأوروبي من كلمة فانس بمؤتمر ميونيخ

راغدة بهنام (ميونيخ)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلقي كلمة خلال مؤتمر ميونيخ للأمن (أ.ف.ب) play-circle

زيلينسكي: حان وقت تشكيل قوات مسلحة أوروبية

حضّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (السبت)، أوروبا على «التحرك من أجل مصلحتها».

«الشرق الأوسط» (كييف)

ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران بعد أكتوبر 2025

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
TT

ترجيح مفاوضات بين واشنطن وطهران بعد أكتوبر 2025

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)
ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عبّر دبلوماسي أوروبي رفيع عن اعتقاده بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تسعى للتفاوض مع إيران حول برنامجها النووي بشكل مباشر وسري، مرجحاً التوصل إلى اتفاق جديد بعد أكتوبر (تشرين الثاني) 2025.

وقال الدبلوماسي الواسع الاطلاع على المفاوضات النووية السابقة مع إيران، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الأشهر المقبلة ستكون محورية للتوصل لاتفاق جديد مع طهران يحل محل الاتفاق الحالي الذي انسحبت منه إدارة ترمب الأولى، والذي ينتهي مفعوله في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وعبّر الدبلوماسي عن اعتقاده بأن واشنطن ستجري مفاوضات مع طهران «بشكل سري، ليس في الأماكن المعتادة التي استضافت محادثات شبيهة».

كانت واشنطن وطهران أجرتا جولات من التفاوض المباشر قبل الاتفاق النووي عام 2005 في مسقط بسلطنة عمان، ثم عُقدت لقاءات في الدوحة بعد انفراط محادثات فيينا التي كان يلعب فيها الاتحاد الأوروبي دور الوسيط.

واستأنفت إدارة الرئيس السابق جو بايدن المفاوضات النووية مع إيران ضمن مجموعة خمسة زائد واحد في محاولة للعودة لتطبيق الاتفاق بشكل كامل.

وفي صيف عام 2023، قدم المفاوضون الأوروبيون مسودة اتفاق للإيرانيين بعد أكثر من 7 جولات تفاوض غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، استضافتها فيينا، وشاركت فيها الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، إضافة إلى روسيا والصين. لكن طهران تراجعت عن التوقيع على الاتفاق في اللحظات الأخيرة وطلبت تنازلات إضافية من إدارة بايدن رفضتها الأخيرة.

الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان يزور معدات بحرية للحرس الثوري الإيراني في بوشهر قبل أيام (رويترز)

إيران «أضعف من السابق»

رأى الدبلوماسي الأوروبي، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر ميونخ للأمن، أن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه الآن بين واشنطن وطهران «لن يكون أفضل من الاتفاق الذي عُرض على إيران قبل عامين ورفضته». ومع ذلك، عبّر عن تفاؤله من إمكانية التوصل لاتفاق قبل أكتوبر، مشيراً إلى أن «إيران حالياً في وضع أضعف مما كانت عليه في السابق»، بعد أن تم إضعاف وكلائها في المنطقة بشكل غير مسبوق.

وأشار الدبلوماسي إلى أن هذا يعني أن أي اتفاق نووي جديد سيكون أوسع، ويتضمن نشاطاتها في المنطقة، وهو «أمر لم يكن بالإمكان حتى التفكير فيه سابقاً». ولطالما دعت دول إقليمية لاتفاق أوسع مع إيران يتضمن كبح تدخلاتها في المنطقة، وهو ما كانت ترفضه طهران.

وكان ترمب قد وقع قراراً رئاسياً لتشديد العقوبات على إيران، لكنه أعلن في الوقت نفسه أن إدارته تسعى للتفاوض معها والتوصل لاتفاق جديد.

وأشار الدبلوماسي الأوروبي إلى أن مساعي ترمب في هذا الإطار «جدية لأنه يريد أن يذكر في التاريخ على أنه صانع اتفاقيات»، وتحدث عن عقبة رئيسية ما زالت موجودة حتى الآن، وهي غياب مفاوض من الطرف الأميركي، فالإدارة الأميركية الجديدة ما زالت لم تعين بعد مفاوضاً يحل مكان روبرت مالي الذي جرى تعليق عمله وسحب ترخيصاته الأمنية بسبب تمريره معلومات سرية للطرف الإيراني خلال المفاوضات غير المباشرة في فيينا.

وأشار الدبلوماسي إلى أن إيران تنتظر تعيين واشنطن لمفاوض، وهي «يائسة» للتفاوض مع الولايات المتحدة، بل إنها «ستقبل بأي اتفاق كي ترفع عنها العقوبات». وأوضح أن التطمينات والحوافز الاقتصادية هذه المرة لن تأتي من الأوروبيين الذين «لم يعودوا يحظون بثقة إيران» بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق، وتقليص أوروبا تجارتها مع طهران خوفاً من العقوبات الأميركية.

أمين عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي (رويترز)

مخاطر عدم الاتفاق

رغم أن الدبلوماسي لم يجزم بالتوصل لاتفاق قبل أكتوبر 2025، فإنه قال: «إذا كانت هناك إدارة أميركية قادرة على التوصل لاتفاق نووي مع إيران، فهي بالضرورة إدارة ترمب»، لأن الطرف الإيراني سيكون واثقاً من أن لا إدارة أميركية جديدة ستأتي وتلغي الاتفاق، كما فعل ترمب بالاتفاق الذي توصلت إليه إدارة أوباما.

ورأى الدبلوماسي أن التوصل لاتفاق قبل ذلك التاريخ سيجنب إيران إعادة تفعيل الأوروبيين لبند «سناب باك» الذي سيعيد تفعيل كل العقوبات الدولية عليها. وقد حذرت الدول الأوروبية الثلاث من ذلك بعد الاجتماع الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقرير أمينها رافاييل غروسي الذي ذكر أن «تعاون إيران في الحضيض، وبأن نشاطاتها النووية تتزايد بشكل مطرد، ولم يعد بالإمكان الوثوق بأنها لا تزال سلمية».

وحذر الدبلوماسي الأوروبي من أنه حال عدم التوصل لاتفاق مع إيران قبل أكتوبر، فإن «الشرق الأوسط سيتجه نحو أزمة حقيقية»، وأنه سيدفع بإسرائيل «لتوجيه ضربة عسكرية لإيران».