إسرائيل لبناء جدار على الحدود مع الأردن لمنع تسلل مسلحين

الفكرة المطروحة منذ عشرين سنة عرقلتها الخلافات الداخلية والخارجية

سياج حدودي بين إسرائيل ومصر قرب مخيم مؤقت للنازحين في رفح جنوب قطاع غزة يناير الماضي (أ.ف.ب)
سياج حدودي بين إسرائيل ومصر قرب مخيم مؤقت للنازحين في رفح جنوب قطاع غزة يناير الماضي (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل لبناء جدار على الحدود مع الأردن لمنع تسلل مسلحين

سياج حدودي بين إسرائيل ومصر قرب مخيم مؤقت للنازحين في رفح جنوب قطاع غزة يناير الماضي (أ.ف.ب)
سياج حدودي بين إسرائيل ومصر قرب مخيم مؤقت للنازحين في رفح جنوب قطاع غزة يناير الماضي (أ.ف.ب)

بعد قيام الجيش الإسرائيلي باعتقال فلسطينيين من غزة، مساء الجمعة، بزعم أنهما تسللا عبر الحدود الأردنية لتنفيذ عملية مسلحة في تل أبيب، عادت السلطات الإسرائيلية للحديث عن مشروعها القديم لبناء جدار على طول 238 كيلومتراً، من بحيرة طبريا حتى خليج العقبة.

وقالت مصادر أمنية، اليوم الأحد، إن الشابين الفلسطينيين ضُبطا وهما يحملان «كلاشنكوف» ومشطين للذخيرة، بالقرب من مستوطنة بتسائيل (القائمة على أراضي قرية فصايل) بمنطقة الأغوار، وأنهما استسلما بلا مقاومة، واعترفا في التحقيق بأنهما جاءا لينفذا عملية ضد الإسرائيليين في يافا، رداً على العدوان الإسرائيلي في غزة.

وكانت وزارة الخارجية الأردنية قد أعلنت، بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، أنها «تتابع تقارير تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية تفيد باعتقال مسلّحين اثنين في قرية فصايل الفلسطينية بعد اجتيازهما حدود المملكة»، مضيفة أن «الوزارة، ومن خلال السفارة الأردنية في تل أبيب، تتابع مع السلطات الإسرائيلية للتحقق من صحة هذه الأنباء».

أرشيفية لهدم إسرائيل بيوتاً فلسطينية في قرية فصايل بغور الأردن (حركة بتسيلم)

وفي تل أبيب، قالت مصادر أمنية وعسكرية إن هذه العملية تثير من جديد تساؤلات حول أداء القيادة السياسية الإسرائيلية التي تقبع في خلافات داخلية تمنع إقامة الجدار الواقي المخطط منذ سنوات طويلة. وأوضحت أن المشروع يكلف 7 مليارات شيقل «نحو ملياري دولار»، لكن وزارة المالية ترفض تخصيص ميزانية خاصة كهذه له، وتطالب الجيش بتوفير المبلغ من ميزانيته الضخمة. وأكدت المصادر أنها تتمنى أن تؤدي عملية القبض على المسلحين المذكورين إلى يقظة لدى القيادة السياسية حول حيوية هذا الجدار.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد بدأت طرح فكرة إقامة الجدار مع الأردن، قبل 20 سنة، لكنها تراجعت عنه لأسباب مالية، ثم عاد بنيامين نتنياهو لطرحه، عام 2018، بهدف منع تسلل لاجئين من أفريقيا، وقال، في حينه، إن «إسرائيل هي إحدى الدول القليلة التي تسيطر على حدودها بشكل شبه كامل، ومع ذلك فلدينا حدود واحدة لم يجرِ التعامل معها بعدُ من حيث الجدار وهي الحدود الشرقية، وسيتعين علينا إغلاقها كذلك». وتابع: «إذا لم نغلق الحدود الشرقية فلن تكون هناك دولة يهودية».

وادعى نتنياهو أن «الدول لا تستطيع التعامل مع موجة تدفق اللاجئين الحالية من أفريقيا أو من الدول الإسلامية»، وضرب قبرص مثالاً، وقال إن «ما بين 6 و7 في المائة من سكان قبرص مسلمون». وأضاف: «كان من الممكن أن نكون في وضع مماثل لوضعهم، لولا قرار إغلاق حدودنا الجنوبية، رغم هجوم ومعارضة المنتقدين. والحدود الشمالية كذلك. وبما أن إسرائيل تمتلك كل المقومات لجذب هؤلاء المتسللين، وهي قريبة ويمكن الوصول إليها، والحدود الشرقية طويلة جداً وأقل حراسة، فإنها قد تصبح المنفذ التالي الذي سيتدفق عبره المتسللون. الوضع في أفريقيا يزداد سوءاً، والجوع يتصاعد، والحروب تتواصل، والناس سيتحركون قسراً».

لكن نتنياهو لم يفعل شيئاً لدفع المشروع إلى التنفيذ، خصوصاً حين تبين أن الموضوع يحتاج إلى موافقة أردنية وفلسطينية، حيث إن الجدار المقصود يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على المياه الجوفية، وينهب قسماً من الأراضي الفلسطينية، ويؤثر على حركة الجريان السطحي لمياه الأمطار وتصريفها، وقد يؤدي إلى تراكم مياه الأمطار في مناطق معينة وتوقفها عن الوصول إلى مناطق أخرى، بدوره سوف يتسبب في فيضانات ببعض المناطق، وفي جفاف بمناطق أخرى، لذلك اكتفت إسرائيل بالعمل على إقامة مقطع صغير بطول 34 كيلومتراً في الجنوب.

بيد أن السنوات الأخيرة شهدت تطور ظاهرة جديدة بتهريب الأسلحة ومحاولات التسلل. وقالت إسرائيل إنها أحبطت عدداً من عمليات التهريب (أسلحة ومخدرات).

متظاهرون في عَمان 15 مارس دعماً للفلسطينيين في غزة (رويترز)

ومع نشوب الحرب على غزة حذّرت المخابرات الإسرائيلية؛ ليس فقط من عمليات تسلل، بل من تدفق جماهيري كبير من الأردن الشرقي إلى الغربي للتضامن مع غزة، لذلك تعود، اليوم، للحديث عن الجدار.

لكن هناك من يعارض الجدار ويرفض اعتباره رادعاً حيوياً، ويقول إن إسرائيل أقامت ستة جدران وسياجات حديدية في الضفة الغربية وغزة وعند الحدود مع مصر ولبنان والأردن وسوريا، وأكثرها تعقيداً هو الجدار الذي أقامته عام 2002 بطول 710 كيلومترات في الضفة والخط الأخضر بارتفاع سبعة إلى ثمانية أمتار، ومع ذلك فإن مسلحين فلسطينيين يتسللون من الضفة الغربية، وعناصر «حماس» اخترقت الجدار مع غزة.



«هيومن رايتس»: إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية» في غزة بتقييدها الوصول للمياه

نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«هيومن رايتس»: إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية» في غزة بتقييدها الوصول للمياه

نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

اتّهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الخميس إسرائيل بارتكاب "أعمال إبادة جماعية" في الحرب التي تخوضها ضدّ حركة حماس في غزة بسبب فرضها خصوصا قيودا على وصول جزء من سكّان القطاع إلى المياه، مطالبة بفرض عقوبات على الدولة العبرية.

وفي تقرير جديد ركّز على المياه، قالت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرّا إنّ "السلطات الإسرائيلية فرضت عمدا على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفا معيشية مصمّمة لتدمير جزء من السكّان، وذلك من خلال تعمّد حرمان المدنيين الفلسطينيين هناك من الوصول إلى المياه بشكل كاف". وأضافت أنّ هذه القيود أدّت "على الأرجح إلى آلاف الوفيات ... ومن المحتمل أن يستمر التسبّب في الوفيات".

وتابع التقرير "منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عمدت السلطات الإسرائيلية إلى عرقلة وصول الفلسطينيين إلى الكمية الكافية من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة في قطاع غزة". ورفضت إسرائيل بشكل قاطع تهما مماثلة سبق لمنظمات حقوقية عديدة أن وجّهتها إليها، مؤكدة أنّ إجراءاتها في غزة هي عمليات عسكرية مشروعة.

وتطرق تقرير "هيومن رايتس ووتش" بالتفصيل إلى ما وصفته المنظمة "حرمانا متعمدا من المياه الآمنة للشرب والصرف الصحي اللازمة للحدّ الأدنى من بقاء الإنسان على قيد الحياة". كما أوقفت إسرائيل، وفق التقرير، "ضخّ المياه إلى غزة وقيّدت وعطّلت معظم البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة بقطع الكهرباء وتقييد الوقود... ومواد معالجة المياه وأصابتها بأضرار ومنعت دخول إمدادات المياه الأساسية".

وبحسب التقرير فإن السلطات الإسرائيلية "خلقت عمدا ظروفا معيشية مصمّمة لإلحاق التدمير المادي بالفلسطينيين في غزة كليا أو جزئيا". وخلُص التقرير إلى أنّ هذه الأفعال تشكّل جريمة حرب متمثلة بـ"الإبادة" وبـ"أفعال إبادة جماعية".

لكنّ هيومن رايتس ووتش لم تؤكد قطعا بأنّ إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية".

ووفقا للقانون الدولي، يتطلب إثبات الإبادة الجماعية وجود أدلة على نيّة محدّدة وهو ما يصعب إثباته بحسب الخبراء. لكنّ المنظمة الحقوقية أشارت إلى "وجود قصد للإبادة الجماعية من هذه السياسة، إلى جانب التصريحات التي تشير إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين رغبوا في تدمير الفلسطينيين في غزة، وبالتالي فإنّ هذه السياسة قد ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية".

وخلال إحاطة حول التقرير، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لما فقيه، إنّه وفي ظل غياب "خطة واضحة معبّرة" لارتكاب الإبادة الجماعية، قد تجد محكمة العدل الدولية أنّ الأدلة تفي بـ"الحدود الصارمة" للاستدلال المنطقي على نيّة الإبادة الجماعية".

وأشارت المنظمة إلى تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عندما أعلن فرض "حصار كامل" على غزة وقال "لن تكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا ماء، ولا وقود، كل شيء مغلق". وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، ما أثار رد فعل غاضب في الدولة العبرية.

وتصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة وتنفي اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تدمر عمدا السكان وتقول إنها تسهل إيصال المساعدات. وتقرير هيومن رايتس ووتش الذي استغرق إعداده عاما استند إلى مقابلات مع عشرات من سكان القطاع وموظفين في منشآت المياه والصرف الصحي، ومسعفين، وعمال إغاثة، بالإضافة إلى صور بالأقمار الصناعية، وبيانات، وتحليل للصور والفيديوهات. وقالت المنظمة إن السلطات الإسرائيلية لم تردّ على طلباتها للحصول على معلومات.