اتفقت تركيا وروسيا على أن الظروف الحالية لا تتيح فرصة لمواصلة مفاوضات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي، الأحد، في ختام منتدى أنطاليا الدبلوماسي الثالث، الذي عُقد على مدى 3 أيام في مدينة أنطاليا جنوب تركيا بمشاركة واسعة من رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية 20 دولة، إنه بحث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، خلال لقائهما على هامش المنتدى، الملف السوري بالتفصيل.
وأضاف فيدان: «نحن بحاجة إلى الحديث بشكل مفصل عن القضايا المتعلقة بالملف السوري، عودة اللاجئين وكتابة الدستور الجديد، وغيرهما، كلها قضايا معلقة تحتاج إلى وقت».
وبدوره، قال لافروف، في مؤتمر صحافي ليل السبت – الأحد في ختام مشاركته بالمنتدى، إن خطوات التطبيع بين تركيا وسوريا، أصبحت الآن «غير ممكنة» بسبب الوضع في غزة.
وأضاف: «نؤكد اهتمامنا بتطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، لقد عملنا على ذلك، ومستمرون فيه، لكن الخطوات العملية الآن غير ممكنة على خلفية ما يحدث في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية الأخرى، حيث يؤثر ذلك بشكل مباشر في جميع المشاركين في هذه العملية».
وأوضح: «أعني القصف الذي شنه الأميركان على أهداف معينة تابعة للقوات الموالية لإيران وقصف العراق وسوريا واليمن. مثل هذه الأحداث تؤثر في التركيز والاهتمام بمواصلة جهود دفع التطبيع بمشاركة الجانب الروسي بين سوريا وتركيا».
لقاء إردوغان والأسد
ومن جهتها، قالت صحيفة «أيدينليك» القريبة من حزب «الوطن» التركي، المعروف بانخراطه في مفاوضات مع حكومة دمشق وقربه من روسيا، السبت، إن الرئيسين رجب طيب إردوغان ونظيره السوري بشار الأسد «قد يجتمعان في موسكو قريباً، بدعوة من الروسي فلاديمير، الذي لم يتحدد بعد موعد زيارته لتركيا».
لكن وسائل إعلام نقلت عن مصدر في الرئاسة التركية، أنه لا توجد معلومات حول خطط لعقد اجتماع في موسكو بين إردوغان والأسد.
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الروسية، ألكسندر كينشاك، في 8 فبراير (شباط) الماضي، إن روسيا تحث تركيا وسوريا على مواصلة الاتصالات عبر أجهزة الخارجية والأمن في إطار عملية التطبيع، للتوصل إلى اتفاقات شاملة تأخذ مخاوف الجانبين بعين الاعتبار.
وسيطر الجمود على محادثات التطبيع بين تركيا وسوريا الذي اتخذ مساراً رباعياً ضم أيضاً إيران، إلى جانب روسيا التي انطلقت المحادثات بدفع ورعاية منها خلال السنوات الثلاث الماضية، منذ آخر اجتماع بين الأطراف الأربعة على مستوى نواب وزراء الخارجية على هامش اجتماعات الدورة الـ20 لمسار أستانا في كازاخستان يومي 20 و21 يونيو (حزيران) 2023.
ويشكل الوجود العسكري التركي في شمال سوريا العقبة الرئيسية في سبيل تقدم مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، التي أعلنت أنه لا حديث عن أي خطوات للتطبيع قبل الانسحاب.
وتتمسك تركيا ببقاء قواتها حتى الانتهاء من العملية السياسية، وإعداد الدستور، وإجراء انتخابات وتشكيل حكومة سورية عن طريق الانتخابات تقدم ضمانات بالعودة الآمنة للاجئين. كما لا تثق أنقرة بقدرة الجيش السوري حالياً على ضمان أمن الحدود المشتركة في ظل وجود القوات الكردية على حدودها الجنوبية.
وتطرح موسكو العودة إلى «اتفاقية أضنة» لعام 1998، التي تسمح لتركيا بالتوغل مسافة 5 كيلومترات في الأراضي السورية لتعقب عناصر العمال الكردستاني، لكن أنقرة تتمسك بإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها مسافة 30 كيلومتراً، وإنشاء منطقة آمنة بهذا العمق لاستيعاب اللاجئين.
دورية مشتركة وتصعيد
وبالتوازي، عاودت القوات الروسية والتركية تسيير الدوريات المشتركة تطبيقاً لاتفاق وقف إطلاق النار في إطار عملية «نبع السلام» العسكرية التركية، شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وسيّر الجانبان، الأحد، دورية عسكرية مشتركة مؤلفة من 3 آليات روسية و4 تركية، ترافقها سيارة تابعة لمكتب العلاقات في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تجولت في ريف الدرباسية شمال الحسكة، تزامناً مع تحليق طائرتين مروحيتين روسيتين في أجواء المنطقة.
وتوقفت الدوريات المشتركة لأشهر بسبب عدم مشاركة تركيا فيها، بينما واصلت القوات الروسية تسيير دوريات منفردة كان آخرها في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي.
وفي الوقت نفسه، استمر التصعيد بين القوات التركية والفصائل الموالية لها من جانب، و«قسد» من جانب آخر على محاور التماس في حلب. ونفذت قوات مجلس منبج العسكري، التابع لـ«قسد»، بعد منتصف ليل السبت - الأحد، عملية تسلل على مواقع فصائل بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا في منطقة «درع الفرات» من ناحية غرب معبر أم جلود في ريف منبج شرق حلب.
ووقعت إصابات في صفوف الفصائل، قبل انسحاب عناصر قوات مجلس منبج إلى مواقعها، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
واستهدفت مسيّرة تركية، الأحد، قرية علقمية التابعة لناحية شران بريف عفرين، ضمن مناطق «قسد» والجيش السوري.
وفي هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع التركية القبض على 26 شخصاً بينهم 3 من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قسد»، حاول بعضهم التسلل إلى البلاد عبر الحدود مع سوريا. وأشار بيان للوزارة، إلى أن بعض هؤلاء كانوا يخططون للبقاء في تركيا والبعض الآخر يخطط للتوجه إلى اليونان.