الوفد الإسرائيلي في ميونيخ «شعر بالعزلة»... ومصدر يحذّر من تدهور استراتيجي

الجيش والجهاز القضائي يطالبان الضباط بالتوقف عن ممارسات فاحشة ضد أهل غزة

جنود إسرائيليون داخل مجمع للأمم المتحدة للإغاثة ووكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون داخل مجمع للأمم المتحدة للإغاثة ووكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الوفد الإسرائيلي في ميونيخ «شعر بالعزلة»... ومصدر يحذّر من تدهور استراتيجي

جنود إسرائيليون داخل مجمع للأمم المتحدة للإغاثة ووكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون داخل مجمع للأمم المتحدة للإغاثة ووكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة (أ.ف.ب)

اعترف عدد من مندوبي إسرائيل في مؤتمر ميونيخ الأمني الملتئم في المدينة الألمانية، بأن الوفد الكبير القادم من تل أبيب يشعر بشيء من العزلة جراء الحرب على غزة.

ووصف محلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رونين برغمان، اليوم (الأربعاء)، الأجواء التي سادت المؤتمر، بأنها تدل على أن «إسرائيل موجودة في ذروة تحوّل يزداد تفاقماً وشدة، ويجري بوتيرة متسارعة. فإذا استمر ستكون إسرائيل فإن في نهايته دولة معزولة، منبوذة، مقاطعة وبغيضة».

أضاف أن هذا الانطباع يصدر من أي منصة ونقاش ومحادثة جانبية في أروقة المؤتمر، وأن المسؤولين الإسرائيليين الذين شاركوا وفي مقدمتهم رئيس الدولة، يتسحاق هرتسوغ، انقسموا قسمين، «أولئك الذين يعانون كآبة عميقة، وأولئك الذين يعتقدون أنه يوجد أمل ملزمون بالقتال، وفي جميع الأحوال هم ملزمون بإظهار هدوء ومناعة تجاه الخارج؛ لأن على أحد ما أن يكون متفائلاً قليلاً».

ونقل بيرغمان عن مسؤول إسرائيلي «رفيع جداً»، قوله: «ليت من هنا، من ميونيخ، ترفع راية حمراء كي تشرح خطورة الوضع لمواطني دولة إسرائيل، وربما لقادتها أيضاً». أضاف المسؤول: «أنا قلق لأن التحولات التي نراها هنا، في جميع فعاليات المؤتمر، تعكس تآكلاً واضحاً في النظرة إلينا. إنه تدهور إلى الهاوية ينذر بانهيار مكانة إسرائيل الدولية، وقد يتحول سقوطاً حراً. هكذا هي الأمور عند الهاويات. أنت ترى طرف الجرف وتبذل جهوداً كبيرة كي تتوقف أو تؤخر الوصول على الأقل، وتتمسك بأي حجر أو كومة تراب، حتى ذرة التراب الأخيرة، لكن إذا لم تنجح بالتوقف ووصلت إلى هناك، عندها يكون السقوط من هناك حراً إلى الأسفل».

وتابع المسؤول الإسرائيلي: «أخشى أننا نتمسك بذرة التراب هذه، وإذا لم نتوقف هنا، فإننا في مؤتمر مدريد المقبل سننظر إلى الخلف، ونقول إننا خطونا هذه السنة خطوة كبيرة إلى الأمام، إلى هاوية الموت».

المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (أرشيفية - رويترز)

ولفت برغمان إلى تغريدة نشرها المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، جاء فيها: «إلى جميع الضالعين: مكتبي يحقق بشكل حثيث في أي جريمة حرب تبدو أنها ارتكبت. ومن ينتهك القانون سيتحمل المسؤولية».

وقال المسؤول الإسرائيلي الرفيع معقباً على تغريدة خان: «هذا تحذير كبير لإسرائيل قبل فتح تحقيق وربما قبل تقديم لوائح اتهام. هناك انهيار سياسي شامل بدأ التعبير عنه في الحلبة القانونية، من خلال عقوبات أميركية وبريطانية، وتلميحات بإعلان الاعتراف بدولة فلسطينية، وقرار محكمة في هولندا بحظر بيع أسلحة لإسرائيل، توقف إيطاليا عن بيع أسلحة، خفض التدريج الائتماني، والآن بيان المدعي».

ونقل بيرغمان عن مسؤول رفيع في الاتحاد الأوروبي قوله إنه «يتوقع أن ينضم الاتحاد قريباً من خلال قائمة سوداء خاصة به»، إلى القوائم السوداء الأميركية والبريطانية والفرنسية التي تفرض عقوبات على مستوطنين. «من هنا ستكون الطريق قصيرة لإدخال سياسيين وربما ضباط في الجيش الإسرائيلي أيضاً إلى قوائم مشابهة».

فلسطينيون مصابون جراء الغارات الإسرائيلية يرقدون على الأرض في انتظار تقديم المساعدة لهم داخل أحد مستشفيات غزة (رويترز)

أضاف بيرغمان أن زعيما أوروبياً مهماً ومعروفاً ومؤيداً لإسرائيل، قال للمسؤول الإسرائيلي الرفيع: «أقف إلى جانبكم فعلاً، وثمة أهمية أن تهزموا (حماس)، لكن ذرائعي انتهت. كيف سأتمكن من الدفاع عنكم في حين يقول مسؤولون في الحكومة عندكم، إنهم يريدون العودة إلى الاستيطان في غزة، ويدعون إلى إبادة جماعية وجرائم حرب، وإلى ترانسفير ومحو بلدات، بينما رئيس الحكومة لا يقول شيئاً (ضد الدعوات). فإذا لم تغيروا الاتجاه قريباً، ستجدون أنفسكم وحيدين وعلى الأقل في بعض المجالات ستكونون في وضع سيصعب عليكم جداً العودة منه

.وتكونوا دولة طبيعية».

مستوطنون ينقلون مواد بناء باتجاه بؤرة استيطانية في قرية الجبعة بالضفة يناير 2023 (أ.ف.ب)

في السياق، كشفت المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية، ييفعات تومير – ييروشالمي، اليوم، نص رسالة وجهتها إلى الضباط والجنود الإسرائيليين في قطاع غزة، أكدت فيها ارتكاب جرائم بحق الفلسطينيين، لكنها زعمت أن هذه جرائم «فردية». وتأتي رسالتها غداة رسالة وجهها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، إلى الضباط، تضمنت اعترافاً مبطناً بارتكاب جرائم قتل وإبادة جماعية في القطاع.

وقالت مصادر قضائية إن الرسالتين تأتيان على خلفية الانتقادات المتصاعدة ضد إسرائيل في أنحاء العالم ومطالبتها بوقف الحرب، وبشكل خاص نظر محكمة العدل الدولية في لاهاي في دعوى جنوب أفريقيا، في وقت بلغ فيه عدد الشهداء المدنيين في القطاع قرابة 30 ألفاً، إلى جانب تدمير هائل للمباني والبنية التحتية وتكدس ثلثي سكان القطاع في منطقة رفح.

وزعمت المدعية العسكرية في رسالتها أن «ممارسة القوة تُنفذ، عموماً، بشكل مهني وقانوني». وأضافت أنه «إلى جانب ذلك، صادفنا أيضاً حالات مرفوضة لأداء يتجاوز قيم الجيش الإسرائيلي والأوامر العسكرية»، وأن «بعض الحالات تتجاوز المجال التأديبي وتتعدى إلى السقف الجنائي»، حسبما نقل موقع «واينت» الإلكتروني عن الرسالة.

دمار جراء الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وعددت المدعية الحالات التي تقصدها، ومنها: «أقوال غير لائقة، تشجع على ظواهر مرفوضة؛ استخدام القوة غير المبررة عسكرياً، وبضمن ذلك ضد معتقلين؛ نهب، ويشمل استخدام أو إخراج ممتلكات شخصية من دون ضرورة عسكرية؛ وهدم ممتلكات مدنية خلافاً للأوامر العسكرية».

وأضافت المدعية أنه توجد حالات «قيد الاستيضاح» بواسطة أجهزة إنفاذ القانون، وأنه ستتخذ لاحقاً خطوات ضد المشتبهين الضالعين فيها، لكنها اكتفت بدعوة الضباط إلى توفير «رد إعلامي مسبق» بادعاء منع حالات كهذه، وإلى «خلق أجواء قيادية وتربوية، يكون فيها صفر تسامح تجاه حالات من هذا النوع».

ويعتقد بأن رسالة المدعية وكذلك رئيس الأركان، تشير إلى بداية تأثير للمداولات في محكمتي لاهاي وفي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ففي إسرائيل يشعرون بالقلق ويحاولون الظهور كمن يحاسب على تصرفات دوس لحقوق الإنسان لغرض صد قرارات إدانة ضد إسرائيل.


مقالات ذات صلة

تصاعد العنف الاستيطاني في الضفة الغربية

المشرق العربي فلسطينيون في الضفة الغربية يشيعون أمس جثمان شاب قتلته القوات الإسرائيلية (أ.ب)

تصاعد العنف الاستيطاني في الضفة الغربية

يتعرض الفلسطينيون في الضفة الغربية إلى موجة من العنف والتهديدات المتزايدة من الإسرائيليين الذين يسعون لانتزاع أراضيهم تحت حماية الجيش.

شؤون إقليمية جنود فوق دبابة إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة (أ.ب)

حرب غزة: الدول الداعمة لإسرائيل بالوقود والنفط قد تكون شريكة في جرائم حرب

قد تواجه الدول التي تسهم في دعم إسرائيل عبر تزويدها بالوقود والنفط اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

شؤون إقليمية لقطات من مقاطع الفيديو التي نشرها برام سيتنبريو لإطلاق النار على أنقاض مبنى وهدم مسجد (يوتيوب)

جندي أميركي - إسرائيلي ينشر مقاطع فيديو تُظهر تدمير منازل ومسجد في غزة

نشر جندي أميركي - إسرائيلي مقاطع فيديو عبر الإنترنت تُظهر تفجير منازل ومسجد في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي أنور رسلان الضابط السوري السابق في قفص الاتهام في المحكمة الألمانية والضابط الأمني السابق إياد الغريب يغطي وجهه في قفص الاتهام (أرشيفية - أ.ف.ب)

ألمانيا: المحكمة العليا تثبت حكم السجن مدى الحياة بحق الضابط السوري أنور رسلان

ثبتت المحكمة العليا في ألمانيا قرار الحكم الصادر عن محكمة كوبلنز قبل عامين بالسجن مدى الحياة بحق الضابط السوري السابق أنور رسلان.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية موظفة في قسم السايبر في الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - حساب الناطق)

برمجة إيرانية أتاحت لـ«حماس» معلومات عن آلاف الجنود الإسرائيليين

كشف خبراء سايبر في تقارير نُشرت في ثلاث صحف كبرى عن برمجة إيرانية أتاحت لـ«حماس» نشر معلومات شخصية عن جنود في الشبكات الاجتماعية تشكل مصدر تهديد لهم ولعوائلهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

TT

نتنياهو: من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً... و«حماس» ستدفع الثمن

أشخاص يسيرون بجوار ملصق لصور الرهائن في تل أبيب (رويترز)
أشخاص يسيرون بجوار ملصق لصور الرهائن في تل أبيب (رويترز)

تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، بجعل «(حماس) تدفع الثمن» بعد انتشال الجيش جثث 6 رهائن من نفق في غزة.

وقال نتنياهو في بيان: «من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً» حول هدنة في قطاع غزة. وأضاف موجهاً حديثه لقادة «حماس»: «سنطاردكم وسنقبض عليكم وسنصفّي الحساب» معكم.

كما أكد نتنياهو في بيان، أن إسرائيل ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، وضمان أمن إسرائيل.

وفي وقت سابق اليوم، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن خُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك جثة الإسرائيلي - الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

«من يقتل الرهائن لا يريد اتفاقاً»

بنيامين نتنياهو

اقرأ أيضاً

وأكد الجيش الإسرائيلي انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، وهم: كارميل غات، وإيدن يروشالمي، وهيرش غولدبرغ بولين، وألكسندر لوبانوف، وألموج ساروسي، وأوري دانينو.

وقال الجيش عبر تطبيق «تلغرام»، إنه تم انتشال الجثث الست من نفق تحت الأرض في منطقة رفح بمنطقة جنوب قطاع غزة، وتم نقلها إلى إسرائيل.

من جهة أخرى، تحدّث نتنياهو عن الهجوم الذي وقع صباح الأحد بالقرب من الخليل في الضفة الغربية المحتلة وقتل فيه 3 عناصر من الشرطة، قائلاً: «إننا نقاتل على جميع الجبهات ضد عدو صعب يريد قتلنا جميعاً. هذا الصباح فقط، قتل 3 من رجال الشرطة في الخليل».

وأضاف: «حقيقة أن (حماس) تواصل ارتكاب الفظائع مثل تلك التي ارتكبتها في 7 أكتوبر تلزمنا ببذل كل ما في وسعنا لضمان عدم تمكنها من القيام بذلك بعد الآن».

ولم تعلن «حماس» مسؤوليتها عن الهجوم في الضفة الغربية، لكنها وصفته في بيان بأنه «عملية بطولية للمقاومة».

وكانت خدمة إسعاف نجمة داوود الحمراء أعلنت مقتل 3 أشخاص؛ رجلين وامرأة، في إطلاق نار استهدف سيارة قرب حاجز ترقوميا القريب من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

وبحسب الجيش، أطلق المهاجمون النار على مركبة كانت تقل القتلى الثلاثة، مشيراً إلى أن «قوات الأمن بدأت بالبحث عن الإرهابيين». وقال قائد الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية عوزي ليفي، إن القتلى عناصر في الشرطة.