لجنة برلمانية تقرر عزل نائب يهودي يعارض الاحتلال وحرب غزة

يجوز له الاستئناف أمام المحكمة العليا بعد طرح تصويت الهيئة العامة للكنيست

النائب الإسرائيلي عوفر كسيف (إكس)
النائب الإسرائيلي عوفر كسيف (إكس)
TT

لجنة برلمانية تقرر عزل نائب يهودي يعارض الاحتلال وحرب غزة

النائب الإسرائيلي عوفر كسيف (إكس)
النائب الإسرائيلي عوفر كسيف (إكس)

في تطور وصف بأنه تراجع إضافي عن الديمقراطية وحرية التعبير للبرلمانيين المعارضين في إسرائيل، صادقت لجنة الكنيست، مساء الثلاثاء، على عزل النائب عوفر كسيف، من الكنيست.

وقد اتخذ القرار بأغلبية 14 مؤيداً مقابل اثنين معارضين، هما النائبان العربيان: أحمد طيبي، رئيس الكتلة التي ينتمي إليها كسيف، ووليد طه، رئيس كتلة القائمة العربية الموحدة.

وسيتم طرح القرار للتصويت في الهيئة العامة للكنيست، حيث مطلوب ما لا يقل عن 90 صوت عضو لتمرير العزل. وبعد ذلك يجوز لعضو الكنيست كسيف أن يستأنف على القرار أمام المحكمة العليا، التي تعدّ الخط الأخير لمثل هذا الإجراء النادر.

وكانت الأكثرية اليمينية من جميع أحزاب الائتلاف الحكومي، وحتى أحزاب المعارضة، باستثناء حزب العمل والكتلتين العربيتين، قد جمعت 85 توقيعاً لنواب يطالبون بعزل كسيف، بسبب مواقفه ضد الاحتلال الإسرائيلي، وضد العدوان على غزة، آخرها توقيعه على عريضة لمجموعة من المثقفين الإسرائيليين، تدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية في لاهاي، لغرض إدانة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في غزة.

مسيرة أنصار السلام في حومش قبل الاعتداء عليها (مكتب النائب عوفر كسيف)

لكن القضية العينية التي اتهم فيها كسيف هي ضرب شرطي خلال مظاهرة احتجاج على قرار المحكمة العليا بإخلاء قرى منطقة مسافر يطا وطرد سكانها، في مايو (أيار) الماضي.

ففي حينه، أصدرت قوات الجيش الإسرائيلي أوامر تقضي بأن هذه «منطقة عسكرية مغلقة»، في محاولة لمنع الاحتجاج. ورغم ذلك، نظم متضامنون إسرائيليون مع الفلسطينيين مظاهرة في المكان، وخلال ذلك أبلغ ضابط وحدة «حرس الحدود» كسيف بأنه ممنوع من الدخول بسيارته، وأنه يسمح له بالمرور سيراً على قدميه والانضمام إلى المتظاهرين. وعندما أصرّ كسيف على الدخول بسيارته، دار نقاش ساخن بينه وبين قوات الاحتلال، وبعدها عاد كسيف إلى سيارته، إلا أن عنصر «حرس الحدود» وقف أمام السيارة وراح يضرب على غطاء المحرك ويصرخ على النائب. وتدعي الشرطة أن كسيف خرج من سيارته وضرب الشرطي على رأسه.

صورة توثق اعتداء الأمن الإسرائيلي على النائب اليهودي في القائمة المشتركة للأحزاب العربية عوفر كسيف (أرشيفية)

تجدر الإشارة إلى أن كسيف محاضر جامعي من قيادة «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة». وقد انتخب للكنيست ضمن كتلة تحالف الجبهة والحركة العربية للتغيير، بقيادة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي. ويكنّ له اليمين كرهاً أكبر من الكره للنواب العرب، ويتهمونه بالخيانة. وقد أجرت لجنة الكنيست نقاشاً طيلة يومين (الاثنين والثلاثاء)، ساده التوتر والتهجمات.

ووقفت المستشارة القضائية للحكومة، والمستشارة القضائية للكنيست، ضد إجراءات عزل النائب كسيف، وأكدتا أن قراراً كهذا سيمسّ بحقوق وحريات النواب والعمل البرلماني. وقالت المحامية سومبولينسكي، التي عرضت موقف المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراب ميارا، إن «شدة السخط من تصرف عضو الكنيست لا تمثل سبباً مقنعاً لعزله». وقالت المستشارة القضائية للكنيست، ساجيت أفيك، إن «الأدلة لإقالة كسيف ليست قوية بما يكفي لاستيفاء الشروط الواردة في قانون عزل عضو الكنيست».

كما لفتت سومبولينسكي إلى «أن دعم عضو كنيست لادعاءات لا أساس لها ضد الدولة بارتكاب إبادة جماعية، مهما كانت صادمة ومتطرفة، لا تعد مخالفة جنائية، ولا تفي بشروط عزل عضو كنيست. إن عزل عضو كنيست إجراء يضر بشدة بحق التصويت والترشح، وحقوقه الشخصية وحرية التعبير السياسي، ويجب أن يتم ذلك فقط وفقاً للقانون واستناداً إلى بنية تحتية ثابتة للأدلة».

اعتقال متضامنين أجانب طالبوا بإعادة فتح طريق الكرمل في مسافر يطا يونيو الماضي (وفا)

في الأثناء، عقّب النائب كسيف على قضية عزله، قائلاً: «كل نشاطي السياسي والجماهيري كرّسته وأكرّسه لتعزيز قيم إنسانيّة، لدفع حقوق الإنسان، وتعزيز مبدأ المساواة وتحقيق مبادئ الديمقراطية والسلام. ناضلت وما زلتُ، من أجل القيم التي أعتقد أنها أساسيّة لصالح جميع مواطني إسرائيل. لهذا السبب أنا في السياسة، للعزم على دفعِ المساواة والحرية والأمن للجميع، لليهود والعرب، للإسرائيليين والفلسطينيين، للمتدينين والعلمانيين، وللنساء والرجال».

أضاف كسيف: «لقد وقّعت على العريضة التي من المفترض أنها السبب وراء هذا الإجراء، انطلاقاً من نفس القيم التي وجّهتني طوال حياتي السياسية، بغية منع معاناة إنسانية؛ لمنع ما أعتبره ضرراً جسيماً وغير مبرر لمئات الآلاف من البشر، إيماناً مني بأن وقف إطلاق النار وحده هو الذي سيعيد المختطفين إلى ديارهم، ويمنع المزيد من القتل للإسرائيليين والفلسطينيين. لهذا السبب وقّعت على العريضة، لذلك شاركت في المظاهرات في الأسابيع الماضية للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة. وقد كنت استنكرت هجوم (حماس) على المدنيين الإسرائيليين، مثلما أدنت هجوم إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين».

كتلة الجبهة والعربيّة للتغيير أصدرت بياناً شديد اللهجة تدين فيه قرار لجنة الكنيست لعزل النائب كسيف، قالت فيه إن «التصويت على عزل النائب كسيف استهدافٌ غير مسبوق ليس لكسيف وحده وإفراغ حصانته البرلمانيّة من أي مضمون حقيقيّ، إنما هجمة شرسة على شريحة كاملة من المواطنين، أقليّة سياسيّة مضطهدة اختارت النائب كسيف ليمثلها في البرلمان، وإخراس كسيف يوازي إخراسها، ومسّ غير قانونيّ بحقها الأساس في التصويت والترشح، ناهيك عن الأضرار الجسيمة لحريات بديهية كحرية التعبير». وأكدت أن «إقصاء نائب لكونه ينشط ويعبر عن مواقف تثير غضب الأغلبية هو سابقة خطيرة، وتجاوز لكل الخطوط الحمراء».

الجيش الإسرائيلي يهدم مسكناً في مسافر يطا جنوب الخليل (وفا)

من جانبه، أصدر التجمّع الوطني الديمقراطي بياناً، استنكر فيه «الهجمة الشعواء التي يتعرض لها النائب كسيف»، محذراً من أن «ملاحقة النائب كسيف هي جزء من الملاحقة السياسية المستمرة من قبل المؤسسة الإسرائيلية لكل الأصوات التي ترفض الحرب والعدوان على الفلسطينيين، ولديها موقف من الاحتلال وجرائمه المستمرة منذ عقود من الزمن، معتبراً أن هذه القرارات هي جزء من محاولات هندسة قيادات على مقاس إسرائيلي بقرارات غير ديمقراطية تحجب شرعية الجمهور، وتعطي القرار بالإبعاد للكنيست».



سلسلة قوانين معادية للعرب في الكنيست الإسرائيلي

الكنيست يقرّ قوانين معادية للعرب (إكس)
الكنيست يقرّ قوانين معادية للعرب (إكس)
TT

سلسلة قوانين معادية للعرب في الكنيست الإسرائيلي

الكنيست يقرّ قوانين معادية للعرب (إكس)
الكنيست يقرّ قوانين معادية للعرب (إكس)

بعد يوم واحد من سنّ «الكنيست» (البرلمان) الإسرائيلي قانوناً غرضه ترهيب المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، أقرّت الهيئة العامة للكنيست، الأربعاء، بالقراءة التمهيدية، قانوناً آخر من قوانين تقييد الحريات للمواطنين العرب، وتقليل مشاركتهم في انتخابات الكنيست. القانون الجديد يتيح شطب ترشيح شخص، أو حزب، أو شطب كل مرشحي حزب، إذا قررت أكثرية لجنة الانتخابات المركزية الأمر، وفق حجة «إبداء دعم وتأييد لمنفذ عملية إرهابية»، بموجب التعريف الإسرائيلي للإرهاب، أو إبداء دعم للكفاح المسلح، حتى لو هذا الدعم لم يخرج إلى حيز التنفيذ أو لم يشجع أحداً على استخدامه.

إبعاد المحكمة

وينص التعديل الجديد للقانون على إلغاء البند الذي كان قائماً حتى الآن، بأن يلزم البحث في المحكمة العليا لكل قرار شطب في لجنة الانتخابات المركزية. وهو مبني على التجربة التاريخية التي تدل على أن المحكمة العليا كانت دائماً ترفض قرارات لجنة الانتخابات الرامية لشطب قوائم انتخابية عربية.

وقد اتخذ قرار النواب في جلسة للكنيست متوترة جداً، حيث وقف النواب العرب يتصدون للتعديل ويؤكدون أنه فاشي وعنصري، وسارع رئيس الجلسة لإخراج نواب كتلة الجبهة: أيمن عودة، وعايدة توما سليمان، ويوسف العطاونة، من الجلسة.

وفي ردّه على مشروع القانون، عن منصة الكنيست، قال رئيس المعارضة، عضو الكنيست يائير لبيد، رئيس حزب «يش عتيد»، إنه من الواضح أن مشروع القانون يستهدف فئة من النواب، هم النواب العرب، والأحزاب الناشطة بين الجمهور العربي. وأكد رفضه له.

لبيد متحدثاً في صورة نشرها الكنيست بحسابه في «إكس»

وقد تم تمرير القانون، الذي بادر إليه عضو الكنيست أوفير كاتس، من كتلة حزب الليكود، بأكثرية 61 نائباً، من كتل الائتلاف، ونواب كتلة «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان من المعارضة.

وصوّت ضد القانون 35 نائباً، من كتل: «يوجد مستقبل»، و«الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير»، و«القائمة العربية الموحدة»، و«العمل» ونائبة واحدة من كتلة «المعسكر الرسمي» بزعامة بيني غانتس، في حين تغيب باقي نواب الكتلة السبعة عن التصويت، رغم وجودهم في الكنيست.

وكان الكنيست قد مرّر قانوناً آخر أيضاً، بمبادرة من حزب الليكود، يقضي بمنح صلاحيات لوزير الداخلية بأن يأمر بطرد فرد من عائلة من سكان إسرائيل نفّذ عملية إذا كان قد «علم مسبقاً بخطته لتنفيذ عمل إرهابي، أو عبّر عن تماثل مع العمل الإرهابي، أو نشر مديحاً له، أو إعجاباً أو تشجيعاً للعمل الإرهابي».

حيثيات المشروع

ويقضي مشروع القانون بأن يكون الإبعاد إلى خارج إسرائيل والأراضي المحتلة في عام 1967، لمدة 7 سنوات على الأقل و15 سنة على الأكثر، إذا كان منفذ العملية مواطناً يحمل الجنسية الإسرائيلية، ولـ10 سنوات على الأقل و20 سنة على الأكثر، إذا كان من سكان الأراضي المحتلة في عام 1967. وجاء فيه أن «أبحاثاً عدة أجراها مجلس الأمن القومي والجيش الإسرائيلي على مرّ السنين حول عشرات المخربين الانتحاريين، والتخوف الوحيد لديهم كان يتعلق بمصير أفراد عائلاتهم بعد العملية».

وجاء في حيثيات مشروع القانون أن «مخربين كثيرين سيمتنعون عن تنفيذ العملية إذا علموا أن أفراد عائلتهم سيعاقبون بسببه. وجهاز القضاء يوافق على أن هدم بيت المخرب هو وسيلة قانونية. وللأسف، هذا ليس كافياً ولا يشكل رادعاً ملائماً. ولا شك أنه بطرد أفراد العائلة ستستكمل رزمة الردع».

وهناك سلسلة قوانين أخرى تجرى بلورتها حالياً بالنمط نفسه، وتلقى كلها تأييداً لدى الأكثرية. وقد تجلت وحدة الصف الصهيوني ضد العرب واليسار، عندما قام النائب عوفر كسيف، من الجبهة التي يترأسها أيمن عودة، بالاعتراض، وقال إن هذه القوانين جاءت لترهيب العرب فقط. فهجموا عليه وكادوا يضربونه.

أهداف مكشوفة

وقال أحد النواب العرب إن التجربة تدل على أن مثل هذه الإجراءات مكشوفة الأهداف. فعندما تخشى الحكومة من الأجواء المعادية لها في الشارع، بسبب سياستها الفاشلة في كل شيء، وبسبب الضربات الاقتصادية الجديدة التي تخطط لتوجيهها للجمهور: تخفيض الحد الأدنى من الأجور، زيادة ضريبة على أموال التقاعد، خصم يومي نقاهة من العطلة، ويتوقع أن تعود المعركة ضد خطة الانقلاب على منظومة الحكم والقضاء، وغيرها من القضايا التي تزعج المواطن وتقض مضاجعه، تريد الحكومة إشغال الناس بشيء يمكن أن يُجمعوا عليه. فاليوم توجد الحرب. لكن الحرب بدأت تنحسر. وشيئاً فشيئاً يعود الناس لهمومهم. والسبيل أمام الحكومة هو تخويفهم من العرب داخل إسرائيل.