تقرير: مستقبل نتنياهو السياسي قد يكون على المحك بعد الحرب مع «حماس»

رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

تقرير: مستقبل نتنياهو السياسي قد يكون على المحك بعد الحرب مع «حماس»

رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

يرى محللون أن مستقبل رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يصبح على المحك بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل، الذي خلّف صدمة في البلاد، وفق تقرير أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال خبير السياسة الإسرائيلية والنائب السابق عن الحزب العمالي، دانيال بنسيمون، إنها «بداية سقوطه».

وإن كان يقر بأنها ليس المرة الأولى التي يجري الكلام فيها عن نهاية المسيرة السياسية الطويلة لنتنياهو، إلا أنه على قناعة أن «الخطأ الذي ارتكبه هذه المرة جسيم للغاية».

وقال للوكالة: «أخفق في مهمته الجوهرية، وهي ضمان حماية شعبه. وبسببه، كانت الدولة والجيش غائبين السبت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عند حدود قطاع غزة»، مضيفاً: «سوف يدفع الثمن غالياً».

وباغتت «حماس» إسرائيل بشنّ عملية «طوفان الأقصى» التي توغّل خلالها مقاتلوها في مناطق بجنوب إسرائيل بحراً وبراً وجواً، تزامناً مع إطلاق آلاف الصواريخ على إسرائيل، فقتلوا أكثر من 1000 مدني في الشوارع، وفي منازلهم، كما في مهرجان موسيقي، وأخذوا ما لا يقل عن 155 شخصاً رهائن، وفق السلطات الإسرائيلية.

ومذاك، تصاعد القتال إلى حرب شاملة، بعدما أعقبته حملة قصف إسرائيلية كثيفة. ووصلت حصيلة القتلى في الجانب الإسرائيلي إلى أكثر من 1400 شخص، فيما أدى الرد الإسرائيلي إلى مقتل 2670 فلسطينياً، وفق وزارة الصحة التابعة لحكومة «حماس».

وبعدما شغل منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ إسرائيل، بلغت 16 سنة بصورة إجمالية، قد تنتهي المسيرة السياسية لنتنياهو، إذا خلصت لجنة تحقيق حكومية إلى أنه يتحمل مسؤولية في المجازر التي وقعت خلال هجوم «حماس»، وفق السلطات ووسائل الإعلام الإسرائيلية.

والحكومة هي التي تعين في إسرائيل هذا النوع من لجان التحقيق، مثلما حصل بعد حرب أكتوبر 1973 حين فوجئت إسرائيل تماماً بهجوم القوات المصرية والسورية، وبعد الاحتجاجات التي أعقبت الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

«فضيحة حقيقية»

وأوضح حنان كريستال، محلل السياسة المحلية، أن نتنياهو «غير ملزم قانوناً بذلك، لكن ضغط الرأي العام سيصل إلى مستوى لن يترك له أي خيار. وإلا، فسوف تنزل البلاد برمتها إلى الشارع».

ونشرت صحيفة «هآرتس»، الجمعة، رسم كاريكاتور لزعيم حزب الليكود اليميني، يصوّره على شكل بستانيّ يقوم بري الخسّ في بستانه، وعلى كلّ خسّة وجه أحد قادة «حماس».

ورأى الخبير السياسي، أكيفا ألدار، أن نتنياهو «فشل على طول الخطّ. تجاهل تحذيرات العسكريين. أعطى الأولويّة للاستيطان في الضفة الغربية، وأهمل الكيبوتسات اليسارية بصورة عامة. وبقي أسير مفهوم خاطئ يعتبر أن (حماس) لن تجرؤ أبداً على مهاجمتنا بمثل هذه الوحشية».

وتابع: «إضافة إلى كلّ ذلك، هو غير قادر على اتخاذ قرار».

ومضى معلّق في الإذاعة الإسرائيلية في الاتجاه ذاته، لافتاً إلى أن تشكيل «حكومة طوارئ وحكومة حرب» تضم المعارضة «كان يفترض أن يحصل في غضون 48 ساعة بعد المأساة. لكنه تحتم الانتظار 5 أيام. إنها فضيحة حقيقية».

وفي دليل على أن إسرائيل فوجئت تماماً، قال مسؤول حكومي كبير للوكالة إنه لم يكن من المقرر عقد أي اجتماع طارئ للحكومة حين شنت «حماس» هجومها.

«خدعنا»

وبالرغم من متاعبه مع القضاء حيث يحاكم في 3 قضايا فساد، نجح نتنياهو في الفوز في الانتخابات التشريعية الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 والعودة إلى السلطة مستنداً إلى تحالف مع أحزاب من أقصى اليمين وتشكيلات يهودية متطرفة.

ويرى حزب الليكود أن تشكيل لجنة تحقيق بعد الحرب أمر «لا مفر منه».

وقال ميشال بنعامي، رئيس مكتب الليكود المكلف المسائل الاجتماعية للوكالة: «ستكون لجنة تشكلها حكومة وحدة وطنية، وإن كان (نتنياهو) قد ارتكب خطأ، فسيضطر إلى دفع الثمن».

وتابع: «في هذه الأثناء، ثمة حرب يجب خوضها، ورئيس الوزراء هو في الموقع القيادي».

غير أن موقعه القيادي في هذا الظرف يثير احتجاجات شرائح من قاعدته الانتخابية كانت تدعمه بوجه المتظاهرين الذين كانوا ينزلون إلى الشارع كل أسبوع منذ يناير (كانون الثاني)، خصوصاً في تل أبيب احتجاجاً على مشروع الإصلاح القضائي الذي طرحته حكومته.

وقال الحاخام إليعازر موشيا للوكالة في بلدة القدس القديمة: «هو خدعنا. كنا نثق به لأنه خصص أموالاً للتعليم في المدارس التلمودية. لكن ما نفع المال حين يذبح أطفالنا وتغتصب نساؤنا؟ يجب أن يستقيل. لم يعد صالحاً ليحكم».

رعاميم أتالي، سائق سيارة أجرة في القدس، وهو أكثر تشدداً، يقول: «السجن. هناك يجب أن ينهي مسيرته السياسية. ما ارتكبه لا يغتفر، وهو يعرف ذلك».

ويرى معارضو نتنياهو أن الانقسام الذي أثاره داخل المجتمع بمشروعه لإصلاح القضاء سينقلب ضدّه.

وعلّق مقدم برنامج على الإذاعة العامة: «وصف معارضيه بالخونة. لكن هم الذين (قتلوا) بأيدي (حماس)، وهم أيضاً الذين سيذهبون إلى غزة لحسم الأمر». في وقت تواصل فيه إسرائيل استعداداتها لشن هجوم بري على قطاع غزة، متوعدة بـ«القضاء على (حركة حماس)».


مقالات ذات صلة

غالانت لزيادة الضغط في الضفة الغربية

شؤون إقليمية تصاعد الدخان عقب غارة جوية إسرائيلية على خان يونس جنوب قطاع غزة يوم الأحد في ظل توسع الحرب (إ.ب.أ)

غالانت لزيادة الضغط في الضفة الغربية

في أول رد من مسؤولين إسرائيليين على عملية معبر «أللنبي»، قال وزير الدفاع، يوآف غالانت، إن تل أبيب «ستزيد إجراءاتها في الضفة».

كفاح زبون (رام الله)
تحليل إخباري لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: تضارب بشأن مصير مقترح «الفرصة الأخيرة»

تضارب جديد تشهده مفاوضات الهدنة في غزة، بشأن مصير «المقترح الأميركي النهائي» لحل أزمة الحرب بالقطاع التي تدخل شهرها الـ12، وسط حديث إعلامي أميركي عن تأجيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية هوية ماهر الجازي الذي نفذ عملية ضد 3 إسرائيليين على معبر «جسر أللنبي» صباح الأحد (متداولة على مواقع التواصل) play-circle 00:39

نتنياهو: دون السيف لا يمكن العيش في الشرق الأوسط

قال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن المسلح خرج من الشاحنة التي كان يقودها على «معبر أللنبي»، وفتح النار، ما أسفر عن مقتل 3، قبل أن يقتله حراس الأمن فوراً.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي أفراد من الشرطة يقفون عند نقطة تفتيش بالقرب من معبر جسر الملك حسين بالأردن (رويترز)

«حماس» تشيد بالهجوم قرب معبر حدودي بين إسرائيل والأردن

أشادت حركة حماس بعملية إطلاق نار عند معبر حدودي مع الأردن اليوم الأحد أدت إلى مقتل 3 إسرائيليين ووصفتها بـ«البطولية»

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد جنوب لبنان بعد قصف إسرائيلي يوم أمس السبت (ا.ف.ب)

«حزب الله» يعلن قصف شمال إسرائيل رداً على مقتل مسعفين بجنوب لبنان

أعلن «حزب الله» اللبناني أنه أطلق وابلاً من الصواريخ على شمال إسرائيل رداً على هجوم أسفر، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية، عن مقتل ثلاثة مسعفين بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تجاذُب حادّ بين إردوغان والمعارضة لتعهّده بتطهير الجيش من «جنود أتاتورك»

مجموعة من الخريجين الجدد يُشهِرون سيوفهم مُقسِمين على الولاء لأتاتورك (وسائل إعلام تركية)
مجموعة من الخريجين الجدد يُشهِرون سيوفهم مُقسِمين على الولاء لأتاتورك (وسائل إعلام تركية)
TT

تجاذُب حادّ بين إردوغان والمعارضة لتعهّده بتطهير الجيش من «جنود أتاتورك»

مجموعة من الخريجين الجدد يُشهِرون سيوفهم مُقسِمين على الولاء لأتاتورك (وسائل إعلام تركية)
مجموعة من الخريجين الجدد يُشهِرون سيوفهم مُقسِمين على الولاء لأتاتورك (وسائل إعلام تركية)

تشهد الساحة السياسية التركية تجاذباً حاداً، على خلفية احتفال مئات من الضباط الجدد المتخرّجين في كلية الحرب البرية بجامعة الدفاع الوطني، برفع سيوفهم، وأداء قسم يؤكّدون فيه ولاءهم لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، مردّدين عبارة «نحن جنود مصطفى كمال».

وأثار أداء نحو 300 طالب من الخريجين برتبة ملازم، هذا القسم «غير الرسمي»، عقب انتهاء حفل التخرج الرسمي الذي شارك فيه الرئيس رجب طيب إردوغان في 30 أغسطس (آب)، جدلاً واسعاً لا يزال متفاعلاً، وتصاعَد بعد أن تعهّد إردوغان، السبت، بتطهير الجيش التركي منهم، ملمحاً إلى أن تلويحهم بسيوفهم كان من قبيل التلويح بـ«الانقلاب».

وقال إردوغان، في كلمة خلال فعالية خاصة بمدارس «الأئمة والخطباء» الدينية: «في حفل تخرّج معين ظهر بعض الأشخاص المسيئين، وقاموا بإشهار السيوف»، متسائلاً: «في وجه مَن أشهرتم هذه السيوف؟». وأضاف: «الآن، يتم إجراء جميع التحقيقات اللازمة بخصوص هذه الأمور، وسيتم أيضاً تطهير هذه القلة من الجهلة، نحن لم نأتِ إلى هنا من فراغ، أريد أن يكون هذا الأمر معروفاً بشكل واضح، نحن لن نسمح باستنزاف جيشنا مرة أخرى، ستتم محاسبة المتورطين في الحادث، الذين يمكن أن يكونوا 30 أو 50 شخصاً».

وتابع إردوغان أن لقاءً جرى مع جامعة الدفاع الوطني والقوات البرية في هذه الصدد، لافتاً إلى وجود 3 فتيات تخرّجن في المراتب الأولى؛ إحداهن تدعى «اقرأ» في هذه الحادثة، والسلطات تعمل على معرفة كيفية وصول الضابطات الثلاث إلى هذه اللعبة. وشدّد على عدم إمكانية إبقاء هؤلاء في الجيش.

إردوغان أثناء متابعته عرضاً للضباط المتخرجين في كلية الحرب البرية (الرئاسة التركية)

الولاء لأتاتورك

وأقيمت يومي 30 و31 أغسطس حفلات تخريج الدفعات الجديدة من كليات الحرب الثلاث: البرية، والجوية، والبحرية، وكانت الظاهرة اللافتة أن أوائل الدفعات الثلاث كنّ من الفتيات، وقام ما يزيد على 300 ضابط متخرج في كلية الحرب البرية، تتقدمهم الطالبة الأولى على الدفعة، إبرو إرأوغلو، قاموا بأداء قسم ثانٍ بعد القسم الرسمي، أعلنوا فيه الولاء لأتاتورك.

وأظهرت لقطات، لاقت تفاعلاً واسعاً، لحظات إشهار الضباط سيوفهم في آنٍ واحد مردّدين هتاف: «نحن جنود مصطفى كمال»، الأمر الذي أسفر عن موجة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، وسط مخاوف لدى المقرّبين من الحكومة من أن الهتاف يحمل تذكيراً بانقلابات عسكرية شهدتها تركيا في عقود سابقة. وأعلنت وزارة الدفاع فتح تحقيق إداري لمعرفة ملابسات الواقعة.

إردوغان كرّم الضابطة إبرو إرأوغلو الأولى على دفعة كلية الحرب البرية قبل أن تتزعم مجموعة من زملائها لأداء قسم الولاء لأتاتورك (الرئاسة التركية)

المعارضة ترد

وأثار إعلان إردوغان تطهير الجيش من هؤلاء الذين أشهروا سيوفهم، ردودَ فعل واسعة؛ إذ انتقد زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل، ردَّ فعل إردوغان على الحادثة، داعياً إياه إلى التراجع، وكتب على حسابه في «إكس»: «إن إعطاء رد فعل بعد 8 أيام أمر يحمل معاني كثيرة، أدين استخدام الملازمين المتخرّجين حديثاً في الأكاديمية العسكرية الذين دعموا قائدهم الأعلى الأبدي مصطفى كمال أتاتورك في حسابات سياسية، التضحية بمستقبل الشباب المشرق من أجل سياسة الاستقطاب التي تتبعونها ظلم لن تغفره أمتنا... تراجَع».

من جانبه طالب رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الرئيس إردوغان بالتوقف عن تفسير كل حادثة على أنها محاولة انقلاب. وقال عبر حسابه في «إكس» إن «ولاء قواتنا المسلحة وخريجينا الجدد للقائد الأعلى مصطفى كمال أتاتورك هو فوق السياسة، أراد الملازمون الشباب التعبير عن احترامهم لمؤسس البلاد بحماس كبير في أسعد وأشرف يوم لهم، هذا كل ما في الأمر».

وأضاف: «تخلوا عن عادتكم في تفسير كل حادثة على أنها محاولة انقلاب، ولا تضروا شبابنا... أنادي الشباب الأعزاء وعائلاتهم؛ إننا كأمة سنتخلّص من العقلية التي تقول: أخي، اليوم، لمن كانت تصفه بالقاتل أمس، هذه العقلية التي تستخدم كل شيء لمصلحتها السياسية وتقسم الأمة، سترحل في أول انتخابات... عاشت الجمهورية... يحيا مصطفى كمال أتاتورك».

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل دعا إردوغان للتراجع عن موقفه ضد الخريجين (إكس)

ورداً على انتقادات أوزيل لتصريحات إردوغان، قال المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، في مقابلة تلفزيونية ليل السبت - الأحد قائلاً: «بالنسبة للصورة التي ظهرت، قلت في البداية إن آليات الرقابة الديمقراطية ناجحة، وهذا ينطبق أيضاً على القوات المسلحة التركية».

وأضاف: «رئيسنا (إردوغان) هو القائد الأعلى لجيوشنا وفقاً للدستور، سواءً كانت القضية انقلاباً أو محاولة، أو عدم انضباط، أو نية أو إهمال، فهذه أمور مختلفة، سيتم تقييمها جميعاً، ومن الواضح أن مسألة قراءة القسم بطريقة مختلفة تحتاج إلى تنظيم».

وتابع: «يقول السيد أوزغور أوزيل: أنت تفتح تحقيقاً ضد الخريجين الذين يقولون أتاتورك، هذا خطأ، يتم فتح تحقيق في عدم الانضباط هنا، عندما تنقل هذا النقاش إلى محور أتاتورك، فإنك تُخرجه من سياقه الأصلي، لدينا خبرة كبيرة، والحساسية الظاهرة طبيعية، والمسألة هنا هي جعل الآلية الأمنية محوراً سياسياً، ولا وطنية بدون قانون».

وتسبَّبَت تصريحات إردوغان التي أكّد فيها أنه سيتم تطهير الجيش من الخريجين الذين أقسموا على الولاء لأتاتورك، في موجة ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي من مختلف الطوائف، وظهرت وسوم مختلفة على غرار «نحن أطباء مصطفى كمال»، «نحن صحافيو مصطفى كمال» و«نحن محامو مصطفى كمال»، وغيرها.