الهجوم الإسرائيلي البري على غزّة: محاذير بالجملة وفرضيات مرعبة

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى لصواريخ «حماس» (رويترز)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى لصواريخ «حماس» (رويترز)
TT

الهجوم الإسرائيلي البري على غزّة: محاذير بالجملة وفرضيات مرعبة

القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى لصواريخ «حماس» (رويترز)
القبة الحديدية الإسرائيلية تتصدى لصواريخ «حماس» (رويترز)

يرد بين السيناريوهات المحتملة للحرب في إسرائيل شنّ هجوم برّي على قطاع غزّة، وهو احتمال مروّع في قلب مدينة ذات كثافة سكّانية عالية وذات شبكة أنفاق سرية وفي ظلّ احتجاز رهائن، معظمهم إسرائيليون.

الاثنين، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أنه أمر بفرض «حصار كامل» على قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس» بعد هجوم الحركة الإسلامية غير المسبوق على إسرائيل الذي خلّف حتى الآن أكثر من 1100 قتيل لدى الجانبين.

كما أعلنت إسرائيل القطع الفوري لإمدادات المياه إلى غزة.

وجاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه تبدو سلسلة الأحداث التالية واضحة، وفقاً لرئيس قسم دراسات الحرب الحضرية في «معهد الحرب الحديثة» جون سبينسر، الذي توقّع على منصة «إكس»، الاثنين، أن «تشنّ إسرائيل أكبر عملية مشتركة لها (جوّاً/ برّاً/ بحراً/ فضاءً) في التاريخ ضدّ غزة».

من جهته، توقّع ألكسندر غرينبرغ من «معهد القدس للاستراتيجية والأمن» أن «تستهدف الضربات أولاً مراكز قيادة (حماس) وقواتها، ستأتي النيران من كلّ مكان». وأضاف: «بالتوازي مع ذلك، سيستعدّ الجيش للدخول إلى غزّة».

حرب عصابات حضرية

حرب العصابات في المناطق الحضرية تفرض قتالاً بالأيدي وتقلل من الرؤية وتزيد الفخاخ وتطمس القدرة على التمييز بين المدنيين والجنود. وبوصفِ أندرو غالر، وهو ضابط بريطاني سابق أصبح اليوم محللاً لدى مجموعة «جاينز» المعلوماتية، فإنها «ساحة معركة بزاوية 360 درجة حيث التهديد في كل مكان»، من المجاري إلى الأسطح ومن الطوابق السفلية إلى الأسقف الزائفة.

ويوضح أن تأمين كلّ مبنى يحتمل أن يكون محاصراً يعني تعبئة خبراء لإزالة الألغام ونشر سلالم وحبال ومتفجّرات وكلّ ذلك «ربما خلال تعرّضه لضربات» ربّما ليلية.

بالإضافة إلى ذلك «هناك مخاطر من النيران الصديقة» المرتبطة بانتشار المقاتلين وتنقّلاتهم، وفق قوله.

وأضاف: «كما أظهرت عدة نزاعات منذ قرن، يمكن لاستخدام المدفعية أن يفاقم الأمور» حين تصبح الأنقاض غطاءً.

«مترو غزّة»

يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزّة الذي تسيطر عليه حركة «حماس» الإسلامية وتحاصره إسرائيل منذ عام 2007.

ويطلق أهالي القطاع على شبكة الأنفاق السرية التي حفرتها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» اسم «المدينة الأرضية»، في حين تسميها إسرائيل «مترو حماس» أو «مترو غزة»، وقد استهدفتها مراراً بالقصف والتدمير.

ظهرت الأنفاق للمرة الأولى في القطاع في عام 2006 عندما استخدمت «حماس» أحدها لأسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط خلال هجوم على موقع حدودي في رفح في جنوب القطاع. وأفرجت الحركة عن شاليط عام 2011.

وتكثف حفرها بعد بدء الحصار الإسرائيلي على غزة إثر سيطرة حركة «حماس» على القطاع في 2007، وإقفال مصر معبر رفح المؤدي إلى القطاع. وأقام الفلسطينيون أنفاقاً على الحدود مع مصر استخدمت لتهريب مقاتلين وأسلحة، ودمرت القوات المصرية العديد منها.

لكن منذ عام 2014، حفرت حركة «حماس» أنفاقاً داخل القطاع نفسه.

ويتمركز المقاتلون على عمق يصل إلى 30 أو 40 متراً تحت الأرض، وينتشرون بعيداً عن نطاق الضربات. ويمكن لبطاريات قاذفات الصواريخ المخبأة على عمق بضعة أمتار أن تخرج من خلال نظام الباب المسحور لتطلق النار وتختفي مرة أخرى.

كان الجيش الإسرائيلي قد قصفها بشكل مكثف عام 2021. ولكن إذا كان جزءٌ من هذه الشبكة معروفاً بلا شك لإسرائيل، يبقى البعض الآخر سرياً وينذر بتعقيد عملياتها.

ميزة تكتيكية

جزم مدير الأبحاث في مركز «صوفان» في نيويورك كولين كلارك، بأن حركة «حماس»، «تعرف أنفاقها عن ظهر قلب».

وأضاف: «بعضها فيها فخاخ، الاستعداد للقتال في مثل هذه الأماكن (...) سيتطلب معلومات استخباراتية واسعة النطاق (...) التي قد لا يمتلكها الإسرائيليون». وتتمتّع حركة «حماس» بميزة تكتيكية كبيرة.

وأقرّ ألكسندر غرينبرغ لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «الجميع يعلم أن (العملية) ستكون طويلة وصعبة مع الكثير من الخسائر»، مضيفاً أن هناك «روبوتات ووسائل خاصة أخرى تسمح بالدخول في أنفاق».

بالنسبة لـ«حماس»، «إنها ميزة يمكن أن تشكّل أيضاً فخّاً. فعندما يتمّ تحديد مواقع الأنفاق، يمكن حبس من بداخلها. في هذه الحالة، ستكون التعليمات بلا رحمة».

وزن الرهائن

سينطوي على العملية تعقيد إضافي، هو أن حركة «حماس» احتجزت عشرات المدنيين رهائن، معظمهم من الإسرائيليين، لكن أيضاً ربما يوجد عمال أجانب وجنود، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.

وقالت الباحثة في علم الاجتماع في المجلس الوطني للبحوث العلمية في فرنسا سيلفين بول، المتخصصة بالشؤون الإسرائيلية: «لن يغفر المجتمع الإسرائيلي إذا لم تكن حياة الرهائن أولوية. الضغط الذي يمارسه الرأي العام كبير، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعرف ذلك تماماً».

وأضافت: «في الحسابات التي سيطالب بها المجتمع الإسرائيلي، سيكون هناك أنتم لم تضمنوا أمننا، أعيدوا الرهائن إلينا»، متوقعة «بلا شك صراعات بين الجيش والسياسيين».

في الواقع، إسرائيل ليست حالياً في موقع تفاوض، حسب الباحث في «معهد دراسات الأمن القومي» في تل أبيب كوبي مايكل.

وأضاف مايكل: «مع كلّ الحزن والألم، لا يمكن لمشكلة الرهائن أن تكون الأولوية الأولى لإسرائيل».

وتابع: «إسرائيل لن تحل مشكلة الرهائن (...) إلّا عندما تُهزم (حماس) وتضعف. ليس قبل ثانية واحد من ذلك».

الاثنين، أكّد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» الإسلامية حسام بدران أنّ «لا مكان حالياً» للتفاوض مع إسرائيل حول تبادل للأسرى في ظل استمرار «العملية العسكرية» ضد الدولة العبرية.


مقالات ذات صلة

رفض خليجي للتصريحات المتطرفة لمسؤول إسرائيلي

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي (الشرق الأوسط)

رفض خليجي للتصريحات المتطرفة لمسؤول إسرائيلي

أكدت دول مجلس التعاون الخليجي، الثلاثاء، حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة، معربة عن رفضها التصريحات المتطرفة لوزير المالية الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مبنى مُدمَّر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارة جوية إسرائيلية (أ.ب)

مقتل 8 في قصف إسرائيلي لمبنى سكني بجبل لبنان

أفاد التلفزيون اللبناني بمقتل ثمانية نتيجة قصف إسرائيلي استهدف مبنى سكنياً في بلدة عرمون بمحافظة جبل لبنان، اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

إسرائيل تدفع بـ«خطة الضم»... وتنديد واسع

دفعت إسرائيل قدماً بخططها لضم مستوطنات يهودية في الضفة الغربية إلى سيادتها، مراهنة على وجود إدارة جديدة مساندة لها في البيت الأبيض بداية العام المقبل.

المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في موقع قصف إسرائيلي على ساحة مستشفى الأقصى بدير البلح (أ.ب) play-circle 00:29

غزة: الجيش الإسرائيلي يحاصر مدرسة تؤوي نازحين... و14 قتيلاً بغارات على القطاع

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة صباح اليوم (الثلاثاء) مقتل 14 شخصا على الأقل في غارات إسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي صورة مركبة للرئيس المنتخب دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

نتنياهو يعرض إنهاء الحرب مقابل مستوطنات بالضفة

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أمس أن الحكومة الإسرائيلية تتجه لعرض صفقة على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تتضمن الاعتراف بسيادة إسرائيل على مستوطنات.


صور تكشف مدى إصابة السفير الإيراني في بيروت

السفير الإيراني في بيروت يتحدث إلى وزير الخارجية عباس عراقجي (إرنا)
السفير الإيراني في بيروت يتحدث إلى وزير الخارجية عباس عراقجي (إرنا)
TT

صور تكشف مدى إصابة السفير الإيراني في بيروت

السفير الإيراني في بيروت يتحدث إلى وزير الخارجية عباس عراقجي (إرنا)
السفير الإيراني في بيروت يتحدث إلى وزير الخارجية عباس عراقجي (إرنا)

نشرت وسائل إعلام إيرانية صوراً تظهر مدى إصابة السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني، الذي طالته تفجيرات «البيجر» التي استهدفت عناصر من «حزب الله» في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقبل عودته إلى لبنان، وزّعت صور للسفير أظهرت إصابته في العين اليمنى، واليد اليسرى، بعد إجلائه ضمن رحلة شملت عشرات المصابين في تفجيرات «البيجر». وقد قدمت السلطات الإيرانية روايات متباينة بشأن الحالة الصحية للسفير.

وتعود آخر صور منشورة لمجتبى في المستشفى إلى 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على هامش لقائه مع محسن قمي، ممثل المرشد الإيراني علي خامنئي الذي زاره هناك.

وظهر السفير وقتها بجزء من وجهه، كما أخفى اليدين وبقية أجزاء جسمه، بعد أن نفت طهران إصابة عينه، وأكدت تضرر يديه بتفجير جهاز «البيجر» الذي كان يستعمله.

وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن السفير التقى وزير الخارجية عباس عراقجي، قبل توجهه مجدداً إلى بيروت لاستئناف مهامه.

السفير الإيراني لدى لبنان يتحدث إلى وزير الخارجية عباس عراقجي قبل التوجه إلى بيروت (إرنا)

ونقلت الوكالة عن عراقجي قوله إنه «يجب اتخاذ جميع التدابير اللازمة، واستخدام الإمكانات السياسية والدولية لوقف الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد لبنان بشكل فوري».

ووجه عراقجي «التعليمات اللازمة» للسفير الإيراني في بيروت بخصوص الفترة المقبلة، وفقاً للوكالة.

وفي بداية الأمر، عزا مسؤولون إيرانيون إصابة مجتبى إلى تفجير جهاز نداء بيد أحد أعضاء فريق حمايته، ووصفوا جروحه بـ«السطحية».

وبعد نقله إلى طهران، ذكرت تقارير إيرانية أنه خضع لعملية جراحية استمرت خمس ساعات، مشيرة إلى أن الأطباء أعربوا عن أملهم أن يُشفى خلال أشهر.

وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد زار مجتبى في مستشفى «الفارابي» لطب العيون، ما عزّز التقارير التي تحدثت عن إصابته في العين.

وبعدها أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن مجتبى أجرى عملية جراحية بسيطة في عينه، وأنه سيعود إلى أداء عمله بعد انقضاء العلاج والنقاهة.

وفي مطلع أكتوبر الماضي، أرسل وزير الخارجية عباس عراقجي دبلوماسياً رفيعاً إلى بيروت لملء فراغ مجتبى، معلناً عن تعيين الدبلوماسي محمد رضا شيباني، في مهمة المبعوث الخاص في منطقة «غرب آسيا».

وكان شيباني سفيراً سابقاً لإيران لدى لبنان وسوريا وتونس، ومساعداً لوزير الخارجية في الشؤون العربية - الأفريقية.

ويطلق المسؤولون الإيرانيون تسمية «غرب آسيا»، على العراق ودول بلاد الشام.