نتنياهو يمنع وزير دفاعه من لقاء مسؤولين أميركيين خلال زيارة لواشنطن

خطة استراتيجية تبرز «الاعتماد على الذات» في مواجهة إيران

نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يزوران مقر القيادة المركزية لجيش الدفاع الإسرائيلي مطلع أغسطس (د.ب.أ)
نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يزوران مقر القيادة المركزية لجيش الدفاع الإسرائيلي مطلع أغسطس (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يمنع وزير دفاعه من لقاء مسؤولين أميركيين خلال زيارة لواشنطن

نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يزوران مقر القيادة المركزية لجيش الدفاع الإسرائيلي مطلع أغسطس (د.ب.أ)
نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت يزوران مقر القيادة المركزية لجيش الدفاع الإسرائيلي مطلع أغسطس (د.ب.أ)

في الوقت الذي نشر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خطة العمل الاستراتيجية لحكومته حتى سنة 2030، والتي ركز فيها على مبدأ «الاعتماد على الذات» في مواجهة إيران وبقية الأعداء، توجه وزير الدفاع، يؤاف غالانت، فجر الخميس، إلى الولايات المتحدة في زيارة لمؤسسات يهودية تدعم الجيش الإسرائيلي. وقد أصدر نتنياهو تعليمات إلى غالانت يمنعه من لقاء أي مسؤول أميركي رسمياً، احتجاجاً على امتناع البيت الأبيض عن دعوته.

وقال مسؤول حكومي إن «الإدارة الأميركية خرجت عن التقاليد المعروفة بدعوة كل رئيس حكومة إسرائيلي حال انتخابه إلى البيت الأبيض. وعلى الرغم من مرور 8 شهور على انتخاب نتنياهو، تمتنع إدارة الرئيس جو بايدن عن دعوته، بسبب خطته الحكومية لإصلاح القضاء، وتحاول التقاء وزراء آخرين. عليه، فإن نتنياهو يمنع وزراءه من التقاء مسؤولين أميركيين إلا في حالات استثنائية يقررها».

وكان غالانت قد دعي إلى اجتماع كبير للمنظمات اليهودية الأميركية لدعم الجيش الإسرائيلي بالمال، وبسبب تعليمات نتنياهو، لم يرتب لقاءات مع المسؤولين الأميركيين، لكنه رتب لقاءات مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وبسفراء عدة دول في مجلس الأمن. وقال مكتبه إنه «سيقدم في هذه اللقاءات إحاطة أمنية، من دون توضيح ماهيتها».

لقاء وزيري الدفاع الأميركي لويد أوستن (يسار) والإسرائيلي يوآف غالانت في بروكسل 15 يونيو (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

وبحسب مقربين من غالانت، فإنه طلب تغيير تعليمات نتنياهو؛ لأنه يعتقد أن هناك أهمية كبرى للقاء المسؤولين الأميركيين في إطار التنسيق بين البلدين والجيشين ووزارتي الدفاع، لمواجهة التحديات المشتركة. وأنه أراد أن يكمل مداولاته مع نظيره الأميركي، لويد أوستن، الذي كان قد التقاه في مقر السفارة الأميركية في بروكسل البلجيكية في يونيو (حزيران) الماضي، إلا أن نتنياهو رفض.

وقد جاء موقف نتنياهو هذا، في وقت كشفت فيه صحيفة «هآرتس» في تل أبيب، الخميس، عن مذكرة صاغ فيها عقيدته الأمنية الاستراتيجية حتى عام 2030.

وجاء في هذه الوثيقة أن «التحالف مع الولايات المتحدة هو في مقدمة التحالفات الاستراتيجية والأخلاقية، والتي من خلالها يتم تقديم مساعدات لإسرائيل خلال الحرب. لكن علينا أن نكون مستعدين دائماً للدفاع عن أنفسنا بقوتنا الذاتية».

ويتضح من النشر في «هآرتس»، أن الوثيقة لم تنجز بالكامل بعد، وأنه أعدها خلال السنتين الماضيتين. وبعد أن تمت طباعتها، أجرى عليها نتنياهو تعديلات بخط يده، ومن المفترض أن تتم طباعتها من جديد.

تستعرض الوثيقة «تهديدات متوقعة» على إسرائيل، بدءاً من عام 2020 ولعشر سنوات، وتشمل الميزانيات التي يتعين على إسرائيل استثمارها في بناء القوة العسكرية، وشكل مواجهتها مع أعدائها في الفترات الاعتيادية وفي الحروب.

وتضيف أنه تم إطلاع أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، وكذلك قيادة جهاز الأمن الإسرائيلي، على هذه الوثيقة، وصُنفت في حينه على أنها «سرية»، لكن أزيل هذا التصنيف لاحقاً.

لا حسم مع «حماس»

توضح الوثيقة أن نتنياهو يؤمن بضرورة الإبقاء على حكم «حماس» في قطاع غزة، وعدم حسم المعركة ضدها في كل اشتباك. يقول في الوثيقة: «عندما لا يكلفنا عدم حسم المعركة ثمناً باهظاً، بالإمكان إنهاؤها دون حسم قاطع»، أو أنه «في المواجهات التي فيها الإنجاز السياسي المطلوب لا يلزم بحسم العدو، فإنه في حالة كهذه نلائم رداً محدوداً».

وتتضمن الوثيقة المطبوعة تصحيحات عدة، منها جملة تقول إن هذه الوثيقة وُضعت «من أجل ضمان وجود دولة إسرائيل في السنوات السبعين المقبلة»، فتم شطب «السنوات السبعين المقبلة»، ووضع مكانها «في المستقبل المنظور».

مظاهرة ضد تشريعات تستهدف القضاء بالتزامن مع تدشين نتنياهو خط سكك حديدية سريعاً في 17 أغسطس (د.ب.أ)

وفي الفقرة التي تتحدث عن «عدالة الصهيونية» وتهدف إلى التشديد على أهمية «قيم الديمقراطية»، تم شطب تعبير بخط نتنياهو يصف إسرائيل بأنها «نظام ديمقراطي متنور». وجاء في الوثيقة أن «إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، تحافظ على الحق القومي للشعب اليهودي بدولة خاصة به، وعلى حقوق الفرد لمواطنينا».

وحسب الوثيقة، فإن على إسرائيل أن «تردع أو تنتصر على أي عدو يهدد باستهدافنا بشكل قاتل أو القضاء علينا»، وأن على إسرائيل تنفيذ ذلك من خلال أربعة عناصر القوة: الأمنية، الاقتصادية، السياسية، «والأهم من جميعها، القوة الروحانية».

وتُتابع: «تفوقنا النسبي على أعدائنا في المناعة القومية للشعب، وفي مقاتلينا الذين تنبض في أوساطهم روح الصهيونية ويحملون مصير المعركة على أكتافهم. وسننتصر بدمج قدرات تكنولوجية وعسكرية، بتفوق جوي واستخباراتي، وبالإدراك أن من ليس مستعداً للقتال من أجل وجوده لن يصمد».

وتضيف: «في المعركة بين الحروب، نعمل من أجل استهداف خطوات أعدائنا في بناء القوة تحت سقف الحرب. ولن نسمح بأن يتجاوز تعاظم قوة أعدائنا سقفاً لا يمكن تقويضه، أو في حال وجود إنذار بشأن مفاجأة استراتيجية»، وتم شطب الكلمات «سننفذ ضربة استباقية».


مقالات ذات صلة

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

المشرق العربي الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

أعلن «حزب الله»، السبت، أن عناصره اشتبكت مع قوة إسرائيلية كانت تتقدم باتجاه بلدة البياضة بالجنوب اللبناني، وأسفرت الاشتباكات عن قتلى وجرحى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدفاع الجوي الإسرائيلي يعترض هدفاً جوياً تم إطلاقه من لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله» يشن أكبر هجوم بالمسيّرات ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان

ذكرت قناة تلفزيونية تابعة لـ«حزب الله»، الجمعة، أن الجماعة اللبنانية شنّت أكبر هجوم بالطائرات المسيّرة ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان منذ بداية المواجهات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمرَيْ اعتقال ضد نتنياهو وغالانت كان من الممكن تجنبه لو سمح نتنياهو بأمر واحد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

تحليل إخباري الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

لبنان: الأوراق المتاحة لفرنسا للرد على إسرائيل لإزاحتها من مساعي الحل ولجنة الإشراف على وقف النار .

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين اثنين في الكنيست المقبل، لكنه يظل بعيداً جداً عن القدرة على تشكيل حكومة.

نظير مجلي (تل ابيب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
TT

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

تقدم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع بحق زعماء إسرائيل و«حماس»، بسبب الجرائم التي تتهمهم بارتكابها في غزة، رؤى مهمة حول مدى اختصاص المحكمة وحدود سلطتها.

وقدم تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت؛ ورئيس الجناح العسكري لـ«حماس» محمد الضيف، الذي قد يكون ما زال على قيد الحياة.

لماذا تدعي المحكمة الاختصاص في هذه القضية؟

لقد انضمت أكثر من 120 دولة إلى معاهدة دولية، وهي نظام روما الأساسي، وهي أعضاء في المحكمة. تأسست المحكمة، التي يقع مقرها في لاهاي في هولندا، منذ أكثر من عقدين من الزمان لمقاضاة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية وجريمة العدوان.

واتهمت المحكمة نتنياهو وغالانت باستخدام التجويع كسلاح حرب، من بين تهم أخرى، في الصراع مع «حماس» في غزة.

واتهمت المحكمة محمد الضيف، أحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي واحتجاز الرهائن.

لا تعترف الدول القوية، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين، بسلطة المحكمة. ولم تصادق على نظام روما الأساسي، ولا تحترم المذكرات الدولية الصادرة عن المحكمة ولن تسلم مواطنيها للمحاكمة.

لا إسرائيل ولا فلسطين عضوان في المحكمة. ولكن في حين لا تعترف العديد من الدول بدولة فلسطين، فقد فعلت المحكمة ذلك منذ عام 2015، عندما وقع قادة السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على جزء كبير من الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة «حماس» على غزة منذ عام 2007 ولا تعترف الجماعة المسلحة بخضوعها لدولة فلسطينية، فقد قضت المحكمة بأن لها ولاية قضائية على الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.

وقال ديفيد شيفر، السفير الأميركي السابق والمفاوض الرئيسي في النظام الأساسي الذي أنشأ المحكمة: «أود أن أزعم أن هذا يجعل تصرفات (حماس) أكثر عرضة للمحكمة الجنائية الدولية. إن السلطة القضائية للمحكمة الجنائية الدولية لا تقتصر على (حماس) فقط، بل إن (حماس) أثبتت دورها كسلطة حاكمة لذلك الجزء من دولة فلسطين، وبالتالي فإن هذه السلطة تحمل المسؤولية، بما في ذلك ارتكاب جرائم فظيعة».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة لسلطة المحكمة أن اختصاصها يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الدول الأعضاء. ويمنح نظام روما الأساسي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، سلطة إحالة جرائم الفظائع المرتكبة في أي دولة -عضو في المحكمة الدولية أم لا- إلى الهيئة القانونية للتحقيق.

وقد أحال مجلس الأمن السودان إلى المحكمة في عام 2005 بشأن الوضع الإنساني في دارفور، وأحال ليبيا في عام 2011 رغم أن كلتا الدولتين ليست عضواً في المحكمة.

وقال الخبراء إنه نظراً للتوترات الحالية بين الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة)، فمن غير المرجح أن يحيل المجلس بالإجماع فرداً إلى المحكمة للمحاكمة في أي وقت قريب.

وأشار شفير إلى أنه «نظراً للطبيعة غير الوظيفية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن تنجو أي إحالة مقترحة لأي حالة معينة في العالم من الفيتو».

هل سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء؟

بالفعل، سعت المحكمة إلى محاكمة زعماء من دول غير أعضاء، فروسيا ليست عضواً في المحكمة، ولكن في عام 2023 أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشأن غزو موسكو الكامل لأوكرانيا، التي لم تصبح عضواً بعد ولكنها منحت المحكمة الاختصاص ودعتها للتحقيق.

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق عمر حسن البشير، الرئيس السابق للسودان، والعقيد معمر القذافي، الزعيم السابق لليبيا. ولا تتمتع أي من الدولتين بعضوية المحكمة.

في عام 2017، بدأ المدعي العام للمحكمة التحقيق في مزاعم جرائم الحرب في أفغانستان، بما في ذلك أي جرائم ربما ارتكبها الأميركيون. ورداً على ذلك، فرضت واشنطن عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة في ذلك الوقت، وألغت تأشيرة دخولها. وأسقطت المحكمة تحقيقاتها في وقت لاحق.

هل يمكن للمحكمة إنفاذ أوامر الاعتقال؟

في حين أن نطاق المحكمة قد يكون عالمياً تقريباً من الناحية النظرية، فإن قوتها في نهاية المطاف في أيدي أعضائها.

لا يمكن للمحكمة محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم غيابياً وليس لديها آلية لمحاكمة المتهمين. إنها تعتمد على الدول الأعضاء للعمل كجهات منفذة واحتجاز المشتبه بهم قبل أن يتمكنوا من المثول للمحاكمة في لاهاي. ومع ذلك، لا تلتزم جميع الدول الأعضاء بالاتفاق.

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، إنه دعا نتنياهو لزيارة بلاده، وهي عضو في المحكمة، وأنه سيتجاهل التزامه الرسمي بالتصرف بناءً على مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة.

في سبتمبر (أيلول)، زار بوتين منغوليا، وهي عضو آخر، من دون أن يتم القبض عليه.

وزار البشير جنوب أفريقيا، وهي أيضاً عضو، لحضور قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2015.