طهران ترهن إطلاق الرعايا الأميركيين بإنهاء نقل الأموال من كوريا الجنوبية

مصدر رسمي إيراني: تبادل السجناء سيتم في قطر

العلمان الأميركي والإيراني مطبوعان على الورق في 27 يناير 2022 (رويترز)
العلمان الأميركي والإيراني مطبوعان على الورق في 27 يناير 2022 (رويترز)
TT

طهران ترهن إطلاق الرعايا الأميركيين بإنهاء نقل الأموال من كوريا الجنوبية

العلمان الأميركي والإيراني مطبوعان على الورق في 27 يناير 2022 (رويترز)
العلمان الأميركي والإيراني مطبوعان على الورق في 27 يناير 2022 (رويترز)

قال محمد جمشيدي مساعد الشؤون السياسية للرئيس الإيراني، إن إيران ستطلق «سجناء مطلوبين لدى أميركا بعد اكتمال نقل الأموال الإيرانية»، وذلك في وقت نقلت وكالة «أرنا» الرسمية أن تبادل السجناء المحتمل مع أميركا مقابل الأصول الإيرانية المجمدة سيتم برعاية دولة ثالثة هي قطر.

وفي خطوة أولى فيما قد تكون مجموعة معقدة من المناورات، سمحت إيران لأربعة محتجزين أميركيين بالانتقال من سجن إيفين بطهران إلى الإقامة الجبرية، وذلك، حسب محامي أحدهم، لينضموا إلى خامس قيد الإقامة الجبرية بالفعل.

وقال البيت الأبيض إن «المفاوضات لإطلاق سراحهم ما زالت جارية ودقيقة».

وفي أول تعليق لمسؤول في الحكومة الإيرانية، كتب جمشيدي في مدونة على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، إنه «بعد إطلاق الأموال الإيرانية في العراق، بدأ مسار إطلاق كل الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية». وأضاف: «حتى اكتمال الأموال بشكل كامل، فإن الأسرى المطلوبين لدى أميركا سيبقون في إيران».

وجاء تعليق جمشيدي بعد ساعات من تأكيد البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة الإفراج عن الرعايا الأميركيين المحتجزين في زنزانة يديرها «الحرس الثوري» في سجن إيفين، بموجب صفقة تبادل سجناء بين طهران وواشنطن.

في سياق متصل، نقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن «مصدر مطلع»، أن الصفقة التي يجري التفاوض عليها حالياً، تقضي بإفراج إيران عن 5 سجناء أميركيين مقابل إطلاق سراح 5 سجناء إيرانيين لدى الولايات المتحدة. وأضاف المصدر أنه بالإضافة إلى ذلك، سيتم الإفراج عن 6 مليارات دولار من أموال إيرانية مجمدة في كوريا الجنوبية، إلى جانب جزء كبير من الأموال الإيرانية لدى بنك «تي بي آي» العراقي، مشيراً إلى أن المراحل الأولى من عملية الإفراج عن أموال إيرانية في المصارف الأوروبية قد بدأت. وتابع المصدر بالقول إن من المقرر أن يتم في هذا الإطار تحويل أموال إيران في كوريا الجنوبية من الوون (عملة كوريا الجنوبية) إلى اليورو، وهو ما تم القيام به، ومن ثم ستنقل إلى مصرف في سويسرا، ومن هناك إلى حساب مصرفي في قطر ليكون متاحاً لإيران تحصيل هذه الأموال»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن وكالة «أرنا».

وذكرت «أرنا» أنه لن يتم الإفراج عن السجناء الأميركيين حتى يتم تحويل الأموال الإيرانية بالكامل إلى قطر. ولفت هذا المصدر المطلع إلى أن «عملية تبادل السجناء ستتم في قطر بعد أن تتحقق إيران من قدرتها على سحب أموالها من حساب إيراني في قطر».

وقلل مستشار الفريق المفاوض النووي الإيراني محمد مرندي، من «المزاعم والشكوك» حول عملية تبادل السجناء. وقال: «إيران تتمتع بحق التصرف الكامل والمباشر في جميع الأموال المجمدة والمفرج عنها». وفي هذا السياق، قال هنري روم المحلل لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن الاتفاق من شأنه أن يساهم في خفض التوتر الذي تفاقم منذ انسحب الرئيس الأميركي الجمهوري دونالد ترمب، من اتفاق 2015 النووي، الذي كان يهدف للحد من برنامج طهران النووي. ووصف روم الإفراج المحتمل عن الأميركيين الخمسة بأنه خطوة أولى «في جهود الولايات المتحدة الأوسع نطاقاً لخفض التوتر في غياب اتفاق نووي»، وأضاف أن البيت الأبيض «لم يكن ليدخل الصفقة ما لم يكن واثقاً من قدرته على تحمل رد الفعل السياسي».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وصلت سفينة برمائية وسفينة إنزال إلى مياه المنطقة، في أحدث تعزيزات للقوات الأميركية بهدف ردع التهديدات الإيرانية. وكان الجيش الأميركي قد أرسل قبل ذلك سرباً من مقاتلات «إف 35» و«إف 16».

وفي المقابل، أجرى «الحرس الثوري» الإيراني مناورات بحرية في الخليج العربي، معلناً عن تزويد وحدته البحرية بصواريخ كروز وصواريخ باليستية، بالإضافة إلى تشغيل زوارق سريعة مزودة بصواريخ يبلغ مداها 600 كيلومتر.

في الأثناء، قال المتحدث باسم هيئة الأركان المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن «أميركا تتهمنا بزعزعة الاستقرار في الخليج (...) لكن يجب أن نقول لهم ماذا تفعلون هنا؟ هذا السؤال يجب أن تسأله وسائل الإعلام من الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين».

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن شكارجي قوله اليوم: «أميركا وحلفاؤها يتهموننا بزعزعة الاستقرار، بينما نبذل كل جهدنا للتعاون مع دول المنطقة لكي لا تلحق الأضرار بالأمن الإقليمي (...) يتهموننا بزعزعة الاستقرار في المياه الدولية».

وقال شكارجي، إن الاصطفاف العسكري الإيراني «من أجل خلق الأمن وليس زعزعته، نحن على نقطة الخلاف مع أميركا التي اصطفافها يهدف إلى زعزعة الأمن». وأضاف: «لا نشكل تهديداً لدول المنطقة، لأن لدينا مصالح مشتركة معهم، إذا كنا مصدر تهديد فعلاً، فإننا نعد مصدر تهديد لأميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني فقط».


مقالات ذات صلة

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

إيران وأوروبا تجتمعان لمحادثات نووية في جنيف الجمعة

تعتزم إيران إجراء محادثات نووية مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) في جنيف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

يمثل الصعود العسكري النووي للصين هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي بأميركا في ظل التقارب بكين وموسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

قاليباف: إيران بدأت في إطلاق أجهزة الطرد المركزي المتقدمة

قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، اليوم الأحد، إن طهران بدأت في إطلاق أجهزة الطرد المركزي المتقدمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

إيران: التخلي عن السلاح النووي ليس مجاناً

عرض مسؤول إيراني بارز، أمس، على الإدارة الأميركية الجديدة عدمَ امتلاك سلاح نووي مقابلَ تعويضات وامتيازات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية شعار الوكالة الدولية للطاقة الذرية يظهر على مقرها في فيينا بالنمسا (رويترز)

أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ترحّب باعتماد وكالة الطاقة الذرية لقرار ضد إيران

رحّبت أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، السبت، باعتماد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لقرار بتوجيه اللوم إلى إيران لتقاعسها عن التعاون مع الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو «ينتقم» من ماكرون في لبنان

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما بالقدس في أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الموقف الإسرائيلي الرافض لمشاركة فرنسا في لجنة المراقبة على تنفيذ اتفاق الهدنة المتبلور مع لبنان، يعود إلى سلسلة ممارسات فرنسية أزعجت إسرائيل في الآونة الأخيرة، وفي مقدمتها انضمام القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي إلى بقية القضاة ليصدروا بالإجماع قرارهم إصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وقالت هذه المصادر إن الحكومة الإسرائيلية تتابع بقلق الدور الفرنسي في محكمة لاهاي. وتشير إلى قيام المحامي الفرنسي المخضرم جيل ديفرز بقيادة فريق من 300 محامٍ دولي من مختلف الجنسيات تطوعوا لتقديم التماس إلى المحكمة الجنائية الدولية يتهم إسرائيل بـ«ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، ثم جاء قرار المحكمة قبول طلب المدعي العام بإصدار مذكرة الاعتقال.

وبحسب صحيفة «معاريف»، فإنهم «في إسرائيل يقدرون أن القاضي الفرنسي في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي الذي وقّع على أمر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، ما كان ليتجرأ على فعل ذلك دون أن يكون تلقى ضوءاً أخضر وإسناداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه».

وتضيف المصادر الإسرائيلية أسباباً أخرى للغضب على فرنسا، مثل قرار الحكومة الفرنسية إقصاء الصناعات الأمنية الإسرائيلية عن المشاركة في معارض السلاح الفرنسية، في مطلع الشهر الجاري.

نتنياهو وماكرون (رويترز)

ومع أن فرنسا كانت قد وقفت إلى جانب إسرائيل في مواجهة هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وساندتها بقوة في الحرب الانتقامية على قطاع غزة، واستجابت لطلب إسرائيل وامتنعت حتى الآن عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ فإن الحكومة الإسرائيلية لا تكتفي. وتريد لفرنسا أن تسلك طريق الولايات المتحدة وتقدم دعماً أعمى لها في حربها. وهي تشعر بثقة غير عادية بالنفس، أن «تعاقب» فرنسا، فتقرر ألا تسمح لها بالمشاركة في التسوية في لبنان، مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية نفسها كانت قد توجهت عدة مرات إلى باريس تتوسل تدخلها، خصوصاً خلال الحرب على لبنان.

حوار هامس بين ماكرون وميقاتي اللذين تجمعهما علاقة قوية (إ.ب.أ)

يُذكر أن الإسرائيليين ما زالوا ينظرون بتفاؤل إلى جهود المبعوث الأميركي عاموس هوكستين، لوقف النار في لبنان. وينتظرون قراراً من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يحسم فيه موقفه النهائي. فهو ما زال يدير محادثات مع رفاقه وحلفائه في اليمين المتطرف الرافضين للاتفاق والذين يطالبون بألا يسمح بعودة المواطنين اللبنانيين إلى قراهم على الحدود مع إسرائيل، وتحويل الحزام الأمني إلى منطقة خالية من السكان إلى الأبد وزرعها بالألغام.

محادثات هوكستين

ومع ذلك، فإن مصادر سياسية ادعت أن ما يعوق الاتفاق حتى الآن هو لبنان. ووفقاً لما نقلته «القناة 12» الإسرائيلية، فإن هوكستين أبدى «موقفاً حازماً وغير متهاون» خلال محادثاته مع الجانب اللبناني؛ إذ قدّم شروطاً واضحة نُقلت إلى «حزب الله»، وهو ما قالت القناة إنه «أدى إلى إحراز تقدم ملحوظ» في المحادثات.

وتوقعت جهات إسرائيلية أن يتم التوصل إلى اتفاق خلال أيام. وأفادت القناة بأن هوكستين قال في محادثات مغلقة مع مسؤولين إسرائيليين، خلال زيارته الأخيرة إلى تل أبيب التي وصل إليها قادماً من بيروت بعد محادثات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي: «وضعت أمامهم (في إشارة إلى المسؤولين اللبنانيين) إنذاراً نهائياً، ويبدو أنه كان فعّالاً».

عقبة إيران

لكن القناة أكدت أنه على الرغم من «الأجواء الإيجابية»، فإن مصادر دبلوماسية وصفتها بـ«المطلعة»، تشير إلى «عقبة رئيسة ما زالت قائمة»، وهي أن «لبنان لم يحصل بعدُ على الموافقة النهائية المطلوبة من إيران التي تملك نفوذاً كبيراً على (حزب الله)».

وضمن التطورات الأخيرة، زار قائد القيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم) الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل، الجمعة، وعقد اجتماعاً مع رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي. وناقش الطرفان تفاصيل آلية رقابة أميركية على أنشطة الجيش اللبناني.

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي من لقاء كوريلا وهليفي في تل أبيب

ووفقاً لمسودة الاتفاق الجاري إعدادها، سيتعين على الجيش اللبناني تنفيذ عملية شاملة لإزالة الأسلحة من قرى جنوب لبنان، على أن تتولى قوات تابعة للقيادة الوسطى الأميركية (سنتكوم)، مهمة «الإشراف على تنفيذ العملية ومراقبتها». وفي الوقت الذي تسير فيه المحادثات الدبلوماسية، يستمر الجيش الإسرائيلي في ممارسة ضغوط عسكرية عبر تكثيف الغارات الجوية ومحاولة توسيع عملياته البرية في إطار توغل قواته جنوب لبنان، كما أصدر هليفي تعليماته بمواصلة إعداد خطط عملياتية شاملة.

سيناريوهات

وقالت «القناة 12» إن ذلك يأتي في ظل الاستعدادات الإسرائيلية لإمكانية «انهيار المفاوضات أو خرق الاتفاق من جانب (حزب الله)». وأفادت بأن الجانب الإسرائيلي يرى أن «هذه السيناريوهات قد تستدعي تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية». وذكرت القناة أن «إحدى القضايا التي لا تزال بحاجة إلى حلّ، هي تشكيل اللجنة التي تشرف على تنفيذ الاتفاق بين إسرائيل ولبنان»، مشيرة إلى أن تل أبيب «تصرّ على ألّا تكون فرنسا جزءاً من الاتفاق، ولا جزءاً من اللجنة التي ستشرف على تنفيذه».