في خطوة عدها قادة الأحزاب العربية «تهرباً من مواجهة القضية الجوهرية»، تقدم النائب تسفيكا فوغل، من حزب «عوتسما يهوديت (عظمة يهودية)» اليميني المتطرف، بمشروع قانون إلى الكنيست، يمنح صلاحيات لوزير «الأمن القومي» في الحكومة الإسرائيلية (حالياً إيتمار بن غفير)، لإصدار أوامر اعتقال إداري وفرض قيود على الحركة «إذا اقتنع بأن هناك احتمالاً أن يقدم الشخص على التسبب في ضرر فعلي للأمن العام».
وادعى فوغل، في تفسيره مشروع القانون، أن الحاجة لتوسيع الصلاحيات تنبع من التورط المتزايد للشرطة في «الأنشطة ذات الطبيعة الأمنية». ووفق الاقتراح، يمكن لبن غفير إصدار أوامر لمنع مغادرة البلاد، وإلزام المعتقل بحفظ جواز سفره لدى الشرطة.
بالإضافة إلى ذلك، ستكون لدى الوزير سلطة الإلزام بالمثول أمام مركز الشرطة في التواريخ التي سيحددها، وفرض الإبلاغ عن نية المغادرة أو الدخول إلى منطقة معينة.
كما يقترح القانون المقدم منح سلطة حظر شراء أو حيازة أو حمل «أشياء معينة»، وحظر استخدام بعض الخدمات والاتصالات عبر الإنترنت، وحظر الاتصال بشخص أو مجموعة معينة.
وينص الاقتراح على أن صلاحية الأمر المؤقت ستطبق بعد نحو عام واحد من نشره.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب بن غفير، النائب يتسحاق كرويزر، الثلاثاء، إن هذا المشروع يندرج في إطار «انطلاق ثورة بن غفير بكل ما يتعلق بالأمن الداخلي في دولة إسرائيل. فالاعتقال الإداري من الأدوات الهجومية التي طالبنا بها من أجل شن حرب ضروس ضد المنظمات الإجرامية؛ اليهودية والعربية».
المعروف أن الاعتقال الإداري في إسرائيل مأخوذ عن أنظمة الطوارئ البريطانية التي فرضت على فلسطين في فترة الانتداب قبل عام 1948.
وصلاحيات إصدار هذه الأوامر، حالياً، هي من اختصاص وزير الدفاع داخل إسرائيل، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. بيد أن صلاحية إصدار أوامر بمنع مغادرة البلاد هي لوزير الداخلية، أو المحاكم، بتوصية الأجهزة الاستخباراتية والنيابة والشرطة. وهذا يعني أن إسرائيل ليست بحاجة الى آليات جديدة لفرض الاعتقالات الإدارية.
وما يجري هنا محاولة من بن غفير لزيادة صلاحياته بصفته وزيراً. إلا إن هذه «الطموحات الشخصية»، تدل على نيات ومفاهيم تقلق المواطنين العرب في إسرائيل، الذين يعانون الأمرين من تفاقم نشاط منظمات الإجرام المنظم.
ويرون أن طرح موضوع أوامر الاعتقال الإداري، مثله كمثل الاقتراح الذي نشره بن غفير قبل يومين، بإدخال الشاباك (جهاز المخابرات العامة) لتحقيقات الشرطة في جرائم العنف، «مجرد تضليل يدل على تهرب من مواجهة الجريمة».
الشرطة تمتلك كل الأدوات اللازمة لمكافحة الجريمة المنظمة وقطع دابرها، لو توفرت لديها الإرادة، وهذا الأمر ثابت في مناطق عدة في إسرائيل. فالشرطة تمكنت من تصفية منظمات الإجرام في تل أبيب وفي نتانيا وفي بئر السبع.
ووفق مصدر في لجنة المتابعة العربية، التي تضم القيادات السياسية والمجتمعية لـ«فلسطينيي 48»، فإن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وبن غفير ورفاقه الوزراء والنواب من اليمين المتطرف، «لا يعملون شيئاً ولا ينوون عمل شيء لمكافحة الإجرام، ويستخدمون هذه الاقتراحات فقط للتهرب من مسؤولياتهم في إيجاد حلول حقيقية للإجرام».
وقال النائب السابق، طلب الصانع، رئيس لجنة مكافحة الجريمة داخل لجنة المتابعة، إن «غالبية قادة وجنود عصابات الإجرام هم عملاء للمخابرات الإسرائيلية، هاربون من أهلهم وبلداتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة. و(الشاباك) الإسرائيلي هو آخر من يمكنه محاسبتهم على جرائمهم».
يذكر أن معطيات مصلحة السجون الإسرائيلية تشير الى انه كان لديها 1017 معتقلاً إدارياً حتى شهر مارس (آذار) 2023، بينهم 10 قاصرين. وهناك 1002 معتقل فلسطيني، والباقون مواطنون إسرائيليون من العرب ومن اليهود. وهو عدد المعتقلين الإداريين الأعلى منذ أبريل (نيسان) 2003، إذ بلغ عددهم حينذاك 1140.
ومن بين المعتقلين الإداريّين الـ1017 حتى مارس الماضي، 366 مسجوناً منذ أقلّ من 3 أشهر، و550 مسجوناً منذ 3 أشهر وسنة، و98 سجيناً إضافياً منذ ما بين السنة والسنتين، وكان هناك 3 مسجونين آخرين منذ أكثر من سنتين.