«صفقة تبادل» إيرانية ــ بلجيكية تثير عاصفة انتقادات

الإفراج عن دبلوماسي مدان بمؤامرة تفجير مقابل موظف إغاثة

الإيراني أسد الله أسدي الذي أُطلق سراحه من بلجيكا أمس (رويترز)
الإيراني أسد الله أسدي الذي أُطلق سراحه من بلجيكا أمس (رويترز)
TT

«صفقة تبادل» إيرانية ــ بلجيكية تثير عاصفة انتقادات

الإيراني أسد الله أسدي الذي أُطلق سراحه من بلجيكا أمس (رويترز)
الإيراني أسد الله أسدي الذي أُطلق سراحه من بلجيكا أمس (رويترز)

تسببت صفقة تبادل إيرانية ــ بلجيكية في إثارة عاصفة انتقادات، إذ نددت المعارضة الإيرانية في بروكسل بإطلاق سراح الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، السجين في بلجيكا وإعادته إلى إيران، بعدما أعلنت وزارة الخارجية العُمانية أمس (الجمعة)، عن اتفاق بين طهران وبروكسل على تبادل أسدي مع سجين آخر بلجيكي.

واعتُقل أسدي بألمانيا في يوليو (تموز) 2018، قبل تسليمه إلى بلجيكا حيث أُدين في عام 2021 بالتخطيط لمؤامرة تفجير تم إحباطها في فرنسا وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً.

وقالت المعارضة الإيرانية في بيان إن «إطلاق سراح الإرهابي الذي نظم وقاد أكبر عمل إجرامي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، فدية مخزية للإرهاب واحتجاز الرهائن، في انتهاك واضح لأمر من المحكمة الدستورية»، موضحةً أن الإفراج عن أسدي جاء رغم أن المحكمة الدستورية نصّت بوضوح في حكمها على أنه يتعين على الحكومة البلجيكية إبلاغ أسر الضحايا قبل نقل المحكوم عليه، حتى تتاح لهم فرصة العودة إلى المحكمة.

وفي مقابل إطلاق أسدي، أطلقت طهران، أمس، موظف إغاثة بلجيكياً مسجوناً في إيران ضمن صفقة التبادل التي رعتها مسقط، حسبما أفاد الجانبان. وأُلقي القبض على موظف الإغاثة البلجيكي أوليفييه فاندكاستيل، في أثناء زيارة لإيران في فبراير (شباط) 2022 وحُكم عليه في يناير (كانون الثاني) الماضي بالسجن 40 عاماً والجَلْد 74 جَلْدة بتهم مختلفة، من بينها التجسس، فيما يعتقد دبلوماسيون غربيون أن حبس فاندكاستيل جاء رداً على إدانة أسدي في بلجيكا. ورفضت كل من بلجيكا وإيران التهم الموجهة إلى مواطنها ووصفتها بأنها ملفقة.

وقال التلفزيون الرسمي الإيراني إن أسدي عاد إلى طهران، وعرض لقطات له مع مسؤولين، من بينهم علي بهادري جهرمي، المتحدث باسم الحكومة. ووصف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في تغريدة على «تويتر»، أسدي بأنه «دبلوماسي إيراني بريء قُبض عليه بشكل غير قانوني بما يتعارض مع القانون الدولي».

اقرأ أيضاً



إيران: مخاوف من انقلاب روسي - تركي في سوريا

العلم الإيراني على حاجز عند موقع يُزعم أن القوات الإيرانية استخدمته في خان شيخون بريف إدلب (إ.ب.أ)
العلم الإيراني على حاجز عند موقع يُزعم أن القوات الإيرانية استخدمته في خان شيخون بريف إدلب (إ.ب.أ)
TT

إيران: مخاوف من انقلاب روسي - تركي في سوريا

العلم الإيراني على حاجز عند موقع يُزعم أن القوات الإيرانية استخدمته في خان شيخون بريف إدلب (إ.ب.أ)
العلم الإيراني على حاجز عند موقع يُزعم أن القوات الإيرانية استخدمته في خان شيخون بريف إدلب (إ.ب.أ)

قبل أن يتوجه وزير الخارجية الإيراني إلى بغداد ومنها إلى الدوحة، الأسبوع المقبل، أبدى دبلوماسيون إيرانيون مخاوف من اتفاق تركي - روسي على حساب طهران في سوريا.

ومع استمرار المعارك في سوريا بين الفصائل المسلحة وقوات الجيش السوري، دعا مسؤول إيراني بارز «الدول الإسلامية في المنطقة إلى توحيد جيوشها»، قبل أن «ينتشر التوتر إلى العراق والأردن».

«أستانة» في الدوحة

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن اجتماع وزراء خارجية «أستانة» سيعقد في الدوحة بين إيران وتركيا وروسيا.

ونقلت وكالة «مهر» الحكومية، عن عراقجي قوله إنه «سيتوجه إلى بغداد أولاً، يوم الجمعة، للقاء رئيس الجمهورية والحكومة ووزير الخارجية، ومن ثم إلى الدوحة لحضور اجتماع (مسار أستانة)».

وقال عراقجي: «قطر لن تحضر هذا الاجتماع رغم انعقاده في الدوحة».

وكان اجتماع أستانة الـ21 قد عُقِد في العاصمة الكازاخية في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي تلى اجتماعاً عقد في يونيو (حزيران) 2023، وأعلنت فيه الخارجية الكازاخية توقف «مسار أستانة» (صيغة الضمانة الثلاثية) التي أقرتها روسيا وإيران وتركيا في عام 2017.

أحد طرق مدينة خان شيخون بريف إدلب (إ.ب.أ)

انقلاب تركي - روسي

في طهران، قال الدبلوماسي الإيراني السابق عبد الرضا فرجي راد، إن الوضع في سوريا أصبح أكثر تعقيداً، وإن «الفصائل السورية المسلحة عازمة على السير نحو الجنوب، موضحاً أن التقدم الذي أحرزته المعارضة سببه انشغال الجيش السوري بتحرير المزيد من الأراضي في الشمال من قبضة الجماعات الكردية»، على حد قوله.

وتابع الكاتب بالقول إن تركيا تحاول أن تستغل الظرف الذي تمر به روسيا لتحقيق مكاسبها في سوريا من خلال دعم الجماعات المسلحة «الإرهابية»، وباتت تمد لها الدعم أينما واجهت صعوبات أو مشكلات، كما أن الأسلحة المقدمة لها أسلحة متطورة للغاية.

ونقل التلفزيون الإيراني عن فرجي راد، قوله إن «الولايات المتحدة الأميركية لن تسمح هذه المرة لإيران أو الفصائل الشيعية في العراق بإرسال القوات والمسلحين لدعم النظام السوري».

وعبر فرجي راد عن اعتقاده بأن «الأميركيين لا يعارضون ما يجري في سوريا، لكنهم اشترطوا على الأتراك عدم سقوط مدنيين، وقد نجحت تركيا والفصائل السورية المسلحة في ذلك، حيث تظهر المقاطع والصور أنهم لم يرتكبوا قتلاً عشوائياً ضد الأطراف الأخرى، وقدموا الحافلات للسكان للخروج من المناطق التي دخلوها».

على هذا الأساس، يرجح الدبلوماسي الإيراني السابق «تصعيداً كبيراً على جبهة حماة وحمص في الأيام المقبلة، كما أن تركيا ستضاعف من ضغطها على الجماعات الكردية، وهو ما قد يدفع روسيا إلى التوصل إلى اتفاق مع تركيا ينص على ألا يكون بشار الأسد في الحكم، وأن يتم تشكيل حكومة مؤقتة في دمشق».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ونظيره الإيراني عباس عراقجي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة (أ.ف.ب)

الهدف التالي بعد سوريا

في المقابل، دعا محسن رضائي، عضو في «مجمع تشخيص النظام» الإيراني، الأربعاء، الدول الإسلامية إلى «توحيد جيوشها» بعد الأحداث المضطربة في سوريا.

وقال رضائي لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، الأربعاء، إن ما جرى في حلب «امتداد للحرب من لبنان وغزة إلى سوريا»، ما يستدعي من «الدول الإسلامية لدعم الحكومة السورية توحيد جيوشها في المنطقة».

ورداً على سؤال بشأن دعوات جهات إلى إيران لمغادرة سوريا، قال رضائي: «إيران هي الداعم الرئيسي لخط الدفاع الأمامي لجميع الدول الإسلامية ضد أميركا وإسرائيل (...) وهنا أتساءل: لماذا لا تقولون إن إسرائيل يجب أن تغادر؟».

وأوضح رضائي أنه «بحسب الاتفاقيات السابقة بين الدول الثلاث؛ إيران وروسيا وتركيا، كانت حلب وإدلب مناطق منزوعة السلاح، لكن هذه الاتفاقيات تم خرقها، إذ إن الفصائل السورية المسلحة ارتكبت خطأ سياسياً كبيراً بانتهاك الاتفاقيات الرسمية».

وقال رضائي: «سنرى بعد الأحداث في سوريا أن الهدف التالي هو العراق والضفة الغربية والأردن، لذا يجب على الدول الإسلامية أن تشكل جيشاً واحداً وتتحد».