«الملائكة لا تحيا طويلاً» ديوان للشاعرة المغربية الراحلة هند البكاي لهبيل عن الحب والحرب، صدر حديثاً عن «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن في 110 صفحات من القطع المتوسط، ويضم أكثر من ثلاثين قصيدة حول الأوطان والأزمات التي تتعرض لها المنطقة العربية، لا سيما العراق وفلسطين.
جاء الديوان بمقدمة للباحثة والإعلامية هدى البكاي لهبيل، شقيقة الشاعرة الراحلة التي جمعت القصائد وأعدتها للنشر، تقول فيها: «لم أكن أدرك أن الكتابة تصير مستعصية إلى هذا الحد عندما يتعلَّق الأمر بمن نحبُّهم وباغتنا الموت وسرقهم سريعاً. كتبتُ كثيراً -بحكم اشتغالي كإعلامية بالإذاعة الوطنية للمملكة المغربية- عن شخصيّات من مجالات متنوعة غادرتنا إلى دار البقاء وتمكَّنت من إنجاز بورتريهات إذاعية عديدة عن مسار تلك الشخصيات».
وتتابع هدى البكاي لهبيل في المقدمة: «لكنني كنت كلما رفعت القلم لأكتب عنها تتراءى لي قسمات وجهها البسَّام كإشراقة صبح بهيّ وجميل، فأتوقَّف عن الكتابة. هذا الفعل لم تفارقه هي لحظة واحدة إلى حين رحيلها في مارس (آذار) 2015، بل ظلَّ يلازمها ويسكنها حتى وهي تتلقى العلاج في مستشفى سان لويس بباريس. واصلت حربها ضد السرطان بمواصلتها كتابة الشعر الذي أدمنته منذ طفولتها، فكتبت للوطن وللإنسان والعدالة، ومن أجل الحب على هذه الأرض، فكانت قصيدتا (يوم يبعثون) و(حكمة الأقدار) آخر ما جادت به قريحتها من شعر وهي في فترة العلاج بباريس».
وتحكي هدى البكاي لهبيل عن حالتها حينما ودَّعت شقيقتها هند، وقرارها أن تطبع ديوان الراحلة بالعنوان الذي وضعته قبل رحيلها «الملائكة لا تحيا طويلاً»، عسى أن يكون هذا الديوان «تخليداً لروحها، ومَحبَّة خالصة في الوطن».
وتوضح هدى البكاي لهبيل في المقدمة أن هذا الديوان «ليس مجرد كلمات... إنه خريطة لعالم الشاعرة الداخلي الذي كانت ترسم معالمه وتبنيه بحروفها لتخلق لنا اليوم مساحة نلجأ إليها لنشعر بقربها حتى بعد غيابها الموجع».
وتبدأ الشاعرة هند البكاي لهبيل ديوانها بتمهيد عنونته بـ«إخوتي القراء»، تقول فيه:
«إخوتي القراء
ما أكثر الذين يكتبون
وما أقلَّ الشعراء!
فعذراً
هذه محاولة للكتابة
فأين أنا من مكانة الشعراء!
لا أدَّعي الشعر
ولكنَّني مجرَّد امرأة تحترف الغناء».
ومن قصيدتها «وصية لسكان العراء» التي ترثي فيها لحال أولئك المشردين الذين فقدوا بيوتهم ولم يعد لهم من مأوى يريحون فيه أجسادهم، تقول الشاعرة:
«يا إخوتي يا سكان العراء
نحن اخترعنا الأبجدية
ليغتالها القادمون من الشمال
فلا السين سين سلام
ولا راء الشرق راء».
وُلدت الشاعرة الراحلة هند البكاي لهبيل عام 1981، ودرست اللغة الإنجليزية وآدابها وتخرجت في معهد تكوين الأساتذة، واشتغلت أستاذة للّغة الإنجليزية بالمستويات الثانوية، وعملت كاتبة عامة لجمعية «اليد البيضاء»، وكانت عضواً في المكتب التأسيسي لجمعية «المغرب المتوسط للتنمية والتعاون»، وناشطة ومساهمة فعالة في العمل الجمعوي والإنساني وفي خدمة القضية الوطنية المغربية. وقد حظيت بعدة تكريمات آخرها من ملتقى مراكش الدولي للفنون التشكيلية في نسخته الثانية (2015). توفيت في مارس 2015.