اللعب على وتر البساطة

عبلة يخوض مغامرة تشكيلية جديدة في معرضه «بساط الريح»

محمد عبلة في المعرض
محمد عبلة في المعرض
TT

اللعب على وتر البساطة

محمد عبلة في المعرض
محمد عبلة في المعرض

بروح الفن المرح يخوض الفنان محمد عبلة مغامرته التشكيلية الجديدة في معرضه «بساط الريح» الذي استضافه «غاليرى الزمالك» بالقاهرة، متخذاً من الحلم بالطيران والتحليق في الفضاء رافداً أساسياً في بناء التكوين والشكل، حيث يتواثب كمتوالية جمالية، يتنوع إيقاعها بحيوية في اللوحات. بيد أنه ليس حلماً من أحلام الطفولة الغضّة فحسب، وإنما يتجاوز ذلك ليصبح حلماً بالحرية والوجود والانعتاق من عتمة الواقع والعالم، ورحلة في الزمن تلامس برهافة أغوار النفس البشرية وما يعتمل فيها من توترات وانفعالات، كأن اللوحات مرايا تتراءى فيها صورتها الحقيقية وزمنها الهارب.

يفرِّغ عبلة رمزية البساط من صورتها النمطية القارَّةِ في مخيلة التراث الشعبي المرتبطة بقصص وحكايات الملوك والأميرات والأمراء والسلاطين، تاركاً بساطه مفتوحاً لشتى طبقات المجتمع: فقراء وبسطاء، مثقفين وأناساً عاديين، رجالاً ونساءً وأطفالاً وأُسراً، شباباً وعشاقاً ممسوسين بمراهقة الحب والمنظر... يسافرون في رحلة عبر الزمن ومعهم بعضٌ من زادهم ومفرداتٌ من أشيائهم الحميمة وحيواناتهم الأليفة، قطط وكلاب وأصص زهور وكتب أحبّوها. ويعم الجميع حالة من البهجة والسكينة والفرح بعالمهم الجديد، كأنهم تخلصوا من عبء حياة ثقيلة، أصبحت مملوءة بالعنف والكراهية، والافتقار إلى المحبة والأمان. وتشكيلياً يستغل عبلة ولعه بالمساحات الكبيرة في الرسم، بما توفره من فراغ واسع تتجلى فيه مقدرته اللافتة على تنويع التفصيلات الرمزية البسيطة، وشحنها بطاقة تعبيرية موحية، وخلق مفهوم جديد للفضاء بعيداً عن المفهوم الصوري التقليدي، تستقي منه العناصر التشكيلية حياة خاصة بها، فسطح الصورة ينبض بنسق إيقاعي لا يكفّ عن استثارة علاقات مباغتة للون والضوء والخط، مما يمنح الشكل حيوية الامتداد في الزمان والمكان، كما يبدو السطح مندغماً ومعجوناً بسلاسة في حنايا التكوين، بينما تتنوع الحركة في فضاءات وتكوينات متعددة. في هذا الزخم تصعد اللوحات برشاقة بصرية من الأسفل إلى الأعلى، بينما تسبح الأشكال في الفضاء ما بين خطَّي الأرض والأفق، تلهو وتمرح وتتأمل ذواتها في حالة من الصفاء والنشوى، تذوب فيها الفواصل والعقد الزمنية السميكة ما بين الحلم واليقظة، ما بين الواقع والخيال، والشكل والمضمون.

يشدِّد عبلة من اللعب على وتر البساطة في التعبير بوصفها مقوماً أساسياً بارزاً في كل أعماله، لكنه هنا يتخلص من سطوة الفكرة لتصبح مجرد حافز ومثير فني، يعيد اكتشافها في فضاء الرسم ببصيرة يقظة وكفؤة من منطلق معايشته شخوصه وعلاقتها العفوية التلقائية بالأشكال والعناصر التي تشكل عالمه الجديد في هذا المعرض، فهم يحبون ويعشقون، ويتنفسون هواءً جديداً، وفي حالة اكتشاف وتكشّف لحيواتهم وأحلامهم، تغمرهم هالة من السرور والدفء، حتى في لحظات الترقب والتأمل، وهي الحالة نفسها التي عاشها الفنان عبر عدد من معارضه اللافتة، ورافقته في أحلامه ومواجهته للمدينة، بليلها ونهارها، ودبيب البشر في شوارعها وأرصفتها، ومزاجهم الدافئ الحنون، وكدرهم الطيب الصاخب، وفوضاها وزحامها الذي لا يكفّ عن الضجيج. أسهم كل هذا في إبراز جماليات الصورة والحفاظ على اتزانها التلقائي على السطح، حتى يمكننا رؤيتها بانسجام في لقطات من شتى الزوايا؛ من الأمام والخلف والأجناب أيضاً، كما أن الشخوص بحركتها العفوية ومحبتها العائلية، تبدو كأنها حارس للصورة تتضافر في بلورتها، وفي الوقت نفسه تمنح الشكل مقدرة خاصة على الانفتاح بنضج وعفوية على شتى العناصر في الواقع واللوحات معاً. ويولي عبلة اهتماماً بالخلفية (أرضية اللوحة)، فتنساب في مساحات لونية صريحة (الأصفر والأزرق، والأخضر والأحمر) مشطوفة أحياناً بدرجات أقل من اللون الأساسي. كما لجأ إلى حيلة فنية بسيطة وذكية، باستخدام فقاعات الأغلفة البلاستيكية التي تُلفّ بها الأشياء، يفردها على اللون وهو طري، لتحدث دوائر وكُريّات صغيرة، يقوم بتمويهها بضربات الفرشاة، ليُكسب الأرضية ملمساً نحتياً، يعززه بعرض قطع صغيرة من تجربته في النحت، ترافق بعض اللوحات، وتتماهى معها في شكل حوار شفيف، بين مغامرتين تتصارعان من أجل مغامرة واحدة، هي مغامرة الفن، يخفف كل هذا من حدة التضادات اللونية، ويُكسب الرؤية عمقاً يتجاوز خط الأفق، وفي الوقت نفسه، يبرز البساط في سمْته الخاص، ويحقق التوازن والانسجام بين عناصر اللوحة، فلا شيء إذاً مكتفياً بذاته، بل بالقدرة على الحلم والمغامرة. فأنت أمام اللوحات تحس بأنها جزء منك، تلامس ملامحها وحركاتها وتُلقي عليها التحية متمنياً أن تكون في هذه الرحلة. هذه الطاقة الحيوية ليست بنت المصادفة المحضة، فالحلم ببساط الريح يأتي من الطفولة؛ البئر الأولى، مخزن الذكريات، وسجل اللمسات البكر للعناصر والأشياء. لا ينفصل هذا عن رحلة عبلة ومعاناته من أجل أن يكون فناناً له خياله وحلمه الخاص، ومغامرة سفره إلى أوروبا وإقامته في ألمانيا سنوات طويلة، يتأمل ويحتكّ بمدارس وتجارب رائدة لكبار الفنانين، لكنه مع ذلك ظل مشدوداً لبئره الأولى، وهو ما رواه في كتاب مهم صدر حديثاً بعنوان «مصر يا عبلة - سنوات التكوين».

لقد شكّلت هذه المغامرة دعماً لهذا الحلم، لعلّ من ثمراته المهمة التفكير بحريةٍ فيما يخص الفن والواقع معاً، وأن على الفنان أن يجدد دائماً حلمه بالواقع، ويعيشه بوصفه صيرورة مضفورة بقوة الجمال والحب.

نحن أمام صورة طفلة ابنة الحلم، يتوالى حضورها المرح، ويتقافز بمحبة في اللوحات، لا ترتدي عباءة عوالم مثالية أسطورية، وما تنتجه من أشكال غريبة، إنما ترتدي عباءة الواقع، بكل تناقضاته ومفارقاته، وتشد العين إلى ما هو أبعد فيما وراء العناصر والأشياء. يعزز ذلك ماهية البساط نفسه وطرائق تشكيله في اللوحات، فهو ليس بساطاً سحرياً عجائبياً، أو سفينة فضائية، هو ابن الألفة في بساطتها الحياتية الواقعية، وتراث الوجدان الشعبي الخصب الثري... بساط عبلة، مجرد «كليم» بسيط، يُصنع من قصاصات القماش أو لفائف الصوف ويُستخدم مفرشاً للأرض في البيوت، ويتميز بألوان طبيعية ناصعة، ولا يزال المصنوع منه يدويّاً هو الأجود الذي يتمتع بالأصالة، كما يعلَّق كلوحات فنية تزيّن الجدران.

بمحبة هذا التراث يرسم عبلة بساطه بألوان زيتية صريحة وزاهية، تتقلب ما بين الأحمر والأخضر والأرجواني والأزرق، والأبيض المشرب بمسحة رمادية خفيفة، تقطعها خطوط بارزة، طولية وعرضية تمتد إلى الحواف، وأحياناً موشّاة ببعض الموتيفات الزخرفية. لا تدعم هذه المفردات جماليات الصورة فحسب، وإنما تُكسب الشكل امتداداً كلياً في اللوحات، يترك تأثيراً قوياً على العين، له رنين النغمات الموسيقية الخاطفة، لنصبح أمام حالة مزاجية، ابنة علاقة حية ما بين الداخل والخارج، يشكل الرسم بؤرتها الأساسية ويتحول إلى طقس يظلل فضاء هذه الرحلة المغوية. ومن ثم، يتكثف الإحساس بالمرح في المعرض، ففي إحدى اللوحات يجمع البساط بين زوج وزوجة وطفلهما في ونسة عائلية، يتحول على إيقاعها إلى ما يشبه منصة مسرح، ففي الأسفل يتراءى الواقع في كتل بشرية متراصة ومشتتة، تتأمل البساط من فوقها في مشهد فرجة بامتياز، هو بمثابة دراما موازية لوجودٍ أصبح شبحياً، أو سقْط متاعٍ لحياة انطفأ بريقها. وفي بعض اللوحات يلعب عبلة على رمزية البالون مشيعاً حالةً من المرح تبدو كأنها مباراة أو سباق في التنزّه والسباحة الحرة الراقصة في الهواء: امرأة تحمل طفلها على يدها وفي اليد الأخرى يحلِّق عنقود من البالونات، خلفها فتاة ممسكة بعنقود آخر، وعلى مقربة شاب يحلّق بحقيبته المعلقة في كتفه، وخلفه آخر يود اللحاق به، و آخران يتمايل جسداهما كأنهما يتهيآن للدخول في بهجة سباق المرح، وعلى مقربة منهم يراقب المشهد فتى وفتاة يبدوان في حالة من الدهشة والذهول.

يتنوع هذا المشهد في عدد من اللوحات، بزوايا ورؤى فنية مباغتة، وتوحي لطشات الفرشاة المتموجة الخاطفة، ونثارات الزُّرقة المشعَّة بألوانها المتدرجة في الثقل والخفة، بإيقاع الدوامة كلعبة من ألاعيب الحياة، بينما تؤكد السباحة في الفضاء قدرة الجسد على التحرر من الجاذبية الأرضية وكسر تراتبها الصارم. يبتكر عبلة مسارات مفاجئة لمفردات عالمه، تطل وتومض في اللوحات مثل نوافذ ضوء تضيف حيواتٍ وأدواراً جديدة لها على شتى المستويات الفكرية والجمالية والإنسانية، فلا بأس أن يتقمص البساط دور الدليل والمرشد السياحي لركابه، فيأخذهم في إطلالة حانية على تراث الأجداد بعراقته وأصالته: الأهرامات، والقلعة، والنيل، ومآذن الجوامع العتيقة، وما يتناثر في الصحراء من ألواح ومقابر فرعونية ساحرة الجمال، كأنه يروي لهم قصصها الشيقة، ليس فقط بوصفها أحد كنوز المدينة الخالدة، إنما بصفتها كنوز الحضارة والتاريخ.

ويبلغ المرح بالفن ذروته بمجسم للبساط، صنعه عبلة وأفردَ له حجرةَ صغيرة في المعرض علَّق في وسطها البساط المجسم، بنسيجه من الخطوط والألوان الزاهية للكليم في صورته الشعبية، تعلوها على أحد حوائط الحجرة لوحة صغيرة للبساط، وهو يشق عباب الفضاء محلِّقاً بفتى وفتاة.

خلقت هذه الموازاة الفنية بين البساط في صورته المحلِّقة في الأعلى والأخرى المثبتة على الأرض، حالة شيقة ومثيرة من التجاور بين كينونتين، هما في الأصل كيان واحد. والمدهش أنها أثارت خيال زوار المعرض، وأغرت معظمهم بركوب البساط والحرص على التقاط صور تذكارية، وهم يمارسون حيواتهم فوق ظهره، يمرحون ويغنون، ويعزفون الموسيقى، كأنهم يُحلقون في الفضاء... اتسعت هذه المتعة بغواية كتابة تعليقات على جدران الحجرة البيضاء بأقلام الفلوماستر، والتي تحولت إلى جدارية سردية، يمكن تسميتها «دفتر البساط»، تنوعت ككتلة من المشاعر والأحاسيس بانطباعات خاطفة شديدة المرح، ما بين القفشة والمزاح، وخفة الدم، والرسم أيضاً. فهكذا، حقق محمد عبلة في هذا المعرض متعة أن يصبح الفن أنشودة للبساطة والعمق، يمشي في الحياة، ويشد أحلام البشر وأشواقهم إلى الأعلى والأسمى والأنقى، بعيداً عن غبار الواقع وتناقضاته التي تعيد تكرار نفسها بمزيد من الملل والرتابة.


مقالات ذات صلة

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

يوميات الشرق رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

المعرض يهدف إلى تعزيز الوعي بالهوية المصرية وبقيمة المتاحف، ويقدّم أعمالاً متنوعة تمزج بين السخرية والطرح الإنساني لإيصال رسائل ثقافية وفنية قريبة من الجمهور.

حمدي عابدين (القاهرة)
يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
TT

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026، بعد أن قرر أعضاء الاتحاد، اليوم (الخميس)، عدم الدعوة إلى التصويت بشأن مشاركتها، رغم تهديدات بمقاطعة المسابقة من بعض الدول.

وذكر المصدران أن الأعضاء صوتوا بأغلبية ساحقة لدعم القواعد الجديدة التي تهدف إلى ثني الحكومات والجهات الخارجية عن الترويج بشكل غير متكافئ للأغاني للتأثير على الأصوات، بعد اتهامات بأن إسرائيل عززت مشاركتها هذا العام بشكل غير عادل.

انسحاب 4 دول

وأفادت هيئة البث الهولندية (أفروتروس)، اليوم (الخميس)، بأن هولندا ستقاطع مسابقة «يوروفيجن» 2026؛ احتجاجاً على مشاركة إسرائيل.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن إسبانيا انسحبت من مسابقة «يوروفيجن» للأغنية لعام 2026، بعدما أدت مشاركة إسرائيل إلى حدوث اضطراب في المسابقة.

كما ذكرت شبكة «آر تي إي» الآيرلندية أن آيرلندا لن تشارك في المسابقة العام المقبل أو تبثها، بعد أن قرر أعضاء اتحاد البث الأوروبي عدم الدعوة إلى تصويت على مشاركة إسرائيل.

وقال تلفزيون سلوفينيا الرسمي «آر تي في» إن البلاد لن تشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2026، بعد أن رفض أعضاء اتحاد البث الأوروبي اليوم (الخميس) دعوة للتصويت على مشاركة إسرائيل.

وكانت سلوفينيا من بين الدول التي حذرت من أنها لن تشارك في المسابقة إذا شاركت إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت رئيسة تلفزيون سلوفينيا الرسمي ناتاليا غورشاك: «رسالتنا هي: لن نشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) إذا شاركت إسرائيل. نيابة عن 20 ألف طفل سقطوا ضحايا في غزة».

وكانت هولندا وسلوفينيا وآيسلندا وآيرلندا وإسبانيا طالبت باستبعاد إسرائيل من المسابقة؛ بسبب الهجوم الذي تشنّه على المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وتنفي إسرائيل استهداف المدنيين خلال هجومها، وتقول إنها تتعرض لتشويه صورتها في الخارج على نحو تعسفي.


صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب
TT

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

لم يكن الجمال بوجوهه المتغايرة مثار اهتمام الفلاسفة والعلماء وحدهم، بل بدت أطيافه الملغزة رفيقة الشعراء إلى قصائدهم، والفنانين إلى لوحاتهم والموسيقيين إلى معزوفاتهم، والعشاق إلى براري صباباتهم النائية. والأدل على تعلق البشرفي عصورهم القديمة بالجمال، هو أنهم جعلوا له آلهة خاصة به، ربطوها بالشهوة تارة وبالخصب تارة أخرى، وأقاموا لها النصُب والمعابد والتماثيل، وتوزعت أسماؤها بين أفروديت وفينوس وعشتروت وعشتار وغير ذلك.

وحيث كان الجمال ولا يزال، محلّ شغف الشعراء والمبدعين واهتمامهم الدائم، فقد انشغل به الأدب والفن الغربيان على نحو واسع، وكتبت عنه وفيه القصائد والمقطوعات والأغاني. كما تلمّسته النظرات الذاهلة للواقعين في أشراكه، بأسئلة ومقاربات ظلت معلقة أبداً على حبال الحيرة والقلق وانعدام اليقين. وقد بدا ذلك القلق واضحاً لدى الشاعر الروماني أوفيد الذي لم يكد يُظهر شيئاً من الحكمة والنضج، حين دعا في ديوانه «الغزليات» الشبان الوسيمين إلى أن «يبدعوا لأنفسهم روحاً مشرقة صيانةً لجمالهم»، حتى أوقعه الجمال المغوي بنماذجه المتعددة في بلبلة لم يعرف الخروج منها، فكتب يقول: «لا يوجد جمال محدد يثير عاطفتي، هنالك آلاف الأسباب تجعلني أعيش دائماً في الحب، سواء كنت أذوب حباً في تلك الفتاة الجميلة ذات العينين الخجولتين، أو تلك الفتاة اللعوب الأنيقة التي أولعتُ بها لأنها ليست ساذجة. إحداهن تخطو بخفة وأنا أقع في الحب مع خطوتها، والأخرى قاسية ولكنها تغدو رقيقة بلمسة حب».

على أن الجمال الذي يكون صاعقاً وبالغ السطوة على نفوس العاجزين عن امتلاكه، يفقد الكثيرمن تأثيراته ومفاعيله في حالة الامتلاك. ذلك أن امتناع المتخيل عن تأليف صورة الآخر المعشوق، تحرم هذا الأخير من بريقه الخلاب المتحالف مع «العمى»، وتتركه مساوياً لصورته المرئية على أرض الواقع. وفضلاً عن أن للجمال طابعه النسبي الذي يعتمد على طبيعة الرائي وثقافته وذائقته، فإن البعض يعملون على مراوغة مفاعيله المدمرة عن طريق ما يعرف بالهجوم الوقائي، كما هو شأن الشعراء الإباحيين، وصيادي العبث والمتع العابرة، فيما يدرب آخرون أنفسهم على الإشاحة بوجوههم عنه، تجنباً لمزالقه وأهواله. وهو ما عبر عنه الشاعر الإنجليزي جورج ويذر المعاصر لشكسبير، بقوله:

«هل عليّ أن أغرق في اليأس

أو أموت بسبب جمال امرأة

لتكن أجمل من النهار ومن براعم أيار المزهرة

فما عساني أبالي بجمالها إن لم تبدُ كذلك بالنسبة لي».

وإذ يعلن روجر سكروتون في كتابه «الجمال» أن على كل جمال طبيعي أن يحمل البصمة البصرية لجماعة من الجماعات، فإن الشاعر الإنجليزي الرومانسي وردسوورث يعلن من جهته أن علينا «التطلع إلى الطبيعة ليس كما في ساعة الشباب الطائشة، بل كي نستمع ملياً للصوت الساكن الحزين للإنسانية».

والأرجح أن هذا الصوت الساكن والحزين للجمال يعثر على ضالته في الملامح «الخريفية» الصامتة للأنوثة المهددة بالتلاشي، حيث النساء المعشوقات أقرب إلى النحول المرضي منهن إلى العافية والامتلاء. وقد بدوْن في الصور النمطية التي عكستها القصائد واللوحات الرومانسية، مشيحات بوجوههن الشاحبة عن ضجيج العصر الصناعي ودخانه السام، فيما نظراتهن الزائغة تحدق باتجاه المجهول. وإذا كان بعض الشعراء والفنانين قد رأوا في الجمال الساهم والشريد ما يتصادى مع تبرمه الشديد بالقيم المادية للعصر، وأشاد بعضهم الآخر بالجمال الغافي، الذي يشبه «سكون الحسن» عند المتنبي، فقد ذهب آخرون إلى التغني بالجمال الغارب للحبيبة المحتضرة أو الميتة، بوصفه رمزاً للسعادة الآفلة ولألق الحياة المتواري. وهو ما جسده إدغار آلان بو في وصفه لحبيبته المسجاة بالقول: «لا الملائكة في الجنة ولا الشياطين أسفل البحر، بمقدورهم أن يفرقوا بين روحي وروح الجميلة أنابيل لي، والقمر لا يشع أبداً دون أن يهيئ لي أحلاماً مناسبة عن الجميلة أنابيل لي، والنجوم لا ترتفع أبداً، دون أن أشعر بالعيون المتلألئة للجميلة أنابيل لي».

لكن المفهوم الرومانسي للجمال سرعان ما أخلى مكانه لمفاهيم أكثر تعقيداً، تمكنت من إزالة الحدود الفاصلة بينه وبين القبح، ورأت في هذا الأخير نوعاً من الجمال الذي يشع من وراء السطوح الظاهرة للأشياء والكائنات. إنه القبح الذي وصفه الفيلسوف الألماني فريدريك شليغل بقوله «القبح هو الغلبة التامة لما هو مميز ومتفرد ومثير للاهتمام. إنه غلبة البحث الذي لا يكتفي، ولا يرتوي من الجديد والمثير والمدهش». وقد انعكس هذا المفهوم على نحو واضح في أعمال بودلير وكتاباته، وبخاصة مجموعته «أزهار الشر» التي رأى فيها الكثيرون المنعطف الأهم باتجاه الحداثة. فالشاعر الذي صرح في تقديمه لديوانه بأن لديه أعصابه وأبخرته، وأنه ليس ظامئاً إلا إلى «مشروب مجهول لا يحتوي على الحيوية أو الإثارة أو الموت أو العدم»، لم يكن معنياً بالجمال الذي يؤلفه الوجود بمعزل عنه، بل بالجمال الذي يتشكل في عتمة نفسه، والمتأرجح أبداً بين حدي النشوة والسأم، كما بين التوله بالعالم والزهد به.

وليس من المستغرب تبعاً لذلك أن تتساوى في عالم الشاعر الليلي أشد وجوه الحياة فتنة وأكثرها قبحاً، أو أن يعبر عن ازدرائه لمعايير الجمال الأنثوي الشائع، من خلال علاقته بجان دوفال، الغانية السوداء ذات الدمامة الفاقعة، حيث لم يكن ينتظره بصحبتها سوى الشقاء المتواصل والنزق المرَضي وآلام الروح والجسد. وليس أدل على تصور بودلير للجمال من قوله في قصيدة تحمل الاسم نفسه:

«أنا جميلة، أيها الفانون، مثل حلمٍ من الحجر

وصدري الذي أصاب الجميع بجراح عميقة

مصنوعٌ لكي يوحي للشاعر بحب أبدي وصامت كالمادة

أنا لا أبكي أبداً وأبداً لا أضحك».

وكما فعل آلان بو في رثائه لجمال أنابيل لي المسجى في عتمة القبر، استعار رامبو من شكسبير في مسرحيته «هاملت» صورة أوفيليا الميتة والطافية بجمالها البريء فوق مياه المأساة، فكتب قائلاً: «على الموج الأسود الهادئ، حيث ترقد النجوم، تعوم أوفيليا البيضاء كمثل زنبقة كبيرة. بطيئاً تعوم فوق برقعها الطويل، الصفصاف الراجف يبكي على كتفيها، وعلى جبينها الحالم الكبير ينحني القصب». وإذا كان موقف رامبو من الجمال قد بدا في بعض نصوصه حذراً وسلبياً، كما في قوله «لقد أجلست الجمال على ركبتيّ ذات مساء، فوجدت طعمه مراً» فهو يعود ليكتب في وقت لاحق «لقد انقضى هذا، وأنا أعرف اليوم كيف أحيّي الجمال».

ورغم أن فروقاً عدة تفصل بين تجربتي بودلير ورامبو من جهة، وتجربة الشاعر الألماني ريلكه من جهة أخرى، فإن صاحب «مراثي دوينو» يذهب بدوره إلى عدّ الجمال نوعاً من السلطة التي يصعب الإفلات من قبضتها القاهرة، بما دفعه إلى استهلال مراثيه بالقول:

«حتى لو ضمني أحدهم فجأة إلى قلبه

فإني أموت من وجوده الأقوى

لأن الجمال بمثابة لا شيء سوى بداية الرعب

وكلُّ ملاكٍ مرعب».

انشغل به الأدب والفن الغربيان على نحو واسع وكتبت عنه وفيه القصائد والمقطوعات والأغانيrnولا يزال الشغف به مشتعلاً

وفي قصيدته «كلمات تصلح شاهدة قبر للسيدة الجميلة ب»، يربط ريلكه بين الجمال والموت، مؤثراً التماهي من خلال ضمير المتكلم، مع المرأة الراحلة التي لم يحل جمالها الباهر دون وقوعها في براثن العدم، فيكتب على لسانها قائلاً: «كم كنتُ جميلة، وما أراه سيدي يجعلني أفكر بجمالي. هذه السماء وملائكتك، كانتا أنا نفسي».

أما لويس أراغون، أخيراً، فيذهب بعيداً في التأويل، حيث في اللحظة الأكثر مأساوية من التاريخ يتحول الجمال مقروناً بالحب، إلى خشبة أخيرة للنجاة من هلاك البشر الحتمي. وإذا كان صاحب «مجنون إلسا» قد جعل من سقوط غرناطة في قبضة الإسبان، اللحظة النموذجية للتماهي مع المجنون، والتبشير بفتاته التي سيتأخر ظهورها المحسوس أربعة عقود كاملة، فلأنه رأى في جمال امرأته المعشوقة، مستقبل الكوكب برمته، والمكافأة المناسبة التي يستحقها العالم، الغارق في يأسه وعنفه الجحيمي. ولذلك فهو يهتف بإلسا من أعماق تلهفه الحائر:

« يا من لا شبيه لها ويا دائمة التحول

كلُّ تشبيه موسوم بالفقر إذا رغب أن يصف قرارك

وإذا كان حراماً وصفُ الجمال الحي

فأين نجد مرآة مناسبة لجمال النسيان».


فخار مليحة

فخار مليحة
TT

فخار مليحة

فخار مليحة

تقع منطقة مليحة في إمارة الشارقة، على بعد 50 كيلومتراً شرق العاصمة، وتُعدّ من أهم المواقع الأثرية في جنوب شرق الجزيرة العربيَّة. بدأ استكشاف هذا الموقع في أوائل السبعينات من القرن الماضي، في إشراف بعثة عراقية، وتوسّع في السنوات اللاحقة، حيث تولت إدارة الآثار في الشارقة بمشاركة بعثة أثرية فرنسية مهمة إجراء أعمال المسح والتنقيب في هذا الحقل الواسع، وكشفت هذه الحملات عن مدينة تضم أبنية إدارية وحارات سكنية ومدافن تذكارية. دخلت بعثة بلجيكية تابعة لمؤسسة «المتاحف الملكية للفن والتاريخ» هذا الميدان في عام 2009، وسعت إلى تحديد أدوار الاستيطان المبكرة في هذه المدينة التي ازدهرت خلال فترة طويلة تمتدّ من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الرابع للميلاد، وشكّلت مركزاً تجارياً وسيطاً ربط بين أقطار البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي ووادي الرافدين.

خرجت من هذا الموقع مجموعات متعدّدة من اللقى تشهد لهذه التعدّدية الثقافية المثيرة، منها مجموعة من القطع الفخارية صيغت بأساليب مختلفة، فمنها أوانٍ دخلت من العالم اليوناني، ومنها أوانٍ من جنوب بلاد ما بين النهرين، ومنها أوانٍ من حواضر تنتمي إلى العالم الإيراني القديم، غير أن العدد الأكبر من هذه القطع يبدو من النتاج المحلّي، ويتبنّى طرازاً أطلق أهل الاختصاص عليه اسم «فخار مليحة». يتمثّل هذا الفخار المحلّي بقطع متعدّدة الأشكال، منها جرار متوسطة الحجم، وجرار صغيرة، وصحون وأكواب متعدّدة الأشكال، وصل جزء كبير منها على شكل قطع مكسورة، أُعيد جمع بعض منها بشكل علمي رصين. تعود هذه الأواني المتعدّدة الوظائف إلى الطور الأخير من تاريخ مليحة، الذي امتدّ من مطلع القرن الثاني إلى منتصف القرن الثالث للميلاد، وتتميّز بزينة بسيطة ومتقشّفة، قوامها بضعة حزوز ناتئة، وشبكات من الزخارف المطلية بلون أحمر قانٍ يميل إلى السواد. تبدو هذه الزينة مألوفة، وتشكّل من حيث الصناعة والأسلوب المتبع امتداداً لتقليد عابر للأقاليم والحواضر، ازدهر في نواحٍ عدة من الجزيرة العربية منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد.

تختزل هذا الطراز جرة جنائزية مخروطية ذات عنق مدبب، يبلغ طولها 30.8 سنتيمتر، وقطرها 22 سنتيمتراً. عنق هذه الجرة مزين بأربع دوائر ناتئة تنعقد حول فوهتها، تقابلها شبكة من الخطوط الأفقية الغائرة تلتف حول وسطها، وبين هذه الدوائر الناتئة وهذه الخطوط الغائرة، تحلّ الزينة المطلية باللون الأحمر القاتم، وقوامها شبكة من المثلثات المعكوسة، تزين كلاً منها سلسلة من الخطوط الأفقية المتوازية. تشهد هذه الجرة لأسلوب متبع في التزيين يتباين في الدقّة والإتقان، تتغيّر زخارفه وتتحوّل بشكل مستمرّ.

تظهر هذه التحوّلات الزخرفية في قطعتين تتشابهان من حيث التكوين، وهما جرتان مخروطيتان من الحجم الصغير، طول أكبرهما حجماً 9.8 سنتيمتر، وقطرها 8.5 سنتيمتر. تتمثّل زينة هذه الشبكة بثلاث شبكات مطليّة، أولاها شبكة من الخطوط الدائرية الأفقية تلتف حول القسم الأسفل من عنقها، وتشكّل قاعدة له، ثمّ شبكة من المثلثات المعكوسة تنعقد حول الجزء الأعلى من حوض هذا الإناء، وتتميّز بالدقة في الصوغ والتخطيط. تنعقد الشبكة الثالثة حول وسط الجرّة، وهي أكبر هذه الشبكات من حيث الحجم، وتتكوّن من كتل هرمية تعلو كلاً منها أربعة خطوط أفقية متوازية. في المقابل، يبلغ طول الجرة المشابهة 9 سنتيمترات، وقطرها 7.5 سنتيمتر، وتُزيّن وسطها شبكة عريضة تتكون من أنجم متوازية ومتداخلة، تعلو أطراف كلّ منها سلسلة من الخطوط الأفقية، صيغت بشكل هرمي. تكتمل هذه الزينة مع شبكة أخرى تلتفّ حول القسم الأعلى من الجرة، وتشكّل عقداً يتدلى من حول عنقها. ويتكوّن هذا العقد من سلسلة من الخطوط العمودية المتجانسة، مرصوفة على شكل أسنان المشط.

تأخذ هذه الزينة المطلية طابعاً متطوّراً في بعض القطع، أبرزها جرة من مكتشفات البعثة البلجيكية في عام 2009، وهي من الحجم المتوسط، وتعلوها عروتان عريضتان تحيطان بعنقها. تزين هذا العنق شبكة عريضة من الزخارف، تتشكل من مثلثات متراصة، تكسوها خطوط أفقية متوازية. يحد أعلى هذه الشبكة شريط يتكوّن من سلسلة من المثلثات المجردة، ويحدّ أسفلها شريط يتكوّن من سلسلة من الدوائر اللولبية. تمتد هذه الزينة إلى العروتين، وقوامها شبكة من الخطوط الأفقية المتوازية.

من جانب آخر، تبدو بعض قطع «فخار مليحة» متقشّفة للغاية، ويغلب عليها طابع يفتقر إلى الدقّة والرهافة في التزيين. ومن هذه القطع على سبيل المثال، قارورة كبيرة الحجم، صيغت على شكل مطرة عدسية الشكل، تعلوها عروتان دائريتان واسعتان. يبلغ طول هذه المطرة 33.5 سنتيمتر، وعرضها 28 سنتيمتراً، وتزيّن القسم الأعلى منها شبكة من الخطوط المتقاطعة في الوسط على شكل حرف «إكس»، تقابلها دائرة تستقر في وسط الجزء الأسفل، تحوي كذلك خطين متقاطعين على شكل صليب.

يُمثل «فخار مليحة» طرازاً من أطرزة متعددة تتجلّى أساليبها المختلفة في مجموعات متنوّعة من اللقى، عمد أهل الاختصاص إلى تصنيفها وتحليلها خلال السنوات الأخيرة. تتشابه هذه اللقى من حيث التكوين في الظاهر، وتختلف اختلافاً كبيراً من حيث الصوغ. يشهد هذا الاختلاف لحضور أطرزة مختلفة حضرت في حقب زمنية واحدة، ويحتاج كل طراز من هذه الأطرزة إلى وقفة مستقلّة، تكشف عن خصائصه الأسلوبية ومصادر تكوينها.