قراءات المثقفين اللبنانيين في عام 2024

شغف خاص بالرواية وسردية الحرب وكتب التاريخ (3-3)


محمود شريح
محمود شريح
TT

قراءات المثقفين اللبنانيين في عام 2024


محمود شريح
محمود شريح

مرت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الأصعدة، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة وطالت لبنان، ولا تزال مشاهدها الدامية تراكم الخراب والدمار على أرض الواقع... في غبار هذا الكابوس تستطلع «الشرق الأوسط» أهم قراءات المثقفين والمبدعين العرب خلال 2024.

في لبنان احتلت الرواية مكانة مهمة في قراءات الكتاب والمثقفين لهذا العام، ورأوا فيها شغفاً خاصاً بالحياة وذكرياتها القصية والقريبة. وبرغم أن هذه الشغف لم يسلم من شظايا العدوان الإسرائيلي الغاشم على البلاد، إلا أنه تحول فعل مقاومة وزاداً معرفياً من نوع فريد.

إيمان حميدان

الروائية إيمان حميدان: «كأن فعل القراءة يغدو مستحيلاً»

هذا السؤال بدا لي مختلفاً هذا العام. كل عام يطرح هذا السؤال، ونجيب. لكن هذا العام أشعرني بالغربة. قد يكون ما أكتبه هنا بعيداً عن سؤال ماذا قرأت؟ قد يكون، كيف قرأت؟ وماذا شعرت حين كنت أقرأ؟

لأبدأ أولاً، إنه كان عاماً صعباً، صعباً بالنسبة لي على كل المستويات، وأهمها ما يجري حولي، وفي داخل لبنان، وما تعرض له الناس من همجية يعجز أي كتاب عن وصفها. ثم عليّ أيضاً أن أجيب عن سؤال: ماذا قرأت. كنت أبدأ بكتاب ثم لا أنتهي منه. أجد صعوبة في التركيز. أشعر بقلق حادٍ لم يصبني من قبل. كأن فعل القراءة يغدو مستحيلاً في تلك اللحظات الشرسة. القراءة تغدو إراحة للعقل الذي لا يريد أن يهدأ والذي يلف ويدور فيه ألف سؤال. وأنا لم أشأ الراحة، بات القلق صفة تلازمني في المساء والليل. أقرأ وأتوقف كي أوقظ أسئلتي التي تنخر دماغي. أسأل ماذا جرى لنا؟

كتب عديدة لم أنته من قراءتها. كان عليّ أن أعيد برمجة قراءاتي، كي أهدأ وأرتاح. الكتاب الذي أنهيته فعلاً هو «فجر في غزة»، صدر باللغة الإنجليزية. قام فيه محمود منى وطوماس تيللر بتوثيق مقابلات مع فلسطينيين كانوا في بداية 2024 لا يزالون في غزة ويتعرضون لخطر الموت والإبادة. هزّني الكتاب، هزتني قصص الحياة والأمل وسط الدمار والخراب والموت. الناس الذين أثثوا صفحات الكتاب بقصصهم ما زالوا أحياء أو أنني أقرأ قصصاً لأناسٍ عرفتهم عبر الكتاب، ماتوا ولم يدر أحد بموتهم. حين علمت بموت إحدى المساهمات في الكتاب هبة المقادمة، بكيت. هي التي وثقت يوميات حياتها وحياة عائلتها. أرى الآن الكتاب على الطاولة الصغيرة في غرفة نومي، أفكر أحياناً أن قرب سريري شواهد لا تعد لأشخاص أخبروني حكاياتهم ثم رحلوا بصمت، بل قتلوا، وهم مأخوذون بحكايات الحياة والغد التي سُلبت منهم.

أنتقل من كتاب «فجر غزة»، ومن «رسالة إلى أبي» إلى كتابي المفضل «رسائل إلى ميلينا»، ثم أرى نفسي أعود لمرة جديدة إلى كافكا (لا أستطيع أن أعد كم من المرات قرأتها) إلى روايته «المسخ»، أتابع غريغور سامسا، بطل الرواية الذي تحول إلى حشرة عملاقة وأتحسس جسدي، وأتأكد أنني ما زلت أنا... وأنني ربما نجوت. رغم كل ما كتب عن كافكا وجدت في إعادة قراءة هذه الرواية طريقة جديدة لتنويم قلقي ولو لوقت.

ماري طوق

الكاتبة والمترجمة ماري طوق: «الجوع العتيق» وروايات إنسانية فريدة

استوقفتني هذه السنة روايتان تجمعهما أجواؤهما اللبنانية، «أغنيات للعتمة» للكاتبة إيمان حميدان، المشرّعة على أسئلة التاريخ اللبناني والسياسة، وتلك المتعلّقة بمصائر النساء، ورواية «قصر موّال» للفرنكوفونية دومينيك إده، المغلّفة بعزلة قصر تسائل مصير «البيت اللبناني الكبير».

في «أغنيات للعتمة» تسرد إيمان حميدان بلغة رشيقة حيوات نساء عائلة الدالي، وفي خلفية السرد تتراءى حقب من تاريخ لبنان: الحرب الكبرى وويلاتها، والحرب العالمية الثانية المتقاطعة مع حقبة الاستقلال والألغام الكثيرة المعترضة طريقه، وصولاً إلى الحرب الأهلية. أحداث ومحطات ترويها نساء العائلة وشكّلت على نحوٍ أو آخر مصائرها: ظهور «الداهشية» في بيروت وما استتبع ذلك من خنق لحرية أتباعها، إعدام أنطون سعادة الذي جرى دون محاكمة فعلية فكان نقطة تحوّل كبيرة في حياة أفراد العائلة، الأحداث التي سميّت بثورة 1958، محاولة الانقلاب التي قام بها الحزب القومي، إفلاس بنك أنترا، ومن ثم اندلاع الحروب الأهلية.

«أغنيات للعتمة» حكاية المكان بوجهيه القروي والمديني، تتقاسمه قريتا كسورة في جبل لبنان وأجمات في البقاع الغربي وبينهما بيروت التي تعيش على وقع الانهيارات. ومع حكاية المكان سيرة المحطات المأساوية المتعدّدة التي تجعلنا نعاف التاريخ: الحرب الأهلية واجتياح إسرائيل لبنان ليتوقّف الزمن هناك: إنه الوطن الاستحالة على أكثر من صعيد حيث ما برحت كل تلك الأمكنة تفضي إلى الهجرة خارجها: «خرجنا ونجونا لكن ما معنى النجاة هنا. وأيّ نجاة؟» تحت هذه السماء الضيقة كسقف ثمة ما يدفئ عتمة الروح وينعش ذوابلها: السؤال والأغنيات، فهل من يسمع نداء الأغنيات؟

أمّا رواية «قصر موال» لدومينيك إده فقرأتها بهذا «الجوع العتيق» إلى روايات تحاكي تجارب إنسانية فريدة يمتزج فيها الحبّ بالأدب ونشدان كل ما هو جميل ونبيل. «مشاهد من الحياة الزوجية» على طريقة إده تدور في قصر موّال البيروتيّ حيث يحتلّ المقدّمة زوجان: ليونورا الإيطالية الشجاعة التي قادتها تجربة الترهّب إلى لبنان، وسليم البرجوازي اللبناني المرهف الذي يملك قصر موال لكنّه اختار التخفّف من زحام المكان والعيش في فندق مجاور. إنّها رواية الانسحاب والغلوّ في آن واحد.

ولا بدّ من الإشارة إلى رواية فرنسية ترجمتها مؤخّراً «الأخوات الخمس» للكاتب بيرسي كمب الذي تتقاطع في شخصه جذور إنجليزية ولبنانية. وجدت لذة في قراءتها لأنّها أخذتني إلى عوالم مختلفة باستعارات مدهشة يمتزج فيها التاريخ العالمي بالسياسة والجاسوسية والجوائح الفيروسية والرقمية.

صهيب أيوب

الروائي صهيب أيوب: «أعمال أتمنى لو تترجم للعربية»

سعدت هذا العام بقراءة أعمال أدبية كثيرة وباللغتين العربية والفرنسية. رواية هدى بركات «هند أو أجمل امرأة في العالم»، توجت قراءاتي، وكانت الخاتمة مثل هدية بهذه الرواية البديعة، التي أجدها عميقة بطبقات كثيرة، وتحتاج إلى قراءة مختلفة وإلى إنصات داخلي، لما تضمره من حيوات وطرق وسرديات، تتعمق في فهم الإنسان لوجوده وحاجته إلى النجاة والأمل. مع «هند» نتكشف ذواتنا الباحثة، من خلال السرد الذي يطوف بنا بعوالم عدة ومدن وشوارع وروائح وخرائط وجغرافيات ومعارف، تشكل فضاء روائياً دسماً، وقراءة تقدم الكثير للقارئ ولخياله. واحتاجت مني هذه الرواية إلى قراءة ثانية للتوغل أكثر في البحث داخل هذه الشخصية التعددية.

قرأت أيضاً رواية «روض الحياة المحزون»، وهي من أولى أعمال الروائي اللبناني حسن داوود، وأنصح بالعودة إليها، خصوصاً أنها رواية باطنية وتحتاج إلى قراءة بطيئة كأسلوب كاتبها.

أيضاً قرأت كتاب هيثم الورداني «بنات آوى والحروف المفقودة»، وهو إعادة ذكية وشفافة في قراءة الخرافات العربية، وأشبه بتأملات في كتاب «كليلة ودمنة» وكائناته ومساءلة لابن المقفع. وقرأت ديوان الشاعر الطرابلسي والناقد فادي العبد الله «البياض الباقي»، الصادر عن «دار الجديد». ديوان رقيق بلغة متينة تذكرنا بشعر الأقدمين وبحساسية عميقة، يحاول الشاعر، أحياناً بصوفية، قراءة تفاصيل العالم الذي يحيطه بعين مرهفة، لا تخلو من التحسر والحنين.

بالفرنسية أكثر ما أعجبني رواية ساندرين كوليت «مادلين قبل الفجر»، وأتمنى أن تحظى بترجمة يوماً ماً إلى اللغة العربية، وقرأت ديوان نينار اسبر، بعنوان: «mes instantanés, beyrouth- paris 1990 -2021». وهو قصائد تتعمق بإحساس المنفى. تستعيد فيه الشاعرة مدينتها بيروت وتحاول التوغل بمشاعرها في شتاتها وصور الماضي والذكريات ومعنى وجودها بين زمانين ومكانين وأثر الحرب والهجرة على دواخلها وتصوراتها، وهو كتاب أتمنى أيضاً ترجمته للقارئ العربي.

وقرأت مسرحيات، منها أعمال الحائزين على «نوبل» يون فوسيه وبيتر هاندكه، وأخص عمل فوسيه «أنا الريح/الأيام تذهب» وعمل هاندكه البديع «outrage au public».

سليمان بختي

الناشر سليمان بختي: «عن الأمكنة والسقوط الأخلاقي»

قرأت كثيراً في الفترة الأخيرة ولا يزال أمامي الكثير. قرأت رواية «الأشجار تمشي في الإسكندرية» لعلاء الأسواني، إذ نقلنا بسهولة ويسر إلى الإسكندرية في زمن جمال عبد الناصر، والتحولات التي عصفت بها ونسيجها الاجتماعي المنقلب من الملكية إلى الثورة. أعجبني الفضاء الكوزموبوليتي الذي صنعه الأسواني وانطلق منه إلى رصد مصائر الشخصيات في ذروة صراعها مع الواقع والتاريخ والدولة. تصوير دقيق لهزيمة الضمير والسقوط الأخلاقي للفرد والمجتمع في آن.

الرواية الثانية هي «أطلال رأس بيروت» للكاتب اللبناني محمد الحجيري. الذي استطاع أن يوثق لمرحلة التسعينات من القرن الماضي في رأس بيروت، وعلاقة المثقفين بالمقهى والمكان. السؤال الذي يطرحه المؤلف: ماذا يبقى بعد زوال الأمكنة؟ في الرواية جو ساحر من انهمار اللحظات واليوميات الذي يشبه انهمار الدموع والكلمات، مع نهاية عبثية بورقة بيضاء تطير في مهب الريح والحرب ونفاذ الأحوال.

أعجبتني أيضاً رواية «قناع بلون السماء» للكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي. استوقفتني المحاولة الصادقة، في تصحيح السردية العربية عن أحداث فلسطين. أحسن المؤلف استخدام الآثار وتوظيف الأسطورة وعلاقة كل ذلك بالتاريخ. رواية مميزة كتبت بنبض حي ولغة أنيقة وتحمل إضافة مميزة في بناء الرواية لأجل معرفة مختلفة ووعي معمّق.

الكتاب الرابع هو «الوجه الآخر للظل» للروائي رشيد الضعيف استطاع فيه أن يمزج الأدب والأسطورة، وعلى مستوى آخر ارتباط الإنسان بالواقع والوجود. السرد الجميل الذي اعتمده الضعيف يعيد الحلم والأمل بأن الكلمة تستطيع أن تفتح أبواب العالم وتمزج الأزمنة.

بالإنجليزية هناك كتاب «الحنين: عاطفة خضراء» لاغنيس فورستر، وأتمنى أن ينقل إلى العربية، يتحدث عن تاريخ هذه العاطفة منذ القرن السابع عشر وصولاً إلى جماعة «فيسبوك» واصطفافهم وراء مراحل وذكريات ورموز. ويبحث الكتاب في السبب الذي يجعلنا نرى الماضي زاهياً، ونحن المرء إلى ماض نعتبره مثالياً؟

محمود شريح

الكاتب محمود شريح: «عن بواكير الأدبيّات اللبنانية حول الصهيونيّة»

قرأت جديد د. غسّان الخازن «رؤية يوسف الخازن للدولة اليهوديّة: دراسة تحليليّة» (دار نلسن، بيروت، 2024)، وهو إضاءة على كتيّب الشيخ يوسف الخازن الصادر عام 1919 إبّان ذروة الصراع البريطاني - الفرنسي على بلاد الشام، وكان ردّةَ فعل على مؤتمر السلام المنعقد آنذاك في باريس الذي «رأى لتقرير مصير فلسطين، الاستماع إلى الصهاينة، ممّن لا ناقة لهم ولا جمل في تلك البلاد بدل الإصغاء إلى ممثّلي فلسطين المعتمدين».

الكتيّب، حسب غسان الخازن، من بواكير الأدبيّات اللبنانية حول الصهيونيّة. فحين انصبّ اهتمام معظم مثقّفي متصرفية جبل لبنان على المطالبة بتوسيع مساحة لبنان، وتعميق استقلاليته عن الدولة العثمانيّة، انصرف الشيخ يوسف الخازن إلى تفنيد المزاعم الصهيونية في فلسطين بأسلوب واضح ومختصر وجانح إلى السخرية على عادة الخازنيّين في ظرف أدبهم ليعدّ مداخلة له في مجلس النوّاب لا تتعدّى دقائق معدودات هي متن الكتيّب، ركّز فيها على مناقشة الفكرة الصهيونية، تاريخاً وعقيدة، فلم يخامره شكّ في أن الحركة الصهيونية تسعى إلى إنشاء دولة يهوديّة في فلسطين.

أصدر الشيخ يوسف الخازن كتيّبه هذا بالفرنسيّة، وهو محاضرة ألقاها في باريس بعنوان «الدولة اليهودية في فلسطين - وجهة نظر أحد أبناء البلاد».

وقرأت د. إدمون ملحم، في جديده «الفلسفة الرواقية من زينون إلى سعادة» الصادر عن «دار أبعاد للطباعة والنشر» في بيروت، يضيءُ من مهجره على الفلسفة الرواقية التي شيد أعمدتَها الفيلسوف الفينيقي زينون في القرن الثالث قبل الميلاد، وجدّد دعوتها في النصف الأوّل من القرن العشرين أنطون سعادة، إذ اعتبرَ أنّ زينون أحدثَ ثورة فكرية ذات أثر بليغ في تحرير الفرد من التقليد وحفزه على اتّخاذ العقل شرعاً أعلى في سبيل الوصول إلى الخير ومطالب الرّقي. زينون المتحدِّر من مدينة صُوْر الكنعانية الراحل إلى أثينا الآخذ من فلسفة سقراط مبدأ الفضيلة، جدّد دعوته سعادة وأرساها في صلب عقيدته، ومن هنا أهمية جديد د. ملحم في سرده السيرة الفكرية لهذين النابغتين.

زياد كاج

الروائي زياد كاج: «جواد علي لم يعط حقه»

عدت لقراءة جواد علي، وكتابه «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام»، وهو في تسعة أجزاء. وأعتبر هذه الأجزاء مرجعاً مهماً جداً لفهم التاريخ الإسلامي. فقد وجدت الكاتب هو الأقرب إلى المنطق والموضوعية في مجاله. معه نفهم الخلفيات التاريخية للأحداث، ونقرأ تفاصيل الحياة الاجتماعية قبل الإسلام. ومن بين ما لفتني قصة تأسيس مكة كمدينة بعد أن كان الناس يعيشون على المرتفعات المحيطة بها بسبب كثرة السيول، وحديثه عن جذور الخلاف السني - الشيعي، الذي بدأ قبل الإسلام بسبب خلاف وتنافس بين أولاد العم، بني أمية وبني هاشم. هذا المرجع الموسوعي لا يعطى حقه وهناك تعتيم على جواد علي، رغم أهميته. أيضاً أوصي بقراءة «إحكي جالس» لرمزي علم الدين، صادرعن «دار نلسن». أحببته لأنه يحكي، بأسلوب سلس قريب من القلب تجربة الكاتب الغنية، ويبرهن، أنه ليس من الضروري أن يكون صاحب الكتاب أديباً محترفاً ومكرساً. المؤلف هو والد المحامية أمل علم الدين، ويكشف كيف تعرف هو على جورج كلوني، ولم يكن قد سمع به من قبل. ذات يوم يرى صورته مع ابنته، فيصعقه الأمر، وهو المعروف في بلدته المحافظة، فجن جنونه. وحين اتصلت به ابنته تقول له جورج يريد أن يتعرف عليه، ويلعب معه الغولف. أخبرها أنه ابن جبل، من يريد التعرف إليه فليأت إلى لبنان، وبما أن لبنان غير آمن، اتفق على مكان محايد، عند أهل زوجته آل مكناس في دبي. وبعد قضاء ثلاثة أيام معاً وجده ذكياً، مخلصاً متواضعاً، وكريماً. كذلك أحببت رواية حسن داوود «نساء وفواكه وآراء» صدرت عن «نوفل، هاشيت - أنطوان» تحكي عن تجربته في كلية التربية في «الجامعة اللبنانية»، أواخر الستينات. أسلوب ممتع، سلس، قريب من القلب، لرواية تحكي عن الزمن الجميل.

الشخصية المحورية، مترددة في الحب والسياسة والاجتماع، ومعظم الشخصيات من أصول ريفية نزلوا إلى المدينة من الريف واصطدموا بعالمها وقيمها. هؤلاء تأتي الحرب وتفرقهم، لكن مصائرهم متشابهة. قرأت رواية ثانية لهذا الكاتب القادم من الجنوب، والمتواضع والمثقف «لا طريق إلى الجنة»، أحببتها أكثر من الأولى. تحكي قصة شيخ دين شيعي من الجنوب يرث المشيخة عن والده، وهو غير مقتنع بدوره الجديد في القرية. يعيش حالة صراع بين دراسته الدينية وما يعيشه. رواية تسبر أغوار إنسان فرض عليه دور، سرعان ما يكتشف أنه لا ينسجم مع طموحاته ويدخل في صراع عنيف مع ذاته. يعيش مع امرأة لا هو يحبها ولا هي تحبه. في الوقت نفسه معجب بزوجة أخيه المتوفى، ويعاني من عقدة ذنب. بعد قصة غرام وإصابة بالسرطان يدخل المستشفى وتبقى النهاية مفتوحة.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).