«تاج شمس»... شخصيات أسطورية بنفَس ملحمي

«تاج شمس»... شخصيات أسطورية بنفَس ملحمي
TT

«تاج شمس»... شخصيات أسطورية بنفَس ملحمي

«تاج شمس»... شخصيات أسطورية بنفَس ملحمي

رغم أن عنوان رواية «تاج شمس» الصادرة في القاهرة مؤخراً عن دار «بيت الحكمة» للكاتب المصري هاني القط، يشير بالأساس إلى اسم مكان محدد داخل العمل، وهو المرسى النهري الذي تنطلق منه وإليه مراكب تحمل البشر عبر ضفتي النيل، فإن القراءة الممتدة عبر النص توحي بأنه يشير أيضاً إلى قصص إنسانية رهيفة تطلع عليها الشمس كل صباح في بقعة جغرافية، نائية ومنسية، لتتوجهم بالحزن والخسارات.

في هذا السياق، تبدو الرواية وكأنها حكاية أسطورية، تستلهم معطيات الواقع، عن بلدة تقبع على ضفة نهر، فيها من سحر التاريخ ملامح لماضٍ ولَّى، ومن صدق الحقيقة ملامح لحاضر معيش. أبطالها مزيج فريد من: أتقياء وقتلة، بارعين وفجرة، متمردين وخانعين. كلهم تتبدل مصائرهم، يذهبون وتبقى البلدة، يفيض نهرها ليكشف عن براح هادئ، تؤنسه الحكايات وغناء النسيم وسكرة الفقد ولهفة انتظار ما لا يجيء.

ومن ثم، تتقاطع في النص حكايات ومصائر وقصص متفرقة، تجمع بين الماضي والحاضر عبر لغة شفيفة تشبه الشعر، مشرَّبة بنفَس ملحمي مغلَّف بالسلاسة والنبرة الخافتة، وسط حضور لافت ومهيمن لعدد من الشخصيات في فضاءات الرواية. من أبرز تلك الشخصيات: «الجليلة» التي تبدو كما لو كانت نسخة عصرية من «زرقاء اليمامة» التي ترى ما لا يراه الآخرون، وتظل كلمتها «لكل شيء أوان» هي الحاكمة لإيقاع السرد، ولحركة شخصيات الرواية التي تتجاوز الخمسين شخصية، فالكل يسعى إلى أوانه، بشكل أو بآخر.

وهناك كذلك شخصية «قنديل»، وهو رجل لا تشبه بداياته نهاياته، تحول من شخص عرف رذائل الحياة إلى رجل صاحب قدرات ونظرة صوفية وتأملات فلسفية. أما «مبروك»، فتحول من شخص قليل الحيلة يتعرض إلى الإهانة كل يوم، إلى نموذج للقوة والهيبة، ويتقي شره ونفوذه الجميع.

ومن أجواء الرواية، نقرأ:

«يدنو المركب إلى مرسى تاج شمس، يهبط منه أناس يحمل بعضهم أجولة ثقيلة على الأكتاف، وآخرون يقبضون على صرر أمتعتهم وما بقي من الزاد، يعبرون المدقَّ الوعر، ويرتقون الطريق الضيقة الموصلة إلى الربوة. تفيق أعينهم على الجليلة، تجلس على مقعدها العالي في مهابة، وحيدة ناعمة بدفء يسلمها إلى ذلك الشرود الجميل، أمام دارها فوق الربوة المواجهة للنهر، تحجب أشعة الشمس كلما قامت بكفها المخطوطة من ظاهرها وباطنها كأنها نقش يؤرخ للأبد. تغيب في الشرود قليلاً، وتفيق عيناها اللتان لا تبرحان القلق ولا تغادرن الطمأنينة على شراع المركب المتوقف، فتطل بقامتها السامقة تقرأ وجه السماء وصفحة النهر وتنتظر. ترنو أعين القادمين إلى الجليلة، تهزمهم قسمات وجهها المهيب. وكلما اقتربوا أخذتهم الحيرة: هل ترفع عصاها لهم؟ أم ترفعها إلى السماء؟

يبش لمرآها أهل البلد، يقتربون، يحبونها بتوق، وينحنون يقبِّلون ظهر يديها ملتمسين البركة، راجين الدعاء. بقبضة يدها النحيلة ترفع وجه المُسَّلم، تتملى ملامحه، تتمتم ثم تدعو، بينما حفيدتها صفية ابنة الثانية عشرة تبتسم لاهية، وتنثني وهي تكنس أمام الدار بقحف نخلة وهي تغني. يريح التجار السرِّيحة الغرباء ظهورهم من أجولة بضائعهم، بجوار زير الماء المستظل بشجرة التوت الحبشي الكبيرة، يجففون عرقهم بأكمامهم، ويبددون عطشهم بالماء البارد، يهمس أشيب من بينهم مشيراً:

- هذه هي الجليلة صاحبة البركة والنبوءات».



السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)
خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)
TT

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)
خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)

فتحت وزارتا «الثقافة» و«التعليم» في السعودية، الأحد، التسجيل للمرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمات رياض الأطفال للتدريب على مهارات الفنون الموسيقية.

ويُنفذ البرنامج تحت مظلة استراتيجية تنمية القدرات الثقافية التي أطلقتها الوزارتان في ديسمبر (كانون الأول) 2022 ضمن الشراكة القائمة بينهما، بإشراف هيئة الموسيقى، وبالتعاون مع مختصين في التعليم والتدريب لرياض الأطفال.

وتأتي هذه الخطوة استكمالاً للنجاح الذي حققته المرحلة الأولى، والتي أسهمت في تدريب أكثر من 12 ألف معلمة في مدارس رياض الأطفال الحكومية والأهلية.

السعودية تهدف إلى تطوير القطاع الموسيقي في البلاد على الأصعدة كافة (واس)

وتهدف المرحلة الجديدة لتقديم برنامج تدريبي شامل لنحو 17 ألف معلمة، ودعم جاهزية اللواتي اجتزن السابقة، لضمان استمرارية الأثر التعليمي. وسيعمل الفريق المعني على قياس أثر التدريب، وتطوير محتواه الحالي بما يضمن تحقيق أعلى معايير الجودة.

ويأتي تدريس الموسيقى ضمن الإطار الوطني للثقافة الذي تعمل عليه الوزارتان، ويتعلق بإدراجها والفنون الأخرى في مناهج التعليم العام، حيث يبدأ تدريجياً من مراحل رياض الأطفال، وصفوف التعليم الابتدائية الأولية، وسيشمل جميع المدارس.

وأكد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، في تعليق سابق له على منصة «إكس»، أن «التعليم أساس البناء وتطوير القدرات الثقافية»، وذلك عقب إطلاق أول برنامج بكالوريوس للسينما والمسرح، الذي تزامن مع اعتماد «مجلس شؤون الجامعات» إنشاء أول كلية للفنون.

كانت وزارة الثقافة قد أطلقت في فبراير (شباط) 2024، أول كلية للفنون بجامعة الملك سعود في الرياض، لتهيئة بيئة تعليمية وفنية داعمة للبحث والابتكار، واستقطاب الطلبة المتميزين والموهوبين وفقاً لمعايير قبول محددة، وإعداد خريجين مؤهلين فنياً وعلمياً ومهنياً، وإجراء بحوث ودراسات علمية متخصصة.

وجاء تدشين الكلية بشراكة استراتيجية تجمع الوزارة مع الجامعة، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية السعودية 2030» التي تُعنى بالإبداع والتميز في مختلف المجالات الفنية والثقافية، وبهدف تطوير المواهب والكفاءات، وخلق فرص مميزة للموهوبين بسوق العمل.

وضمّت الكلية 3 أقسام، بينها «الفنون الأدائية» الذي يقدم برامج دراسية في علوم «المسرح، والسينما، والموسيقى»، لتلبية احتياج سوق العمل من المهن الثقافية بكفاءاتٍ عالية مُتمكِنة، تقودُ مستقبل القطاع نحو تحقيق المستهدفات الوطنية الطموحة.

الكلية تسهم في تطوير وتنمية المشهد الفني السعودي (وزارة الثقافة)

وأعلن وزير الثقافة السعودي، في ديسمبر 2020، الترخيص لأول معهدين للموسيقى في المملكة. ودعا جميع المهتمين في القطاعين الخاص وغير الربحي «لتقديم طلبات تراخيص المعاهد في المجالات الثقافية المختلفة، على منصة متخصصة».

وفي سبتمبر (أيلول) 2023، دشن معهد البيت الموسيقي في الرياض أول برنامج دبلوم معتمَد من نوعه في السعودية، لتأهيل الخريجين للعمل بصفتهم معلمي موسيقى بالمدارس، دعماً لاستراتيجية التنمية الثقافية، وتطوير الهواة أكاديمياً ليتمكنوا من نقل معارفهم إلى الآخرين؛ كجزء من خطة تعليمها في مختلف القطاعات التعليمية.

وتسعى وزارة الثقافة من خلال الهيئة إلى تنظيم وتطوير قطاع الموسيقى في السعودية، ودعم وتشجيع الممارسين فيه، كما ستعمل مع الجهات المختصة على دعم حماية حقوق الملكية الفكرية في المجالات ذات العلاقة به، وإقامة الدورات التدريبية، واعتماد البرامج المهنية ذات العلاقة، وتشجيع الناشطين في المجال على إنتاج وتطوير المحتوى الموسيقي.