أنا والمعري ورسالة الغفران

ينبغي أن نقرأها قراءة مبطنة عميقة لكي نفهمها على حقيقتها

تدشين نصب تذكاري لأبي العلاء عام 2023 في ضواحي العاصمة الفرنسية. وهو من إنجاز النحات السوري عاضم الباشا.
تدشين نصب تذكاري لأبي العلاء عام 2023 في ضواحي العاصمة الفرنسية. وهو من إنجاز النحات السوري عاضم الباشا.
TT

أنا والمعري ورسالة الغفران

تدشين نصب تذكاري لأبي العلاء عام 2023 في ضواحي العاصمة الفرنسية. وهو من إنجاز النحات السوري عاضم الباشا.
تدشين نصب تذكاري لأبي العلاء عام 2023 في ضواحي العاصمة الفرنسية. وهو من إنجاز النحات السوري عاضم الباشا.

في كتابي الأخير الصادر عن «دار المدى» بعنوان «العباقرة وتنوير الشعوب»، أزعم أني ارتفعت إلى مستوى المعري في رسالة الغفران. صدقوا أو لا تصدقوا، أنتم أحرار. لماذا كل هذه الفخفخة والمنفخة؟ لماذا كل هذه الغطرسة الفارغة؟ هذه ليست من شيمي وعاداتي. بل إن عاداتي العكس تماماً؛ أي التضاؤل والتصاغر إلى درجة الاضمحلال. وقد لامني على ذلك، برفق، سمير عطا الله يوماً ما. عاداتي المزمنة والمتواصلة هي أنني أختبئ وراء أساتذتي الكبار. ولكن هذه المرة أصابتني نوبة مفاجئة من جنون العظمة ولا أعرف لماذا. ولله في خلقه شؤون. وعلى ذكر رسالة الغفران، ينبغي العلم أنها ترجمت إلى الفرنسية عام 1984. وصدرت عن أشهر دار نشر باريسية: «غاليمار» في 320 صفحة. ولكن من يستطيع أن يشتريها: 150 يورو فقط. من يصدق ذلك؟ من يستطيع ترجمتها؟ حتى في العربية يصعب فهمها، فما بالك بالفرنسية. ينبغي أن نترجمها أولاً إلى العربية الحديثة قبل الفرنسية. ولكن لا يسعنا إلا أن نشكر المستشرق الفرنسي فانسان مونتيل على هذا الجهد الكبير والشاق العسير الذي بذله في نقل إحدى روائع أدبنا الكبرى إلى لغة موليير وفولتير. شكراً له وألف شكر. كيف استطاع تحقيق ذلك؟ معجزة حقيقية. والباحث المذكور أصبح اسمه الكامل فانسان منصور مونتيل عندما اعتنق الإسلام بعد أن أعجب به كل الإعجاب: ديناً وفلسفة وحضارة.

كان ديكارت يقول هذه العبارة اللافتة: الفيلسوف يتقدم مقنّعاً على مسرح التاريخ. بمعنى أنه لا يستطيع أن يكشف كل أوراقه دفعة واحدة، وإلا لكانوا قد ذبحوه حتى قبل أن يفتح فمه. إنه مجبر على أن يضع قناعاً على وجهه لكي يستطيع أن يُكمل مهمته على أفضل وجه ممكن، لكي يستطيع أن ينجز مؤلفاته وكشوفاته الكبرى قبل أن يقتلوه. وما هي مهمته في الحياة؟ تفكيك الأفكار التراثية الشعبوية الطاغية التي تتخذ صفة اليقينيات المطلقة التي لا تقبل النقاش. هل نعلم بأن المعري طبق هذه القاعدة حرفياً قبل ديكارت بسبعة قرون؟ وراء كل صفحة من صفحات رسالة الغفران تقريباً تبدو شخصية المعري مقنعة وماكرة إلى أقصى الحدود. إنه مجبر على الظهور بمظهر الإنسان المتدين التراثي التقليدي الذي لا تشوبه شائبة. ولكن خلف ذلك تكمن شخصيته الحقيقية. يكفي أن نقرأ ما بين السطور أو ما خلف السطور لكي ندرك ذلك. إنه يحلف بأغلظ الأيمان أنه مخلص كل الإخلاص للتصورات التراثية وملتزم بها كلياً. ولذلك ينبغي أن نقرأ رسالة الغفران قراءة مبطنة عميقة لكي نفهمها على حقيقتها. المعري أكثر مكراً مما نظن. تكاد تموت من الفرح والابتهاج، تكاد تنفجر من الضحك والانشراح، عندما تقرأ رسالة الغفران. لست بحاجة لأن تذهب إلى المسرح أو السينما لكي ترفّه عن نفسك. يكفي أن تقرأها. مسرحها أعظم وأكبر من كل المسارح العالمية. مسرحها العالم الآخر وجنة عرضها السماوات والأرض. إنك تسرح وتمرح في فضاءات شاسعة واسعة منتشرة على مد النظر. من هنا الطابع التحريري الهائل والإبداعي الخارق لرسالة الغفران.

تشعر بأنك أصبحت أكثر ذكاء عندما تقرأها، هذا إذا ما استطعت أن تصبر عليها حتى النهاية. ولهذا السبب قال عنها عباس محمود العقاد: «إن رسالة الغفران نمط وحدها في آدابنا العربية، وأسلوب شائق، ونسق ظريف في النقد والرواية. إنها فكرة لبقة لا نعلم أن أحداً سبق المعري إليها». هذا أقل ما يمكن أن يقال يا عملاق الفكر العربي. كان بإمكانك أن تقول أكثر بل كان يجب أن تقول أكثر. تأمل جيداً كيف يوزع المعري بكل مهارة واستمتاع، وأكاد أقول بكل خبث ودهاء، مشاهير العرب على الجنة والنار. يقول مثلاً:

«وينظر الشيخ في رياض الجنة فيرى قصرين منيفين فيقول في نفسه: لأبلغن هذين القصرين فأسأل لمن هما؟ فإذا قُرب إليهما رأى على أحدهما مكتوباً: هذا القصر لزُهير بن أبي سُلمى المُزني، وعلى الآخر: هذا القصر لعَبيد بن الأبرص الأسديّ، فيعجب من ذلك ويقول: هذان ماتا في الجاهلية ولكن رحمة ربنا وسعت كل شيء. فيسأل زهير: بم غُفر لك وقد كنت في زمان الفترة والناس هَمَلٌ لا يحسن منهم العمل؟ فيقول: كانت نفسي من الباطل نفوراً، فصادفت ملكاً غفوراً...

ثم ينصرف إلى عبيد فإذا هو قد أُعطي بقاء التأبيد، فيقول: السلام عليك يا أخا بني أسد. فيقول: وعليك السلام، وأهل الجنة أذكياء لا يخالطهم الأغبياء، لعلك تريد أن تسألني بم غُفر لي؟ فيقول: أجل وإن في ذلك لعجباً، أألفيت حُكماً للمغفرة موجباً، ولم يكن عن الرحمة محجباً؟ فيقول عبيد: أُخبرك أني دخلت الهاوية، وكنت قد قلت في الحياة:

من يسأل الناس يحرموه

وسائل الله لا يخيبُ

وسار هذا البيت في آفاق البلاد، فلم يزل يُنشَد ويخف عني العذاب حتى أطلقت من القيود والأصفاد، ثم كُرر إلى أن شملَتني الرحمة ببركة ذلك البيت، وإن الله لغفور رحيم.

فإذا سمع الشيخ - ثبت الله وطأته - ما قال ذانك الرجلان، طمع في سلامة كثير من أصناف الشعراء».

صفحات خالدة

أخيراً، ماذا نستنتج من كل هذه المهزلة، من كل هذه الفضيحة، من كل هذه التحفة العبقرية؟ نستنتج أن المعري استمتع كل الاستمتاع بتوزيع بعض المشاهير على الجنة وبعضهم الآخر على النار. ونستنتج أنه على الرغم من كل تظاهره بالوقار وصحة الاعتقاد لم يسلم من القيل والقال. على العكس، لقد شكوا فيه وكفّروه وزندقوه ومسحوا به الأرض مسحاً كما هو معلوم. وهذا يعني أن القناع الذي وضعه على وجهه لم يَدُم طويلاً ولم ينفعه شيئاً في نهاية المطاف. وهكذا حصل له ما سيحصل لديكارت من بعده بسبعة قرون. فهو الآخر كشف الأصوليون المسيحيون القناع اللاهوتي الكاثوليكي عن وجهه وكفّروه ووضعوا كتبه على لائحة الكتب المحرّمة أو الممنوع قراءتها. بل وقتله أحد الكهنة اللاهوتيين في السويد عن طريق دس السمّ له في القربان المقدّس، كما كشف أحد الباحثين الألمان. وهو اكتشاف انفجر مؤخراً كالقنبلة الموقوتة. ولكن بالله عليكم قولوا لي: من يستطيع أن يستشهد بمقولات شيوخنا القروسطيين التكفيريين في أي مؤتمر عالمي يُعقد عن الإسلام والفكر العربي؟ أتحدى أي مثقف عربي أن يتجرأ على ذلك. ولكن بإمكانك أن تُفحم الغرب كل الغرب بعبقرية شخص كأبي العلاء المعري. بإمكانك أن تفاخر العالم كله برسالة الغفران.



أغانٍ عراقية من فضة عصية على الصدأ

أغانٍ عراقية من فضة عصية على الصدأ
TT

أغانٍ عراقية من فضة عصية على الصدأ

أغانٍ عراقية من فضة عصية على الصدأ

«أغانٍ من فضة: الغناء العراقي بوصفه مؤرخاً» للكاتب كرم نعمة، الصادر أخيراً عن «دار لندن للطباعة والنشر» في 206 صفحات، هو بمثابة وثيقة تاريخية عن ألحان عبّرت عن العراق الحقيقي في مواجهة العراق المزيف.

لذلك يستعين بشهادة الموسيقار ميشائيل بارتوش، قائد الأوركسترا السيمفونية السويدية، عندما وقف مبهوراً وهو يشارك المايسترو علاء مجيد البروفات على لحن رائعة الفنان العراقي أحمد الخليل «بين دمعة وابتسامة» التي قدمتها فرقة «طيور دجلة»، ثم تساءل بشيء من الحيرة والذهول: «هل حقاً أنت متأكد أن هذه الموسيقى عراقية صرفة؟»، أجاب علاء: «بالتأكيد، وتعود إلى خمسينات القرن الماضي».

لم يجد لحظتها الموسيقار السويدي بارتوش، غير طرح تساؤل عصي على الإجابة عن شعب ينتج هذه التعبيرية العميقة في الموسيقى، لكنه في الوقت نفسه يتقاتل!

ذلك يفسر لنا، وفق مؤلف «أغان من فضة»، الحرية الكامنة في الموسيقى، التي لا يمكن أن نجدها بأي إبداع آخر موحد لكل شعوب العالم. فالفرقة السيمفونية السويدية شاركت في العزف مع أغنية عراقية بولع قل نظيره، من دون أن يفهم الموسيقيون معنى كلمات الأغنية. وذلك سبب يجعلنا نقدر قيمة الغناء بوصفه الأداة الموحدة بين شعوب الأرض على مر التاريخ، من دون أن تكسر أشد الحروب ضراوة تأثير الموسيقى والغناء على الروح البشرية.

يمكن أن نقول عبر هذا الكتاب إن الغناء أشد المؤرخين إخلاصاً على مر التاريخ، لأنه يعبر عن الأرواح الساكنة والهائمة في المجتمعات. وعندما يتعلق الأمر بالتاريخ العراقي، فإن العراقيين يختلفون على كل سردياته، لكن أغنية لناظم الغزالي تجمعهم معاً، وذلك يفسر لنا أيضاً لماذا تحول كاظم الساهر بمثابة جائزة ترضية للعراقيين حيال الخسائر السياسية والاجتماعية التي توالت عليهم.

ذلك ما دفع كرم نعمة لأن يجد في الغناء هذا المؤرخ الروحي، عبر دراسة متفرقة لأجياله الموسيقية، بدأ بجيل الوصول الصعب الذي شكله الموسيقار العراقي الراحل صالح الكويتي ومروراً بجيل الخمسينات في اللحن العراقي، الذي كان بمثابة التعبير الأمثل عن حضارة موسيقية صافية من أي شوائب، ثم جيل السبعينات وهو يقود ثورة غنائية ولحنية صنعت ما يمكن تسميته بـ«أغنية البيئات» التي مزجت بين الغناء الريفي وإرث الأغنية البغدادية والمقام العراقي. ثم الجيل اللاحق، حيث شكل الفنان كاظم الساهر جيلاً منفصلاً بألحانه، جعل المستمع العربي يلتفت، ولو بشكل متأخر للغناء العراقي، ويبحث عن الأغنية العراقية التي لم تصله على مدار عقود.

يضع كتاب «أغانٍ من فضة» الموسيقار العراقي صالح الكويتي كأثمن جوهرة في قلادة الأغنية العراقية، ويستهل به الفصل الأول «جيل البناء الصعب»، ويرى أن الأغنية مدينة إلى اليوم بما أسسه صالح قبل هجرته القسرية إلى إسرائيل في بداية خمسينات القرن الماضي، لكن ألحانه بأصوات صديقة الملاية ومنيرة الهوزوز وزكية جورج وسليمة مراد ونرجس شوقي وعفيفة إسكندر... بقيت حية ترفض أن تصدأ أو تغادر قيمتها اللحنية الخالدة، فرددتها الأصوات وما زالت إلى اليوم.

وكان المؤلف قد حصل على عشر ساعات صوتية من شلومو ابن صالح الكويتي سجلها بصوته قبل رحيله عام 1987 في إسرائيل، يكشف فيها تاريخ تأسيس الأغنية العراقية، وهي بمثابة وثيقة تاريخية وفنية عن مرحلة التأسيس في الأغنية العراقية.

يستمر المؤلف في عرض ذاكرة «جيل البناء الصعب» في الأغنية العراقية فيمر على أوجاع سليمة مراد وزكية جورج بعد هجرة ملحنهما صالح الكويتي ويدرس إرث الموسيقار محمد القبانجي، فيما يعيد الأسئلة الأهم عن تجربة الفنان ناظم الغزالي.

ويرى كرم نعمة أن قيمة الغزالي الغنائية مرتبطة بألحان ناظم نعيم الذي لحن غالبية ما غناه الغزالي ورافقه في أسفاره، وكان شاهداً بامتياز على تجربة هذا الفنان الذي يرتبط اسمه عند المستمعين العرب بالعراق، وعند العراقيين بزوجته الفنانة سليمة مراد. وعدَّ ناظم نعيم وفاة ناظم الغزالي أصابته في الصميم وشعر أن الحياة برمتها تخلت عنه. فهاجر بعدها بسنوات إلى الولايات المتحدة حتى رحل في مغتربه.

يتساءل كرم نعمة: «ثمة سؤال ينطلق اليوم بعد كل تلك العقود على رحيل الغزالي، عما إذا درس صوت ناظم الغزالي نقدياً من دون أن يسقط دارسوه تحت هالة الإعجاب الشعبي به، وتفرده آنذاك في نشر الغناء العراقي في الأرجاء العربية؟».

ويجيب: «باستثناء ما كتبه الناقدان الراحلان سعاد الهرمزي وعادل الهاشمي من دراسات نقدية، تبقى الغالبية العظمى عنه مجرد استذكارات تاريخية وسرد لحكايات عنه وعن زواجه من الفنانة العراقية اليهودية سليمة مراد، فسعاد الهرمزي يرى أن نجاح ناظم الغزالي لم يكن من صنع يديه، بل إن جهد ونصائح الملحن ناظم نعيم دفعاه للنجاح. بعد أن انعدمت بينها عوامل الخلاف والفرقة»، فيما يرجع الناقد الراحل عادل الهاشمي صعود نجم الغزالي إلى زوجته المطربة سليمة مراد باشا وكان زواجه منها من الزيجات المثيرة للجدل، وأن الغزالي كان به حاجة إلى دفعة معنوية في بداية طريق الشهرة. وكانت أستاذة في فن الغناء، باعتراف النقاد والفنانين جميعاً في الوقت ذلك.

في فصل «أغنية البيئات»، ينشر المؤلف حوارات أجراها المؤلف مع معظم أبناء جيل السبعينات، فيصف ياس خضر بـ«الصوت الذي لا يعبأ بوهن السنين»، وفؤاد سالم «الذي أسرف حزناً وعاش الخيبة في أوجها!»، وفاضل عواد «الصوفي الذي يُزار ولا يزور»، وحسين نعمة «الصوت الذي أرخ لعذابات الناس» و«صدق سعدون جابر كان أثمن من صوته عندما دخل رهان المقامات الصعبة».

من دون أن يغفل في ذلك ملحني هذا الجيل، فيكتب بوجع شعري عن ذاكرة الأغاني في موسيقى محمد جواد أموري وطالب القره غولي وفاروق هلال ومحسن فرحان وكوكب حمزة وعبد الحسين السماوي وجعفر الخفاف وكمال السيد.

وفي هذا الفصل، الأطول والأمتع في الكتاب، يطالب المؤلف بـ«استعادة الأغنية العراقية المخطوفة اليوم بعد أن استولى الجهلة في علوم الغناء على ألحان أبناء هذا الجيل، وركبوا عليها نصوصاً هزيلة لتدمير الذاكرة العراقية بفعل بغيض ومتعمد».

في فصل «كاظم الساهر جائزة ترضية للعراقيين» يقدم المؤلف دراسات نقدية جادة وقاسية لألحان وأداء كاظم الساهر، مع أنه يطالب بالمحافظة عليه بوصفه المثال الفني والثقافي الجامع، بل أكثر من ذلك عندما يعده نجمة رابعة في علم العراق الوطني.

وينشر كرم نعمة حواراً مطولاً مع كاظم الساهر عن الإصرار الكامن في تجربته الفنية للوصول إلى ما وصل إليه، ويدفع بأكثر من ذلك في التشكيك بقيمة ألحانه، كما يسأله في واحد من المرات النادرة، عما إذا كان صوته يصل إلى مدى ديوانيين بروح طبيعية أم بالاستعارة؟

لا يغفل الكتاب علاقة الغناء العراقي بالعربي في فصله الأخير «كسر معادلة المركز والأطراف في الغناء العربي»، ويرى أنه لو تسنى منذ البداية، كما يحصل اليوم، أن تم تبادل غناء المشرق والمغرب العربي، لما احتاج المطرب العربي أن يمر بالقاهرة التي استولت على السردية الموسيقية العربية على مدار عقود حتى انكسرت معادلة «المركز والأطراف»، وصار غناء تونس والمغرب وليبيا شائعاً في المشرق العربي مثلما غناء العراق والخليج العربي شائعاً في المغرب العربي.