«وراءها الصنوبرُ البعيد»... الانفتاح على الطبيعة

«وراءها الصنوبرُ البعيد»... الانفتاح على الطبيعة
TT

«وراءها الصنوبرُ البعيد»... الانفتاح على الطبيعة

«وراءها الصنوبرُ البعيد»... الانفتاح على الطبيعة

في ديوانه «وراءها الصنوبر البعيد» الصادر عن دار «تميز» بالقاهرة، يسعى الشاعر جمال الدين عبد العظيم، إلى الانفتاح على الطبيعة، من خلال اللعب على جماليات الأثر وأوتار الحكايات القديمة المنسية، سواء على المستوى العاطفي أو الاجتماعي، أو الموقف الإنساني بشكل عام.

يقع الديوان في 73 صفحة من القطع المتوسط، وهو الثاني له بعد ديوانه «مقالة الريح» 2012، وله قيد الطبع ديوان ثالث بعنوان «نهر من سفرجل»، بالإضافة إلى مقاربات نقدية في القصة والرواية، كما حصل على درجة الماجستير في النقد الأدبي عن «الرؤية الفنية في الرواية عند فؤاد قنديل».

يظلِّل هذا الهمّ البحثي أجواء الديوان، وينعكس على قصائده التي يتواتر فيها إيقاع التفعيلة، ويقترب بعضها من فضاء قصيدة النثر، ويولي الشاعر اهتماماً لافتاً بالطبيعة، حيث ينفتح عليها بروحٍ طفلة مسكونةٍ باللعب وبداهة السؤال والمعرفة، والرغبة في التحليق والذهاب فيما وراء العناصر والأشياء، كما يوحِّد ما بين تحولاتها وهموم الذات، ويجعلها مرآة، تتنوع فيها المسافة وزوايا النظر إلى القصيدة والحياة.

اللافت أيضاً في الديوان أن لغته تدور في فلك يتسم بالصرامة والحدة على نحو يحد من طاقة الصورة الشعرية وقدرتها على التخييل والإيحاء وتنويع أفق الدلالات والرموز، بينما تتسم اللغة بالسلاسة والحنوّ العاطفي الوجداني المُشرب بروح من الدراما ومفارقاتها الوجودية المباغتة، في بعض القصائد التي تنفلت من الدوران في هذا السياق. إنها لغة الحالة النابعة من داخل الذات، تستقي فاعلياتها وسلامتها من نثريات الواقع الحي المعيش، بعيداً عن صرامة القاموس.

من أجواء الديوان:

«أيها اللوذعي التائهُ

في أكذوبة الإياب...

رحيلك حتمٌ

وليس الوقت مناسباً

لأن تداعب الصغارَ

أو تُقبِّل زوجك في الميناءِ

فلا غيمةٌ سابحة في باحة القلبِ

ولا مدى آمنٌ في عرين العراءْ

هيا اشتعل خبزاً وخوفاً

حتى تنام عضّة اغترابك

لا سُكنى سوى التيه،

ولا أرحامَ إلا في السماءْ»


مقالات ذات صلة

الفتى حامل الطير وعنقود العنب

ثقافة وفنون شاهد قبر من البحرين، يقابله شاهدان من تدمر

الفتى حامل الطير وعنقود العنب

يحتفظ متحف البحرين الوطني في المنامة بمجموعة كبيرة من شواهد القبور الأثرية المزينة بنقوش تصويرية آدمية، منها شاهد مميّز يمثّل فتى يحمل عصفوراً وعنقوداً من العنب

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون غلاف الكتاب

الرواية الفلسطينية... ممارسات الاحتلال وآليات المقاومة

«أسئلة الرواية الفلسطينية» هو الكتاب الحادي عشر في النقد الروائي للشاعر والناقد سلمان زين الدين، وقد صدر مؤخّراً عن «مركز ليفانت للدراسات والنشر» في الإسكندرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون ريما بالي

الكاتبة السورية ريما بالي: أُواجه الحرب بالخيال وقصص الحب

تهتم الكاتبة الروائية السورية ريما بالي بسردية بلادها ما بعد الحرب، وتوليها عناية خاصة من خلال أعمالها التي تتحدث فيها عادة عن مسقط رأسها «حلب» في سياقات مختلفة

منى أبو النصر (القاهرة)
ثقافة وفنون "نصب الحرية" لجواد سليم

كلام الشموع

لأم كلثوم أغنية من تأليف أحمد رامي وتلحين محمد القصبجي عنوانها «سكت والدمع تكلّم على هواه»، تعود إلى ثلاثينات القرن الماضي

حيدر المحسن
كتب إميلي هنري

إيميلي هنري... كتب تحقق أعلى مبيعات من دون ترويج ولا «تيك توك»

لم يسبق لإيميلي هنري قط أن أجرت جولة للترويج لأحد كتبها أو قرأت مقاطع من كتبها داخل إحدى المكتبات بهدف الترويج.

إليزابيث إيغان

«أسفل مانهاتن»... استكشاف قاع نيويورك في مغامرة فريدة

«أسفل مانهاتن»... استكشاف قاع نيويورك في مغامرة فريدة
TT

«أسفل مانهاتن»... استكشاف قاع نيويورك في مغامرة فريدة

«أسفل مانهاتن»... استكشاف قاع نيويورك في مغامرة فريدة

عن دار «العربي» بالقاهرة، صدر كتاب «أسفل مانهاتن - الحياة السرية لمدينة نيويورك»، للمستكشف ومتسلق الجبال إيرلينج كاج الذي تخلى هذه المرة عن مناطحة قمم الجبال وقرر الهبوط إلى شبكة أنفاق المترو والمجاري ليكتشف الوجه الآخر لواحدة من أشهر مدن العالم. إنها مغامرة فريدة من نوعها يخوضها كاج برفقة المصور والمؤرخ ستيف دانكن؛ إذ قرر الاثنان رصد عالم كامل موازٍ لعالمنا وإن كان خفياً ومحجوباً، لكنه مليء بالحكايات الإنسانية لبشر جعلوا من تلك الأماكن الضيقة المظلمة التي تفوح بروائح كريهة موطناً بديلاً لهم.

يتضمن الكتاب مسيرة استثنائية وسط الظلام والأصوات البعيدة القادمة للسيارات من أعلى بطول نيويورك من محطة «برونكس» إلى محطة حي «مانهاتن»، ثم محطتهما الأخيرة «المحيط الأطلسي». ومن خلال الوصف الأدبي والحس الروائي في تقنيات الكتابة المشبع بالرؤى والتأملات الفلسفية ينفتح أمام الراوي والمصور عالم كامل لم يتم استكشافه من قبل، يؤكد إيرلينج أنه تجسيد بديع لما يصفه بـ«الجمال السلبي» الذي يتكون من غياب اللون والضوء والنظام الطبيعي. يصادف المؤلف خلال رحلته تحت الأرض أشخاصاً يعيشون حيواتهم كلها في الأسفل، منقطعين عن عالمنا مكتفين بكل ما يجدونه في طريقهم، راضين عن حياتهم بعيداً عن صخب الحياة فوق الأرض، ومدركين لما يحيط بهم من مخاطر.

يُذكر أن إيرلينج كاج علاوة على أنه مستكشف ومتسلق للجبال هو أيضاً كاتب وناشر ومحامٍ نرويجي من مواليد عام 1963. وهو أول من وصل إلى القطب الشمالي والجنوبي وقمة جبل إفرست سيراً على الأقدام. بدأ حياته العملية بالعمل في المحاماة وكان شغوفاً بالمغامرات والأدب، فدرس الفلسفة وأسس دار «كاج فولارج» للنشر في أوسلو، وبدأ في نشر كتب المغامرات التي سجل فيها رحلاته ومغامراته. ويعد كتاب «أسفل مانهاتن» من أشهر كتب كاج وأكثرها مبيعاً وقراءة. كتبت عنه صحيفة «الغارديان»، مؤكدة أنه من أفضل عشرة كتب في العالم، كما وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» كاج بأنه رجل رائع ومغامر، فيلسوف أو ربما حتى عالم.

ومن أجواء الكتاب نقرأ:

«فور نزولي الحفرة، أعدت غطاء البالوعة إلى مكانه فوق رأسي وأصدر الغطاء صوت رنين وبعدها أحاط الظلام الدامس بنا. كان بإمكاني سماع صوت خرير ماء الصرف على بعد خمسة أو ستة أقدام أسفلنا. أخرجت مصباحي اليدوي من جيب حزامي وقمت بتشغيله وأكملت نزولي. كان الممر ضيقاً ووقف ستيف ينتظرني في الأسفل، سمح النفق بالكاد بوجود شخصين فيه، وكان مصنوعاً من الأسمنت ويبلغ ارتفاعه ثلاثة أقدام وعرضه كذلك. كانت درجة الحرارة أكثر دفئاً بعدة درجات عن المعتاد بسبب مياه الصرف مع كثافة الهواء ونفاذ الرائحة النتنة. لم أعد أرى ستيف أمامي؛ إذ انحنى وانطلق في طريقه إلى شارع القناة، لطالما حلم ستيف باكتشاف هذا الجزء من المدينة. قمت بتشغيل مقياس الهواء المثبت على جيبي الأيمن فظهر القياس أنه صفر للغازات السامة و20 .9 للأكسجين. كانت بيئة مثالية، جثمت وبدأت رحلتي إلى الأمام بظهر منحنٍ وأذرعي أمامي لكي أقلل من المساحة التي يشغلها جسدي قدر الإمكان. كان التقدم إلى الأمام صعباً وواجهت صعوبة في التنفس. تحركنا ببطء في اتجاه تدفق مياه الصرف نفسها. في تلك الساعة المتأخرة من الليل كان معظم ما يتم التخلص منه هو مياه الغسالات والأحواض وليس فضلات المرحاض. قال ستيف:

- إنه وقت مثالي لاستكشاف قنوات الصرف.

كان صوت قطرات مياه الصرف واندفاعها رتيباً، فضلاً عن ضجيج المرور فوقنا في شارع جرين. وفي كل مرة تصطدم فيها عجلة سيارة بأغطية البالوعات تصدر رنيناً عالياً. كان صخب صوت المحرك يهدأ في النهاية ولكن صدى حركة الغطاء يستمر في الرنين عند احتكاكه بالمعدن فوقنا».