لأول مرة... «المعلقات العشر» باللغة الكورية

بالشراكة بين «إثراء» و«هيئة الأدب والنشر والترجمة»

ندوة ثقافية في «معرض سيول الدولي للكتاب» عن ترجمة كتاب «المعلقات لجيل الألفية» الذي يتضمن المعلقات العشر إلى اللغة الكورية لأول مرة في تاريخ الأدب العربي. وفي الإطار غلاف الكتاب (الشرق الأوسط)
ندوة ثقافية في «معرض سيول الدولي للكتاب» عن ترجمة كتاب «المعلقات لجيل الألفية» الذي يتضمن المعلقات العشر إلى اللغة الكورية لأول مرة في تاريخ الأدب العربي. وفي الإطار غلاف الكتاب (الشرق الأوسط)
TT

لأول مرة... «المعلقات العشر» باللغة الكورية

ندوة ثقافية في «معرض سيول الدولي للكتاب» عن ترجمة كتاب «المعلقات لجيل الألفية» الذي يتضمن المعلقات العشر إلى اللغة الكورية لأول مرة في تاريخ الأدب العربي. وفي الإطار غلاف الكتاب (الشرق الأوسط)
ندوة ثقافية في «معرض سيول الدولي للكتاب» عن ترجمة كتاب «المعلقات لجيل الألفية» الذي يتضمن المعلقات العشر إلى اللغة الكورية لأول مرة في تاريخ الأدب العربي. وفي الإطار غلاف الكتاب (الشرق الأوسط)

ترجم مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، كتاب «المعلقات لجيل الألفية» الذي يتضمن المعلقات العشر، إلى اللغة الكورية لأول مرة في تاريخ الأدب العربي، بالشراكة مع هيئة الأدب والنشر والترجمة.

وفي ندوة ثقافية حوارية أُقيمت في «معرض سيول الدولي للكتاب» نظمتها «هيئة الأدب والنشر والترجمة»، تحدث المشاركون عن أهمية ترجمة هذا الكتاب، كما استعرضوا تاريخ المعلقات ومراحل ترجمتها إلى اللغة الكورية، ومدى تأثير ذلك على التاريخين العربي والكوري.

وأدار الشاعر السعودي محمد العتيق، الندوة التي شارك فيها كل من الدكتور كيم جونغ دو (موسى)، مدير معهد الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية في جامعة كوريا، والدكتور كيم نييونغ وُو، المحاضر في اللغة العربية والأدب العربي، قسم اللغات والحضارات الآسيوية، جامعة سيول القومية.

جانب من الندوة التي شهدها «معرض سيول الدولي للكتاب» عن ترجمة كتاب «المعلقات لجيل الألفية» إلى اللغة الكورية وشارك فيها خبيران كوريان في الدراسات الإسلامية والعربية ونظمتها «هيئة الأدب والنشر والترجمة» (الشرق الأوسط)

وأشار المشاركون إلى قيمة المعلقات لكونها من الأعمال الأدبية الإنسانية العالمية وخصائصها الفنية، وقدّم الدكتور كيم نييونغ وُو، المتخصص في دراسة القصيدة العربية، لمحة عن المعلقات وعلاقتها الأزلية بالتاريخ العربي.

كما تناولت الندوة العديد من المواضيع ذات صلة بالمعلقات، حيث أوضح المتحدثون كيفية جمعها والخصائص العامة لها كالشكل، والموضوع، والمضمون ومكانتها وأهميتها ومدى تأثيرها على الشعوب الأخرى.

ولفت كيم نييونغ وُو، إلى أن القصيدة الجاهلية بما فيها المعلقات جسّدت شكل الحياة وأوضاعها في ذلك العصر، منوهاً إلى أن العمل الأدبي بصفته نتاج عصرٍ ما ينقل لنا في طياته أحوال ذلك العصر؛ لذا تمت ترجمة المعلقات العشرة لأول مرة باللغة الكورية، فثمة مقولة شائعة ترى أن «الشعر ديوان العرب»، ويعني هذا أن الشعر العربي يحفظ الثقافة والتاريخ العربي. ومما يبدو جلياً أن الشعر الجاهلي يحتفظ بالتقاليد والأعراف والأفكار المميزة لذلك العصر، بحسب كيم نييونغ وُو.

تأملات لغوية

وفي موازاةٍ لذلك، تطّرق المشاركون إلى التأملات التي تمتاز بها المعلقات وسلامة لغتها العربية من حيث الألفاظ والمعاني والشكل أيضاً، وما تنقله من شغف العرب المطلق بالحياة؛ وهذا ما يجعلها مصدراً أساسياً لا غنى عنه للباحث في الأدب الإنساني العالمي، وضمن أبرز ما تم بحثه اختيار عنوان «المعلقات لجيل الألفية» للكتاب، وهذا يعني أن «إثراء» يستهدف جيل الشباب الذين سيقودون المستقبل في أنحاء العالم. لا سيما أن فريق الترجمة بذل جهداً في نقل الأعمال الشعرية بأعلى درجة من الدقة وتقديم الشروح الواضحة، ليتمكن القرّاء الكوريون من الشباب وغيرهم من فهم المعلقات فهماً جيّداً، وفقاً للمشاركين في الندوة.

قواعد الشعر الكوري

واختتمت الندوة بالحديث عن قراءة جيل الألفية للنص العربي خلال مرحلة ترجمة المعلقات إلى اللغة الكورية، عبر الالتزام بقواعد الشعر الكوري القائم على المقاطع الصوتية في الشطر الواحد لإضفاء الإيقاع الموسيقي على النص، إلى جانب استخدام تعابير واضحة في الوقت الذي تمت الاستعانة بالشاعر الكوري سو هيو - إين لمراجعة المعلقات العشر المترجمة؛ لضمان سلاسة النص وشعريته؛ بهدف إعداد النص للقراءة.

كما تمت الإشارة مع ترجمة كل معلقة إلى تفاصيل عن حياة الشاعر وتحليل للنص وإضافة بعض التفاصيل الأساسية في الهوامش لتساعد القارئ على فهم المعلقات فهماً صحيحاً.



أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
TT

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد. كشفت أعمال التصنيف العلمي الخاصة بهذه اللقى عن مجموعة من القطع العاجية المزينة بنقوش تصويرية، منها عدد كبير على شكل أسود تحضر في قالب واحد جامع. كذلك، كشفت هذه الأعمال عن مجموعة من القطع المعدنية النحاسية المتعدّدة الأحجام والأنساق، منها 4 قطع على شكل أسود منمنمة، تحضر كذلك في قالب ثابت.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية، وتنقسم حسب نقوشها التصويرية إلى 3 مجموعات، فمنها ما يمثّل قامات أنثوية، ومنها ما يمثّل قامات آدمية مجرّدة يصعب تحديد هويتها الجندرية، ومنها ما يمثّل بهائم من الفصيلة السنورية. تزين هذه البهائم قطع يتراوح حجمها بين 3 و4.5 سنتيمترات عرضاً، حيث تحضر في تأليف تشكيلي ثابت، مع اختلاف بسيط في التفاصيل الجزئية الثانوية، ويوحي هذا التأليف بشكل لا لبس فيه بأنه يمثّل أسداً يحضر في وضعية جانبية، طوراً في اتجاه اليمين، وطوراً في اتجاه اليسار. يغلب على هذا الأسد الطابع التحويري الهندسي في تصوير سائر خصائصه الجسدية، من الجسم العضلي، إلى الرأس الكبير، إلى الأرجل الصغيرة. نراه فاتحاً شدقيه، رافعاً قائمتيه الأماميتين، وكأنه يستعدّ للقفز، ويظهر ذيله من خلفه وهو يلتف ويمتد إلى أعلى ظهره.

ملامح الوجه ثابتة لا تتغيّر. العين دائرة كبيرة محدّدة بنقش غائر، يتوسّطها ثقب يمثّل البؤبؤ. الأذنان كتلتان مرتفعتان عموديتان، والأنف كتلة دائرية موازية. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان في بعض القطع عن أسنان حادة مرصوفة بشكل هندسي. تحدّ الرأس سلسلة من النقوش العمودية المتوازية تمثل اللبدة، وهي كتلة الشعر الكثيف الذي يغطي الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة، تعلوها سلسلة من النقوش الغائرة تمثل الفراء. يتبنى تصوير القائمتين الخلفيتين نسقين متباينين؛ حيث يظهر الأسد جاثياً على هاتين القائمتين في بعض القطع، ومنتصباً عليها في البعض الآخر. في المقابل، تظهر القائمتان الأماميتان ممدّدتين أفقياً بشكل ثابت. أرجل هذه القوائم محدّدة، وهي على شكل كف مبسوطة تعلوها سلسلة من الأصابع المرصوفة. الذيل عريض للغاية، وتعلو طرفه خصلة شعر كثيفة تماثل في تكوينها تكوين أرجله.

عُثر على سائر هذه القطع العاجية في قبور حوت مجموعة كبيرة من اللقى شكّلت في الأصل أثاثها الجنائزي. للأسف، تبعثر هذا الأثاث، وبات من الصعب تحديد موقعه الأصلي. كانت القطع العاجية مثبّتة في أركان محدّدة، كما تؤكد الثقوب التي تخترقها، غير أن تحديد وظيفتها يبدو مستحيلاً في غياب السند الأدبي الذي من شأنه أن يكشف عن هذه الوظيفة الغامضة. تحضر الأسود إلى جانب القامات الآدمية، والأرجح أنها تشكّل معاً علامات طوطمية خاصة بهذه المدافن المحلية.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية

إلى جانب هذه القطع العاجية، يحضر الأسد في 4 قطع معدنية عُثر عليها كذلك ضمن أثاث جنائزي مبعثر. تعتمد هذه القطع بشكل أساسي على النحاس، وهي قطع منمنمة، تبدو أشبه بالقطع الخاصة بالحلى، واللافت أنها متشابهة بشكل كبير، ويمكن القول إنها متماثلة. حافظت قطعتان منها على ملامحها بشكل جلي، وتظهر دراسة هذه الملامح أنها تعتمد نسقاً مميزاً يختلف عن النسق المعتمد في القطع العاجية، بالرغم من التشابه الظاهر في التكوين الخارجي العام. يحضر هذا الأسد في كتلة ناتئة تبدو أشبه بالقطع المنحوتة، لا المنقوشة، ويظهر في وضعية جانبية، جاثياً على قوائمه الـ4، رافعاً رأسه إلى الأمام، ويبدو ذيله العريض في أعلى طرف مؤخرته، ملتفاً نحو الأعلى بشكل حلزوني. العين كتلة دائرية ناتئة، والأذن كتلة بيضاوية مشابهة. الفكان مفتوحان، ممّا يوحي بأن صاحبهما يزأر في سكون موقعه. اللبدة كثيفة، وتتكون من 3 عقود متلاصقة، تحوي كل منها سلسلة من الكتل الدائرية المرصوفة. مثل الأسود العاجية، تتبنى هذه الأسود المعدنية طابعاً تحويرياً يعتمد التجريد والاختزال، غير أنها تبدو أقرب من المثال الواقعي في تفاصيلها.

يظهر هذا المثال الواقعي في قطعة معدنية من البرونز، مصدرها موقع سمهرم، التابع لمحافظة ظفار، جنوب سلطنة عُمان. عُثر على هذه القطعة في ضريح صغير يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، واللافت أنها وصلت بشكلها الكامل، وتتميز بأسلوب يوناني كلاسيكي يتجلّى في تجسيم كتلة الجسم وسائر أعضائها. يظهر الأسد واقفاً على قوائمه الـ4، مع حركة بسيطة تتمثل في تقدم قائمة من القائمتين الأماميتين، وقائمة من القائمتين الخلفيتين، وفقاً للتقليد الكلاسيكي المكرّس. يحاكي النحات في منحوتته المثال الواقعي، وتتجلّى هذه المحاكاة في تجسيم مفاصل البدن، كما في تجسيم ملامح الرأس، وتبرز بشكل خاص في تصوير خصلات اللبدة الكثيفة التي تعلو كتفيه.

يبدو هذا الأسد تقليدياً في تكوينه الكلاسيكي، غير أنه يمثّل حالة استثنائية في محيطه، تعكس وصول هذا التقليد في حالات نادرة إلى عمق شمال شرقي شبه الجزيرة العربية.