عدد أول من مجلة سعودية للدراسات المقارنة

عدد أول من مجلة سعودية للدراسات المقارنة
TT

عدد أول من مجلة سعودية للدراسات المقارنة

عدد أول من مجلة سعودية للدراسات المقارنة

صدر في الرياض عن الجمعية السعودية للأدب المقارن بجامعة الملك سعود العدد الأول من المجلة الفصلية «قارن» التي تعنى بالدراسات المقارنة، وتنشر أوراقاً بحثية باللغتين العربية والإنجليزية (مع سعيها لزيادة عدد اللغات مستقبلاً)، وذلك في مسعى لاستكشاف المساحات المشتركة بين الآداب المختلفة مع إبراز وجوه التمايز بينها أيضاً. وتولي المجلة، كما اتضح من مقدمتي رئيس تحريرها د. سعد البازعي، للجانبين العربي والإنجليزي، وكذلك من محتويات العدد، أنها تولي الأدب العربي وأدب الجزيرة العربية بصفة خاصة أهمية فيما تنشر من أوراق بحثية محكمة.

المجلة تصدر عن جمعية للأدب المقارن تأسست في جامعة الملك سعود قبل عامين وتشرف عليها هيئة تحرير تتضمن مشرفاً عاماً هو رئيس مجلس إدارة الجمعية د. إبراهيم عزيزي، وعضوية عدد من الأساتذة والأستاذات المتخصصين من داخل الجامعة وخارجها، ففي هيئة تحرير المجلة عدد من الأسماء التي تعمل في جامعات عربية وغربية. تضمن العدد الأول من المجلة أوراقاً لمجموعة من الباحثين السعوديين والعرب وأبحاثاً أصلية وأخرى مترجمة. من بين تلك الأبحاث العناوين التالية:

«صورة العربي في كتاب عهد النساك» للدكتور صالح الحربي (الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة)، و«بلاغة الفقد: الشاعر المكفوف بوصفه حكاءً» للدكتور معجب العدواني (جامعة الملك سعود)، و«من هذا في المرآة؟» للكاتب البرازيلي ألبرتو موسى، ترجمة د. وائل حسن (جامعة إلينوي الأميركية)، و«موسيقى عربية في آذان غربية: توصيف لموسيقى الحجاز في القرن العشرين» لآن فان أوستروم، ترجمة د. عبير العباسي من جامعة الملك عبد العزيز؛ إلى جانب مراجعات كتب وفصل من رسالة دكتوراه حول الأدب التركي الحديث للدكتورة هيفاء التويجري.



«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر
TT

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع يتكون من 40 فيلماً سينمائياً وأكثر من 16 نصاً مسرحياً، علاوة على العديد من الأعمال الدرامية الإذاعية والتلفزيونية. اللافت أن شهرة منجزه السينمائي، طغت على منجزه المسرحي فجاء كتاب «المسرح الألماني المضاد» الصادر عن «الهيئة المصرية لقصور الثقافة»، سلسلة «آفاق عالمية»، للباحث د. أسامة أبو طالب ليرد الاعتبار إلى تجربة الرجل مع فن المسرح.

يبرر المؤلف أهمية مسرح فاسبندر بأنه وضع فيه عصارة فنه ورحيق تمرده ومرارة إحساسه المرهف بتناقضات الأشياء والبشر ووعيه الحاد بمفارقات الوجود والكون ومعاناته من خذلان الرؤى وخسارة التوقعات وجنون الصدمة وعمى المفاجأة حتى أصبح عقله مكتظاً، وناء وجدانه بحمل المعرفة الحارقة المبكرة فاستسلم بإرادته مقرراً أنه لم تعد لديه طاقة للاحتمال، وليستسلم الجسد المرهق ويتوقف القلب الذي أنهكته شدة الخفقان حتى أنه لم يكن ينام إلا أقل القليل وسُئل ذات يوم «لماذا لا تأخذ قسطاً طبيعياً من النوم»، فأجاب: «سأنام فقط عندما أموت».

كان عام 1968 بزخمه السياسي وما أطلق عليه «ثورة الطلبة» في أوروبا هو بداية ميلاد «المسرح الألماني المضاد» على يد فاسبندر كفن مهموم بالسياسة ومقاومة مفاهيم القهر والقمع والطغيان التي تمارسها السلطة على نحو صبغ مجريات الأحداث ووقائع الحياة في القرن العشرين، مع نزعة إنسانية فياضة لا يصعب اكتشافها في أعمال هذا النوع من المسرح، رغم الكثير من الاتهامات الموجهة له بسبب المنافسة أو بسبب عدم الفهم أو كراهية التجديد المعتادة، التي وصفت فاسبندر وأصحابه ومنهجهم بالعدمية تارة وتارة أخرى بالدعوة إلى الانحراف.

استفاد «المسرح المضاد» في تحققه من السينما وحرفياتها، إضافة إلى استخدام «التمسرح» و«التغريب»، بمعنى الخروج عن المألوف، فضلاً عن تبني فكرة «اللحظة المسرحية الساخنة» ذات الطابع الاندماجي بين العرض والمشاهد تمهيداً للخروج بها إلى فعل جماعي ذي صفة تحريضية. وانفتح المسرح المضاد كذلك على تجارب المسرح السياسي دون التقيد بتقاليده الصارمة، وتجلى كل ذلك عبر العديد من المسرحيات التي ألفها فاسبندر منفرداً، أو كانت تأليفاً مشتركاً مع آخرين. ومن أشهر مسرحيات فاسبندر في هذا السياق «المدينة والقمامة والموت» و«دم على حلق القطة» و«حرية بريمر» و«لا أحد شرير ولا أحد طيب».

ويتطرق المؤلف إلى مسرحية «القمامة والمدينة والموت» باعتبارها أبرز أعمال فاسبندر، حيث وضعت المدينة في بؤرة المفارقات الغريبة والرؤية غير المسبوقة التي تجعلها مخيفة وقاتمة، وتبعث على الرعب المقترن بالكآبة. في الليل تتجلى المدينة وتبالغ في زينتها ومغرياتها وكأنها نسخة عصرية من أساطير «سادوم» أو «عامورة»، حيث المفاتن تلطخ وجهها القبيح، أما في النهار فينكشف كل شيء على حقيقته الصادمة.

وتبرز المسرحية كيف كان فاسبندر مولعاً بالدراما النفسية، وهو ما يتجلى في فيلمه «الخوف من الخوف» الذي يروي قصة ربة بيت من الطبقة المتوسطة تضطر إلى أن تسجن نفسها في بيت كئيب جداً مع زوج قلق ومرتبك نفسياً، ما يدفعها إلى إدمان الفاليوم والإفراط في تناول الكحول، إذ بدأت تعاني من الاضطراب النفسي، وتخشى أن تنحدر صوب الجنون.