«الأسلاف»... رواية نيوزيلنديّة إلى العربية

كيري هولم
كيري هولم
TT

«الأسلاف»... رواية نيوزيلنديّة إلى العربية

كيري هولم
كيري هولم

صدرت حديثاً عن «منشورات رامينا» في لندن رواية «الأسلاف» للروائيّة النيوزيلنديّة كيري هولم، بترجمة عربية أنجزها فادي الطويل.

تتحدّث الرواية الصادرة في عام 1984 عن أقليّة الماوري في نيوزيلندا، وتركّز على ثلاث شخصيات منعزلة: فنان منعزل، وطفل أخرس، وأب. وتتضمّن قضايا تمس مجتمع الماوريين، مثل الحبّ والعنف والأساطير واللغة، وهي تنتصر لحقوق السكان الأصليين في مواجهة التقاليد الأوروبية. وكانت الرواية قد فازت في عام 1984 بجائزة الكتاب النيوزيلندي للرواية، وفي 1985 بجائزة «بيغاسوس» للأدب، وتعدّ أول رواية نيوزيلندية تفوز بجائزة «بوكر» في 1985.

ظلت الرواية في قائمة أكثر الكتب مبيعاً في نيوزيلندا. واحتلت قائمة أكثر الكتب طلباً في استطلاعات عديدة، كما تعدّ الرواية المفضلة لرئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن.

في عام 2022، تم إدراجها في قائمة «اليوبيل الكبير للقراءة» المكونة من 70 كتاباً لمؤلفين من دول الكومنولث، كما تم اختيارها للاحتفال باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية. جاءت الرواية في 662 صفحة من القطع الكبير، ولوحة الغلاف للفنانة الكردية جنكيمان عمر، وتصميم الغلاف للفنان ياسين أحمدي.

وكتب المترجم السوريّ فادي الطويل في تقديمه للرواية: «في سردها الحالم أحياناً، والذي تعترف كيري هولم بأنّه لم يهدف لأن يكون تقليدياً من ناحية الشكل أو المضمون ــ بما في ذلك الشكل غير المألوف لتنسيق النصّ والجمل وعلامات الترقيم ــ والواقعيّ الصادم أحياناً أخرى، تُكرّس الكاتبة فكرةً رئيسةً هي ضرورة أن يحبّ المرء ذاته، وأن يحبّ أرضه وهويّته والتراث الروحيّ الذي ينتمي إليه. ولعلّ شخصيّةَ هولم ذاتها حاضرةٌ بقوّةٍ في ثنايا الصفحات، فأسلوبها في الكلام وتناولها للأفكار يبدو شديد الاتّساق مع ما تقدّمه عبر (كيروين هولمز)، بطلةِ الرواية».

وُلدت كيري هولم في 9 مارس (آذار) 1947. وهي شاعرةٌ أيضاً كتبت أحياناً تحت اسمٍ مستعارٍ هو «كاي تاينوي». ومع أنّها أنجزت عدداً من المجموعات القصصية والكتب الشعريّة، ورواية غير مكتملةٍ، فإنّ «الأسلاف» تعدّ أهمّ أعمالها. توفّيت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2021.

أما فادي الطويل فهو مترجم سوري. من ترجماته المنشورة: «نظرية السكان: مبحث في مبدأ السكان وتأثيره في مستقبل تطور المجتمع»، و«صائد الأفكار»، و«أن تصبح مقاوماً للرصاص»، و«كيف نشأ الدين؟ ولماذا لا يزال مستمراً؟».



حُلي من مدافن البحرين الأثرية

حُلي من مدافن البحرين الأثرية
TT

حُلي من مدافن البحرين الأثرية

حُلي من مدافن البحرين الأثرية

كشفت حملات التنقيب المتواصلة في تلال مدافن البحرين الأثرية عن مجموعات متعددة من اللُّقَى، منها مجموعة كبيرة من الحليّ والمجوهرات دخلت متحف البحرين الوطني في المنامة. تحوي هذه المجموعة البديعة عدداً من العقود المصنوعة من الأحجار المتعدّدة الأنواع، كما تحوي بضع قطع ذهبية تتميّز بأسلوبها الفني الرفيع، أبرزها زوج من أقراط الأذن المرصّعة بالأحجار الكريمة.

تعود هذه المجموعة المتنوعة من الحليّ إلى الحقبة التي عُرفت فيها البحرين باسم تايلوس، وهو الاسم الذي أطلقه المستكشفون الإغريقيون على هذه الجزيرة في القرن الثالث قبل الميلاد. امتدت هذه الحقبة على مدى ستة قرون، بلغت خلالها البحرين درجة عالية من الصقل الثقافي، كما تشهد اللُّقَى الكثيرة التي خرجت من تلال مقابرها الأثرية. ضمّت هذه اللُّقَى مجموعة هائلة من الأواني الفخارية والزجاجية الجميلة، كما ضمّت مجموعة من الحليّ المتنوعة الأشكال والأنواع. لا تحمل هذه الحليّ في الظاهر أي طابع جنائزي، غير أن موقعها يشير بشكل لا لبس فيه إلى أنهّا شكّلت جزءاً من أساس هذه القبور. رافقت هذه الحليّ أصحابها إلى مثواهم الأخير لكي يتزينوا بها في العالم الآخر، ولم تقتصر هذه الزينة على النساء من علية القوم، بل شملت كذلك الرجال والأطفال، كما تُجمع الدراسات العلمية الخاصة بهذه المقابر المثيرة.

حضرت الأدوات المنزلية بقوة في هذا الأثاث الجنائزي، كما حضر بعض القطع النقدية، ممّا يوحي بأن العقائد السائدة في هذا المجتمع كانت تُقرّ بأنّ الحياة تستمر وتتواصل في العالم الآخر. كان دفن الميت يتمّ بعد إلباسه أفضل وأثمن رداء، كما يُستدل من الأكفان التي تمثّلت في عدد هائل من الملابس والإبر والدبابيس، وكان الميت يُزيّن بالحليّ التي تعدّدت أنواعها، مما يوحي بأن هذه الحليّ شكّلت جزءاً من هذا الرداء، وتمثّلت في العقود والأساور والخواتم والأقراط التي جمعت بين الأشكال والخامات المعروفة كافة. حوى هذا الأساس كذلك مجموعة من المراهم وأدوات التجميل، وذلك كي يستمر ساكن القبر في الاعتناء بمحياه بعد أن يتمّ تزيينه قبل الدفن، وحوت هذه الأدوات الخاصة بالزينة مجموعة من أنابيب الكحل والأمشاط النسائية. تضمّ هذه المجموعة الكبيرة من الحليّ في الدرجة الأولى عدداً كبيراً من العقود المكونة من أحجار متعددة، منها ما تُعرف بالكريمة، ومنها ما تُعرف بشبه الكريمة. من الأحجار الكريمة، يحضر الجَمَشْت الذي يُعرف بالعربية بالحجر المعشوق، ويمتاز بلونه البنفسجي السماوي، والبِجَادِيّ الشبيه بالرمّان، والعقيق بأنواعه متعددة الألوان، والجَزْع الشهير بالأونيكس. ومصدر هذه الأحجار بلاد ما بين النهرين، ووادي النيل، ونواحي باختر التي تُعرف اليوم بالبلخ. في المقابل، تحضر اللآلئ من تايلوس، وهي الجزيرة الغنية بهذه الأحجار، كما أشار بلينيوس الأكبر في الكتاب السادس من موسوعته «التاريخ الطبيعي». من الأحجار شبه الكريمة، تحضر الأحجار الزجاجية والصابونية والخزفية، إلى جانب الأصفاد المتنوعة، بشكل مستقل في بعض القطع، وتحضر إلى جانب الأحجار الكريمة في البعض الآخر.

تشكّل هذه الأحجار المختلفة مادة لحليّ متنوعة، منها ما هو مستورد، ومنها ما هو محليّ، ومنها ما يصعب تصنيفه. يغلب الطابع التجريدي على الجزء الأكبر من هذه الحليّ، ويحضر الطابع التصويري في عدد محدود منها، كما في مجموعة من الحِرْز المصوغة على شكل عناقيد العنب. خرج عدد من هذه الحِرْز من مقبرة «كرانة»، وخرج البعض الآخر من مقبرة «سار»، وتتبنّى طرازاً معروفاً يرمز كما يبدو إلى الخصوبة، وهذا الطراز معروف في الشرق الأدنى، وقد بلغ كما يبدو شمال شرقي شبه الجزيرة العربية، كما تشهد مجموعة مشابهة من الحِرْز عُثر عليها في موقع الدُّور التابع لإمارة أم القيوين.

مجموعة متنوعة من الحليّ تعود إلى حقبة تايلوس

إلى جانب هذه القطع المتنوعة، يحضر الذهب في مجموعة من القطع، خرج القسم الأكبر منها من مقبرة «الشاخورة» في المحافظة الشمالية. أشهر هذه القطع زوج من أقراط الأذن المرصّعة بالأحجار الكريمة، يتميّز بطابعه التصويري المجسّم. يتكوّن كل قطر من ثلاثة عناصر مترابطة كسلسلة، ويبلغ طول هذه السلسلة 8 سنتمترات. يأخذ العنصر الأول شكل طفل مجنّح يمتطي جدياً، وهذه الصورة معروفة في العالم الهلنستي المتعدد الأقطاب، وتمثّل إيروس، سيّد الرغبة المتّقدة في الميراث الإغريقي، ممتطياً جدياً يثب في الفضاء. تحلّ هذه الصورة في طرف حلقة قرط الأذن، وتبدو أشبه بمنحوتة ذهبية منمنمة صيغت بمهنية عالية، وفقاً لناموس الجمالية اليونانية الكلاسيكية التي تحاكي الواقع الحسي بشكل مطلق. من هذه الحلقة، يتدلّى العنصر الثاني، وهو على شكل دائرة ذهبية مرصّعة بحجر نفيس مجرّد. ومن هذه الدائرة، يتدلّى العنصر الثالث، وهو على شكل إناء يوناني تقليدي، عنقه وقاعدته من الذهب، وقالبه الأوسط من حجر لازوردي.

يبرز كذلك خاتم يحمل في وسطه حجراً نفيساً نُحت على شكل وجه آدمي في وضعية جانبية، وفقاً لطراز يُعرف باسم «قميو». شاع هذا الطراز في ميدان الفنون الفاخرة الكبرى بشكل واسع على مدى عصور، وتكرّر ظهوره بشكل مشابه على رقائق من الذهب، خرج بعضها من مقبرة «الشاخورة»، والبعض الآخر من مقبرة «أبو صيبع» المجاورة لها. مثل صورة إيروس ممتطياً الجدي، المنقوش على حجر ناعم بطابعها الكلاسيكي الصرف، وتمثّل رجلاً حليق الذقن مكللّاً برباط معقود حول هامته.