كارل ياسبرز... نعم للتنوير الروحاني المؤمن

الكهنة في العصور الوسطى حوَّلوا الدين قيوداً وأصفاداً

كارل ياسبرز
كارل ياسبرز
TT

كارل ياسبرز... نعم للتنوير الروحاني المؤمن

كارل ياسبرز
كارل ياسبرز

طيلة سنوات عديدة كنا مبهورين بفلاسفة الإلحاد في الغرب من أمثال ماركس وهيدغر وسارتر وعشرات غيرهم. بل وكنا نعتقد أنه لا يمكن أن تكون فيلسوفاً كبيراً إن لم تكن ملحداً. وكنا نتوهم أن الفيلسوف المؤمن لا يمكن أن يكون إلا شخصاً متخلفاً عقلياً، بل وطائفياً. وذلك لأن التدين كان مرتبطاً طيلة العصور الوسطى بالانغلاق داخل جدران الطائفية والمذهبية. ولكن فيما بعد اكتشفنا أن هناك فلاسفة كباراً مؤمنون فعلاً وليسوا متخلفين ولا طائفيين. من بين هؤلاء كارل ياسبرز الذي كان معاصراً لهيدغر ومنافساً له على عرش الفلسفة الألمانية. أياً يكن من أمر فإن المناقشة الخصبة التي اخترقت الفكر الأوروبي منذ بداية العصور الحديثة كانت هي الخاصة بالعلاقة بين العلم والإيمان، أو الفلسفة والدين. والبعض يحاول أن يحصر هذه المناقشة الكبرى في خيارين متطرفين لا ثالث لهما: فإما أن تكون مؤمناً تقليدياً طائفياً رافضاً للعلم والفلسفة، وإما أن تكون فيلسوفاً ملحداً رافضاً لكل إيمان أو تعالٍ رباني!... أما ياسبرز فيفضل اتباع الخط الثالث: أي خط الوسط الذي يجمع بين العقل والإيمان. إنه يرفض التضحية بالفلسفة مثلما يرفض التضحية بالدين أو لنقل جوهر الدين. وهذا هو الخط الوسطي العقلاني الذي يناسبنا نحن في العالم العربي الإسلامي. ليس لنا أي مصلحة في اتباع الخط المادي الإلحادي المحض السائد في الغرب حالياً.

في مقالة له بعنوان «الإيمان والتنوير» يقول هذا المفكر الكبير ما معناه: يوجد فهمان للدين: الفهم التقليدي الأصولي القائم على التسليم الأعمى أساساً، والفهم الحديث القائم على العلم والعقل والبصيرة الفلسفية. ولكن المشكلة هي أن معظم الناس لا يستطيعون التفريق بينهما. ثم أنهم يعتقدون أن التنوير يؤدي إلى الإلحاد بالضرورة. ولكن هذا مفهوم خاطئ أو ناقص للتنوير. ولكن ما هو التنوير يا ترى؟ ينبغي العلم بأن التنوير يتعارض مع التعصب الأعمى الذي يعتقد بأفكار دوغمائية معينة دون أن يخضعها للتفحص النقدي. التنوير يتعارض مع الأفكار السحرية والشعوذية والخرافية. إنه يرفض الحَجْر على حرية التفكير باسم الإيمان أو العقائد الدينية. كما ويحارب الأحكام المسبقة والأفكار المذهبية العتيقة التي ثبت بطلانها وضررها، بل وخطرها على المجتمع. إنه - أي التنوير - يتطلَّب منا بذل الجهد باستمرار من أجل البحث عن الحقيقة، وعدم تصديق أي شيء إلا بعد غربلته وتمحيصه على ضوء معايير العقل والمنطق. وبالتالي، فهناك فرق كبير بين الإيمان القائم على التسليم الأعمى، والإيمان القائم على التعقل والتنوير. ولهذا السبب قال كانط، فيلسوف التنوير الأكبر، بأن التنوير يعني انتقال الإنسان من مرحلة القصور العقلي إلى مرحلة البلوغ وسن النضج. فالإنسان في العصور المسيحية الأوروبية السابقة كان يطيع الكاهن بشكل أعمى ويصدق كل ما يقوله ويخضع له دون أي مناقشة. وهذا يعني أنه كان يُعَاْمَل معاملة الطفل، أي كالقاصر الذي لا عقل له. بدءاً من عصر التنوير، أي عصر العقل والعلم، أصبح الإنسان مطالباً بأن يفكر بشكل شخصي حر أي متحرر من شيخه أو كاهنه. لقد شب الإنسان عن الطوق في عصر التنوير. لقد بلغ سن الرشد.

لكن دعونا ندخل في التفاصيل أكثر:

بعض الكهنة المسيحيين يقولون: لقد قضى عصر التنوير على الاعتقاد الديني في أوروبا. فلعنة الله على التنوير والمتنورين أجمعين! وهذا ما ابتدأ يقوله أيضاً بعض المثقفين في العالم العربي. فكثيراً ما نسمعهم يتهكمون بالتنوير ويسخرون منه كأن يقولوا مثلاً: هذا الشخص تنويري أعوذ بالله! هذا الشخص تنويري أجارنا الله! أوف! أوف! أوف! معظم من يقولون ذلك من المحافظين العرب إن لم نقل الرجعيين... فما هي حقيقة القصة يا ترى؟ يقول لنا كارل ياسبرز ما فحواه: لا ريب في أن التنوير الراديكالي المتطرف أدى إلى تدمير التراث المسيحي الذي كانت ترتكز عليه حياتنا كلها من المهد إلى اللحد، ومن العمادة إلى القبر... لقد فكَّك الإيمان والمعتقدات الموروثة أباً عن جد منذ مئات السنين. لقد تركنا يتامى، مهجورين، وأوصلنا إلى الفراغ، إلى حافة العدمية... فالتنوير إذا ما فُهم بشكل خاطئ ومتسرع وسطحي كارثة.

ولكن الفيلسوف الكبير يرى أن هذه الانتقادات لا تنطبق إلا على التنوير الخاطئ أو الفهم الخاطئ للتنوير. فليطمئن الناس إذن وليهدّئوا من روعهم!... فالفهم الخاطئ للتنوير، أو لنقل الفهم المغرور والمتعجرف والمتغطرس، يعتقد أن كل معرفة ترتكز على العقل فقط. هذا في حين أن العقل ينبغي أن يُستخدم فقط كأداة ضرورية لإضاءة ما يُقدَّم له من مكان آخر يتعالى عليه. ثم أن الفهم الخاطئ للتنوير يحول المعارف الجزئية التي يحصل عليها الإنسان عن طريق عقله التجريبي ثوابت مطلقة أو حقائق يقينية ونهائية. نقول ذلك ونحن نعلم أنها عابرة ومؤقتة، وكل تاريخ العلم يثبت لنا ذلك. فالنظريات العلمية تتوالى وراء بعضها بعضاً وتصحح بعضها بعضاً أو تلغي بعضها بعضاً. يضاف إلى ذلك أن الفهم الخاطئ للتنوير يغري الإنسان ويجعله ينتفخ ويعتقد بأنه يمتلك معرفة كاملة لوحده. يحصل ذلك كما لو أن الإنسان هو وحده الكلّ، وأنه لا ينتمي إلى جماعة كبرى تتجاوزه... إن معنى الكائن الأعظم، أي الله عز وجل، يخفى على المتنوّرين المتسرعين السطحيين، وكذلك معنى الهيبة العليا أو الفوقية. نقول ذلك ونحن نعلم أن كل حياة بشرية ينبغي أن تسلك طريقها على ضوء الإيمان بالله والهيبة الفوقية أو الذروة الأخلاقية العليا التي تعلو ولا يعلى عليها. باختصار، فإن الفهم الخاطئ للتنوير يعتقد بأن الإنسان مكتفٍ بذاته وليس في حاجة إلى أي مساعدة أو هداية من خارجه أو من فوقه. إنه يحثّ على المعرفة، لا على الإيمان.

والآن نطرح هذا السؤال: ما هو إذن المعنى الصحيح للتنوير؟ وعليه يجيب ياسبرز بما معناه: إنه الفهم الذي لا يحدد بشكل مسبق للعقل حدوداً من خارجه. إنه الذي لا يحصره مسبقاً بفرضيات دوغمائية طائفية متحجرة. فالعقل ينبغي أن يظل حراً، منطلقاً، من دون قيود أو حدود تعسفية. والفهم الحقيقي للتنوير لا يكتفي بتفكيك الأفكار التعصبية، والخرافات، والأساطير الطائفية وإنما يضع نفسه على محك الشك والنقد أيضاً. فالعقل التنويري ليس معصوماً. وحده العقل الدوغمائي المتحجر يعتقد أنه معصوم. ولكن عقل التنوير لم يُطِح بمعصومية العقل اللاهوتي السابق لكي يحِل محلها معصومية جديدة. فحرية البحث والتمحيص تظل مفتوحة. وينبغي أن تُطبَّق على التنوير ذاته لأنه ليس فوق النقد ولا فوق الفحص. والفهم الصحيح للتنوير لا يخلط بين مجريات العقل وبين القيم الأخلاقية العليا. فهذه القيم يمكن إضاءتها عن طريق المجريات الفكرية للعقل، ولكن لا يمكن أن تجد في العقل أساسها أو قاعدتها التي ترتكز عليها. إنها تتجاوز العقل البشري أو تعلو عليه، إنها إلهية لا بشرية.

إذا ما فهمنا التنوير على هذا النحو فإنه لن يقضي على الإيمان بالمعنى الجوهراني، الداخلي، الحر، للكلمة. على العكس؛ فإنه سيؤدي إلى اتساع الإيمان واستضاءته كلما اتسعت معارف الإنسان وزادت علومه. نقول ذلك بشرط ألا نخلط بين الإيمان الداخلي والإيمان الخارجي القائم على الطقوس الكنسية والشعائر والقوالب الشكلانية ذات الطابع الإكراهي والقسري بالضرورة. ثم يوضح ياسبرز الفرق بين الفهم الصحيح للدين والفهم الخاطئ ويقول: هناك فرق بين جوهر الدين وبين التأويلات الدوغمائية المتعصبة الطائفية التي قدمها الكهنة عنه على مدار القرون. فإذا فهمنا أن جوهر الدين هو الحرية وأن الله ذاته لا يتجلَّى للإنسان إلا من خلال الحرية فإننا نعرف عندئذ سبب انصراف الناس في أوروبا عن المسيحية وسبب نجاح حركة التنوير. فالمسيحية تحولت في بعض المراحل قيوداً مرهقة وعبودية. بل وتحولت محاكم تفتيش. وضد كل ذلك نهض التنوير.

نعم، إن الكهنة حوَّلوا الدين قيوداً وأصفاداً، إكراهاً للضمائر والعقول، مجرد طقوس وشكلانيات... فأنت أصبحت مجبراً على الإيمان ببعض العقائد والطقوس إجباراً غصباً عنك. بمعنى آخر، فإنهم حولوا الدين إلى عكسه، إلى إكراه في الدين. هذا في حين أن الدين محبة وعقلانية وحرية. وأعطوا عن الله تصوراً مضاداً لطبيعته وجوهره. فالله هو الخير المطلق والحق المطلق والعدل المطلق ولا يريد بعباده إلا خيراً (بين قوسين: لاحظوا كيف أن كلامه هنا يتطابق حرفياً مع كلام المعتزلة في الإسلام دون أن يكون مطلعاً عليه). ولكن الكهنة في العصور الوسطى قدموا عن الله صورة مخالفة تماماً لجوهر الله عز وجل. لقد قدموه على هيئة جلاد لا هم له إلا تعذيب الناس وتخويفهم! وبما أن هذا التصور ساد طيلة قرون وقرون فإنه تحول حقيقة واقعة لا تقبل النقاش. وأصبح يصعب علينا أن نقدم تصوراً آخر عن الدين والله، تصوراً أقرب ما يكون إلى أصوله الأولى وجوهره. والناس الذين يظهرون العداء للتنوير هم أولئك الذين لا يستطيعون الخروج من التصور القديم الموروث عن الأسلاف. لقد تعودوا عليه، أي على العبودية إلى درجة أنهم أصبحوا ينكرون طعم الحرية. فهم يشعرون بحاجة نفسانية للخضوع للكهنة الذين يقدمون أنفسهم وكأنهم الناطقون الرسميون باسم الله على وجه الأرض! ولكن إذا ما فهمنا الله على أساس أنه مطلق الحرية والخير والعدل والحق فإنه لا يعود هناك أي تناقض بين التنوير والإيمان. وسوف يظل الإيمان مستمراً حتى بعد انتصار التنوير. بل إنه سيصبح أقوى إشعاعاً بكثير. سوف يصبح نوراً على نور: نور الإيمان ونور العقل، نور الدين ونور الفلسفة! فاطمئنوا أيها الناس ولا تخافوا من التنوير.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.