الرواية النسائية السعودية عبر 60 عاماً

واجهت العديد من العقبات حتى فرضت نفسها وامتلكت صوتها الخاص

الرواية النسائية السعودية عبر 60 عاماً
TT

الرواية النسائية السعودية عبر 60 عاماً

الرواية النسائية السعودية عبر 60 عاماً

صعود الرواية السعودية النسائية وما صادفته من عقبات وتحديات عبر ما يربو على 60 عاماً هو موضوع دراسة نقدية للناقد محمد رفعت صدرت في كتاب يحمل عنوان «في أدب الأظافر الطويلة - شذرات من بوح الروائية السعودية» عن دار «إضاءات» للنشر بالقاهرة.

يستهل المؤلف دراسته بالإشارة إلى الفارق الزمني بين الإنتاج النسائي ونظيره الذكوري على الساحة الروائية السعودية؛ إذ ظهرت رواية «التوأمان» لعبد القدوس الأنصاري عام 1930، في حين تأخر صدور أول رواية سعودية بتوقيع سيدة حتى عام 1958 حين ظهرت «ودعت آمالي» لسميرة خاشقجي التي لم تطبع اسمها على العمل وفضلت وضع اسم مستعار هو «سميرة بنت الجزيرة العربية».

وتشير تلك الحقيقة التاريخية إلى أكثر من مفارقة، منها تأخر ظهور الصوت النسائي نتيجة الهيمنة الذكورية التي عانت منها المجتمعات العربية في حقب زمنية سابقة، وكذلك الحاجة إلى إخفاء هوية المؤلفة نتيجة محاذير اجتماعية في سياقات مضى زمنها.

مهدت «ودعت آمالي» الطريق لكاتبات اشتهرن في حقبتي الستينات والسبعينات مثل هدى الرشيد وهند باغافار اللتين ابتعدتا عن البيئة المحلية في كتاباتهما على عكس نساء الأجيال التالية اللواتي اشتبكن بشكل مباشر مع الواقع المعيشي في المملكة عبر رؤى جمالية ولغة سرد سلسة وشخصيات ذات مصداقية. ومن أبرز التجارب في هذا السياق: «غداً أنسى» لأمل شطا، 1980، و«4 صفر» لرجاء عالم، 1987، و«درة من الأحساء» الصادرة في العام نفسه لبهية بوسبيت، و«وهج بين رماد السنين» لصفية عنبر، 1988، و«مسرى يا رقيب» لرجاء عالم، 1997، و«فردوس اليباب» لليلى الجهني، 1998.

ويتوقف المؤلف بشكل خاص أمام رواية «بنات الرياض» الصادرة في 2006؛ نظراً لما حققته من انتشار واسع ومبيعات غير مسبوقة رغم أنها التجربة الأدبية الأولى لمؤلفتها رجاء الصانع، وهي الرواية التي عدّ الأديب السعودي الراحل الدكتور غازي القصيبي أنها «عمل يستحق أن يُقرأ وأديبة يُنتظر منها الكثير لأنها تقدم في روايتها الأولى مغامرة كبرى تزيح الستار عن عالم الفتيات».

وشهد العام نفسه صدور 48 رواية على مستوى المملكة منها 23 تحمل توقيعاً نسائياً من أبرزها: «سعوديات» لسارة العليوي، و«الأوبة» لوردة عبد الملك، و«البحريات» لأميمة خميس، و«الآخرون» لصبا الحرز، و«ملامح» لزينب الحفني.

تأخر ظهور الكتابات النسائية نتيجة الهيمنة الذكورية التي عانت منها المجتمعات العربية في حقب زمنية سابقة

ويذكر المؤلف أن الرواية السعودية النسائية استمرت في تحقيق أعلى المبيعات على مستوى الساحة الأدبية العربية من خلال رواية «أحببتك أكثر مما ينبغي» الصادرة في 2009 لأثير عبد الله النشمي والتي استمرت نجاحاتها مع «فلتغفري» الصادرة في 2013 لنفس الكاتبة والتي عدّها النقاد بمثابة الجزء الثاني من «أحببتك أكثر مما ينبغي».

ويرصد في دراسته العديد من سمات التجربة النسائية السعودية في الكتابة، منها وفرة عدد الكاتبات على نحو لا يتوازى مع حجم المنتج الإبداعي الذي جاء على مستوى الكم أقل من المتوقع بسبب عدم تفرغ العديد من الروائيات للكتابة. وتتسم تلك التجربة كذلك بالاعتناء الشديد بتصوير الواقع المحلي وما يتضمنه من شخصيات وعادات شعبية، فضلاً عن شاعرية السرد ورهافة اللغة، وكذلك اللجوء إلى الماضي وتحليله على نحو يشير إلى الحاضر ويرنو إلى المستقبل.

وإجمالاً، يؤكد الكتاب على المكانة المستحقة التي بلغتها الرواية النسائية السعودية في العصر الحديث، وكيف واجهت العديد من العقبات حتى فرضت نفسها وامتلكت صوتها الخاص من خلال كتابات تتسم بالنضج وقوة التعبير ولا تخلو من الجرأة في طرح موضوعات مجتمعية راهنة، ولكن بحس يتسم بالمسؤولية في الوقت نفسه.


مقالات ذات صلة

3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

ثقافة وفنون 3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

3 قطع برونزية من موقع مليحة في الشارقة

أسفرت عمليات التنقيب المتواصلة في موقع مليحة الأثري التابع لإمارة الشارقة عن العثور على مجموعات كبيرة من اللقى المتعدّدة الأشكال والأساليب

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون «الشارقة الثقافية»: سيرة التجاني يوسف بشير

«الشارقة الثقافية»: سيرة التجاني يوسف بشير

صدر أخيراً العدد الـ«99»؛ يناير (كانون الثاني) 2025، من مجلة «الشارقة الثقافية»، وقد تضمن مجموعة من الموضوعات والمقالات والحوارات، في الأدب والفن والفكر

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
ثقافة وفنون باقر جاسم محمد

نقد النقد بصفته خطاباً فلسفياً

شهدت مرحلة ما بعد الحداثة صعودَ الكثير من المفاهيم والمصطلحات النقدية والثقافية والسوسيولوجية، ومنها مفهوم «نقد النقد»

فاضل ثامر
ثقافة وفنون «فلسفة هيوم»... زيارة جديدة لأحد أهم مفكري القرن الثامن عشر

«فلسفة هيوم»... زيارة جديدة لأحد أهم مفكري القرن الثامن عشر

عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «فلسفة هيوم: بين الشك والاعتقاد» الذي ألفه الباحث والأكاديمي المصري د. محمد فتحي الشنيطي عام 1956

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
ثقافة وفنون مجلة «القافلة» السعودية: عام الحرف اليدوية

مجلة «القافلة» السعودية: عام الحرف اليدوية

في العدد الجديد من مجلة «القافلة» لشهري يناير (كانون الثاني)، وفبراير (شباط) 2025، التي تصدر عن شركة «أرامكو السعودية»، تناولت الافتتاحية موضوع الأمثال الدارجة

«الشرق الأوسط» (الدمام)

حرائق الغابات في لوس إنجليس ترجئ إعلان ترشيحات الأوسكار مرة ثانية

أصبح من المقرر الآن إعلان المرشحين لجوائز الأوسكار في 23 يناير (أ.ب)
أصبح من المقرر الآن إعلان المرشحين لجوائز الأوسكار في 23 يناير (أ.ب)
TT

حرائق الغابات في لوس إنجليس ترجئ إعلان ترشيحات الأوسكار مرة ثانية

أصبح من المقرر الآن إعلان المرشحين لجوائز الأوسكار في 23 يناير (أ.ب)
أصبح من المقرر الآن إعلان المرشحين لجوائز الأوسكار في 23 يناير (أ.ب)

قال منظمو حفل جوائز الأوسكار، اليوم (الاثنين)، إن أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة أرجأت الإعلان عن المرشحين لفئات جوائز الأوسكار هذا العام للمرة الثانية بسبب حرائق الغابات المستمرة في لوس أنجليس.

ومن المقرر الآن إعلان المرشحين لأرفع جوائز صناعة السينما في 23 يناير (كانون الثاني). وكان من المقرر في الأصل الإعلان عنها، يوم الجمعة، ثم أُرجئت إلى 19 يناير، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال بيل كرامر، الرئيس التنفيذي للأكاديمية وجانيت يانغ رئيسة الأكاديمية، في بيان: «نظراً للحرائق التي لا تزال مشتعلة في منطقة لوس أنجليس، نشعر بأن من الضروري تمديد فترة التصويت لدينا وتأجيل تاريخ الإعلان عن ترشيحاتنا للسماح بوقت إضافي لأعضائنا».

كما ألغت الأكاديمية حفل الغداء السنوي للمرشحين لجوائز الأوسكار، الذي كان مقرراً في 10 فبراير (شباط). ومن المقرر أن يُقام حفل توزيع جوائز الأوسكار في الثاني من مارس (آذار).

وقال القيّمون على جوائز «غرامي» إن حفل توزيع أرفع جوائز صناعة الموسيقى سيقام أيضاً حسب الخطط في الثاني من فبراير.

وقال مسؤولو أكاديمية فنون وعلوم التسجيلات في رسالة إلى الأعضاء: «سيحمل عرض هذا العام شعوراً متجدداً بوجود هدف، وهو جمع أموال إضافية لدعم جهود الإغاثة من حرائق الغابات وتكريم شجاعة أفراد الاستجابة الأولية وتفانيهم ممن يخاطرون بحياتهم من أجل حماية حياتنا».