«في الطريق إليك»... مقاومة محو الذاكرة بفعل الزمن

أحمد خلف في لعبة سردية فيها كثير من التجريب

«في الطريق إليك»... مقاومة محو الذاكرة بفعل الزمن
TT

«في الطريق إليك»... مقاومة محو الذاكرة بفعل الزمن

«في الطريق إليك»... مقاومة محو الذاكرة بفعل الزمن

يؤكد الروائي أحمد خلف في روايته «في الطريق إليك» الصادرة عام 2023 أنه صانع ماهر للشخصيات الروائية في أغلب أعماله الروائية والقصصية؛ فهذه الرواية تتمحور حول شخصية بطلها وساردها «سعيد»، وهو صحافي وقاص أمضى في الصحافة 35 عاماً، وينتظر بلهفة إنجاز معاملته التقاعدية، بعد أن أدرك من لقطة دالَّة أنه لم يعد قادراً على التلاؤم مع المناخ الجديد، من خلال رؤيته لرئيس التحرير الجديد، وهو يبسمل ويحوقل، مما دفعه للخشية من أن يفرض عليه لوناً من الاشتراطات التي لا تتوافق ومزاجه الشخصي.

حركة الزمن بصورة عامة أفقية، في مقابل محدودية الحركة الأفقية؛ إذ تكاد الحركة الأفقية تهيمن على أحداث الرواية من خلال توظيف الذاكرة لاسترجاع صور الماضي، وإعادة تنضيدها وتركيبها سردياً، أو من خلال لعبة ميتا سردية بارعة يبتكر فيها المؤلف بعض الحكايات والمرويات التي يخلقها أو يستلهما من أعمال سردية سابقة، مثل «ألف ليلة وليلة»، ومنها على سبيل المثال حكاية الملكة زبرجد، وما حصل لها مع زوجها الملك الجبار، كما قد يلاحق الراوي وقائع حقيقية وقعت لشاعر عراقي معروف هو آدم الذي هو كناية عن اسم الأديب (حاكم محمد حسن) الذي أعدمه النظام الصدامي بتهمة الهروب من الخدمة العسكرية، كما يلجأ المؤلف أحياناً إلى إدراج قصص كاملة، مثل قصة «بئر الآبار». (ص 82)

يستهل الروائي السرد بتوظيف ضمير الغيبة (هو) وهو كناية عن «أنا» المتكلم الذي يطلق عليه الناقد تودوروف «أنا الغائب الحاضر»، وهو شكل من أشكال المونولوغ المروي.

«اعتاد سعيد أن ينهض في الصباح باكراً. لديه عزم شديد أن يواصل الحياة، باختياره، لا باختيارٍ مِن غيره». (ص 7)

لكن المؤلف يخلط بين هذا اللون من المونولوغ السردي المبَأَّر فنياً والسرد العليم أو كليّ العلم، من خلال إدراج اسم البطل سعيد في السرد الذي يفضل حذفه، وكان بالإمكان إرجاء ذلك إلى مناسبة حوارية لاحقة، من خلال مخاطبه أحد معارفه باسمه هذا.

نكتشف منذ البداية أننا أمام شخصية روائية إشكالية ينتابها إحساس بأنها لا تستطيع أن تتلاءم مع العالم الجديد، لذا يبدو لها العالم صعباً وقاسياً لا يمكن أن يتجانس معها. (ص7)

ويعترف البطل بأنه يقاوم فعل المحو الذي تتعرض لها ذاكرته بفعل الزمن: «لكنه غالباً ما يضحك من أعماقه كلما تداخلت لديه المشاهد والصور في سنوات متفاوتة من ذكريات محاها الزمن بفعله القاسي». (ص 8)

ونجد ارتباط تحفيز خزين الذاكرة بمنشطات معينة، مثل تناوله للقهوة أو الشاي الأحمر، لأنه «كان يجد في تناوله لهذه المنبهات متعة كبيرة يتذكر فيها بعض فصول حياته». (ص 10) وكان الراوي يدرك أهمية أن يخلق لوناً من التوازن بين الذاكرة والمخيلة، لأنه يجد أن المخيلة تواقة دائماً لخلق المزيد من الصور والمشاهد الحيوية المؤثرة». (ص 20)

وتشغل اللعبة الميتا سردية مكانة متميزة في البنية الروائية، بدءاً من عنوان الرواية «في الطريق إليك»، الذي هو صدى لصوت يتناغم رخياً يخاطبه مباشرة: «في الطريق إليك، ها أنا في الطريق إليك، لا تتعجل في إصدار الحكم عليَّ» (ص 20)، ورغم أهمية العنوان بوصفه بنية دالة مؤثرة، خصوصاً أنه سبق أن سمعه في صباه وهو يتجه إلى مدرسته، فإن المؤلف، وللأسف، لا يمنحه الاهتمام الكافي ليكون جزءاً مؤثراً في المتن الروائي وفي بناء شخصية البطل، لذا سرعان ما غطَّت عليه حركة الأحداث المتدافعة، فسقط في بئر النسيان.

رغم أهمية العنوان بوصفه بنية دالة مؤثرة فإن المؤلف لا يمنحه الاهتمام الكافي ليكون جزءاً مؤثراً في المتن الروائي وفي بناء شخصية البطل

ويكمن فهم مفتاح شخصية البطل في ارتباطه بعالم القراءة والكتابة وولعه بعالم الأساطير والخرافات؛ فهو ظِل ينسج مرويات خيالية ويؤثث بها عالمه الروائي، حتى يُخيَّل للقارئ أن الراوي قد تحول، نفسه، إلى كائن ورقي؛ ليس بالمعنى الذي أسبغه عليه رولان بارت من خلال مؤلَّفه «موت المؤلف»، وأن المؤلف مجرد كائن ورقي ليس إلا، بل بمعنى الانغماس في عالم المرويات والحكايات والأساطير، حتى ليكاد يتحول هو نفسه إلى كائن أسطوري وخيالي يشعر فيها بأنه أحد شهود العصر على ما يجري، خصوصاً بعد الاحتلال الأميركي:

«أنا شاهد على ما جرى، وما حصل من خراب ودمار وقتل واغتيال وتغييب». (ص 4)

ولذا فهو لا يكف عن تقديم المزيد من الحكايات والمرويات:

«قل ولا تتردد، فأنت كما يبدو خزين لحكايات لن تنضب وليس لها من نهاية؛ إذ كلما دعوناك إلى أن تختم حكايتك الأخيرة ما تلبث أن تلقي علينا بحكاية أمضّ وأقسى منها». (ص 24)

وهكذا تنثال مرويات الراوي، وهو يعود ثانية إلى كتابه الذي فتحه على إحدى صفحاته المزدانة بالصور والسرادق والقصور، ومن هذه الكتب قفزت إلى المتن الروائي حكاية الملكة زبرجد التي زاحمت المتن، بعد أن كانت حبكة ثانوية وهامشاً، فأصبحت مركزاً. ويبدو لي أن حكاية الملكة زبرجد إعادة إنتاج للحكاية الإطارية الأولى التي تستهلّ بها حكايات «ألف ليلة وليلة»، وتحديداً في حكاية الملك شهريار وأخيه الملك شاه زمان؛ إذ يكتشف الملك شهريار أثناء مغادرته القصر زوجته في أحضان أحد عبيده، فيقوم بقتلهما معاً. وهو ما حدث تماماً بالنسبة للملكة زبرجد، عندما اكتشف الملك الجبار علاقتها بأحد عبيده، المسمى عبد الواحد، فقتل العبد، وأمر بدفن الملكة سراً في الباحة الخلفية للقصر، بعد أن قُتِلت خنقاً، كما يعتقد.

ويؤرخ المؤلف لتاريخ كتابة روايته هذه خلال فترة الاحتلال الأميركي للعراق، وتحديداً يوم 11/ 2/ 2003، وهو تاريخ شروعه في كتابة هذه الرواية:

«يعلم أنه يعيش في بلد محتل منذ أكثر من عقدين من الزمن وأن الأميركان هم مَن يحتلون هذه البقعة الغنية بالثروات». (ص 35)

ولذا كان البطل قلقاً على مستقبل العراق «وما يخطط له الأميركان لتحطيم البلد». (ص 45)

ويسجل لصالح الرواية هنا إدانة الاحتلال الأميركي للعراق، وفضح أشكال الخراب التي حدثت في البنى التحتية للمجتمع ولمنظومة القيم الاجتماعية القويمة، لكن ما أثار استغرابَنا استياؤه الشديد مما شاهده على شاشات التلفزيون من إسقاط تمثال صدام حسين أرضاً ليقتص منه، والناس حوله تصفق:

«لكن لماذا تصرَّف الجندي بهذه الطريقة التعسة مع تمثال رجل كان قبل أيام رئيس دولة أرعبت العديد من دول الجوار؟!». (ص 83)

ومن الجهة الأخرى، اغتنت الرواية بحكايات ومرويات ثانوية، لكنها مهمة ومؤثرة، منها حكاية الشاعر آدم. وقد استطاعت هذه الحبكة إضفاء كثير من الحيوية في البنية السردية، وأنقذتها من حالة الركود النسبي الذي كاد يشلّها. وكانت ملاحقة بطل الرواية سعيد لصديقه (آدم) ودفاعه عنه أمام رئيس التحرير، وذهابه إلى موقف الحارثية الذي يحتجز أولئك المتهمين بالهروب من العسكرية، ريثما يصدر الحكم النهائي بشأنهم. وبدا حرص البطل على إنقاذ بعض مخطوطات صديقه (آدم) السردية إنسانياً ومؤثراً:

«كانت أصابعه قد التقطت ورقة قصيرة مما كتبه آدم له قبل إعدامه بأسابيع». (ص 57)

وتمثل حكاية آدم ومصيره المأساوي إدانة واضحة للنظام الديكتاتوري الذي أعدم المئات وربما الآلاف من المجنَّدين الشبان بتهمة الهروب من ساحة حروب مجانية ومجنونة شنَّها الديكتاتور صدام حسين لإرضاء نزواته النرجسية الدموية، وكان ضحيتها الشباب العراقيين، فضلاً عن تدمير المجتمع العراقي وإفقاره، ووضعه أمام تحديات جسيمة، ما زال حتى اليوم يعاني من عواقبها المدمرة.

ومن الحبكات الثانوية المهمة، علاقة البطل بإحدى الشابات المعجبات بكتاباته القصصية التي كان ينشرها في الجريدة، واسمها ناهد، وقد قامت بزيارته في مقر الجريدة، والتقت به مراراً، وكانت تحلم بأن يتزوج منها، لكنه صدمها بأنه لا يفكر بالزواج إطلاقاً، وهي ثيمة إنسانية كان يمكن لها أن تتطور وتنمو، لكن البطل سرعان ما قمَعَها بإصرار، مما حرم السرد من أفق للامتداد والتوسع العاطفي. ومن الجهة الأخرى فقد كانت ناهد مشروع قاصة واعدة، لكنه لم يمنحها الفرصة الكافية لتحقيق طموحها، حيث أكدت له أنها كانت معجبة بقصته «بئر الآبار» التي نشرها في الجريدة التي يعمل بها، وأنها تنوي كتابة قصة على غرار ما يكتبه. (ص 83)

وبشكل عام يمكن القول إن اللعبة الميتا سردية هي المهيمنة على البنية السردية؛ سواء من خلال التلميح والتصريح بكتابة رواية تغطي مرحلة الاحتلال الأميركي، يكون فيها الراوي شاهداً على أحداث عصره وبلاده، أو من خلال العتبة النصية التي استهل بها المؤلف الرواية، والتي عبَّر فيها عن فهمه لمشروع الكتابة «بوصفها محاولة لحفظ توازن مفقود». (ص 5)، أو من خلال الإشارات المتفرقة المبثوثة هنا وهناك عن فن السرد، مثلما كان يبين لناهد عن شروط الكتابة القصصية:

«أنا أكتب القصة على مراحل ثلاث؛ في الأولى أخطط لها، بعد أن أقرر الكتابة، ثم مرحلة الشروع بالعمل، والمرحلة الأخيرة هي الأهم: العنوان، ثم المراجعة النهائية». (ص 72)

لكن ضربة المعلم التي قدمها المؤلف في مجال اللعبة الميتا سردية تتمثل في خاتمة الرواية، وربما في التذييل الذي اختتم به السرد الروائي، والذي دعا فيه القارئ للمشاركة في اختيار نهاية للأحداث الروائية، وقدَّم في ذلك عدة خيارات وضعها أمام القارئ لمساعدته في الاندماج بمشروع إيجاد معنى للرواية من خلال رسم نهاية لرواية تمتلك كثيراً من عناصر النص المفتوح، القابل لتأويلات لا تنتهي؛ فقد جاء في التذييل الذي يحمل عنوان «هامش يخص القارئ» هذه الدعوة الموجَّهة من المؤلف إلى القارئ:

«يقترح مؤلف الرواية على قارئها أن يختار نهاية ملائمة له، شرط ألا تخرج عن السياق الكلي للرواية». (ص 27)

ويشير المؤلف إلى أن هذا نص مفتوح، وأنه يترك للقارئ فرصة التعبير عن حاله، فيما يقرأ من تعابير. (ص 211)

ولكي يساعد المؤلف القارئ في اختيار نهاية محددة، ينفي الثيمة المتعلقة بصديقه (آدم)، والخيارات المفتوحة لوضع نهاية مقبولة لحكايته. ويرى المؤلف أن هذه الطريقة التي يتبعها قد استعارها من المسرح و«تُسمَّى بسقوط الجدار الرابع، أي إلغاء الفاصل الوهمي بين المنتوج والممثّل». (ص 217)، وهي إشارة ذكية وعميقة تفتح أمام الرواية منحى تجريبياً جديداً من خلال «توريط» القارئ بالكتابة الروائية. ويعترف المؤلف بأن هذا المنحى يقابله مفهوم الميتا سرد، الذي أطلق على حركة التجديد الروائية، أي الخروج على الأنظمة السردية أو البناء الروائي التقليدي وتهديم بنيته الكلاسيكية.

وبهذا تكتمل كثير من عناصر اللعبة الميتا سردية من خلال عدد من المحاور والاشتغالات التي أشرنا إليها، مثل الإعلان عن الرغبة في الكتابة الروائية، وإدراج نصوص ومخطوطات قصص ومرويات داخل المتن الروائي الأكبر، والتبشير بلون جديد من السرد القصصي له شروطه الخاصة التي حددها مراراً، وأخيراً من خلال تحفيز القارئ ليكون طرفاً فاعلاً ومنتجاً في اختيار نهاية ملائمة لهذه النص الذي يفترض فيه أن يكون مفتوحاً.

رواية أحمد خلف «في الطريق إليك» لعبة سردية فيها كثير من التجريب والمغامرة ومحاولة الخروج على المألوف والشائع في بناء النص الروائي، وهي تجربة تُحسب له إبداعياً.


مقالات ذات صلة

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

ثقافة وفنون أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد.

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون أفلاطون

ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

الأغلب من دول العالم يعيش حياة طبيعية تختلف عما نراه في أفلام السينما

خالد الغنامي
ثقافة وفنون عبد الزهرة زكي

عبد الزهرة زكي: الكتابة السردية هبة هداني إليها الشعر

«غريزة الطير» رواية للشاعر العراقي عبد الزهرة زكي، صدرت أخيراً في بغداد، ولاقت احتفاءً نقدياً ملحوظاً، وهي الرواية الأولى له بعد صدور مجموعته الشعرية الكاملة

علاء المفرجي (بغداد)
ثقافة وفنون عادل خزام

«مانسيرة» تجمع شعراء العالم في قصيدة واحدة

تُغذّى جذور القيم الثقافية كلما تعمقت صلتها بتراث الأمكنة والناس. لكن ماذا لو اكتشفنا أن العالم، بقاراته الخمس، قادرٌ على أن يكون مهداً لقصيدة واحدة؟

شاكر نوري (دبي)

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.