ثنائية القهر والحرمان في مجموعة قصصية مصريةhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/4806896-%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%87%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D9%82%D8%B5%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9
عن دار «الكرمة» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «بيع نفس بشرية» للكاتب محمد المنسي قنديل، ويضم أربع قصص طويلة هي: «بيع نفس بشرية»، و«الوداعة والرعب»، و«اتجاه واحد للشمس»، و«يوم مصري جاف». تتراوح أحجام القصص ما بين 90 و110 صفحات وتتنوع أجواءها ما بين الأحياء المهمشة الفقيرة في المدن الغنية والمنتجعات السياحية المرفهة، إضافةً إلى عوالم الريف المتربة دائماً بالحنين، وكتبها المؤلف في فترات زمنية مختلفة.
تشكل ثنائية «القهر والحرمان» مفتاحاً أساسياً لفهم عوالم تلك التجربة؛ حيث الشخصيات تعاني واقعاً مادياً وروحياً ضاغطاً وعنيفاً تحاول كسره، والهروب منه بصور شتى الصور، والتشبث بشدة بإرادة الحب والحرية والتواصل الإنساني المضيء... يبرز هذا على نحو لافت في «بيع نفس بشرية» القصة التي وسمت عنوان المجموعة، حيث تعاني فتاة جميلة تسلط واضطهاد رئيسها في العمل، ويخذلها الأهل والأقارب فلا تجد المواساة إلا على يد شاب فقير مثلها، لكنها مواساة مؤقتة سرعان ما تزول تحت قهر هذه الثنائية. وفي «الوداعة والرعب» تطالعنا روح أب تقاعد حديثاً من الوظيفة؛ ينزف حزناً على ابنه الذي لقي حتفه بطريقة وحشية في الحرب ولم يتبقَّ من أشلائه حتى ما يَصلح لوضعه في قبر. وفي «اتجاه واحد للشمس» يعاني العمال البسطاء استبداد رؤسائهم في مصنع للغزل والنسيج، إلى الحد الذي يصيبهم بالخوف والتمزق. أما في «يوم مصري جاف»، فتنتظر زوجة جميلة شابة عودة زوجها من الغربة بلا طائل.
لاقت القصص إشادة نقدية لافتة عند نشرها للمرة الأولى وترجمت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية قصة «بيع نفس بشرية»، كما تحولت قصة «الوداعة والرعب» إلى فيلم سينمائي بعنوان «فتاة من إسرائيل» من بطولة محمود ياسين.
من أجواء القصة التي تحمل عنوان الكتاب نقرأ:
«قرية صامتة يملأها وشيش الموج دون أن تتجاوب معه والقمر يلقي عليها ضوءاً شاحباً يجعلها أكثر حزناً. أبواب مخلوعة، جدران نصف مهدمة، بقايا أثاث فقير، وأوانٍ فخارية مكسورة، رسوم ساذجة على الجدران، كأنهما يخوضان مدينة أثرية لم تعد تنتمي إلى أي عالم. قال صالح كأنه يحلم:
- كنا نبني هذه البيوت دون حاجة إلى ذرة من الإسمنت ونصنع السفن دون مسمار واحد ونعيش حياتنا دون أن يُرغمنا أحد عليها.
وقال مصطفى لنفسه في صوت مسموع:
- خُيّل إليَّ أنني عشت في هذا المكان.
همس صالح:
- إنه عالم الفقراء الذي ننتمي إليه جميعاً.
امتلأت نفساهما بالوحشة. كانت القرية هي الصلة الوحيدة بين هدير الموج وصمت الصحراء. مرَّا بساحة اللعب، المقهى القديم ما زال به بعض المقاعد المتكسرة. البئر الوحيدة التي كانت مصدراً للحياة قبل أن تتراكم فيها الرمال، والهواء يمرق في وسط البيوت وعبر الكوّة المفتوحة والأبواب المخلوعة، ويُصدر أصواتاً تشبه غمغمات الذين رحلوا. أصواتهم وهم يتواعدون على الخروج للصيد، وأصوات النسوة وهنّ يحذّرنهم من المقدّر والمكتوب، رنّة الشجن في أيام الانتظار، وأغاريد الفرح عند العودة، وتأوهات الحزن عند الافتقاد. ولكنّ مصطفى سمع بالفعل صوت إنسان يتأوه، ليس صوت الريح لأن صالح سمع الصوت أيضاً. كان آتياً من مكانٍ ما خلف الجدران المهدمة. جريا معاً، كان هناك شبح ما يجلس إلى جانب أحد الجدران ويحدق في المياه وينصت في استغراق إلى وشيش الموج المتصل.
هتف صالح في ذهول:
كيف جاء إلى هنا؟ لم أرَ أي سيارة!
تقدم نحوه وجلس أمامه على الرمل وهو يسأل:
يا عم إيش جابك هنا؟
التفت الرجل إليه وابتسم ابتسامة واسعة، وقال في صوت واهن:
قافلة من الشعراء تشعل ليالي الكويت الباردة في «دورة البابطين» الثقافيةhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/5092623-%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%84%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%AA%D8%B4%D8%B9%D9%84-%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9
قافلة من الشعراء تشعل ليالي الكويت الباردة في «دورة البابطين» الثقافية
الشاعرة روضة الحاج (الشرق الأوسط)
أشعلت كتيبة من الشعراء، تقاطروا من كل أرجاء العالم العربي، لياليّ الكويت الباردة بالدفء والمشاعر الصاخبة، في توليفة من العشق والغزل والحنين والافتجاع، حيث أوقد 27 شاعراً وشاعرة عربية جمر الكلمات لتنساب قصائدهم كألسنة نار تسكب حرارة العاطفة في قوالب موسيقية تجتذب القلوب التواقة إلى الدفء والجمال.
عبر ثلاث أمسيات شعرية، توزع الشعراء الـ27 ضمن فعاليات الدورة التاسعة عشرة لمؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية للإبداع الشعري، التي خصصت أعمال هذه الدور لسيرة مؤسسها الراحل الشاعر عبد العزيز سعود البابطين، الذي رحل منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أقيمت الأمسيات الثلاث في مكتبة البابطين في العاصمة الكويت، الأمسية الأولى جمعت تسعة شعراء من مختلف أنحاء العالم العربي، وأدارها الدكتور مشعل الحربي (الكويت). وشارك فيها كلٌ من: أوس الأفتيحات (العراق)، وجاسم الصحيّح (السعودية)، وجمانة الطراونة (الأردن)، وحنين عمر (الجزائر)، وخالد بودريف (المغرب)، ومحمد طه العثمان (سوريا)، ومحمد عرب صالح (مصر)، وموضي رحال (الكويت)، ووليد الصراف (العراق).
الأمسية الثانية جمعت أيضاً تسعة من الشعراء، وأدارها الدكتور عبد الله السرحان (الكويت) وشارك فيها كلٌ من: أحمد شلبي (مصر)، وجاسر البزور (الأردن)، وخالد الحسن (العراق)، وروضة الحاج (السودان)، وسمية محنش (الجزائر)، وفالح بن طفلة (الكويت)، ومحمد الجلواح (السعودية)، نبيلة حماني (المغرب)، وهبة الفقي (مصر).
وضمّت الأمسية الثالثة، تسعة شعراء آخرين، وأدارها الدكتور أحمد الفرج (الكويت)، وشارك فيها كلٌ من: إباء الخطيب (سوريا)، وأحمد بلبولة (مصر)، وإياد هاشه (العراق)، وحسام شديفات (الأردن) ودلال البارود (الكويت)، وشقراء مدخلي (السعودية) وعبد الله الفيلكاوي (الكويت)، وفارس حرّام (العراق)، ومحمد البريكي (الأمارات).
جاسم الصحيّح
شارك في الأمسية الأولى الشاعر السعودي جاسم الصحيّح، الذي سبق أن فاز بجائزة أفضل ديوان شعري في مسابقة البابطين للإبداع الشعري 2012 عن ديوانه «ما وراء حنجرة المغني»، كما حاز جائزة سوق عكاظ الدولية للشعر العربي الفصيح 2018، وأخيراً جائزة المركز الأول في برنامج «المعلقة» من وزارة الثقافة السعودية في عام 2024.
وألقى الصحيّح بعضاً من نصوصه، جاء في قصيدته «لعابر في التآويل»:
نبيٌّ ولكنْ عابرٌ للشرائعِ
حدودُ سماواتي حدودُ أصابعي
إذا سال ظِلِّي بَلَّلَتْنِي غمامةٌ
من الوحيِ، تندَى بالمعاني الجوامعِ
رَعَيتُ ولكنْ في مراعي هواجسي!
تَأَمَّلتُ لكنْ في (حِرَاءِ) الشَّوَارِعِ!
يُجَلِّلُني مجدُ القصائدِ حينما
أشمُّ أريجَ الله بين (المَطالعِ)
حروفي نجومٌ أَفْلَتَتْ من مدارِها
إليَّ، وعَقَّتْ ما لها من مواقعِ!
فما حِكمتي إلا الجَمالُ، وحُجَّتي
شعوري بأنَّ الكونَ إحدى ودائعي
تَلَمَّستُ ديني داخلي فاعْتَنَقْتُهُ
وشَيَّدتُ في كلِّ الخلايا صوامعي
يسيلُ بيَ التأويلُ في كلِّ جُملةٍ
كأنِّي (مجازٌ مُرسَلٌ) للمنابعِ
بسَبعَةِ أختامٍ أُشَمِّعُ فكرتي
وأرسلُها للخلقِ دون طوابعِ
سـيَشكُونِـيَ الوُعَّاظُ مِلءَ نقيقِهِمْ
فمُستنقعُ الشكوَى كثيرُ الضفادعِ
روضة الحاج
شاركت الشاعرة السودانية روضة الحاج في الأمسية الثانية، وسبق أن حازت لقب «شاعر سوق عكاظ» لعام 2005، وشاركت في برنامج «أمير الشعراء» بنسخته الأولى، وحازت المركز الرابع... الشاعرة روضة الحاج، حملت أحزان بلدها السودان الذي تكويه نار الحرب، ومعاناة الناس وعذاباتهم، فألقت من لهيب الحزن قصيدتها «الآن تُمطرُ في جنوبِ القاهرة!»، جاء فيها:
وأنا ومصرُ
غريبةٌ لاذت بحزنِ غريبةٍ
بينا تسيرُ القاطرة
كلُّ المحطاتِ التي مرَّت بنا
متشابهاتٌ كلُّهنَّ
فليس من بيتٍ
لكي نأوي له
والساعة العجلى تشير إلى تمام العاشرة!
لا أهلَ
لا مستقبلينَ هناك
لا معنًى أُطاردُه
فيتبعُني ويُتعِبني
فقط
وجعٌ عظيمٌ لانهمارِ الذاكرة!
الآن تُمطر في جنوبِ القاهرة
وأنا يُعاودُني شجاي المرُّ
تعبثُ بي حميَّاي القديمةُ
كلما
بكتِ السماءُ وأبرقت
فكأنَّما روحي السماءُ الماطرة
وجعٌ عتيقٌ
يستبدُّ بهذه الروحِ المطيرةِ
كلما
لمعتٌ بروقٌ كنتُ أعرفُهنَّ
هبَّ عليّ عطرُ الأرضِ
أيقظَ كلَّ ما هدهدتُه لينامَ
أوقدَ ليلي الساجي
وسافرَ بي هناك
وهل أنا
مذ جئتُ هذي الأرضَ
إلا ضيفةٌ ومسافرة!
مطرٌ
وصوتُ (حليم)
شايٌ أحمرٌ
كتبٌ مبعثرةٌ
وشوقٌ
لست أدري ما الذي أشتاقُه
ومن الذي أشتاقُه
لكنَّني أدري تلوُّي القلبِ
كالملدوغِ
حين تُحيط بي أشجانُه
أدري بسكِّينِ الحنينِ
يشقُّ هذي الخاصرة!
الآن تُمطرُ في جنوبِ القاهرة
أبكي
لأرضٍ لم تغادرني وإن غادرتُها
لأحبةٍ سأظلُّ أحملهُم معي
حتى الحياةِ الآخرة!
أو ربما أبكي مكابدتي
لأبدو مثلما أبدو
وفي روحي تمورُ عوالمٌ شتى
وكونٌ كاملٌ يغلي
وأسئلةٌ
وما من مهربٍ إلا إلى هذي القصيدةِ
وهي تُمعنُ في مراوغةٍ
أنا أدرى بها
يا للعنودِ الماكرة!
ولربما أبكي
صدوعاً كلما رممّتها
وظننتُها التأمت
أعادتها قصيدةُ شاعرٍ
أو شاعرة!
أبكي
وتنهمرُ السماءُ
وتُجهش الدنيا معي
والشوقُ يهطِلُ
والحنينُ الآنَ
يهمي من سماءِ القاهرة!
سمية محنّش
الشاعرة الجزائرية سمية محنّش، قرأت مجموعة من النصوص من بينها «أسئلة في العشـــقْ»، جاء فيه:
لماذا...
وفي كُلِّ حُبٍ تُعَادُ الحَكَايَا
نُعيدُ الحَكَايَا...
ونَصْبُو إلى المُسْتَحيل
الذي لا يَرُوحُ
الذي لا يجيءُ
الذي كشهابٍ
يُغِيرُ الحَنَايَا
ونَلْتَذُّ بالآهِ
نلتاعُ بالشَّوْقِ
نَبْنِي قُصُوراً مِنَ الوَهْمِ فوقَ السَّحابِ
عَلَيْها نُقِيمُ الخَطَايَا
ونقلبُ كُنْهَ الأُمُورِ على ضِفَّةٍ لِلْخَيَالِ المُخَدَّرْ
فَذا الوَهْم يغدو عبيراً وسُكَّرْ
وتَغْدُو الكَمَنْجَاتُ
في الرُّوحِ نايَا...
وإنَّا لَنَغْرَقُ في الحُبِّ غَرْقَا
كَمِثْلِ السّكارى...
كَدُوقٍ قَديمٍ...
سنختارُ موتاً بِصَحْنِ النَّبِيذِ
ونَفْرَحُ أنَّا بذا المَوْتِ عِشْنَا
وأنَّا نَدِينُ لهُ كَالرَّعايَا
وإنَّا الرَّعايا.
سَنَكْذِبُ حَتْماً
ومِنْ فَرْطِ صِدقٍ
نُقَدِّسُ كِذْبَتَنَا مُغرَمِينَ...
بِحُسْنِ النَّوَايَا
ونَصْدُقُ طَبْعاً...
إذا أجهشَ الحُبُّ فينَا
وفُرْنَا بِتَنُّورِهِ كالشَّظايا
جمانة الطراونة
الشاعرة الأردنية جمانا الطراونة، تنقلت برشاقة بين بحور القصيدة، وتنوعت مشاربها بين الغزل والحنين، تقول: