كيف يمكن للفلسفة أن تجنبنا الوقوع في العدمية؟

فكرة غير دقيقة لا تكون أبداً فارغة كلياً

موريس بلانشو
موريس بلانشو
TT

كيف يمكن للفلسفة أن تجنبنا الوقوع في العدمية؟

موريس بلانشو
موريس بلانشو

صدر حديثاً عدد خاص من المجلة الفرنسية Philosophie magazine تحت عنوان أساسي «التدرّب على الفلسفة» ويتضمن ستة محاور أساسية: 1- تحطيم كل شيء أو التفلسف بواسطة ضربات المطرقة، 2- طرح الأسئلة الأساسية حول الوجود والإنسان، 3- البحث عن معلّم أو مرشد، 4- اللعب مع المفاهيم، 5- معرفة الذات، 6- الالتزام.

من دون شك، لا يمكننا الإحاطة في هذا المقال المحدود بكل هذه المحاور؛ لذلك ارتأينا تناول موضوع المحور الأول المتعلق بوظيفة الفلسفة باعتبارها مطرقة ضاربة. ولكن المسألة المطروحة هنا تتلخص بما يلي: هل التفلسف من خلال ضربات المطرقة يؤدي حتماً إلى العدمية وتحطيم كل شيء؟ وبالتالي هل هناك إمكانية للإفلات من هذه العدمية؟ وكيف يمكن ذلك؟

في سبيل مناقشة هذه المسألة الجوهرية أجرت «مجلة الفلسفة» حواراً مثمراً مع الفيلسوف الفرنسي بيار زاوي (Pierre Zaoui)، حيث عرض تجربته الشخصية مع الفلسفة، معتبراً أن الفلسفة مع المطرقة أو من دونها تقوم بمهمتها الأساسية، ألا وهي التخلص أو الإفلات من العدمية والمساهمة في التصالح مع العالم، وذلك لأنه، من أجل مواجهة واقعنا، يغدو التفكير فلسفياً بمثابة وعد بالفرح ونخطئ إذا أهملناه. وبعد أن يروي قصة تجربته الشخصية مع الفلسفة، التي بدأت مع دراسته الثانوية، حيث تأثر بالفيلسوف الهولندي سبينوزا من خلال قراءته لكتاب «الأخلاق»، حيث اكتشف عدم خصوصية الخطاب الفلسفي الذي يفكر اللامحدود في المحدود والمحدود في اللامحدود. هنا وجد زاوي ضالته وإلهامه. ولكي يفسر هذا الإلهام كان عليه أن يحفر أعماق الحياة الروحية. وراح يربط هذه المسألة بأسباب سياسية واقتصادية-اجتماعية متأثراً ببيئته الديمقراطية، ويتساءل لماذا توجه نحو دراسة الفلسفة في حين كان من المفترض أن يكون مهندساً أو تاجراً تلبيةً لرغبة عائلته وبيئته البرجوازية الصغيرة والمناهضة للفكر وتحتقر الكتب والأساتذة؟

بيار زاوي

إن ذلك لم يكن خياراً بل كان ضرورة. وذلك يعود إلى أسباب معلنة وأخرى غير معلنة، ومن بينها كان إرادة قوة كانت تجد متعتها في ذلك الوعد بالحصول على السيادة على كل شيء. أضف إلى ذلك كان هناك رغبة ناضجة وغامضة بإزعاج الأهل وحياتهم البرجوازية. ولحسن الحظ، كان هناك أيضاً أسباب معلنة، منها اللقاءات مع أساتذة الفلسفة الممتازين في الصفوف الثانوية ما قبل الجامعية؛ ومن الأسباب أيضاً كان الوقوع في الحب... وباختصار، يقول زاوي إنه لا يعتقد أنه كان هناك إلهام معين كي يدفعه إلى الدخول في ميدان الفلسفة، بل كان هناك سلسلة لامتناهية من التأثيرات المنظورة وغير المنظورة التي تمنعنا من القول إننا اخترنا دراسة الفلسفة - بل إنها هي التي اختارتنا - وهذه السلسلة التي لا نكف عن إعادة بنائها بطريقة مختلفة في كل مرة نفكر بها. ولكن هل دفعته الفلسفة إلى حرق ما كان يؤمن به أو إلى مراجعة يقينياته؟ وهل شعر بفقدان معالم طريقه أو بنوع من الخيبة؟ يقول زاوي إنه لا يظن أبداً أنه حرق إرادياً أي شيء أو أحداً ينتمي إلى الواقع. وذلك لأن محاولة التفلسف ليست حركة ثورية أو انتفاضة إرهابية، وإن نيتشه لم يكن من أتباع «طالبان» حتى يدعو إلى تحطيم الرموز الدينية والتماثيل، بل كان ببساطة يبحث عن اختبار أو قياس مدى صلابة بعض المعتقدات، والحقيقة والحب واللغة والجواهر والماهيات والمظاهر... وذلك من خلال طرقها بالمطرقة الوهمية حتى يستفتيها: هل تتفتت عند أول ضربة مطرقة؟ وهل تطنطن بشكل فارغ؟ أو على العكس من ذلك هي تقاوم وترن بثبات؟ إذن، بالنسبة إلى زاوي، هو يبقى على خطى سبينوزا ويعتقد أن التفلسف ليس أبداً خسارة أو خيبة، ولا قلقاً أو هماً، بل هو دائماً فرح وتحرير لمجرد أن نتوصل إلى امتلاك فكرة أو إبداع مفهوم، مهما كان بسيطاً أو ناقصاً، وهذا هو الفرح. وحتى لو أخطأنا ولو لم يتفق هذا المفهوم مع الواقع كلياً، لأننا لا يمكن أبداً أن ننخدع بشكل كامل. وذلك لأن فكرةً غير دقيقة لا تكون أبداً فارغة كلياً. وباختصار، إن التفكير فلسفياً يعني طرح الأسئلة وتحريك القضايا وابتكار المفاهيم، أي إنه فرح دائم، ولا يعني أن تكون على حق مع ريمون آرون أو مخطئاً مع سارتر، أو تكون مصيباً أو مخطئاً مع كل العالم. إذن، الفلسفة ليست حلبة صراع ولا سجلاً لأسماء الشهداء وليست سوقاً: إنها مكان نصف طوباوي ونصف واقعي حيث نكون مباشرةً جاهزين لأن نحتفل بالآخر إذا كان خطابه يبدو لنا أكثر عدلاً وأفضل تأسيساً وأكثر فعالية، أي الوعد اللاواقعي قليلاً ومع ذلك ملموس جداً، بتعليق حقيقي لكل قذارة القلب الإنساني: الغرور، الغيرة، الحسد، الرغبة في امتلاك الحق والصواب، ونفَس التناقض الأحمق... إلخ إذن، إذا كان هناك يأس أو حزن كبير يجتاحنا كلنا اليوم فهذا لا يعود إلى الفلسفة ولكن فقط يعود إلى الواقع. ما يصيبنا وما لا نستطيع التحكم به وما هو أقوى منا ويمنعنا من التفكير: إن سخونة المناخ، والحرب في أوكرانيا، وصعود الحركات الفاشية تقريباً في كل العالم، كل ذلك ليس بسبب الفلسفة بل هو يعود إلى الواقع، حيث نشهد كيف أن الرأسمالية المناقضة للمساواة والمبيدة للبيئة والنزعة العنصرية والذكورية والهواتف الجوالة وشبكات التواصل الاجتماعي تشكل واقعاً لزجاً مخبلاً ومرعباً يؤدي إلى نفي الفلسفة.

إن سخونة المناخ والحرب في أوكرانيا وصعود الحركات الفاشية ليست بسبب الفلسفة بل تعود إلى الواقع

ولكن كيف يمكننا الإفلات من العدمية؟ إن ذلك يجب أن يتم بالضبط من خلال الاستمرار بالتفلسف؛ وذلك لأن زاوي يعتبر أن الإفلات من العدمية يمثل المهمة الأولية للفلسفة. وبرأيه فإن الفيلسوف الألماني نيتشه لم يخطئ عندما رأى أن خميرة العدمية، أي الحط من قيمة كل قيم الحياة، تكمن في الأديان الأولى التوحيدية وفي تلك التي لا تعبد إلهاً. وذلك لأن كل هذه الأديان لم تتوقف عن تبخيس الرغبة والحب العابر والمؤقت والقتال والارتباط العرضي؛ وهذا قد ينطبق على مسألة تعدد الآلهة في أثينا الديمقراطية (التي حكمت على سقراط الفيلسوف بالموت). وبالتالي مع كل الأديان التي تتعاطى مع المفارق نجد أنفسنا أمام خيارين: إما أن نؤمن أو أن ننتسب. إذن، كل شيء يفقد قيمته في العالم الأرضي ونصبح عدميين، وإما لم نعد مؤمنين. وبذلك نذهب إلى العدمية. وعلى العكس من ذلك، فإن التفلسف يكمن أولاً في تفكيك هذه العقدة المزدوجة من خلال تبخيس مخطط لما هو محايث وإنقاذ المحايث من اختزاله إلى الغثيان، كما يقول سارتر، أو إلى جنون الحاضر، كما يقول بلانشو. على ذلك يعتبر زاوي أن أجمل صيغة ضد العدمية أطلقها سبينوزا بقوله: «إن الله يحب نفسه حباً عقلياً لامتناهياً». عند هذا الحد، إن الفلسفة ليست سوى مصالحة رائعة مع العالم الذي ينبذ كل شعور بالفراغ.


مقالات ذات صلة

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

ثقافة وفنون أليخاندرا بيثارنيك

أليخاندرا بيثارنيك... محو الحدود بين الحياة والقصيدة

يُقال إن أكتافيو باث طلب ذات مرة من أليخاندرا بيثارنيك أن تنشر بين مواطنيها الأرجنتينيين قصيدة له، كان قد كتبها بدافع من المجزرة التي ارتكبتها السلطات المكسيكية

ماغنوس وليام أولسون باسم المرعبي (ترجمة)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
ثقافة وفنون مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية

«الشرق الأوسط» (الظهران)
ثقافة وفنون أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد.

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
TT

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد. كشفت أعمال التصنيف العلمي الخاصة بهذه اللقى عن مجموعة من القطع العاجية المزينة بنقوش تصويرية، منها عدد كبير على شكل أسود تحضر في قالب واحد جامع. كذلك، كشفت هذه الأعمال عن مجموعة من القطع المعدنية النحاسية المتعدّدة الأحجام والأنساق، منها 4 قطع على شكل أسود منمنمة، تحضر كذلك في قالب ثابت.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية، وتنقسم حسب نقوشها التصويرية إلى 3 مجموعات، فمنها ما يمثّل قامات أنثوية، ومنها ما يمثّل قامات آدمية مجرّدة يصعب تحديد هويتها الجندرية، ومنها ما يمثّل بهائم من الفصيلة السنورية. تزين هذه البهائم قطع يتراوح حجمها بين 3 و4.5 سنتيمترات عرضاً، حيث تحضر في تأليف تشكيلي ثابت، مع اختلاف بسيط في التفاصيل الجزئية الثانوية، ويوحي هذا التأليف بشكل لا لبس فيه بأنه يمثّل أسداً يحضر في وضعية جانبية، طوراً في اتجاه اليمين، وطوراً في اتجاه اليسار. يغلب على هذا الأسد الطابع التحويري الهندسي في تصوير سائر خصائصه الجسدية، من الجسم العضلي، إلى الرأس الكبير، إلى الأرجل الصغيرة. نراه فاتحاً شدقيه، رافعاً قائمتيه الأماميتين، وكأنه يستعدّ للقفز، ويظهر ذيله من خلفه وهو يلتف ويمتد إلى أعلى ظهره.

ملامح الوجه ثابتة لا تتغيّر. العين دائرة كبيرة محدّدة بنقش غائر، يتوسّطها ثقب يمثّل البؤبؤ. الأذنان كتلتان مرتفعتان عموديتان، والأنف كتلة دائرية موازية. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان في بعض القطع عن أسنان حادة مرصوفة بشكل هندسي. تحدّ الرأس سلسلة من النقوش العمودية المتوازية تمثل اللبدة، وهي كتلة الشعر الكثيف الذي يغطي الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة، تعلوها سلسلة من النقوش الغائرة تمثل الفراء. يتبنى تصوير القائمتين الخلفيتين نسقين متباينين؛ حيث يظهر الأسد جاثياً على هاتين القائمتين في بعض القطع، ومنتصباً عليها في البعض الآخر. في المقابل، تظهر القائمتان الأماميتان ممدّدتين أفقياً بشكل ثابت. أرجل هذه القوائم محدّدة، وهي على شكل كف مبسوطة تعلوها سلسلة من الأصابع المرصوفة. الذيل عريض للغاية، وتعلو طرفه خصلة شعر كثيفة تماثل في تكوينها تكوين أرجله.

عُثر على سائر هذه القطع العاجية في قبور حوت مجموعة كبيرة من اللقى شكّلت في الأصل أثاثها الجنائزي. للأسف، تبعثر هذا الأثاث، وبات من الصعب تحديد موقعه الأصلي. كانت القطع العاجية مثبّتة في أركان محدّدة، كما تؤكد الثقوب التي تخترقها، غير أن تحديد وظيفتها يبدو مستحيلاً في غياب السند الأدبي الذي من شأنه أن يكشف عن هذه الوظيفة الغامضة. تحضر الأسود إلى جانب القامات الآدمية، والأرجح أنها تشكّل معاً علامات طوطمية خاصة بهذه المدافن المحلية.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية

إلى جانب هذه القطع العاجية، يحضر الأسد في 4 قطع معدنية عُثر عليها كذلك ضمن أثاث جنائزي مبعثر. تعتمد هذه القطع بشكل أساسي على النحاس، وهي قطع منمنمة، تبدو أشبه بالقطع الخاصة بالحلى، واللافت أنها متشابهة بشكل كبير، ويمكن القول إنها متماثلة. حافظت قطعتان منها على ملامحها بشكل جلي، وتظهر دراسة هذه الملامح أنها تعتمد نسقاً مميزاً يختلف عن النسق المعتمد في القطع العاجية، بالرغم من التشابه الظاهر في التكوين الخارجي العام. يحضر هذا الأسد في كتلة ناتئة تبدو أشبه بالقطع المنحوتة، لا المنقوشة، ويظهر في وضعية جانبية، جاثياً على قوائمه الـ4، رافعاً رأسه إلى الأمام، ويبدو ذيله العريض في أعلى طرف مؤخرته، ملتفاً نحو الأعلى بشكل حلزوني. العين كتلة دائرية ناتئة، والأذن كتلة بيضاوية مشابهة. الفكان مفتوحان، ممّا يوحي بأن صاحبهما يزأر في سكون موقعه. اللبدة كثيفة، وتتكون من 3 عقود متلاصقة، تحوي كل منها سلسلة من الكتل الدائرية المرصوفة. مثل الأسود العاجية، تتبنى هذه الأسود المعدنية طابعاً تحويرياً يعتمد التجريد والاختزال، غير أنها تبدو أقرب من المثال الواقعي في تفاصيلها.

يظهر هذا المثال الواقعي في قطعة معدنية من البرونز، مصدرها موقع سمهرم، التابع لمحافظة ظفار، جنوب سلطنة عُمان. عُثر على هذه القطعة في ضريح صغير يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، واللافت أنها وصلت بشكلها الكامل، وتتميز بأسلوب يوناني كلاسيكي يتجلّى في تجسيم كتلة الجسم وسائر أعضائها. يظهر الأسد واقفاً على قوائمه الـ4، مع حركة بسيطة تتمثل في تقدم قائمة من القائمتين الأماميتين، وقائمة من القائمتين الخلفيتين، وفقاً للتقليد الكلاسيكي المكرّس. يحاكي النحات في منحوتته المثال الواقعي، وتتجلّى هذه المحاكاة في تجسيم مفاصل البدن، كما في تجسيم ملامح الرأس، وتبرز بشكل خاص في تصوير خصلات اللبدة الكثيفة التي تعلو كتفيه.

يبدو هذا الأسد تقليدياً في تكوينه الكلاسيكي، غير أنه يمثّل حالة استثنائية في محيطه، تعكس وصول هذا التقليد في حالات نادرة إلى عمق شمال شرقي شبه الجزيرة العربية.