لهفي على ما يُقاسيه رفاق مهنتي في مدينة غزّة المنكوبة

من أوراق طبيب وكاتب عراقي

المقابر الجماعية تروي فضاعات الحرب
المقابر الجماعية تروي فضاعات الحرب
TT

لهفي على ما يُقاسيه رفاق مهنتي في مدينة غزّة المنكوبة

المقابر الجماعية تروي فضاعات الحرب
المقابر الجماعية تروي فضاعات الحرب

يعرض التاريخُ علينا نفسه في كلّ حقبة مثل لوحة سرياليّة، تصوّر قفصاً من الدم والعظام والبارود والصديد، تقطعه خطوط برّاقة بنفسجيّة وطويلة. يدور الزمان دورته، واللوحة ذات اللوحة، وقد تغيّر اسم وتوقيع الفنّان. أخطأ إذن من قال إن التاريخ يعود مرّة بصورة ملهاة، ومرّة يكون مأساة. هناك من لا يريد للدماء أن تتوقف عن الجريان على أرض كوكبنا، فهو يرى في هذا المشهد ما يثير شهيّته إلى الضحك والهزل.

اسم الطفلة «نغم»، تبلغ الرّابعة، وكانت ترقد في صالة العمليّات لأن قذيفة بترت إحدى ساقيها، أطلقها الجيش القادم من بغداد ضدّ ثوّار الانتفاضة الربيعيّة - أنا أدعوها ثورة التسعين - التي جرت أحداثها بعد حرب تحرير الكويت. كانت إحدى وحدات الحرس الجمهوري تقوم بهجومها الأشدّ على مدينة العمارة، مدينتي، والوقتُ تجاوز أذان العصر بقليل، وكنتُ أجري تداخلاً جراحيّاً لإعادة الحياة إلى ساق الطفلة، أو إلى قسم منها على الأقل. وفي تلك اللّحظة اهتزّ مبنى المشفى، ثم ارتجّت الأرض ثانية، وكان صفير القذيفة التالية يهدر في المكان. ارتميتُ، ومعي طبيب التّخدير والمساعدان على الأرض، واستمرّ القصف على المبنى زمناً أفاقت الطّفلة في أثنائه من تأثير البنج، وكان صوتها الواهن يدعونا إلى النجدة. لكن الوقوف على القدمين يعني القتل برصاص القنّاصين من الجيش. ببطء شديد قمنا بسحب البساط الجلديّ، حيث ترقد الطّفلة على سرير صالة العمليّات، وجرت دماؤها القليلة على البلاط، واستقرّت أخيراً بيننا، ونحن منبطحون على الأرض، وكانت عيناها السّوداوان ثقيلتين بألم لا يسمّى ولا يُعرف.

ما العمل؟ يجب أن يعمل المبضع الآن، وإلاّ فالنّزف لا يمكن إيقافه. كانت الطّفلة تتجرّع الآلام لأنها أفاقت من التخدير، وأدوات الجراحة تعمل في ساقها المعطوبة، الرقيقة العود، وفي الأثناء كانت تدور في أنحاء المشفى معركة بين جنود الحرس الجمهوري وثوّار الانتفاضة. الطفلة تئن وتنتحب، والدم يطفر من عروقها، وتقاوم الموت الرّهيب بآهة واهنة، وفي نبرتها حزن الأصوات التي تؤكد الموت، وتريد إقراراً أنّ لا شيء على قيد الحياة بقي موجوداً.

روت أمّ نغم لنا حماقة جدّ البنت الذي بعثها لتبتاع علبة سجائر بينما كانت دبّابات الحرس الجمهوري تتأهّب لاقتحام المدينة. أما أبوها فكان جنديّاً في فرقة عسكرية في الصّحراء، لم يبلغها أمر انسحاب الجيش من القيادة العسكريّة، فبقيت تقاتل إلى أن أبيدت على يد جنود شوارتسكوف (قائد قوات التحالف في حرب تحرير الكويت). لقد تعاون على أهل مدينتي الجيشُ العراقي وجنودُ قوات التحالف القادمون من 32 دولة. أيّ خلطة تاريخيّة سرياليّة مرّت على طفلتي في ذلك الزمن: أبوها يدافع عن صدّام حسين ضدّ الأمريكان، وجيش صدّام يقوم بقصف مدينة الأب، ويتسبّب في موت ابنته. التاريخ إذن لوحة سرياليّة بامتياز، والفنّ السوريالي فنّ واقعيّ بإمعان وإجادة، لأن فيه ترسيماً كاملاً للظلم واللاعدالة التي تسود الأرض. إن قطرة من القهر ليست كافية لتشويه صورة مدينة صغيرة مثل العمارة، وإنما لتشويه العالم بأسره، والحال نفسه يدور في مدينة غزّة هذه الأيّام. قصّة الطفلة نغم تعود في هذه البلدة، التي يدوسها الجيش الإسرائيلي بحجّة الدفاع عن النفس، واللوحة السرياليّة تُرسم من جديد، وخلطة التاريخ تحدث ثانية، فهناك عرب من البدو والدروز يقاتلون مع الجيش الإسرائيلي ضدّ المقاومين الثائرين الذين ينتمون إلى «حماس»، وهم أقرباؤهم، أبناء العمّ أو العمّة والخال والخالة. وتتكرّر حكاية العذاب في مدينة غزّة، في كلّ دقيقة وثانية، وهناك من يُقاسي من الأطبّاء مثلما قاسيتُ في المشفى. إنهم يجرون العمليّات دون تخدير على الأطفال، فأيّ ألم يستقرّ في أعماق الاثنين، الطبيب والطفل الجريح، إلى النهاية!؟

يُقال إن الحياة لحظة واحدة، حين يكتشف المرء، مرة واحدة وإلى الأبد، من يكون. مثلما يمكن اختصار الشجرة بإحدى أوراقها، لأنها تحمل جميع صفاتها، وحركة أغصانها مع الريح، والقوة الكامنة في الجذور، كذلك يمكن اختصار سنين عمر الإنسان إلى لحظة واحدة، يلمس في أعماقها كلّ حياته. كيفما تكن ورقة شجرتك تكن لحظتك. لكن هناك من لا تظهر له ذاته إلا في ما وراء النوم والحلم، أو بعد الموت، ولربما ولا حتّى في ذلك الحين. يحصل هذا الأمر عندما تكون حياة المرء بلا شكل ولا معنى.

من طلائع سعدك إذن أن تتعرّف على لحظتك، وأن تكون هذه سلماً أبديّاً، لأن هناك من تكون لحظته هلعاً أبديّاً. يمكن للطبيب في ساعة عذاب تقاسيه طفلة على سرير الفحص أن يكتشف هذه اللحظة، فيكون أباً لها، ويرى عندها جميع أطفال العالم أبناءه، فهو يعمل ويعيش من أجلهم، ومن أجلهم فحسب. الذين يدافعون عن الحياة ولدوا تحت طالع حسن، لأنهم رحماء من أجل أنفسهم، ولا يمكن أن يُضاف إلى حظّهم الطيّب شيء أكثر من ذلك، والذين يحاولون اليوم محو مدينة غزّة بواسطة البارود والدم، لا تنتهي من وجودهم حالة الذعر الدائم، فينكمشون بعيداً في الزوايا المظلمة طوال حياتهم، حدّ أن الأشياء التي تلمع في نور الشمس الساطع تبدو لهم غائمة في غشاوة سوداء. لهفي على ما يُقاسيه رفاق مهنتي في مدينة غزّة المنكوبة، وهم يرون أطفالهم يموتون من العذابات بين أيديهم، دون أن يستطيعوا تقديم العون.

أعود إلى قصّتي مع نغم. وشلت دماؤها على أرض صالة العمليّات حتى آخر قطرة. في الأخير رحتُ أصغي إلى صوت الروح عندما تغادرنا، وتستقرّ في الأبد، ورأيتُ البنفسج والعجين الأبيض والوجنات الحريريّة، وكانت تصلني موسيقى طبل ومزمار حماسيّة، وأخذني الخيال إلى مكان بعيد ثم تركني وحيداً مع جثّة طفلتي. كنت ألمس لحيتي بين حين وآخر كي أتأكّد أنها في مكانها، وظلّت القذائف تنزل علينا إلى آخر النهار، ورشقات بنادق الكلاشنكوف تسكت، ثم تصلنا متفرّقة.

 

يمكن للطبيب في ساعة عذاب تقاسيه طفلة على سرير الفحص أن يكتشف هذه اللحظة فيكون أباً لها ويرى عندها جميع أطفال العالم أبنائه

احتلّ جنود الحرس الجمهوريّ المكان بعد أن كسبوا المعركة ضدّ الثوّار، ونصبوا مدافع الهاون في ساحة المشفى لقصف المدينة، ثم قاموا بصولة وأخذوا يقتلون الجميع ويرمونهم في النهر. وجاءتنا الأخبار أن الطائرات ألقت منشورات تهدّد، في حالة عدم استسلام الثوّار في داخل المدينة، باستعمال السلاح الكيمياوي، وفي ذلك الوقت كانت قصّة مدينة حلبجة قريبة، ويعلم بها الجميع. أيّ قدر كُتِبَ على مدينة يقوم جيشها بالاعتداء عليها بواسطة المدفعيّة والطائرات؟ هل بتنا نترحّم على العثمانيّين وقرونهم الأربعة المظلمة؟ وهل كان هولاكو أكثر رأفةً بنا من إخواننا؟ ربما كانت قصّة النّهر الذي صار أحمرَ بالدّماء كابوساً رآه أحد رواة التاريخ سوف يتحقّق ويصير واقعاً في زماننا. حين فارقت الطفلة الحياة، لأنها نزفت كلّ دمها، هبط الليل علينا. الأرض خفيفة والزمان واقف، وكانت بذرة تنشقّ باكراً من أيامها، تحاول معبراً إلى السماء.


مقالات ذات صلة

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

ثقافة وفنون أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد.

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون أفلاطون

ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

الأغلب من دول العالم يعيش حياة طبيعية تختلف عما نراه في أفلام السينما

خالد الغنامي
ثقافة وفنون عبد الزهرة زكي

عبد الزهرة زكي: الكتابة السردية هبة هداني إليها الشعر

«غريزة الطير» رواية للشاعر العراقي عبد الزهرة زكي، صدرت أخيراً في بغداد، ولاقت احتفاءً نقدياً ملحوظاً، وهي الرواية الأولى له بعد صدور مجموعته الشعرية الكاملة

علاء المفرجي (بغداد)
ثقافة وفنون عادل خزام

«مانسيرة» تجمع شعراء العالم في قصيدة واحدة

تُغذّى جذور القيم الثقافية كلما تعمقت صلتها بتراث الأمكنة والناس. لكن ماذا لو اكتشفنا أن العالم، بقاراته الخمس، قادرٌ على أن يكون مهداً لقصيدة واحدة؟

شاكر نوري (دبي)

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
TT

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد. كشفت أعمال التصنيف العلمي الخاصة بهذه اللقى عن مجموعة من القطع العاجية المزينة بنقوش تصويرية، منها عدد كبير على شكل أسود تحضر في قالب واحد جامع. كذلك، كشفت هذه الأعمال عن مجموعة من القطع المعدنية النحاسية المتعدّدة الأحجام والأنساق، منها 4 قطع على شكل أسود منمنمة، تحضر كذلك في قالب ثابت.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية، وتنقسم حسب نقوشها التصويرية إلى 3 مجموعات، فمنها ما يمثّل قامات أنثوية، ومنها ما يمثّل قامات آدمية مجرّدة يصعب تحديد هويتها الجندرية، ومنها ما يمثّل بهائم من الفصيلة السنورية. تزين هذه البهائم قطع يتراوح حجمها بين 3 و4.5 سنتيمترات عرضاً، حيث تحضر في تأليف تشكيلي ثابت، مع اختلاف بسيط في التفاصيل الجزئية الثانوية، ويوحي هذا التأليف بشكل لا لبس فيه بأنه يمثّل أسداً يحضر في وضعية جانبية، طوراً في اتجاه اليمين، وطوراً في اتجاه اليسار. يغلب على هذا الأسد الطابع التحويري الهندسي في تصوير سائر خصائصه الجسدية، من الجسم العضلي، إلى الرأس الكبير، إلى الأرجل الصغيرة. نراه فاتحاً شدقيه، رافعاً قائمتيه الأماميتين، وكأنه يستعدّ للقفز، ويظهر ذيله من خلفه وهو يلتف ويمتد إلى أعلى ظهره.

ملامح الوجه ثابتة لا تتغيّر. العين دائرة كبيرة محدّدة بنقش غائر، يتوسّطها ثقب يمثّل البؤبؤ. الأذنان كتلتان مرتفعتان عموديتان، والأنف كتلة دائرية موازية. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان في بعض القطع عن أسنان حادة مرصوفة بشكل هندسي. تحدّ الرأس سلسلة من النقوش العمودية المتوازية تمثل اللبدة، وهي كتلة الشعر الكثيف الذي يغطي الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة، تعلوها سلسلة من النقوش الغائرة تمثل الفراء. يتبنى تصوير القائمتين الخلفيتين نسقين متباينين؛ حيث يظهر الأسد جاثياً على هاتين القائمتين في بعض القطع، ومنتصباً عليها في البعض الآخر. في المقابل، تظهر القائمتان الأماميتان ممدّدتين أفقياً بشكل ثابت. أرجل هذه القوائم محدّدة، وهي على شكل كف مبسوطة تعلوها سلسلة من الأصابع المرصوفة. الذيل عريض للغاية، وتعلو طرفه خصلة شعر كثيفة تماثل في تكوينها تكوين أرجله.

عُثر على سائر هذه القطع العاجية في قبور حوت مجموعة كبيرة من اللقى شكّلت في الأصل أثاثها الجنائزي. للأسف، تبعثر هذا الأثاث، وبات من الصعب تحديد موقعه الأصلي. كانت القطع العاجية مثبّتة في أركان محدّدة، كما تؤكد الثقوب التي تخترقها، غير أن تحديد وظيفتها يبدو مستحيلاً في غياب السند الأدبي الذي من شأنه أن يكشف عن هذه الوظيفة الغامضة. تحضر الأسود إلى جانب القامات الآدمية، والأرجح أنها تشكّل معاً علامات طوطمية خاصة بهذه المدافن المحلية.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية

إلى جانب هذه القطع العاجية، يحضر الأسد في 4 قطع معدنية عُثر عليها كذلك ضمن أثاث جنائزي مبعثر. تعتمد هذه القطع بشكل أساسي على النحاس، وهي قطع منمنمة، تبدو أشبه بالقطع الخاصة بالحلى، واللافت أنها متشابهة بشكل كبير، ويمكن القول إنها متماثلة. حافظت قطعتان منها على ملامحها بشكل جلي، وتظهر دراسة هذه الملامح أنها تعتمد نسقاً مميزاً يختلف عن النسق المعتمد في القطع العاجية، بالرغم من التشابه الظاهر في التكوين الخارجي العام. يحضر هذا الأسد في كتلة ناتئة تبدو أشبه بالقطع المنحوتة، لا المنقوشة، ويظهر في وضعية جانبية، جاثياً على قوائمه الـ4، رافعاً رأسه إلى الأمام، ويبدو ذيله العريض في أعلى طرف مؤخرته، ملتفاً نحو الأعلى بشكل حلزوني. العين كتلة دائرية ناتئة، والأذن كتلة بيضاوية مشابهة. الفكان مفتوحان، ممّا يوحي بأن صاحبهما يزأر في سكون موقعه. اللبدة كثيفة، وتتكون من 3 عقود متلاصقة، تحوي كل منها سلسلة من الكتل الدائرية المرصوفة. مثل الأسود العاجية، تتبنى هذه الأسود المعدنية طابعاً تحويرياً يعتمد التجريد والاختزال، غير أنها تبدو أقرب من المثال الواقعي في تفاصيلها.

يظهر هذا المثال الواقعي في قطعة معدنية من البرونز، مصدرها موقع سمهرم، التابع لمحافظة ظفار، جنوب سلطنة عُمان. عُثر على هذه القطعة في ضريح صغير يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، واللافت أنها وصلت بشكلها الكامل، وتتميز بأسلوب يوناني كلاسيكي يتجلّى في تجسيم كتلة الجسم وسائر أعضائها. يظهر الأسد واقفاً على قوائمه الـ4، مع حركة بسيطة تتمثل في تقدم قائمة من القائمتين الأماميتين، وقائمة من القائمتين الخلفيتين، وفقاً للتقليد الكلاسيكي المكرّس. يحاكي النحات في منحوتته المثال الواقعي، وتتجلّى هذه المحاكاة في تجسيم مفاصل البدن، كما في تجسيم ملامح الرأس، وتبرز بشكل خاص في تصوير خصلات اللبدة الكثيفة التي تعلو كتفيه.

يبدو هذا الأسد تقليدياً في تكوينه الكلاسيكي، غير أنه يمثّل حالة استثنائية في محيطه، تعكس وصول هذا التقليد في حالات نادرة إلى عمق شمال شرقي شبه الجزيرة العربية.