يوميات أب يصارع الخذلان

يوميات أب يصارع الخذلان
TT

يوميات أب يصارع الخذلان

يوميات أب يصارع الخذلان

تدفُّق السرد على نحو بالغ الحميمية والمهارة في التقاط مفارقات الواقع مع مسحة من السخرية هو أبرز ما يميز نصوص كتاب «جيوب ممتلئة بالبهجة وأقلام الرصاص» التي صدرت منه طبعة جديدة للكاتب محمد محمد مستجاب عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. يضم العمل يوميات حول هموم الأبوة والعمل والأزمات المالية حد الإفلاس ومطاردة أشباح الإلهام مع قوس واسع من تعدد مصادر الخذلان في الحياة عموماً. يستفيد المؤلف من نشأته في بيئة أدبية، وتتنوع أعماله ما بين القصة والرواية والمسرح ومنها «قمر تعابثه بنات الحور» و«عتبات سلم قديم» و«هشاشة عظام» و«أحلام منتصف النهار». بعض اليوميات في الكتاب حملت تفاصيل وحالة من الاستطراد مثل «شوال قديم متحرك» و«لمّ الغسيل قبل نهاية العالم». والبعض الآخر جاء قصيراً للغاية أشبه بومضة أو برقية مثل «تبرير» و«حب» و«قرص طعمية للبهجة».

حول تجربة اكتشاف الأبوة لأول مرة، يقول المؤلف تحت عنوان «يوم في حياة جندي بدرجة أب»:

«كل أجراس العالم لم تفلح في إيقاظي أنا المشهور بالنوم الثقيل إلا أن أي همسة من صوت ابنتي الرضيعة يجعلني أستيقظ فوراً وأهبط من الفراش وأتجه إلى فراشها الذي يبدو كقوقعة محار بها لؤلؤة صغيرة ما زالت تجهل هذا العالم».

ويتناول الكاتب ثنائية الحب وهموم الواقع في مفارقة تتسم بالشجن والسخرية في رسالة موجهة إلى حبيبته، حيث يقول:

«أحب أن أخبرك يا حبيبتي أنني لا أستطيع أن أكون بطلاً مثل توم كروز في (مهمة مستحيلة) أو أكون قاسي القلب مثل مارلون براندو في (الأب الروحي) أو قاتلاً بارد الأعصاب مثل روبرت دي نيرو في (هيت)، ولن أستطيع أن أكون رجلاً خارقاً أنقذ العالم وأحلّق بك من بلد لبلد مثل سوبرمان. إنما أنا رجل يرتدي في قدميه حذاءً ضيقاً مقاسه أربعون!

الألم يضغط عليّ دائماً من قدميّ اللتين تدوران ليل نهار بحثاً عن لقمة العيش واللتين أعود بهما إليك وإلى أبنائك، حيث أضع على وجهي ابتسامة وأسفل إبطي بعض المجلات والجرائد وكيساً من البرتقال وأرغفة خبز وفي جيبي قطعاً من الشيكولاتة رخيصة الثمن. نعم، لست بطلاً مثل الذين تشاهدينهم في التلفزيون ليل نهار يا حبيبتي. لا أستطيع أن أشتري لنفسي حذاءً جديداً منذ فترة حتى أستطيع أن آتي لك ولأبنائك بالخبز والحب والابتسامة».

وحول هموم الكتابة وصعوبة أن تجد الوقت المناسب لها يقول:

«لأيام أحاول أن أصالح نفسي، أشعر بضيق شديد، فاقد الحركة والاستمتاع، مشدود كحبل غسيل ينتظر الملابس كي تجف، محاصر بدفتر الحضور والانصراف في العمل وغمزات الجيران وثرثرة الزملاء العبثية والأوامر والطلبات المنزلية. أظل أتجول وأنا متوتر تحت أشعة الشمس، أو جالسا في الظلام الدامس أبحث عن ركن أختبئ فيه كي أكتب بعض الكلمات. القصة تدور في عقلي وتريد أن تقفز، تصرخ أن تخرج، تتحرش بي وتشتبك معي أثناء النوم والحركة والتجوال. أرتب أفكاري لإنجاز كل الطلبات وسداد جميع الالتزامات. المنزل فارغ وهادئ ومع ذلك لم تأت الكتابة، هي في عقلي حاضرة وفور جلوسي تهرب. كلمات لا تكمل جملة، أصوات الشارع أصبحت ديناصورات، تحوّل الجميع مصاصي دماء وأرواحاً. أسمع ليل نهار موسيقى، لا شيء مبهجاً ولا شيء يدفعني إلى الأمام. وضعت الوسادة على رأسي والغطاء على جسدي وتمنيت أن أنام أو أموت ولم يتحقق أحدهما!».


مقالات ذات صلة

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

يوميات الشرق الروائيّ اللبناني جبّور الدويهي (فيسبوك)

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

عشيّة الذكرى الثالثة لرحيله، تتحدّث عائلة الروائيّ اللبنانيّ جبّور الدويهي عن سنواته الأخيرة، وعن تفاصيل يوميّاته، وعن إحياء أدبِه من خلال أنشطة متنوّعة.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

رواية «حكاية صفية» للروائية الكويتية ليلى العثمان الصادرة عام 2023، رواية جريئة بشكل استثنائي

فاضل ثامر
ثقافة وفنون شاهد قبر من البحرين، يقابله شاهدان من تدمر

الفتى حامل الطير وعنقود العنب

يحتفظ متحف البحرين الوطني في المنامة بمجموعة كبيرة من شواهد القبور الأثرية المزينة بنقوش تصويرية آدمية، منها شاهد مميّز يمثّل فتى يحمل عصفوراً وعنقوداً من العنب

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون غلاف الكتاب

الرواية الفلسطينية... ممارسات الاحتلال وآليات المقاومة

«أسئلة الرواية الفلسطينية» هو الكتاب الحادي عشر في النقد الروائي للشاعر والناقد سلمان زين الدين، وقد صدر مؤخّراً عن «مركز ليفانت للدراسات والنشر» في الإسكندرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون ريما بالي

الكاتبة السورية ريما بالي: أُواجه الحرب بالخيال وقصص الحب

تهتم الكاتبة الروائية السورية ريما بالي بسردية بلادها ما بعد الحرب، وتوليها عناية خاصة من خلال أعمالها التي تتحدث فيها عادة عن مسقط رأسها «حلب» في سياقات مختلفة

منى أبو النصر (القاهرة)

آل الشيخ يكشف عن أعضاء «جائزة القلم الذهبي للأدب»

المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
TT

آل الشيخ يكشف عن أعضاء «جائزة القلم الذهبي للأدب»

المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)

كشف المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، الأربعاء، عن أعضاء لجنة «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، والتي تهدف إلى إثراء صناعة السينما بالمنطقة، ودعم المواهب الإبداعية في كتابة الرواية من جميع الجنسيات والأعمار.
وتَشكَّلت لجنة الجائزة من أعضاء يملكون خبرات واسعة في مجالات الأدب، والكتابة السينمائية، والإنتاج والإخراج السينمائي، حيث جاءت برئاسة الأديب والروائي السعودي الدكتور سعد البازعي، والروائي والمترجم والسيناريست السعودي عبد الله بن بخيت نائباً له.

وتضم اللجنة في عضويتها كلاً من الكاتب والروائي السعودي عبده خال، والروائي الكويتي سعود السنعوسي، والروائي المصري أحمد مراد، والروائية السعودية الدكتورة بدرية البشر، والكاتب والسيناريست السعودي مفرج المجفل، والكاتب والسيناريست المصري صلاح الجهيني، والناقد السينمائي المصري طارق الشناوي، والسيناريست المصري شريف نجيب، والخبير عدنان كيال مستشار مجلس إدارة هيئة الترفيه، وكاتبة السيناريو المصرية مريم نعوم، والمخرج المصري محمد خضير، والمنتج السينمائي المصري أحمد بدوي، والمخرج المصري خيري بشارة، والمنتج اللبناني صادق الصباح، والمخرج السينمائي المصري مروان حامد، والمخرج والمنتج السينمائي السعودي عبد الإله القرشي، والكاتب والسيناريست المسرحي السعودي ياسر مدخلي، والكاتب والروائي المصري تامر إبراهيم.

وتركز الجائزة على الروايات الأكثر جماهيرية وقابلية لتحويلها إلى أعمال سينمائية، مقسمة على مجموعة مسارات؛ أبرزها مسار «الجوائز الكبرى»، حيث ستُحوَّل الروايتان الفائزتان بالمركزين الأول والثاني إلى فيلمين، ويُمْنح صاحب المركز الأول مبلغ 100 ألف دولار، والثاني 50 ألف دولار، والثالث 30 ألف دولار.

ويشمل مسار «الرواية» فئات عدة، هي أفضل روايات «تشويق وإثارة» و«كوميدية» و«غموض وجريمة»، و«فانتازيا» و«رعب» و«تاريخية»، و«رومانسية» و«واقعية»، حيث يحصل المركز الأول على مبلغ 25 ألف دولار عن كل فئة بإجمالي 200 ألف دولار لكل الفئات.
وسيحوّل مسار «أفضل سيناريو مقدم من عمل أدبي» العملين الفائزين بالمركزين الأول والثاني إلى فيلمين سينمائيين مع مبلغ 100 ألف دولار للأول، و50 ألف دولار للثاني، و30 ألف دولار للثالث.
وتتضمن المسابقة جوائز إضافية أخرى، حيث سيحصل أفضل عمل روائي مترجم على جائزة قدرها 100 ألف دولار، وأفضل ناشر عربي 50 ألف دولار، بينما يُمنح الفائز «جائزة الجمهور» مبلغ 30 ألف دولار، وذلك بالتصويت عبر المنصة الإلكترونية المخصصة.