«سلسلة الشّعر العالمي» تعلن عن إصداراتها الأولى

تضمنت ديواناً لشاعر تونسي وآخر لشاعر مالطي

«سلسلة الشّعر العالمي» تعلن عن إصداراتها الأولى
TT

«سلسلة الشّعر العالمي» تعلن عن إصداراتها الأولى

«سلسلة الشّعر العالمي» تعلن عن إصداراتها الأولى

أعلنت دار «نقوش عربيّة» و«مهرجان سيدي بوسعيد» للشّعر عن صدور العناوين الأولى لسلسلة «ش» للشّعر العالمي. وتطمح هذه السّلسلة إلى أن تكون «مرفقاً لنشر النّصوص الشّعريّة المتميّزة والتقدميّة، وكذلك الدّراسات الجادّة المهتمّة بالشّعر».

وجرى اختيار أن يكون العنوانين الأولين الصّادرين هما: ديوان «في حضرة السّوء» للشّاعر التونسي محمد العربي، وديوان «انس أنّها ليست هنا» للشّاعر المالطي نوربيرت بوجاية (ترجمه إلى العربية كلّ من جمال الجلاصي ومعز ماجد).

واحتفاء بهذين الإصدارين اللذين يعدّان الانطلاقة الفعليّة لسلسلة «ش»، تنظّم دار «نقوش عربيّة» مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حفلاً أدبيّاً بالمقهى الثقافي «الرّيو» تقدم خلاله الإصدارين بحضور الشّاعرين، كما تقدم السلسلة وتوجهاتها العامة أمام جمهور من الصّحافيين والفاعلين في الساحة الثقافية التونسية.

وديوان «في حضرة السّوء» هو الديوان الخامس للشاعر التونسي محمد العربي الذي برز اسمه من بين جيل من الشعراء ظهروا على السّاحة الأدبية التونسية بعد ثورة 2011. وهو حاصل على عدد من الجوائز الشعريّة في تونس وفي العالم العربي، أهمّها جائزة بلند الحيدري (الرّباط، 2018) وجائزة معرض الكتاب التونسي (تونس، 2022).

أما الشّاعر المالطي نوربيرت بوجاية، فهو أحد أهم الأصوات الشعرية في مالطا، ويعدّ من بين الأصوات الشعرية الصاعدة في الساحة الأدبية المتوسطية. وهو أستاذ محاضر بكليّة مالطا ومدير «مركز الدّراسات المتوسّطية» بها. ترجم شعره إلى الإنجليزية وإلى الفرنسية، وهذا الكتاب هو أوّل ظهور له في اللغة العربية.

قدمّت لديوانه الشاعرة آمنة الوزير، التي قالت في مقدّمتها عن «انس أنها ليست هنا»، إنه «رحلة شعريّة في الأماكن المسكونة بالغياب عبر ذاكرة مشوّهة. هذا الدّيوان يغوص بنا في عوالم الذّات العميقة، ذات الشاعر وذوات كل قارئ ذاق ألم الفراق ولم يعبر إلى ضفّة النّسيان».

ويقول القائمون على سلسلة «ش» للنشر إنها تأسست بوصفها خطوة جديدة ومرحلة إضافية من مشروع كامل يسعى لإعطاء الشعر المكانة التي تليق به، وقد بدأ هذا المشروع مع بعث «المهرجان العالمي للشعر» في سيدي بوسعيد عام 2013، وهو المهرجان الذي تمّكن من أن يصبح أحد أهم المواعيد الشعرية في العالم العربي، وحوّل تونس إلى محطة وازنة في جغرافيا الشعر العالمي، وذلك باستقطابه كبار شعراء العالم من أميركا اللاتينية وأوروبا وآسيا وأفريقيا.

ويلاحظ مشرفو هذه السلسلة، أنه «على الرغم من أن الشعر عماد الثقافة العربية ومشكاة لغتها، إلا إنّه اليوم أضحى يعاني من جفاء الناشرين وانحسار الفضاءات والمنصّات المحتفية به». ولذلك؛ فإن «أفول الشعر وتراجع عدد مُحبيه أمر من شأنه أن يفقد الثقافة العربية أصواتاً تحتاجها للعبور إلى ثقافات العالم والحضور الفاعل في رحابه».

ويقول معز ماجد، مؤسس «المهرجان العالمي للشعر» في سيدي بوسعيد والمشرف على سلسلة «ش»: «من التساؤل الأساسي؛ وصولاً إلى الكلمة المنعتقة من إكراهات المعنى، يبقى الشعر أرضاً عصيّة على التوافقات وعلى كل محاولات التعريف».


مقالات ذات صلة

بأية سوريا نحلم؟

ثقافة وفنون سوريون يحتفلون في ساحة المسجد الأموي بدمشق (أ.ف.ب)

بأية سوريا نحلم؟

في فترة قياسية في التاريخ، لم تتجاوز أحد عشر يوماً، سقط أكثر من نصف قرن من نظام استثنائي بقمعه، وأجهزته الأمنية، وسجونه، وسجل ضحاياه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون هيثم حسين

تأخذ أحلامي شكل الوطن الذي حُرمت منه

أحلم بسوريا جديدة تُعاد صياغتها على أسس المواطنة الحقيقيّة، حيث ينتمي الفرد إلى الوطن لا إلى طائفة أو عرق أو حزب

هيثم حسين
ثقافة وفنون عتاب حريب

حين طلب مني الأمن أن أرسم صورة «المعلم»

في عام 2011 كنت على موعد للحصول على فيزا لإقامة معرض في نورث كارولينا بدعوة من جامعة دافيدسون وحصلت على الفيزا في آخر يوم قبل إغلاق السفارة بدمشق.

عتاب حريب
ثقافة وفنون علياء خاشوق

لن نسمح بعد الآن لأحد أن يسرق الحلم منا

«يسقط الطاغية (الثلج) الآن في مونتريال، والأشجار وقوفاً كالأشجار».

علياء خاشوق
ثقافة وفنون فواز حداد

سوريا بحاجة لاستعادة أبنائها

لدى السوريين عموماً عناوين غير مختلف عليها حول سوريا الجديدة: دولة مدنية. ديمقراطية. سيادة القانون. دستور. انتخابات. تداول السلطة. المواطنة. حرية التعبير والرأي

فواز حداد

لن نسمح بعد الآن لأحد أن يسرق الحلم منا

علياء خاشوق
علياء خاشوق
TT

لن نسمح بعد الآن لأحد أن يسرق الحلم منا

علياء خاشوق
علياء خاشوق

«يسقط الطاغية (الثلج) الآن في مونتريال، والأشجار وقوفاً كالأشجار».

كانت هذه جملتي المفضلة التي أكررها في أغلب منشوراتي على «فيسبوك»، طيلة ثلاثة عشر عاماً منذ بداية الثورة السورية. كنت أدرّب نفسي، أو لنقل، أستعد لكتابة الجملة المشتهاة في اللحظة المشتهاة:

«يسقط الطاغية بشار الأسد الآن في دمشق، والسوريون وقوفاً كالأشجار».

ويا للهول، أتت اللحظة الفاصلة (اللحظة المعجزة)، تحررت سوريا من هذا العبء الثقيل. سقط النظام السوري المجرم، وأصبحت سوريا، ونحن السوريين معها، بخفة ريشة تتطاير في الهواء. نمسك الحلم (حلمنا) بأيدينا، ونخشى أن يتخلى عنا مرّة أخرى. لا لن يفعل، لن ندعه يفعل، لن نعطيه هذه الفرصة.

ولذا، عُدنا إلى تبني مفهوم التفاؤل، بعد أن غاب عنا عمراً طويلاً أمضيناه نلوك المرارة تلو المرارة، مجزرة تلو المجزرة. نموت بالآلاف، أشلاءً تحت وطأة البراميل المتفجرة. نغرق في بحار البلدان المجاورة ونحن نبحث عن أرض آمنة. تنجرح أصواتنا ونحن نطالب بمعتقلينا في سجون النظام. نخبر الله والعالم أجمع عما يحل بنا ثم نخبو في آخر اليوم، كل يوم، نتكور على أنفسنا مهزومين، نلوك الوجع، ويموت التفاؤل فينا مع كل غياب شمس، أكثر من سابقه.

ثم يأتي يوم الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، يأتي على هيئة بابا نويل، مرتدياً العلم السوري الأخضر. يهبط بعربته في أرض الشام. يفتح جعبته ويوزع الهدايا على كل سوري، صغيراً كان أم كبيراً.

بابا نويل يمسك بنا (نحن) الخِفاف كالريشة التي صرناها ويقترح علينا مصالحات. مصالحات مع المرارة، الهزيمة، الانتظار، اللاأمل، مع موتنا وأشلائنا، مع غرقنا، مع أصواتنا المجروحة ومع زمننا المقبل، الزمن السوري المقبل. جاء بابا نويل هذا (8 ديسمبر)، وتحت إبطه عقد لصفقة كبيرة تدعى «التفاؤل».

قال له السوريون: «أيها السيد المحترم بابا نويل، إنها صفقة رابحة ونحن اشترينا. كل ما نتمناه ألا تكون بضاعتك مغشوشة».

وقّعنا، بسرعة فرح الأطفال، عقد التفاؤل هذا ثم رقصنا وغنّينا وحوّلنا ساحات المدن (كل المدن التي تبعثرنا فيها منفيين ومهجرين)، حوّلناها إلى منصات لاحتفال حاشد واحد، نحمل فيه علمنا الأخضر وندور في شوارع العالم، معلنين حريتنا الغالية الثمن، وسوريتنا وطناً مسترداً من أيدي الطاغية.

يا للهول، يا للحظة المعجزة!

يا للهول، يا للبضاعة المغشوشة أيها البابا نويل المحترم! تفاؤلنا مخلوط بكمية هائلة من الحذر ومعقود على خوف، خوف من زمننا السوري المقبل.

الخوف؟ الحذر؟

ربما لأننا أبناء إمبراطورية الخوف... سوريا.

تقول صديقة كندية: الثلج هو وطني.

ترد صديقتي السورية: الخوف هو وطني، أنا أخاف من أن يمر يوم لا أخاف فيه.

يقف الآن زمننا السوري المقبل بمواجهتنا في مرآتنا. يسألنا عن نفسه فينا، يمد لنا يده، «فماذا أنتم فاعلون؟».

نطبطب على كتف التفاؤل، نحابي الحذر، نتجرأ على الخوف، ونعلن للعالم كله بصوت واحد: «طوبى لمن يشهد قيامة شعبه».

تبدأ المبادرات والدعوات لسوريا الدولة المدنية، سوريا دولة القانون، تمتلئ صدور السوريين بطاقة إيجابية للبناء وإعادة الإعمار، للمصالحات بين زمننا الماضي بكل ما فيه، وزمننا المقبل بكل تحدياته.

تعود إلينا سوريا محطمة، مسروقة، مريضة، مكسورة النفس، تشبه أولادها الذين خرجوا أخيراً من سجون النظام، يحملون تعذيبهم على أكتافهم، ويتركون ذاكرتهم وراءهم بعيداً بعيداً في معتقلاتهم.

كل الصور والأخبار التي يراها العالم اليوم، والذي وقف لمدة خمسة عقود ونيف، متفرجاً على آلام طريق الجلجلة السورية، كلها تعقد الألسن، تفتح أبواباً ونوافذ للحذر من مآلات التغيير، وترفع مسؤولية السوري إلى أعلى مستوياتها تجاه هذا الوطن الذي نسترده الآن حراً من الطغيان الأسدي.

يتصدر المشهد مجموعة ثوار إسلامويين، قطفوا اللحظة (المعجزة)، ويصدرون الوعود الإيجابية بسوريا جديدة لكل أهلها على اختلاف مشاربهم.

ينتظر العالم بأسره كيف سيتعامل هؤلاء الإسلامويون مع بابا نويل سوريا؟

السوريون هم الوحيدون مَن لن ينتظر بعد ذلك. لقد بدأوا بكتابة تاريخهم الجديد، ولن يسمحوا بعد الآن لأي هيئة أو جماعة أن تسرق الحلم.

نعم أيها التفاؤل، إنك صفقة رابحة، حتى ولو كانت مغشوشة.

* سينمائية سورية