«مؤتمر قصيدة النثر المصرية»... إشكالية التعريف وإعادة تشكيل العالم

بمشاركة 35 شاعراً وشاعرة

من الجلسات البحثية في المؤتمر
من الجلسات البحثية في المؤتمر
TT

«مؤتمر قصيدة النثر المصرية»... إشكالية التعريف وإعادة تشكيل العالم

من الجلسات البحثية في المؤتمر
من الجلسات البحثية في المؤتمر

على مدار ثلاثة أيام، احتضنت «مكتبة الإسكندرية» الدورة السابعة من مؤتمر «قصيدة النثر المصرية» التي أقيمت في «بيت السناري» الأثري التابع للمكتبة بالقاهرة، واختتمت فعالياتها يوم الخميس الماضي.

تنوعت الفعاليات التي جرت في الهواء الطلق ما بين الحلقات النقاشية والندوات النقدية والأمسيات الشعرية التي شارك فيها شعراء من مختلف الأجيال لتقديم الجديد في هذا النوع الأدبي، منهم حسونة فتحي، عمر شهريار، محمد المتيم، طارق هاشم، يونان سعد، عبير عبد العزيز، رشا أحمد، وسوزان عبد العال، ومن جيل الشباب مروة مجدي، صفاء أبو صبيحة، أحمد إمام، آلاء فودة، وسهام محمد قاسم.

واتسمت بطابع عاطفي مؤثر، الأمسية المخصصة لقراءات من أعمال شعراء رحلوا عن عالمنا: فاطمة منصور، محمد عيد إبراهيم، ماهر نصر، محمود قرني، أشرف عامر، سامي الغباشي، محمود سليمان، وشهدان الغرباوي، زاد من جرعة التأثر أن الخمسة الأخيرين غيبهم الموت هذا العام. قدم الجلسة الشاعر أسامة جاد وتناوب القراءة مع الشاعرة إيمان السباعي. وكان لافتاً حضور الفنان طارق الدسوقي الجلسة ليلقي في أداء راقٍ فاجأ الجميع بسلاسته ورهافة إحساسه عدداً من قصائد الشاعر أشرف عامر الذي رحل قبل نحو أسبوعين.

الأوراق النقدية راوحت ما بين البعدين التطبيقي والنظري، منها «خمسون عاماً من التدفق» للباحث د. نبيل عبد الفتاح، و«تجربة الشاعر عزت عامر الجمالية» لعمر شهريار، و«جمالية اللوعة» للدكتور صلاح السروي، و«ضرورة السرد في الشعرية الجديدة» للدكتور هيثم الحاج علي، و«تشكيل العالم في قصيدة النثر» للدكتور مصطفى القزاز.

أجمع الحضور على أن هذه الدورة تعد من أنجح دورات المؤتمر، وأنها حركت ركود الحياة الثقافية. وقال الشاعر عادل جلال، راعي المؤتمر، لـ«الشرق الأوسط»، إنه ربما ما يميز هذا المؤتمر الاستمرارية رغم كل الظروف، ثم الحياد والشفافية في التعامل مع الزملاء شعراء وشاعرات ونقاداً، حيث كان الرهان منذ الدورة الأولى على الإبداع والمبدعين والانحياز للأصوات الشابة بالقدر نفسه مع الأصوات الراسخة.

وأضاف: «دعم هذه الأصوات جعل دماء المؤتمر متجددة سنوياً وممتدة لكل مكان في مصر، سواء على مستوى المواهب الشعرية أو الأصوات النقدية، كما فتحنا الباب للمواهب من داخل الجامعات وكذلك من خارجها».

وأشار الباحث د. مصطفى القزاز في ورقته النقدية حول «قصيدة النثر وإعادة تشكيل العالم» إلى أن تلك القصيدة التي تجاوزت إشكالية التعريف تعد أحد أشكال التمرّد على الاستبدادات الشكليّة النمطية التي ألفتها الكتابة الشعرية قروناً، فهذا الشكل الجديد نسبياً استطاع أن يتجرد تماماً من القوانين العروضيّة المتداولة في أشكال القصيدة الغنائيّة، وراهن على صيرورته خارج النظم المعروفة، مستنداً إلى الإرادة القوية الكامنة فيه؛ تلك الإرادة التي رفضت هذا الشكل الجامد الذي يعد أحد بواعث الصعوبة التي يواجهها المرء في تحديد هويته وشكله.

وتناولت الباحثة ابتهال رباح «إيروتيكيا النص» في مقاربة تستهدف الكشف عن ملامح الحسي والروحاني في بعض نماذج قصيدة النثر. واتخذت من بديوان «سلة إيروتيكا تحت نافذتك» للشاعر مؤمن سمير فضاءً تطبيقياً، حيث ترى ابتهال رباح أن «هذا الديوان يمثل تجربة فردية وفريدة، علت فيها أصوات العشق والجنون، تعيش الذات فيها لنفسها فقط، لحسابها، تعزف على عذاباتها ومتعها، ألمها وأملها»، مشيرة إلى أن تعدد الأصوات في هذا الديوان يمثل نوعاً من الهروب، ربما من الموت، أو الخوف والوحدة.

وعلى هامش المؤتمر، صدر كتاب «ينابيع تصنع نهراً - أنطولوجيا قصيدة النثر المصرية»، تضمن نصوصاً لـ35 شاعراً وشاعرة. وهو مسعى توثيقي يواكب كل دورة للمؤتمر.

وفي تقديمه لكتاب الأنطولوجيا، أوضح الشاعر جمال القصاص أننا هنا «أمام أشياء تتداعى في الوجود، يتشكل حضورها وغيابها، غالباً، بمحض الصدفة، بعيداً عن جدل المتناقضات الشرهة التي تحول العالم إلى ساحة صراع ونفوذ قذرة. نحن أمام ذوات شاعرة تحتفي بكينونتها، وتعري ضعفها وهشاشتها إلى حد الابتذال والفوضى والتباهي بجماليات الفضيحة أحياناً. أمام وجود عار من الأقنعة والتمويه، ينفر من الغموض، ويرى فيه تكريساً للخوف من الذات والآخر، من الشائك الملتبس، والمهمش المسكوت عنه، يعزز ذلك أن لدى هؤلاء الشعراء قناعة بأن الأفكار والرؤى الفكرية لا تصنع الهوية، إنما تظل أنساقاً علوية، تكمن أهميتها ومصداقيتها في خلق مسارات وعي مغاير بالهوية نفسها، وتشكلاتها الضاربة في عمق الزمان والمكان». ومما قاله أيضاً: «تتعدد صور الوجود وتتنوع هنا شعرياً ومعرفياً، فلم يعد حلماً طوباوياً، عصيّاً على الذات الشعرية ووعيها الإنساني، إنما أصبحت تتلمسه وتعيشه وتلعب معه، كأنه مفردة حميمة من نزق الجسد وشطح الروح، وتراسلات الذاكرة الحية المفتوحة بطفولة اللغة والشعر على قوسي البدايات والنهايات».

ولفت القصاص إلى أن ثمة ملمحاً آخر من صور هذا الوجود المغاير يتركز حول فردانية الذات، كما يطالعنا نص «ميراث» الشاعر حسونة فتحي.

اللافت أن هذه الفردانية لا تلغي الصورة الكبيرة، الشائعة المألوفة التي تصنعها مخيلة الجماعة البشرية، ويتضافر في إرثها الميثولوجي التراثي، بشقيه الديني المقدس، واليومي ابن تراتب الحياة في أنماطها ومظاهرها الاجتماعية المكرورة. تتمسك الذات الشاعرة بهذه الفردانية، وتلوذ بها طوق نجاة وخلاص من وجه الوجود الرتيب المتناثر حولها ولا تستطيع التآلف معه حتى في لحظات الحنين العاطفي.. (هكذا قيل لي، وبكلامٍ مقدس/ غير أني لا أملك شيئاً/ لا من الأرض... ولا من الأمر/ وروحي واهنةٌ؛ ترزَحُ تحت عذاباتٍ لم يتعرض لها مَلَكٌ قط/ وجسدي بالكاد يحمل رأسي/ ولا زلتُ أبحثُ، في امرأتي، عن امرأتي).


مقالات ذات صلة

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

يوميات الشرق الروائيّ اللبناني جبّور الدويهي (فيسبوك)

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

عشيّة الذكرى الثالثة لرحيله، تتحدّث عائلة الروائيّ اللبنانيّ جبّور الدويهي عن سنواته الأخيرة، وعن تفاصيل يوميّاته، وعن إحياء أدبِه من خلال أنشطة متنوّعة.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

رواية «حكاية صفية» للروائية الكويتية ليلى العثمان الصادرة عام 2023، رواية جريئة بشكل استثنائي

فاضل ثامر
ثقافة وفنون شاهد قبر من البحرين، يقابله شاهدان من تدمر

الفتى حامل الطير وعنقود العنب

يحتفظ متحف البحرين الوطني في المنامة بمجموعة كبيرة من شواهد القبور الأثرية المزينة بنقوش تصويرية آدمية، منها شاهد مميّز يمثّل فتى يحمل عصفوراً وعنقوداً من العنب

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون غلاف الكتاب

الرواية الفلسطينية... ممارسات الاحتلال وآليات المقاومة

«أسئلة الرواية الفلسطينية» هو الكتاب الحادي عشر في النقد الروائي للشاعر والناقد سلمان زين الدين، وقد صدر مؤخّراً عن «مركز ليفانت للدراسات والنشر» في الإسكندرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون ريما بالي

الكاتبة السورية ريما بالي: أُواجه الحرب بالخيال وقصص الحب

تهتم الكاتبة الروائية السورية ريما بالي بسردية بلادها ما بعد الحرب، وتوليها عناية خاصة من خلال أعمالها التي تتحدث فيها عادة عن مسقط رأسها «حلب» في سياقات مختلفة

منى أبو النصر (القاهرة)

آل الشيخ يكشف عن أعضاء «جائزة القلم الذهبي للأدب»

المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
TT

آل الشيخ يكشف عن أعضاء «جائزة القلم الذهبي للأدب»

المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)

كشف المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، الأربعاء، عن أعضاء لجنة «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، والتي تهدف إلى إثراء صناعة السينما بالمنطقة، ودعم المواهب الإبداعية في كتابة الرواية من جميع الجنسيات والأعمار.
وتَشكَّلت لجنة الجائزة من أعضاء يملكون خبرات واسعة في مجالات الأدب، والكتابة السينمائية، والإنتاج والإخراج السينمائي، حيث جاءت برئاسة الأديب والروائي السعودي الدكتور سعد البازعي، والروائي والمترجم والسيناريست السعودي عبد الله بن بخيت نائباً له.

وتضم اللجنة في عضويتها كلاً من الكاتب والروائي السعودي عبده خال، والروائي الكويتي سعود السنعوسي، والروائي المصري أحمد مراد، والروائية السعودية الدكتورة بدرية البشر، والكاتب والسيناريست السعودي مفرج المجفل، والكاتب والسيناريست المصري صلاح الجهيني، والناقد السينمائي المصري طارق الشناوي، والسيناريست المصري شريف نجيب، والخبير عدنان كيال مستشار مجلس إدارة هيئة الترفيه، وكاتبة السيناريو المصرية مريم نعوم، والمخرج المصري محمد خضير، والمنتج السينمائي المصري أحمد بدوي، والمخرج المصري خيري بشارة، والمنتج اللبناني صادق الصباح، والمخرج السينمائي المصري مروان حامد، والمخرج والمنتج السينمائي السعودي عبد الإله القرشي، والكاتب والسيناريست المسرحي السعودي ياسر مدخلي، والكاتب والروائي المصري تامر إبراهيم.

وتركز الجائزة على الروايات الأكثر جماهيرية وقابلية لتحويلها إلى أعمال سينمائية، مقسمة على مجموعة مسارات؛ أبرزها مسار «الجوائز الكبرى»، حيث ستُحوَّل الروايتان الفائزتان بالمركزين الأول والثاني إلى فيلمين، ويُمْنح صاحب المركز الأول مبلغ 100 ألف دولار، والثاني 50 ألف دولار، والثالث 30 ألف دولار.

ويشمل مسار «الرواية» فئات عدة، هي أفضل روايات «تشويق وإثارة» و«كوميدية» و«غموض وجريمة»، و«فانتازيا» و«رعب» و«تاريخية»، و«رومانسية» و«واقعية»، حيث يحصل المركز الأول على مبلغ 25 ألف دولار عن كل فئة بإجمالي 200 ألف دولار لكل الفئات.
وسيحوّل مسار «أفضل سيناريو مقدم من عمل أدبي» العملين الفائزين بالمركزين الأول والثاني إلى فيلمين سينمائيين مع مبلغ 100 ألف دولار للأول، و50 ألف دولار للثاني، و30 ألف دولار للثالث.
وتتضمن المسابقة جوائز إضافية أخرى، حيث سيحصل أفضل عمل روائي مترجم على جائزة قدرها 100 ألف دولار، وأفضل ناشر عربي 50 ألف دولار، بينما يُمنح الفائز «جائزة الجمهور» مبلغ 30 ألف دولار، وذلك بالتصويت عبر المنصة الإلكترونية المخصصة.