«الدولفين»... بذرة يانعة في أرض قلقة

عدنان منشد كتب سرديته عن العراق ما قبل 2003 وبعدها ومضى

«الدولفين»... بذرة يانعة في أرض قلقة
TT

«الدولفين»... بذرة يانعة في أرض قلقة

«الدولفين»... بذرة يانعة في أرض قلقة

في 29 يوليو (تموز) 2022، رحل الكاتب والناقد المسرحي العراقي عدنان منشد في منفاه الاختياري، في مدينة سامسونغ التركية بشكل مفاجئ. وبالرغم من أن منشد قد عُرف بكتابة القصة القصيرة منذ بداية سبعينات القرن الماضي، بالإضافة إلى النقد والتأليف المسرحي، فإنه ترك رواية مخطوطة ضمن أوراقه، حررها ودفعها للنشر الروائي جهاد مجيد، وصدرت أخيراً عن اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين. هنا قراءة في الرواية...

تثير رواية «الدولفين» لعدنان منشد كثيراً من الإشكاليات الفنّية والفكرية، تمسّ جوهر العملية الإبداعية، هذه الإشكاليات يلتقطها المتلقّي الذي يتجاوز بذائقته القرائية الأعمال السردية التي تحمل عوامل ضعفها في داخلها، لتشهد انزواءها بحضور منتجها، وتُركَن على رفّ المهملات. لم يعد السرد حدثاً عرضياً، أو بنية موضوعاتية قصدية وغرضية، إنّما هو بنية فاعلة في الخلق الإبداعي، ويمكن النظر إليها من هذه الزاوية على أنّها مشروع بحثي ينهض به منتج النصّ قبل أن يشرع في تخطيط إسكيجات عمله الإبداعي، وهذا المشروع يتطلّب رؤيا اجتماعية وفكرية واقتصادية وجمالية لتحقيق حالة التوازن بين ما هو إبداعي في النصّ، وما هو حقيقي أو واقعي في الحركة الاجتماعية العامة، بعيداً عن المحدِّدات الاجتماعية الخارجية التي من الممكن أن تكون ضاغطة على فكر منتج النصّ لترسخ حضورها في المتن الحكائي.

يضعنا عدنان منشد في رواية «الدولفين» أمام إشكاليات حقيقية في نمط ونوع التلقّي للعمل الإبداعي، إذ قد يرى بعضهم أنّ هذا العمل هو عبارة عن سردية آيديولوجية وثّقها الكاتب الذي عاش في المرحلتين قبل 9 أبريل (نيسان) 2003، وبعدها، وفي هذا ظلم واستسهال للنصّ، وقد يرى بعضهم الآخر أنّه سرد واقعي مأساوي، يرسم خطوطه العامّة في حركة تتابعية للأحداث، وصولاً إلى نهاية مأساوية، أو يراها مأساة حقيقية للإنسان العراقي بشكل عامّ، أو تعبيراً عن خيبات وانكسارات منتج النصّ، إذا ما أردنا أن نهرب من داخل النصّ إلى خارجه.

كان عدنان في هذه التجربة السردية في كتابة الرواية مرتكزاً على ماضي تجارب إبداعية مرّ بها في مسيرته الحياتية، فهي في قسم منها نتاجُ زاده المسرحي، وفي قسم آخر نتاجُ تجربته في القصّة، ولا سّيما مهارته في كتابة السرد المقطعي الذي أتاح له الحرّية في الحركة والانتقال واقتناص الأحداث عن مرحلة تجاوزت أكثر من 50 عاماً.

هذا الزمن هو عصارة الخيبات والنكسات والانكسارات في الجانب الحياتي والسياسي، لكنّه كان مشرقاً على مستوى المنجز الإبداعي الخاصّ به، وهو ما بين المنجز الفردي (القصة والرواية والإعداد المسرحي)، والمنجز الجماعي على مستوى الإخراج المسرحي، ومن هذه التناقضات، بين الواقعي الضاغط والمهيمن على المشروعات الإبداعية، وما بين المشروعات الذاتية الجمالية المحلّقة في فضاءات مشرقة بعيداً عن بؤس الواقع، تخرج مشروعات عدنان لتجسّد نفسها وجوداً إبداعياً.

وهنا لا بدّ لنا من التساؤل عن الحافز في كتابة هذا النصّ السردي؟ وما طبيعة الخطاب الذي تضمّنه هذا النصّ؟

لا يمكن لنا الإجابة على هذه الأسئلة والأسئلة التي سبقت من دون أن نخوض في تفاصيل التشكيل والرؤية السردية، إذ إنّ هذا النصّ في حدّ ذاته يشهر اختلافه عن باقي النصوص التي ظهرت ضمن السرديات الأميركية بعد 2003، وامتلكت خصوصية خطابها.

يؤكّد دينو بوتزاني في حوار صحافي معه أنّ فكرة ولادة رواية «صحراء التتار» جاءت «من خلال الحياة الليلية الرتيبة التي كان يعيشها عندما كان محرّراً في الجريدة»، مع مصطفى الحسون، مترجم مقدمة «صحراء التتار» (دار حوران للطباعة والنشر والتوزيع – سوريا - 2003)، وتحكي رواية «صحراء التتار» «قصة جوفاني دروغو، الذي غادر منزله في صباح يوم من أيام (سبتمبر - أيلول)، وغادر المدينة للالتحاق بحصن باس تياني، حيث يقضي هناك الشطر الأعظم من حياته، وكانت رحلة إلى خارج العالم المسكون، إلى الحدود الفانية للعالم، في مبنى عسكري يبدو قديماً ومتصحّراً».

وهذا ينطبق تماماً على عدنان منشد. فقد كان عمله الصحافي نهاراً يتيح له مساحة واسعة من رصد المتغيرات الاجتماعية، مثلما كان عمله في فضاء الدراما قبل أبريل 2003 يلوّن مخايله بجماليات الإبداع، بعيداً عن قبح الواقع الذي يراه ويعيشه، هذا القبح الذي امتدّ إلى ما بعد ذلك التاريخ قبحاً سائلاً متفشّياً في مفاصل الدولة والمجتمع.

وقف منشد بين مرحلتين، وكان ينتظر من الآتي متغيّراً جوهرياً لتحقيق الأحلام المشروعة، إلّا أنّ هذا المتغيّر أجهض تلك الأحلام، وأطفأ جذوة الأمل في النفوس. لكنه لم يتسرّع في الشروع بلحظة الفعل الكتابي، فقد كان الماضي بكلّ خيباته ومرارته حاضراً في ذاكرته، ومن السهل إفراغ تلك الصور على بياض الورقة سرداً متواصلاً، لكن ما الجديد الذي يمكن أن يقدّمه في سردية روائية عن زمن مضى؟ وما الجدوى من مثل هذه الكتابات؟

إذا كان العمل الليلي في الصحيفة قد فرض العزلة على بوتزاني، وراح يفكّر في تجسيد ذلك في عمل سردي شكّل علامة تاريخية في السرد الروائي العالمي، فإنّ منشد لم يرَ في العزلة حافزاً للإنتاج السردي، وإنّما في خيبات وانكسارات الإنسان في ظلّ الأنظمة الشمولية.

بعد 20 عاماً من الانتظار قرّر المغادرة، ومن هضاب وتلال وجبال الهجرة أعاد رصد شريط الذاكرة بعيداً عن ضغوطات واقع لا يمنحك الأمان لحظة واحدة، وهو ذلك الإنسان الصلب المتمسّك بخياره المبدئي الذي توسّده في زمن الجوع والاضطهاد والمطاردة والاعتقال في سجون النظام السابق.

«الدولفين» هي عصارة تجارب، وليست تجربة فريدة، هي التاريخ في حاضره وماضيه، وهي كلمة الإنسان المبدع الحقيقي في مختلف الأزمنة، كتبت بلوعة إنسان محروم وعقل إبداعي، وأسلوب كاتب محترف يعرف كيف يصوغ جملته ويرسم مشهده السردي، وكيف يؤثّث نصّه بتفاصيل الحكاية، ورواية «الدولفين» من حيث المتن الحكائي ليست بالجديدة والغريبة عن المتلقّي الذي عاش في المرحلتين، فكلّ غرائبية الأحداث التي نسجت حولها سردية «الدولفين» هي نتاج واقع، وتلك الحكاية التي صاغ تشكيلها الكاتب وأضفى عليها الغرائبية، غير أنها غرائبية متوازنة ضمن حركة الأحداث، وليس كما هي في الواقع، غرائبية حادّة خارجة عن المتن الواقعي للسرديات اليومية.



آل الشيخ يكشف عن أعضاء «جائزة القلم الذهبي للأدب»

المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
TT

آل الشيخ يكشف عن أعضاء «جائزة القلم الذهبي للأدب»

المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)
المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية (الشرق الأوسط)

كشف المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، الأربعاء، عن أعضاء لجنة «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، والتي تهدف إلى إثراء صناعة السينما بالمنطقة، ودعم المواهب الإبداعية في كتابة الرواية من جميع الجنسيات والأعمار.
وتَشكَّلت لجنة الجائزة من أعضاء يملكون خبرات واسعة في مجالات الأدب، والكتابة السينمائية، والإنتاج والإخراج السينمائي، حيث جاءت برئاسة الأديب والروائي السعودي الدكتور سعد البازعي، والروائي والمترجم والسيناريست السعودي عبد الله بن بخيت نائباً له.

وتضم اللجنة في عضويتها كلاً من الكاتب والروائي السعودي عبده خال، والروائي الكويتي سعود السنعوسي، والروائي المصري أحمد مراد، والروائية السعودية الدكتورة بدرية البشر، والكاتب والسيناريست السعودي مفرج المجفل، والكاتب والسيناريست المصري صلاح الجهيني، والناقد السينمائي المصري طارق الشناوي، والسيناريست المصري شريف نجيب، والخبير عدنان كيال مستشار مجلس إدارة هيئة الترفيه، وكاتبة السيناريو المصرية مريم نعوم، والمخرج المصري محمد خضير، والمنتج السينمائي المصري أحمد بدوي، والمخرج المصري خيري بشارة، والمنتج اللبناني صادق الصباح، والمخرج السينمائي المصري مروان حامد، والمخرج والمنتج السينمائي السعودي عبد الإله القرشي، والكاتب والسيناريست المسرحي السعودي ياسر مدخلي، والكاتب والروائي المصري تامر إبراهيم.

وتركز الجائزة على الروايات الأكثر جماهيرية وقابلية لتحويلها إلى أعمال سينمائية، مقسمة على مجموعة مسارات؛ أبرزها مسار «الجوائز الكبرى»، حيث ستُحوَّل الروايتان الفائزتان بالمركزين الأول والثاني إلى فيلمين، ويُمْنح صاحب المركز الأول مبلغ 100 ألف دولار، والثاني 50 ألف دولار، والثالث 30 ألف دولار.

ويشمل مسار «الرواية» فئات عدة، هي أفضل روايات «تشويق وإثارة» و«كوميدية» و«غموض وجريمة»، و«فانتازيا» و«رعب» و«تاريخية»، و«رومانسية» و«واقعية»، حيث يحصل المركز الأول على مبلغ 25 ألف دولار عن كل فئة بإجمالي 200 ألف دولار لكل الفئات.
وسيحوّل مسار «أفضل سيناريو مقدم من عمل أدبي» العملين الفائزين بالمركزين الأول والثاني إلى فيلمين سينمائيين مع مبلغ 100 ألف دولار للأول، و50 ألف دولار للثاني، و30 ألف دولار للثالث.
وتتضمن المسابقة جوائز إضافية أخرى، حيث سيحصل أفضل عمل روائي مترجم على جائزة قدرها 100 ألف دولار، وأفضل ناشر عربي 50 ألف دولار، بينما يُمنح الفائز «جائزة الجمهور» مبلغ 30 ألف دولار، وذلك بالتصويت عبر المنصة الإلكترونية المخصصة.