مجموعة شعرية بالكردية لهوشنك أوسي

مجموعة شعرية بالكردية لهوشنك أوسي
TT

مجموعة شعرية بالكردية لهوشنك أوسي

مجموعة شعرية بالكردية لهوشنك أوسي

عن دار «زمان» السورية، صدر للشاعر والروائي الكردي السوري هوشنك أوسي ديوان شعري جديد باللغة الكردية، يحمل عنوان «قرب جدار الله... تحت سماوات عشقكِ». وجاء الديوان في 104 صفحات من القطع المتوسط، وضم 44 قصيدة، مختلفة الأحجام ومتنوعة المواضيع والأمكنة أيضاً، أغلبها مكتوبة في سنة 2020.

وهذا الديوان هو الرابع لهوشنك أوسي باللغة الكردية، والعاشر له على صعيد تجربته الشعرية.

بالتوازي مع ذلك، صدرت له دواوين شعرية باللغة العربيّة، منها «قلائد النار الضّالة... في مديح القرابين» و«لا أزلَ إلّا صمتكِ، لا أبدَ إلاّ صوتكِ»، و«بعيني غراب عجوز»، كما صدرت له ترجمة هولندية لمجموعة من قصائده في كتاب باللغتين الهولنديّة والعربيّة، بعنوان «لست بحراً».

وله أيضاً خمس روايات بالعربية.

من أجواء الديوان:

كطريقٍ بعيدة، أمرُّ من فناجين قهوتكم.

أتأمّلكم قائلاً:

لماذا تركتموني للآلام، الأحزان والهموم تنهبني، لماذا؟

لم يتبقَّ منّي شيء.

***

أنا مُظلِمٌ، وأكثرُ عمقاً من الليل.

ألمعُ كحرجٍ أخضرٍ، لا صاحب له.

هذا الشّمالُ الكاذب،

والرّيحُ الملطّخةُ فمُها بالدّماء،

وكلمتي المجنونة،

أصبحوا عبئاً ثقيلاً على كاهلي.

فقط، أتوارى داخل القصائد.

يخيفني البقاء صامتاً.

لمَن أنثرُ هذه الأسئلة والمعاني؟

في انتظار مَن؟

في انتظار ماذا؟ ولماذا،

جعلتُ من نفسي عدوَّ السنوات والأزمنة؟

لم يتبقَّ منّي شيء.

***

المتبقّي، وغير المتبقّي؛ سيّان.

الحقيقة والكذب، مختلطان.

هذه القصيدة أيضاً، سوف تغادرني.

لا تسألوا: لماذا؟

هكذا، من دون سبب، ستغادرني.

لم يتبقَّ منّي شيء.


مقالات ذات صلة

«فلسفة هيوم»... زيارة جديدة لأحد أهم مفكري القرن الثامن عشر

ثقافة وفنون «فلسفة هيوم»... زيارة جديدة لأحد أهم مفكري القرن الثامن عشر

«فلسفة هيوم»... زيارة جديدة لأحد أهم مفكري القرن الثامن عشر

عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «فلسفة هيوم: بين الشك والاعتقاد» الذي ألفه الباحث والأكاديمي المصري د. محمد فتحي الشنيطي عام 1956

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

لعلّه المتحف الوحيد الذي تُعرض فيه عيدان كبريت، وبطاقات يانصيب، وأعقاب سجائر... لكن، على غرابتها وبساطتها، تروي تفاصيل "متحف البراءة" إحدى أجمل حكايات إسطنبول.

كريستين حبيب (إسطنبول)
كتب فرويد

كبار العلماء في رسائلهم الشخصية

ما أول شيء يتبادر إلى ذهنك إذا ذكر اسم عالم الطبيعة والرياضيات الألماني ألبرت آينشتاين؟ نظرية النسبية، بلا شك، ومعادلته التي كانت أساساً لصنع القنبلة الذرية

د. ماهر شفيق فريد
كتب ناثان هيل

«الرفاهية»... تشريح للمجتمع الأميركي في زمن الرقميات

فلنفرض أن روميو وجولييت تزوَّجا، بعد مرور عشرين سنة سنكتشف أن روميو ليس أباً مثالياً لأبنائه، وأن جولييت تشعر بالملل في حياتها وفي عملها.

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

صدر حديثاً عن دار نوفل - هاشيت أنطوان كتاب «دليل الإنسايية» للكاتبة والمخرجة الآيسلندية رند غنستاينردوتر، وذلك ضمن سلسلة «إشراقات».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

كيف يدمّر وحش الخوف حياة الإنسان؟

كيف يدمّر وحش الخوف حياة الإنسان؟
TT

كيف يدمّر وحش الخوف حياة الإنسان؟

كيف يدمّر وحش الخوف حياة الإنسان؟

تصوّر رواية «الرجل الرفيع بالقميص الأبيض» للروائي السوري ممدوح عزّام مفارقات مستندة إلى عالم داخلي مشحون بالتناقضات والخوف، وتسلط الأضواء على كيفية تأثير التجارب الصعبة على تكوين الإنسان؛ حيث تتحول كل مواجهة مع الذات أو الآخرين إلى فرصة للتفكير في ماهية الحياة والوجود نفسه، وتُبرز كيف يمكن للتجارب القاسية أن تعيد تشكيل الإنسان، وتجعله يرى ذاته وواقعه بوضوح أكبر.

يشير ممدوح عزّام في روايته («سرد» و«ممدوح عدوان»، دمشق، 2024) إلى أنّ الخوف في «جمهورية الخوف» من المشاعر التي يصعب الاعتراف بها، ربما بسبب ارتباطه ثقافياً بالضعف أو العجز أو الجبن... فالشخصيات تخفي خوفها لأنها لا تجرؤ على الاعتراف به حتى أمام أنفسها، ما يكشف التناقض الداخلي الذي يصارع فيه الإنسان بين ما يشعر به وما يسمح لنفسه بقبوله أو التعبير عنه.

يفتح عنوان الرواية باباً للتأمّل إذ يبرز «الرجل الرفيع» كصورة غامضة تُلقي الضوء على البعد النفسي والاجتماعي للشخصية المحوريّة، ثمّ «القميص الأبيض»، بما يوحي به من صفاء ظاهريّ يتناقض مع التعقيدات الداخلية التي تلاحق الشخصية، وبهذا يصبح نافذة لرؤية العالم الداخلي للشخصيّة، في تضادّها مع العالم الخارجي المشبع بالفوضى.

تقدّم الرواية حكاية مركّبة تدور حول شخصية شاكر الصافي، الذي دأب على أن يتجنّب الصدامات الاجتماعية والسياسية، ويكتفي بدوره كمراقب غير مرئيّ، يتوارى عن الأنظار ويعيش على هامش الحياة اليومية. وهو يجسّد نموذج الإنسان الهامشي الذي يجد نفسه قسراً في مركز الأحداث بعد اختطافه، لكن تلك الهامشية لا تخفي صراعاته الداخلية العميقة. شخصيّته تتّسم بالخوف المستمرّ، من الآخرين، ومن ذاته، وهو بذلك مرآة للإنسان المأزوم، الذي يحاول فهم العالم من حوله، لكنّه يغرق في دوّامة التساؤلات المتردّدة في مواجهة ذاته؛ ما يجعل وجوده مزيجاً من محاولات الهروب والرغبة في فهم أعمق.

هذه النقلة الإجباريّة للبطل من الهامش إلى المركز تعكس فلسفة الرواية بأنّ الأزمات تجعل حتى أكثر الأشخاص هامشية محوراً للأحداث. في كلّ لحظة يواجه فيها شاكر خاطفيه أو يسترجع ذكرياته، يتحوّل من شخصية هامشية إلى رمز للإنسان الذي يجبر على تحمّل أعباء لم يخترها.

المدينة التي يعيش فيها شاكر تعكس الفوضى الاجتماعيّة والانهيار القيميّ، بينما البرية التي يُنقل إليها بعد اختطافه تصبح رمزاً للسجن والخطف والقهر والإذلال. وفي كل لحظة يجد فيها نفسه وحيداً، يتأمّل في حياته، في خوفه، وفي علاقاته مع محيطه.

هناك طيف سارة يحضر هنا وهناك ليغيّر بعضاً من أجواء شاكر السوداويّة، وهناك عصام نوح؛ صديق شاكر، وهو يمثّل صوت الحكمة أو المرآة الفلسفية التي تتردد فيها صدى أفكار شاكر. يظهر عصام في الرواية كشخص يفكّر في الحياة والخوف بطريقة تحليلية، ما يجعله في كثير من الأحيان النقطة التي يلجأ إليها شاكر لفهم ذاته. ومن خلاله، نرى وجهات نظر مختلفة عن الخوف والهامشيّة، وهو ما يضيف طبقة غنية من التأمل في الرواية.

أمّا الخاطفون في الرواية فيظلون غامضين، وهذا الغموض ذاته يجعلهم أكثر إثارة للقلق، لأنّهم يمثلون الجانب المظلم من السلطة؛ حيث لا تظهر لهم دوافع واضحة، مما يعزّز شعور العبثية الذي يسود الرواية. هم رموز للقوى القمعية التي تسيطر على الفرد وتسلبه حرّيته؛ سواء أكانت هذه القوى مرئية أم خفية، ووجودهم يعكس واقعاً اجتماعياً يتّسم بالتهديد المستمرّ وعدم الأمان.

المكان في الرواية عنصر فاعل يشكل الأحداث ويؤثر في الشخصيات. المدينة التي يعيش فيها شاكر تبدو وكأنها مسرح للفوضى والانهيار؛ حيث تختلط رموز الحرب بالاختطاف والموت العبثي. إشارات الكاتب إلى مواقع وأماكن محدّدة تشير إلى السويداء ومحيطها - مدينة الكاتب - التي تتبدّى كمسرح لأحداث الرواية.

تقدم الرواية الخوف كبطل روائيّ، وكمعضلة فلسفية تتعلق بمعنى الوجود ذاته، وما إن كان بإمكان الإنسان أن يعيش حياة كاملة في ظلّ خوف دائم. وتراها تتجاوز حدود الحكاية التقليدية، لتطرح أسئلة عن طبيعة الخوف وتأثيره على الكينونة البشرية، وكيف أنّه حالة داخلية تتراكم مع الزمن وتعيد تشكيل رؤية الفرد لنفسه وللعالم من حوله.

الأحداث التي تمرّ بها الشخصية المحورية تكشف النقاب عن قوى القمع والعنف العبثيّ، والاختطاف الذي تتعرّض له يبدو وكأنه يمثل عنفاً لا مبرر له، كاشفاً عن واقع اجتماعي وسياسي يفتقر إلى المنطقية. هنا، تطرح الرواية سؤالاً آخر: كيف يمكن للإنسان أن يتعامل مع عالم تهيمن عليه قوى عمياء؟ هذا السؤال يعيدنا إلى طبيعة السلطة في الرواية، التي تتجلّى بصورة مشوّهة موجودة في كلّ تفاصيل الحياة اليومية لشاكر، بدءاً من اختطافه وحتى السجن الذي حاصره.

يظهر ممدوح عزّام كيف أنّ الاغتراب النفسي انعكاس لفقدان التواصل مع الذات، وينجح في تقديم تجربة إنسانية تتجاوز الخاصّ إلى العامّ، وتجعل من التفاصيل غير المألوفة، مثل الاختطاف والعزلة والخوف، مألوفة في سياق الدمار المعمم، وأدوات للتعبير عن قضايا أكبر تتعلق بطبيعة الإنسان والمجتمع، كما يدعو للتفكير في قضايا تتعلق بالخوف، الهامشية، والبحث عن الذات وسط عالم يبدو في أحيان كثيرة غير منطقي وغير عادل.

لا يعدم صاحب «قصر المطر» الأمل في نهاية روايته، تراه يبقي رمزاً للأمل؛ حيث أضواء الفجر الخافتة التي ترسلها المدينة من بعيد، تمثّل وعداً ببداية جديدة وانبعاثٍ للحياة من وسط العتمة. والمشهد الأخير، بكلّ تفاصيله، يترك أثراً متجدّداً في القارئ؛ حيث يعكس صراع الإنسان مع الظلامين الداخلي والخارجيّ، لكنه يؤكّد في الوقت ذاته أنّ بارقة الأمل تبقى حاضرة وحيّة، ولو في صورة أضواء خافتة تلوح في الأفق البعيد، لتبعث رسالة عن قدرة الإنسان على التمسّك بالحياة والنور، حتى في أشدّ لحظاته يأساً وقهراً وظلاماً.