«حكايات شعبية من التراث التشيكي»

جمعها كارل إيربن من أفواه الفلاحين... وتدور في عوالم أسطورية

«حكايات شعبية من التراث التشيكي»
TT

«حكايات شعبية من التراث التشيكي»

«حكايات شعبية من التراث التشيكي»

يتضمن كتاب «حكايات شعبية من التراث التشيكي» الذي صدر حديثاً عن دار «الترجمان» المصرية للنشر والتوزيع، 19 حكاية من القصص التشيكية الفلكلورية التي جمعها الشاعر والكاتب والباحث التشيكي الشهير كارِل يارومير إيربن «1870 – 1811»؛ من ألسنة الفلاحين التشيك الذين كانوا يتداولونها جيلاً بعد جيل، وأعاد ترتيبها.

ترجم القصص إلى العربية المترجم خالد البلتاجي، لافتاً إلى أن دار نشر «الباتروس» التشيكية للإعلام المتخصصة في كتب الأطفال قامت بطباعة مختارات من هذه القصص قبل نحو 5 سنوات، ويأتي ذلك ضمن اهتمامها بنشر الكتب المصورة والإرشادية والواقعية والحكايات الخرافية.

لا تختلف الحكايات التي تضمها المجموعة التشيكية في أفكارها ومحركات القص فيها عن غيرها من حكايات معروفة لدى شعوب أخرى، فهي تتمحور حول عناصر مشتركة دارت حولها قصص كثيرة معروفة مثل «الحكايات الشعبية للهنود الحمر»، و«ألف ليلة وليلة»، و«كليلة ودمنة»، وغيرها من قصص الشعوب الأخرى في الشرق والغرب، ففيها تظهر الطيور والحيوانات والعفاريت والأشجار كشخصيات فاعلة، تشارك أبطالها في الأحداث، تساعدهم أو تتسبب لهم في مشكلات، وتعلمهم الحكمة والقيم العليا، وتعيدهم إلى رشدهم إن جنحوا عن الطريق الصواب.

وعلى هذا المنوال ابتدع التشيك حكاياتهم الخيالية، وتناقلوها شفاهة عبر الأجيال منذ العصور القديمة، وبالرغم من خصائصها المألوفة والموجودة في القصص الشعبي عموماً، فإنها تحتفظ بسماتها المميزة التي تجذب الصغار والكبار على حد سواء، وقصص مثل «المنحوت» أو «طائر النار»، و«الثعلب ريشكا»، فهي على سبيل المثال لا الحصر لا تنقل حالة رومانسية عن بشر ذلك الزمان فحسب، بل ترسم لنا صورة عن حياة البشر العاديين في «بوهيميا» و«مورافيا» التاريخيتين، وتكشف عن رغباتهم وأحلامهم، كما تغلب الأجواء الفانتازية عليها، وتذكِّر الكبار بطفولتهم، وتخلق الكثير من لحظات الدهشة في عيون الأطفال.

ففي «حكاية الديك والفرخة» التي تدور حول قيمة «التسامح»، تبدأ الأحداث باتفاق يعقدانه فيما بينهما، وينص على أن يتشاركا ما يجدانه في الأرض، وألا يأكل أي منهما ما يعثر عليه بمفرده، وقد نفذت الدجاجة الاتفاق حين وجدت حبة لوز، واقتسمتها مع رفيقها الديك، أما هو فكان أنانياً، وبخيلاً، فعندما عثر على حبة أخرى، قرر أن يبتلعها بمفرده، فوقفت في حلقه، وسقط في الأرض طالباً من رفيقته الدجاجة أن تحضر له بعض الماء وإلا فسوف يموت. ومن هذه النقطة الفاصلة في الحكاية، تبدأ رحلة الدجاجة التي لم تغضب من فعلة الديك، ولم تؤنبه على ما قام به، لكنها أسرعت لنجدته في رحلة شارك فيها بشر وحيوانات وطيور، وانتهت بإنقاذ الديك الذي يعلن في نهايتها أسفه عما فعل، ويعد رفيقته الدجاجة بألا يعود لذلك مرة أخرى.

ونرى أن الحيوانات والجمادات تتحدث وتقوم بأشياء خرافية لا صلة لها بالواقع، مثل ما جاء في حكاية «المنحوت» التي تدور أحداثها حول «رجل وامرأة» كانا يتمنيان أن يُرزقا بطفل، ولا يملَّان من ترديد ما يرغبان فيه كلما وُجدا في جمع من الناس، وكان أهل القرية التي يعيشان فيها ينصحونهما بأن يتوقفا عن ذلك حتى تتحسن أحوالهما ويتخلصا من الفقر الذي يلازمهما، فالطفل الذي يتمنيانه سوف يحتاج طعاماً وملبساً، وهما لا يجدان قوت يومهما، لكن مع تطور الحكاية واستمرار المرأة في التطلع لطفل، يقوم زوجها الحطّاب وهو يتجول في الغابة لقطع الأشجار، بنحت طفل من أحد جذوعها، ويعود به لزوجته، التي تفرح به، وتلفه في قطعة من القماش.

وتتشابه قصة «المنحوت» و«حكاية الديك والفرخة» في تكنيكات السرد مع قصص أخرى مثل «صاحبة الشعر الذهبي» التي تدور حول أهمية معرفة لغة الغير بما فيها لغة الحيوانات والطيور، و«العلم ثروة» التي تركز على قيمة تحصيل العلم لتحسين حياة الإنسان، و«العذراء وشجرة التفاح»، ومفاد أحداثها أن من يدبر لغيره شراً يقع فيه، وتكون نهايته به.

تتميز القصص بلغتها البسيطة غير المعقدة، وتفاصيلها المدهشة التي تنشط خيال الأطفال، وتجعلهم يحلقون بعيداً في عوالم أسطورية، لا تخلو أحياناً من الأجواء المخيفة والمرعبة.

وكاريل يارومير إيربن شاعر وباحث في التراث الشعبي التشيكي، اشتهر بديوانه «باقة الأزهار» الذي تعتمد قصائده على موضوعات تراثية وفلكلورية، ومن مؤلفاته أيضاً كتاب «الأغاني الشعبية في التشيك»، ويضم 500 أغنية، و«الأغاني والأزجال الشعبية التشيكية»، ويتكون من خمسة أجزاء جمع إيربن فيها معظم الفلكلور التشيكي.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.