مفاتحاتٌ فلسفيّةٌ في الاجتماع والدِّين والسياسة

مفاتحاتٌ فلسفيّةٌ في الاجتماع والدِّين والسياسة
TT

مفاتحاتٌ فلسفيّةٌ في الاجتماع والدِّين والسياسة

مفاتحاتٌ فلسفيّةٌ في الاجتماع والدِّين والسياسة

بالتعاون مع جمعيّة «Rethinking Lebanon» و«دار سائر المشرق» (بيروت)، أصدر مشير باسيل عون مجموعة المحاورات التي عقدها مع مجموعة من أهل الفكر في لبنان وأوطان العالم العربيّ منذ ما يقارب العقدَين من الزمن. وتنطوي المفاتحات الفلسفيّة هذه على أبرز الأفكار التي يناضل الفيلسوف اللبنانيّ في سبيلها، ومنها على سبيل المثال القول بأنثروبولوجيا الماهيّة الإنسانيّة المشرَّعة، وتأصيل التعدّديّة الحضاريّة الكونيّة. من مفاتحةٍ إلى أخرى، تتجلّى الأصول التي يبني عليها عون نظريّته الفلسفيّة: التسالميّة الحضاريّة المقترنة بالتعدّديّة الكونيّة، وتكامليّة القيَم الإنسانيّة في تناولاتها التأويليّة المتباينة، والحياديّة الحاضنة في العَلمانيّة الهنيّة.



«اكتشاف إيران»... رحالة إسبانية لبلاد الحدائق والسجاد

«اكتشاف إيران»... رحالة إسبانية لبلاد الحدائق والسجاد
TT

«اكتشاف إيران»... رحالة إسبانية لبلاد الحدائق والسجاد

«اكتشاف إيران»... رحالة إسبانية لبلاد الحدائق والسجاد

تسعى الرحالة والكاتبة الأكاديمية الإسبانية باتريثيا ألمارثيجي في كتابها «اكتشاف إيران» الصادر أخيراً عن دار «العربي» بالقاهرة، ترجمة آية عبد الرحمن أحمد، إلى تقديم وجه آخر غير معروف لهذا البلد بعيداً عن السياسة وصخبها. وتركز ألمارثيجي على فكرة الحدائق التي تعشقها وتبحث عنها في كل بلد تزوره، وكيف أنه توجد وشائج وروابط بين الحديقة بصفتها إحدى مفردات الطبيعة وبين السجاد كونه إبداعاً بشرياً في الثقافة الإيرانية. ويعدّ الكتاب خلاصة زياراتها إلى الجمهورية الإيرانية خلال سنوات 2005 و2014 و2017.

تقول المؤلفة إنها لم تحتج أبداً إلى حديقة بالقدر نفسه الذي احتاجت لها في إيران بسبب مدنها المرهقة ومناطقها الجافة والقاحلة وسلاسل جبالها الخانقة، فالحدائق تنشر هدوءاً مريحاً للروح، ومن الغريب أنها وصلت إلى رمزية تلك الحدائق من خلال السجاد. كانت روعة تكوين السجاد الإيراني تذكّرها بالحدائق ومن خلال البحث فيه تعرفت على معناها الروحي، فيجب أن يبدو السجاد كحديقة والحديقة تبدو كسجادة، ويجب أن تتمتع كلتاهما بهذا الجمال المثالي الذي يذكرنا بالجنة.

تلاحظ باتريثيا أن الحدائق الحقيقية الفارسية تعرف باسم «شار باغ» وهو نظام تخطيط رباعي الأضلاع تم تصميمه في الهند المغولية وتتمتع الحديقة فيه بترتيب هندسي صارم، حيث تحتوي على قنوات وأحواض مليئة بالزهور والتي تعدّ نموذجاً لما يسمى «سجادات الحديقة» مع توظيف الكثير من العناصر المكملة، مثل أشجار الفاكهة والظلال، والماء الجاري والحماية بالجدران المحيطة، وتجميل المباني الغنية بالزخارف والخضرة المبعثرة.

وتشير إلى أنه في رحلتها إلى مدينة «كاشان» زارت واحدة من أشهر الحدائق في البلاد وهي حديقة «فين»، إنه مكان للترفيه والاستجمام يرمز جريان الماء فيه إلى الانتقالية والتجديد وتعبر الانعكاسات على سطح الماء عن الانتعاش. وحين جاء الزوار المحليون للاستمتاع بالمساء وتناول الوجبات والتجول في الحديقة، تراجعت الرؤية الرمزية والمشرقة وأصبحت البلاطات الزرقاء والقنوات وألعاب المياه وأشجار السرو أكثر كآبة بعض الشيء.

عندما بدأت الشمس تغرب، انحدرت المؤلفة بصحبة مرافقيها عبر الجبال البنية المتعرجة. كان يبدو أنهم يغوصون في الطريق ويحيطون أنفسهم بالجبال نفسها التي تظهر في الرسومات الصغيرة. هنا بدأت تتذكر كلمات المخرج السينمائي الإيراني عباس كياروستامي في مقابلة قرأتها له قبل سنوات حين قال إنه رغم أن إقامته كانت في طهران فإنه يقضي الكثير من الوقت في منزله الريفي في «كرمانشاه»، فهناك يقترب من الطبيعة ويحضر تعاقب الفصول الأربعة. عندما يشعر بالسرعة المعاصرة المفرطة وبسرعة تغير العالم يستطيع أن يركز على شيء واحد يظل ثابتاً وهو الطبيعة، على حد تعبيره.

وتصف المؤلفة قرية «أبيانه» الجميلة الواقعة بين الجبال المهجورة المعتادة في البلاد ويزورها الكثير من السياح الإيرانيين وبعض الأجانب أيضاً: كانت حمراء اللون تماما مثل الطين وظلال الطوب للمنازل، كما هو الحال في كثير من المناطق الريفية وبدا السكان أكثر استرخاءً وارتياحاً مقارنة بالمدينة، وكان لباسهم يعكس هذا الاسترخاء وهي ملابس تقليدية زاهية الألوان وأوشحة مطبوعة بأزهار على رؤوس النساء وبناطيل سوداء ولامعة واسعة على سيقان الرجال تكشف الكاحلين.

وباتريثيا ألمارثيجي، إلى جانب مؤلفاتها في مجال أدب الرحلات، هي كاتبة إسبانية بارزة وهي أستاذة للأدب المقارن. ولدت في سرقسطة عام 1969 ونشرت العديد من المقالات في صحف بارزة. نشرت كتابها الأول تحت عنوان «الرسام والمسافر» 2011 وفي 2016 صدر كتابها الثاني «مسافرة عبر آسيا الوسطى»، كما أصدرت الكثير من الروايات أشهرها «ذكريات الجسد»، 2017.